نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الفيل آية 2
أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ

التفسير الميسر ألم يجعل ما دبَّروه من شر في إبطال وتضييع؟

تفسير الجلالين
2 - (ألم يجعل) أي جعل (كيدهم) في هدم الكعبة (في تضليل) خسارة وهلاك

تفسير القرطبي
قوله تعالى {ألم يجعل كيدهم في تضليل} أي في إبطال وتضييع؛ لأنهم أرادوا أن يكيدوا قريشا بالقتل والسبي، والبيت بالتخريب والهدم.
فحكي عن عبدالمطلب أنه بعث ابنه عبدالله على فرس له، ينظر ما لقوا من تلك الطير، فإذا القوم مشدخين جميعا، فرجع يركض فرسه، كاشفا عن فخذه، فلما رأى ذلك أبوه قال : إن ابني هذا أفرس العرب.
وما كشف عن فخذه إلا بشيرا أو نذيرا.
فلما دنا من ناديهم بحيث يسمعهم الصوت، قالوا : ما وراءك؟ قال : هلكوا جميعا.
فخرج عبدالمطلب وأصحابه، فأخذوا أموالهم.
وكانت أموال بني عبدالمطلب منها، وبها تكاملت رياسة عبدالمطلب؛ لأنه احتمل ما شاء من صفراء وبيضاء، ثم خرج أهل مكة بعده ونهبوا.
وقيل : إن عبدالمطلب حفر حفرتين فملأهما من الذهب والجوهر، ثم قال لأبي مسعود الثقفي وكان خليلا لعبدالمطلب - : اختر أيهما شئت.
ثم أصاب الناس من أموالهم حتى ضاقوا ذرعا، فقال عبدالمطلب عند ذلك : أنت منعت الحبش والأفيالا ** وقد رعوا بمكة الأجبالا وقد خشينا منهم القتالا ** وكل أمر لهم معضالا شكرا وحمدا لك ذا الجلالا قال ابن إسحاق : ولما رد الله الحبشة عن مكة عظمت العرب قريشا، وقالوا : هم : أهل الله، قاتل الله عنهم وكفاهم مؤونة عدوهم.
وقال عبدالله بن عمرو بن مخزوم، في قصة أصحاب الفيل : أنت الجليل ربنا لم تدنس ** أنت حبست الفيل بالمغمس من بعد ما هم بشر مبلس ** حبسته في هيئة المكركس وما لهم من فرج ومنفس والمكركس : المنكوس المطروح.

تفسير ابن كثير هذه من النعم التي امتن اللّه بها على قريش، فيما صرف عنهم من أصحاب الفيل، الذين كانوا قد عزموا على هدم الكعبة ومحو أثرها من الوجود، فأبادهم اللّه، وأرغم آنافهم، وخيب سعيهم، وأضل عملهم، وردهم بشر خيبة، هذه قصة أصحاب الفيل على وجه الإيجاز والاختصار. يروى أن أبرهة الأشرم بنى كنيسة هائلة بصنعاء، رفيعة البناء عالية الفِناء مزخرفة الأرجاء، سمتها العرب القليس لارتفاعها، لأن الناظر إليها تكاد تسقط قلنسوته عن رأسه من ارتفاع بنائها، وعزم أبرهة على أن يصرف حج العرب إليها كما يحج إلى الكعبة بمكة، ونادى بذلك في مملكته، فكرهت العرب ذلك، وغضبت قريش، لذلك غضباً شديداً، حتى قصدها بعضهم وتوصل إلى أن دخلها، فأحدث فيها وكرّ راجعاً، فلما رأى السدنة ذلك الحدث رفعوا أمرهم إلى ملكهم أبرهة وقالوا له: إنما صنع هذا بعض قريش غضباً لبيتهم الذي ضاهيت هذا به، فأقسم أبرهة ليسيرن إلى بيت مكة وليخربنه حجراً حجراً، ذكر مقاتل أن فتية من قريش دخلوها، فأججوا فيها ناراً، وكان يوماً فيه هواء شديد فاحترقت، فتأهب أبرهة لذلك، وصار في جيش كثيف عرمرم لئلا يصده أحد عنه، واستصحب معه فيلاً عظيماً كبير الجثة لم ير مثله، يقال له محمود ويقال: كان معه اثنا عشر فيلاً غيره، فلما سمعت العرب بمسيره أعظموا ذلك جداً، ورأوا أن حقاً عليهم المحاجبة دون البيت، ورد من أراده بكيد، فخرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نفر فدعا قومه إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت اللّه، فأجابوه وقاتلوا أبرهة فهزمهم، ثم مضى لوجهه حتى إذا كان بأرض خثعم اعترض له نفيل بن حبيب الخثعمي في قومه فقاتلوه، فهزمهم أبرهة وأسر نفيل بن حبيب، فأراد قتله ثم عفا عنه، واستصحبه معه ليدله في بلاد الحجاز، فلما اقترب من أرض الطائف خرج إليه أهلها ثقيف، وصانعوه خيفة على بيتهم الذي عندهم الذي يسمونه اللات، فأكرمهم وبعثوا معه أبا رغال دليلاً، فلما انتهى أبرهة إلى المغمس وهو قريب من مكة نزل به، وأغار جيشه على سرح أهل مكة من الإبل وغيرها، فأخذوه، وكان في السرح مائتا بعير لعبد المطلب، وبعث أبرهة حناطة الحِمْيَري إلى مكة، وأمره أن يأتيه بأشرف قريش، وأن يخبره أن الملك لم يجئ لقتالكم إلا أن تصدُّوه عن البيت، فجاء حناطة فدل على عبد المطلب بن هاشم وبلغه عن أبرهة ما قال، فقال له عبد المطلب: واللّه ما نريد حربه، ومالنا بذلك من طاقة، هذا بيت اللّه الحرام وبيت خليله إبراهيم، فإن يمنعه منه فهو بيته وحرمه، وإن يخلي بينه وبينه، فواللّه ما عندنا دفع عنه. فقال له حناطة: فاذهب معي إليه، فذهب معه، فلما رآه أبرهة أجلّه - وكان عبد المطلب رجلاً جسيماً حسن المنظر - ونزل أبرهة عن سريره وجلس معه على البساط، وقال لترجمانه: قل له ما حاجتك؟ فقال للترجمان: إن حاجتي أن يرد عليّ الملك مائتي بعير أصابها لي، فقال أبرهة لترجمانه: قل له: لقد كنت أعجبتني حين رأيتك، ثم قد زهدت فيك حين كلمتني، أتكلمني في مائتي بعير أصبتها لك، وتترك بيتاً هو دينك ودين آبائك، قد جئت لهدمه لا تكلمني فيه؟ فقال له عبد المطلب: إني أنا رب الإبل، وإن للبيت رباً سيمنعه، قال: ما كان ليمتنع مني، قال: أنت وذاك، ويقال: إنه ذهب مع عبد المطلب جماعة من أشراف العرب، فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة على أن يرجع عن البيت، فأبى عليهم، ورد أبرهة على عبد المطلب إبله، ورجع عبد المطلب إلى قريش، فأمرهم بالخروج من مكة، والتحصن في رءوس الجبال تخوفاً عليهم من معرة الجيش، ثم قام عبد المطلب فأخذ بحلقة باب الكعبة، وقام معه نفر من قريش يدعون اللّه، ويستنصرون على أبرهة وجنده، فقال عبد المطلب وهو آخذ بحلقة باب الكعبة: اللهم إن المرء يمنع ** رحله فامنع رحالك وانصر على آل الصليب ** وعابديه اليوم آلك لا يغلبنّ صليبهم ** ومحالهم أبداً محالك ثم خرجوا إلى رءوس الجبال. وذكر مقاتل أنهم تركوا عند البيت مائة بدنة مقلدة، لعل بعض الجيش ينال منها شيئاً بغير حق فينتقم اللّه منهم، فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخول مكة وهيأ جيشه، فلما وجهوا الفيل نحو مكة، برك الفيل، وخرج نفيل بن حبيب يشتد حتى صعد في الجبل، وضربوا الفيل ليقوم، فأبى، فضربوا في رأسه بالطبرزين وأدخلوا محاجن لهم في مراقه، فنزعوه بها ليقوم، فأبى، فوجهوه راجعاً إلى اليمن، فقام يهرول، ووجهوه إلى الشام، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى المشرق، ففعل مثل ذلك، ووجهوه إلى مكة فبرك، وأرسل اللّه عليهم طيراً من البحر أمثال الخطاطيف والبلسان مع كل طائر منها ثلاثة أحجار يحملها: حجر في منقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس، لا يصيب منهم أحداً إلا هلك، وليس كلهم أصابت، وخرجوا هاربين يبتدرون الطريق، ويسألون عن نفيل ليدلّهم على الطريق، هذا ونفيل على رأس الجبل مع قريش، وعرب الحجاز ينظرون ماذا أنزل اللّه بأصحاب الفيل من النقمة، وجعل نفيل يقول: أين المفر والإله الطالب ** والأشرم المغلوب ليس الغالب وذكر الواقدي بإسناده: أنهم لما تعبأوا لدخول الحرم، وهيأوا الفيل جعلوا لا يصرفونه إلى جهة من سائر الجهات إلا ذهب فيها، فإذا وجهوه إلى الحرم ربض وصاح، وجعل أبرهة يحمل على سائس الفيل وينهره ويضربه ليقهر الفيل على دخول الحرم، وعبد المطلب وجماعة من أشراف مكة على حراء ينظرون ما الحبشة يصنعون، وماذا يلقون من أمر الفيل وهو العجب العجاب، فبينما هم كذلك إذ بعث اللّه عليهم {طيراً أبابيل} أي قطعاً قطعاً صفراً دون الحمام وأرجلها حمر، ومع كل طائر ثلاثة أحجار، وجاءت فحلّقت عليهم، وأرسلت تلك الأحجار عليهم فهلكوا، قال عطاء: ليس كلهم أصابه العذاب في الساعة الراهنة، بل منهم من هلك سريعاً، ومنهم من جعل يتساقط عضواً عضواً، وهم هاربون، وكان أبرهة ممن تساقط عضواً عضواً حتى مات ببلاد خثعم، قال ابن إسحاق: فلما بعث اللّه محمداً صلى اللّه عليه وسلم، كان فيما يعد به على قريش من نعمته عليهم وفضله، ما رد عليهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم فقال: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل} إلى قوله: {فجعلهم كعصف مأكول}، وقوله: {لإيلاف قريش . إيلافهم . رحلة الشتاء والصيف . فليعبدوا رب هذا البيت . الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف}. قال ابن هشام: (الأبابيل) الجماعات ولم تتكلم العرب بواحدة قال: وأما (السجيل) فأخبرني يونس النحوي أنه عند العرب الشديد الصلب، (والعصف) ورق الزرع الذي لم يقضب واحدته عصفة. انتهى ما ذكره. وقال ابن عباس والضحّاك: أبابيل يتبع بعضها بعضاً، وقال الحسن البصري وقتادة: الأبابيل الكثيرة، وقال مجاهد (أبابيل) شتى متتابعة مجتمعة، وقال ابن زيد: (الأبابيل) المختلفة تأتي من ههنا، ومن ههنا، أتتهم من كل مكان، وقال عكرمة: كانت طيراً خضراً خرجت من البحر لها رءوس كرءوس السباع. وعن ابن عباس ومجاهد: كانت الطير الأبابيل مثل التي يقال لها عنقاء مغرب، وقال عبيد بن عمير: لما أراد اللّه أن يهلك أصحاب الفيل بعث عليهم طيراً أنشئت من البحر أمثال الخطاطيف، كل طير منها يحمل ثلاثة أحجار حجرين في رجليه وحجراً في منقاره، قال: فجاءت حتى صفت على رءوسهم ثم صاحت وألقت ما في أرجلها ومناقيرها، فما يقع على رأس رجل إلا وخرج من دبره، ولا يقع على شيء من جسده إلا خرج من الجانب الآخر، وبعث اللّه ريحاً شديدة فضربت الحجارة فزادتها شدة فأهلكوا جميعاً. وقال ابن عباس {حجارة من سجيل} قال: طين في حجارة. وقوله تعالى: {فجعلهم كعصف مأكول} قال سعيد بن جبير: يعني التبن الذي تسميه العامة هبور، وقال ابن عباس: العصف القشرة التي على الحبة كالغلاف على الحنطة، وقال ابن زيد: العصف ورق الزرع، وورق البقل إذا أكلته البهائم فراثته فصار دريناً، المعنى أن اللّه سبحانه وتعالى أهلكهم ودمّرهم وردهم بكيدهم وغيظهم، لم ينالوا خيراً، وأهلك عامتهم ولم يرجع منهم مخبر إلا وهو جريح، كما يروى لأمية بن أبي الصلت بن ربيعة قوله: إن آيات ربنا باقيات ** ما يماري فيهن إلا الكفور خلق الليل والنهار فكل ** مستبين حسابه مقدور ثم يجلو النهار رب رحيم ** بمهاة شعاعها منشور حبس الفيل بالمغمّس حتى ** صار يحبو كأنه معقور خلّفوه ثم ابذعرّوا جميعاً ** كلهم عظم ساقه مكسور كل دِين يوم القيامة عند اللّه ** إلا دِين الحنيفة بور وقد قدمنا في تفسير سورة الفتح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما أطل يوم الحديبية على الثنية التي تهبط به على قريش بركت ناقته، فزجرها فألحت، فقالوا: خلأت القصواء، أي حرنت، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق، ولكن حبسها حابس الفيل)، ثم قال: (والذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم خطة يعظمون فيها حرمات اللّه إلا أجبتهم إليها)، ثم زجرها فقامت ""الحديث أخرجه البخاري"". وفي الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال يوم فتح مكة: (إن اللّه حبس عن مكة الفيل وسلّط عليها رسوله والمؤمنين، وإنه قد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس، ألا فيبلغ الشاهد الغائب).

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি