نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الماعون آية 3
وَلَا يَحُضُّ عَلَىٰ طَعَامِ الْمِسْكِينِ

التفسير الميسر ولا يحضُّ غيره على إطعام المسكين، فكيف له أن يطعمه بنفسه؟

تفسير الجلالين
3 - (ولا يحض) نفسه ولا غيره (على طعام المسكين) أي إطعامه ، نزلت في العاص ابن وائل أو الوليد بن المغيرة

تفسير القرطبي
فيه ست مسائل: الأولى: قوله تعالى {أرأيت الذي يكذب بالدين} أي بالجزاء والحساب في الآخرة؛ وقد تقدم في [الفاتحة ].
و{أرأيت} بإثبات الهمزة الثانية؛ إذ لا يقال في أرأيت : ريت، ولكن ألف الاستفهام سهلت الهمزة ألفا؛ ذكره الزجاج.
وفي الكلام حذف؛ والمعنى : أرأيت الذي يكذب بالدين : أمصيب هو أم مخطئ.
واختلف فيمن نزل هذا فيه؛ فذكر أبو صالح عن ابن عباس قال : نزلت في العاص بن وائل السهمي؛ وقاله الكلبي ومقاتل.
وروى الضحاك عنه قال : نزلت في رجل من المنافقين.
وقال السدي : نزلت في الوليد بن المغيرة.
وقيل في أبي جهل.
الضحاك : في عمرو بن عائذ.
قال ابن جريج : نزلت في أبي سفيان، وكان ينحر في كل أسبوع جزورا، فطلب منه يتيم شيئا، فقرعه بعصاه؛ فأنزل الله هذه السورة.
و{يدع} أي يدفع، كما قال {يدعون إلى نار جهنم دعا} [الطور : 13] وقد تقدم.
وقال الضحاك عن ابن عباس {فذلك الذي يدع اليتيم} أي يدفعه عن حقه.
قتادة : يقهره ويظلمه.
والمعنى متقارب.
وقد تقدم في سورة [النساء] أنهم كانوا لا يورثون النساء ولا الصغار، ويقولون : إنما يحوز المال من يطعن بالسنان، ويضرب بالحسام.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من ضم يتيما من المسلمين حتى يستغني فقد وجبت له الجنة).
وقد مضى هذا المعنى في غير موضع.
الثانية: قوله تعالى‏ {‏ولا يحض على طعام المسكين‏}‏ أي لا يأمر به، من أجل بخله وتكذيبه بالجزاء‏.
‏ وهو مثل قوله تعالى في سورة [الحاقة‏] {‏ولا يحض على طعام المسكين‏} [‏الحاقة‏:‏ 34‏]‏ وقد تقدم‏.
‏ وليس الذم عاما حتى يتناول من تركه عجزا، ولكنهم كانوا يبخلون ويعتذرون لأنفسهم، ويقولون‏ {‏أنطعم من لو يشاء الله أطعمه‏} [‏يس‏:‏ 47‏]‏، فنزلت هذه الآية فيهم، وتوجه الذم إليهم‏.
‏ فيكون معنى الكلام‏:‏ لا يفعلونه إن قدروا، ولا يحثون عليه إن عسروا‏.
‏ الثالثة: قوله تعالى‏ {‏فويل للمصلين‏}‏ أي عذاب لهم‏.
‏ وقد تقدم في غير موضع‏.
‏ ‏{‏الذين هم عن صلاتهم ساهون‏}‏ فروى الضحاك عن ابن عباس قال هو المصلي الذي إن صلى لم يرج لها ثوابا، وإن تركها لم يخش عليها عقابا‏.
‏ وعنه أيضا‏:‏ الذين يؤخرونها عن أوقاتها‏.
‏ وكذا روى المغيرة عن إبراهيم، قال‏:‏ ساهون بإضاعة الوقت‏.
‏ وعن أبي العالية‏:‏ لا يصلونها لمواقيتها، ولا يتمون ركوعها ولا سجودها‏.
‏ قلت‏:‏ ويدل على هذا قوله تعالى‏ {‏فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة‏} [‏مريم‏:‏ 59‏]‏ حسب ما تقدم بيانه في سورة [مريم] عليها السلام‏.
‏ وروي عن إبراهيم أيضا‏:‏ أنه الذي إذا سجد قام برأسه هكذا ملتفتا‏.
‏ وقال قطرب‏:‏ هو ألا يقرأ ولا يذكر الله‏.
‏ وفي قراءة عبدالله "‏الذين هم عن صلاتهم لاهون‏"‏‏.
‏ وقال سعد بن أبي وقاص‏:‏ قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله‏ {‏فويل للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون‏}‏ - قال - ‏:‏ ‏(‏الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، تهاونا بها‏)‏‏.
‏ وعن ابن عباس أيضا‏:‏ هم المنافقون يتركون الصلاة سرا، يصلونها علانية ‏{‏وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى‏} [‏النساء‏:‏ 142‏]‏ ‏.
‏‏.
‏ الآية‏.
‏ ويدل على أنها في المنافقين قوله‏ {‏الذين هم يراؤون‏}‏، وقال ابن وهب عن مالك‏.
‏ قال ابن عباس‏:‏ ولو قال في صلاتهم ساهون لكانت في المؤمنين .
وقال عطاء‏:‏ الحمد لله الذي قال ‏{‏عن صلاتهم‏ }‏ ولم يقل في صلاتهم‏.
‏ قال الزمخشري‏:‏ فإن قلت‏:‏ أي فرق بين قوله‏ {‏عن صلاتهم‏}‏، وبين قولك‏:‏ في صلاتهم‏؟‏ قلت‏:‏ معنى ‏{‏عن‏}‏ أنهم ساهون عنها سهو ترك لها، وقلة التفات إليها، وذلك فعل المنافقين، أو الفسقة الشطار من المسلمين‏.
‏ ومعنى ‏{‏في‏}‏ أن السهو يعتريهم فيها، بوسوسة شيطان، أو حديث نفس، وذلك لا يكاد يخلو منه مسلم‏.
‏ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقع له السهو في صلاته، فضلا عن غيره؛ ومن ثم أثبت الفقهاء باب سجود السهو في كتبهم‏.
‏ قال ابن العربي‏:‏ لأن السلامة من السهو محال، وقد سها رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته والصحابة‏:‏ وكل من لا يسهو في صلاته، فذلك رجل لا يتدبرها، ولا يعقل قراءتها، وإنما همه في أعدادها؛ وهذا رجل يأكل القشور، ويرمي اللب‏.
‏ وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يسهو في صلاته إلا لفكرته في أعظم منها؛ اللهم إلا أنه قد يسهو في صلاته من يقبل على وسواس الشيطان إذا قال له‏:‏ اذكر كذا، اذكر كذا؛ لما لم يكن يذكر، حتى يضل الرجل أن يدري كم صلى‏.
‏ الرابعة: قوله تعالى‏ {‏الذين هم يراءون‏}‏ أي يري الناس أنه يصلي طاعة وهو يصلي تقية؛ كالفاسق، يرى أنه يصلي عبادة وهو يصلي ليقال‏:‏ إنه يصلي‏.
‏ وحقيقة الرياء طلب ما في الدنيا بالعبادة، وأصله طلب المنزلة في قلوب الناس‏.
‏ وأولها تحسين السمت؛ وهو من أجزاء النبوة، ويريد بذلك الجاه والثناء‏.
‏ وثانيها‏:‏ الرياء بالثياب القصار والخشنة؛ ليأخذ بذلك هيئة الزهد في الدنيا‏.
‏ وثالثها‏:‏ الرياء بالقول، بإظهار التسخط على أهل الدنيا؛ وإظهار الوعظ والتأسف على ما يفوت من الخير والطاعة‏.
‏ ورابعها‏:‏ الرياء بإظهار الصلاة والصدقة، أو بتحسين الصلاة لأجل رؤية الناس؛ وذلك يطول، وهذا دليله؛ قاله ابن العربي‏.
‏ قلت‏:‏ قد تقدم في سورة [النساء وهود وآخر الكهف ] القول في الرياء وأحكامه وحقيقته بما فيه كفاية‏.
‏ والحمد لله‏.
‏ الخامسة: ولا يكون الرجل مرائيا بإظهار العمل الصالح إن كان فريضة؛ فمن حق الفرائض الإعلان بها وتشهيرها، لقوله عليه السلام‏:‏ ‏(‏ولا غمة في فرائض الله‏)‏ لأنها أعلام الإسلام، وشعائر الدين، ولأن تاركها يستحق الذم والمقت؛ فوجب إماطة التهمة بالإظهار، وإن كان تطوعا فحقه أن يخفي؛ لأنه لا يلام تركه ولا تهمة فيه، فإن أظهره قاصدا للاقتداء به كان جميلا‏.
‏ وإنما الرياء أن يقصد بالإظهار أن تراه الأعين، فتثني عليه بالصلاح‏.
‏ وعن بعضهم أنه رأى رجلا في المسجد قد سجد سجدة الشكر فأطالها؛ فقال‏:‏ ما أحسن هذا لو كان في بيتك‏.
‏ وإنما قال هذا لأنه توسم فيه الرياء والسمعة‏.
‏ وقد مضى هذا المعنى في سورة [البقرة‏]‏ عند قوله تعالى‏ {‏إن تبدوا الصدقات‏} [‏البقرة‏:‏ 271‏]‏، وفي غير موضع‏.
‏ والحمد لله على ذلك‏.
‏ السادسة: قوله تعالى‏ {‏ويمنعون الماعون‏}‏ فيه اثنا عشر قولا‏:‏ الأول‏:‏ أنه زكاة أموالهم‏.
‏ كذا روى الضحاك عن ابن عباس‏.
‏ وروى عن علي رضي الله عنه مثل ذلك، وقاله مالك‏.
‏ والمراد به المنافق يمنعها‏.
‏ وقد روى أبو بكر بن عبدالعزيز عن مالك قال‏:‏ بلغني أن قوله الله تعالى‏ {‏فويل للمصلين‏.
‏ الذين هم على صلاتهم ساهون‏.
‏ الذين هم يراءون‏.
‏ ويمنعون الماعون‏}‏ قال‏:‏ إن المنافق إذا صلى صلى رياءً، وإن فاتته لم يندم عليها، ‏{‏ويمنعون الماعون‏}‏ الزكاة التي فرض الله عليهم‏.
‏ قال زيد بن أسلم‏:‏ لو خفيت لهم الصلاة كما خفيت لهم الزكاة ما صلوا‏.
‏ القول الثاني‏:‏ أن ‏{‏الماعون‏}‏ المال، بلسان قريش؛ قاله ابن شهاب وسعيد بن المسيب‏.
‏ وقول ثالث‏:‏ أنه اسم جامع لمنافع البيت كالفأس والقدر والنار وما أشبه ذلك؛ قاله ابن مسعود، وروي عن ابن عباس أيضا‏.
‏ قال الأعشى‏:‏ بأجود منه بماعونه ** إذا ما سماؤهم لم تغم الرابع‏:‏ ذكر الزجاج وأبو عبيد والمبرد أن الماعون في الجاهلية كل ما فيه منفعة، حتى الفأس والقدر والدلو والقداحة، وكل ما فيه منفعة من قليل وكثير؛ وأنشدوا بيت الأعشى‏.
‏ قالوا‏:‏ والماعون في الإسلام‏:‏ الطاعة والزكاة؛ وأنشدوا قول الراعي‏:‏ أخليفة الرحمن إنا معشر ** حنفاء نسجد بكرة وأصيلا عرب نرى لله من أموالنا ** حق الزكاة منزلا تنزيلا قوم على الإسلام لما يمنعوا ** ماعونهم ويضيعوا التهليلا يعني الزكاة‏.
‏ الخامس‏:‏ أنه العارية؛ وروي عن ابن عباس أيضا‏.
‏ السادس‏:‏ أنه المعروف كله الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم؛ قاله محمد بن كعب والكلبي‏.
‏ السابع‏:‏ أنه الماء والكلأ‏.
‏ الثامن‏:‏ الماء وحده‏.
‏ قال الفراء‏:‏ سمعت بعض العرب يقول‏:‏ الماعون‏:‏ الماء؛ وأنشدني فيه‏:‏ يمج صبيره الماعون صبا ** الصبير‏:‏ السحاب‏.
‏ التاسع‏:‏ أنه منع الحق؛ قاله عبدالله بن عمر‏.
‏ العاشر‏:‏ أنه المستغل من منافع الأموال؛ مأخوذ من المعن وهو القليل؛ حكاه الطبري ابن عباس‏.
‏ قال قطرب‏:‏ أصل الماعون من القلة‏.
‏ والمعن‏:‏ الشيء القليل؛ تقول العرب‏:‏ ما له سعنة ولا معنة؛ أي شيء قليل‏.
‏ فسمى الله تعالى الزكاة والصدقة ونحوهما من المعروف، ماعونا؛ لأنه قليل من كثير‏.
‏ ومن الناس من قال‏:‏ الماعون‏:‏ أصله معونة، والألف عوض من الهاء؛ حكاه الجوهري‏.
‏ ابن العربي‏:‏ الماعون‏:‏ مفعول من أعان يعين، والعون‏:‏ هو الإمداد بالقوة والآلات والأسباب الميسرة للأمر‏.
‏ الحادي عشر‏:‏ أنه الطاعة والانقياد‏.
‏ حكى الأخفش عن أم أعرابي فصيح‏:‏ لو قد نزلنا لصنعت بناقتك صنيعا تعطيك الماعون؛ أي تنقاد لك وتعطيك‏.
‏ قال الراجز‏:‏ متى تصادفهن في البرين ** يخضعن أو يعطين بالماعون وقيل‏:‏ هو ما لا يحل منعه، كالماء والملح والنار؛ لأن عائشة رضوان الله عليها قالت‏:‏ قلت يا رسول الله، ما الشيء الذي لا يحل منعه‏؟‏ قال‏:‏ ‏(‏الماء والنار والملح‏)‏ قلت‏:‏ يا رسول الله هذا الماء، فما بال النار والملح‏؟‏ فقال‏:‏ ‏(‏يا عائشة من أعطى نارا فكأنما تصدق بجميع ما طبخ بتلك النار، ومن أعطى ملحا فكأنما تصدق بجميع ما طيب به ذلك الملح، ومن سقى شربة من الماء حيث يوجد الماء، فكأنما أعتق ستين نسمة‏.
‏ ومن سقى شربة من الماء حيث لا يوجد، فكأنما أحيا نفسا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا‏)‏‏.
‏ ذكره الثعلبي في تفسيره، وخرجه ابن ماجه في سننه‏.
‏ وفي إسناده لين؛ وهو القول الثاني عشر‏.
‏ الماوردي‏:‏ ويحتمل أنه المعونة بما خف فعله وقد ثقله الله‏.
‏ والله أعلم‏.
‏ وقيل لعكرمة مولى ابن عباس‏:‏ من منع شيئا من المتاع كان له الويل‏؟‏ فقال‏:‏ لا، ولكن من جمع ثلاثتهن فله الويل؛ يعني‏:‏ ترك الصلاة، والرياء، والبخل بالماعون‏.
‏ قلت‏:‏ كونها في المنافقين أشبه، وبهم أخلق؛ لأنهم جمعوا الأوصاف الثلاثة‏:‏ ترك الصلاة، والرياء، والبخل بالمال؛ قال الله تعالى‏ {‏وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلا‏} [‏النساء‏:‏ 142‏]‏، وقال‏ {‏ولا ينفقون إلا وهم كارهون‏}‏‏.
‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 54‏]‏‏.
‏ وهذه أحوالهم ويبعد أن توجد من مسلم محقق، وإن وجد بعضها فيلحقه جزء من التوبيخ، وذلك في منع الماعون إذا تعين؛ كالصلاة إذا تركها‏.
‏ والله أعلم‏.
‏ إنما يكون منعا قبيحا في المروءة في غير حال الضرورة‏.
‏ والله أعلم‏.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {أرأيتْ} يا محمد {الذي يكذب بالدين} وهو المعاد والجزاء والثواب {فذلك الذي يدع اليتيم} أي هو الذي يقهر اليتيم ولا يطعمه ولا يحسن إليه {ولا يحض على طعام المسكين} كقوله {ولا تحاضون على طعام المسكين}، ثم قال تعالى: {فويل للمصلين . الذين هم عن صلاتهم ساهون} قال ابن عباس: يعني المنافقين الذين يصلون في العلانية، ولا يصلون في السر، ولهذا قال: {للمصلين} الذين هم من أهل الصلاة ثم هم عنها ساهون، إما عن فعلها بالكلية، أو يخرجها عن وقتها، وقال عطاء بن دينار: الحمد للّه الذي قال: {عن صلاتهم ساهون} ولم يقل {في صلاتهم ساهون} فيؤخرونها إلى آخر الوقت، أو لا يؤدونها بأركانها وشروطها عن الخشوع فيها والتدبر لمعانيها، فاللفظ يشمل ذلك كله، كما ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، تلك صلاة المنافق، يجلس يرقب الشمس، حتى إذا كانت بين قرني الشيطان قام فنقر أربعاً، لا يذكر اللّه فيها إلا قليلاً) ""أخرجه الشيخان"". فهذا أخّر صلاة العصر التي هي الوسطى - كما ثبت به النص - إلى آخر وقتها، وهو وقت كراهة، ثم قام إليها فنقرها نقر الغراب، لم يطمئن ولا خشع فيها أيضاً، ولهذا قال: (لا يذكر اللّه فيها إلا قليلاً) ولعله إنما حمله على القيام إليها مراءاة الناس، لا ابتغاء وجه اللّه، فهو كما إذا لم يصل بالكلية، قال اللّه تعالى: {إن المنافقين يخادعون اللّه وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراءون الناس ولا يذكرون اللّه إلا قليلاً}، وقال تعالى ههنا: {الذين هم يراءون}، وروى الطبراني عن ابن عباس رضي اللّه عنهما عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إن في جهنم لوادياً تستعيذ جهنم من ذلك الوادي في كل يوم أربعمائة مرة، أعدّ ذلك الوادي للمرائين من أمة محمد: لحامل كتاب اللّه، وللمصدق في غير ذات اللّه، وللحاج إلى بيت اللّه، وللخارج في سبيل اللّه) ""أخرجه الطبراني"". وروى الإمام أحمد عن عمرو بن مرة قال: كنا جلوساً عند أبي عبيدة، فذكروا الرياء، فقال رجل يكنى بأبي يزيد: سمعت عبد اللّه بن عمرو يقول: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من سمّع الناس بعمله سمّع اللّه به سامع خلقه وحقّره وصغّره) ""أخرجه أحمد"". ومما يتعلق بقوله تعالى: {الذين هم يراءون} أن من عمل عملاً للّه فاطلع عليه الناس فأعجبه ذلك أن هذا لا يعد رياء، لما روي عن أبي هريرة رضي اللّه عنه قال: كنت أصلي، فدخل عليّ رجل، فأعجبني ذلك فذكرته لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: (كتب لك أجران: أجر السر وأجر العلانية) ""أخرجه الحافظ الموصلي"". وفي رواية عنه قال، قال رجل: يا رسول اللّه! الرجل يعمل العمل يسره فإذا اطلع عليه أعجبه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (له أجران: أجر السر وأجر العلانية) ""أخرجه الترمذي والطيالسي وأبو يعلى الموصلي"". وعن سعد بن أبي وقاص قال: سألت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عن {الذين هم عن صلاتهم ساهون} قال: (هم الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها) ""أخرجه ابن جرير الطبري"". قلت: وتأخير الصلاة عن وقتها يحتمل تركها بالكلية، ويحتمل صلاتها بعد وقتها شرعاً، أو تأخيرها عن أول الوقت. وقوله تعالى: {ويمنعون الماعون} أي لا أحسنوا عبادة ربهم، ولا أحسنوا إلى خلقه، حتى ولا بإعارة ما ينتفع به مع بقاء عينه ورجوعهم إليهم، فهؤلاء لمنع الزكاة وأنواع القربات أولى وأولى. وقد قال مجاهد {الماعون} الزكاة، وقال الحسن البصري: إن صلى راءى، وإن فاتته لم يأس عليها، ويمنع زكاة ماله، وفي لفظ: صدقة ماله. وقال زيد بن أسلم: هم المنافقون ظهرت الصلاة فصلوها، وخفيت الزكاة فمنعوها. وسئل ابن مسعود عن الماعون؟ فقال: هو ما يتعاطاه الناس بينهم من الفأس والقدر والدلو وأشباه ذلك، وقال ابن جرير، عن عبد اللّه قال: (كنا أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم نتحدث أن الماعون الدلو والفأس والقدر لا يستغنى عنهن)، ولفظ النسائي عن عبد اللّه قال: كل معروف صدقة، وكنا نعد الماعون على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عارية الدلو والقدر، وعن ابن عباس: {ويمنعون الماعون} يعني متاع البيت، وكذا قال مجاهد والنخعي إنها العارية للأمتعة، وقد اختلف الناس في ذلك، فمنهم من قال: يمنعون الزكاة، ومنهم من قال: يمنعون الطاعة، ومنهم من قال: يمنعون العارية، وعن علي: الماعون منع الناس الفأس والقدر والدلو، وقال عكرمة: رأس الماعون زكاة المال وأدناه المنخل والدلو والإبرة، وهذا الذي قاله عكرمة حسن، فإنه يشمل الأقوال كلها، وترجع كلها إلى شيء واحد، وهو ترك المعاونة بمال أو منفعة، ولهذا جاء في الحديث: (كل معروف صدقة).

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি