نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة النساء آية 126
وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا

التفسير الميسر ولله جميع ما في هذا الكون من المخلوقات، فهي ملك له تعالى وحده. وكان الله تعالى بكل شيء محيطًا، لا يخفى عليه شيء من أمور خلقه.

تفسير الجلالين
126 - (ولله ما في السماوات وما في الأرض) ملكا وخلقا وعبيدا (وكان الله بكل شيء محيطا) علما وقدرة أي لم يزل متصفا بذلك

تفسير القرطبي
قوله تعالى {ولله ما في السماوات وما في الأرض} أي ملكا واختراعا.
والمعنى إنه اتخذ إبراهيم خليلا بحسن طاعته لا لحاجته إلى مخالته ولا للتكثير به والاعتضاد؛ وكيف وله ما في السموات وما في الأرض؟ وإنما أكرمه لامتثاله لأمره.
قوله تعالى {وكان الله بكل شيء محيطا} أي أحاط علمه بكل الأشياء.

تفسير ابن كثير قال قتادة‏:‏ ذكر لنا أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب‏:‏ نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى باللّه منكم، وقال المسلمون‏:‏ نحن أولى باللّه منكم ونبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب التي كانت قبله فأنزل اللّه‏:‏ ‏{‏ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يُجْزَ بِهِ‏}‏ ‏{‏ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه للّه وهو محسن‏}‏ الآية، ثم أفلج اللّه حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان‏. ‏ وكذا روي عن ابن عباس رضي اللّه عنه أنه قال‏:‏ في هذه الآية تخاصم أهل الأديان، فقال أهل التوراة‏:‏ كتابنا خير الكتب، ونبينا خير الأنبياء، وقال أهل الإنجيل‏:‏ مثل ذلك، وقال أهل الإسلام‏:‏ لا دين إلا الإسلام، وكتابنا نسخ كل كتاب؛ ونبينا خاتم النبيين، وأمرتم وأمرنا أن نؤمن بكتابكم ونعمل بكتابنا فقضى اللّه بينهم وقال‏:‏ ‏{‏ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به‏}‏ الآية؛ وخيِّر بين الأديان فقال‏:‏ ‏{‏ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه للّه وهو محسن‏}‏ إلى قوله‏:‏ ‏{‏واتخذ اللّه إبراهيم خليلاً‏}‏ وقال مجاهد‏:‏ قالت العرب لن نُبعث ولن نُعذب؛ وقالت اليهود والنصارى‏:‏ ‏{‏لن يدخل الجنة إلا من كان هوداً أو نصارى‏}‏ وقالوا‏:‏ ‏{‏لن تمسنا النار إلا أياماً معدودات‏}‏ والمعنى في هذه الآية أن الدين ليس بالتحلي ولا بالتمني؛ ولكن ما قر في القلوب وصدقته الأعمال، وليس كل من ادعى شيئاً حصل له بمجرد دعواه، ولا كل من قال إنه على الحق سمع قوله بمجرد ذلك حتى يكون له من اللّه برهان؛ ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به‏}‏ أي ليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني‏؟‏ بل العبرة بطاعة اللّه سبحانه واتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام، ولهذا قال بعده‏:‏ ‏{‏من يعمل سوءاً يجز به‏}‏، كقوله‏:‏ ‏{‏فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره؛ ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره‏}‏‏. ‏ وقد روي أن هذه الآية لما نزلت شق ذلك على كثير من الصحابة، قال الإمام أحمد بسنده أخبرت أن أبا بكر رضي اللّه عنه قال‏:‏ يا رسول اللّه كيف الفلاح بعد هذه الآية‏:‏ ‏{‏ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجزبه‏}‏ فكل سوء عملناه جُزيناه به‏!‏ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏غفر اللّه لك يا أبا بكر ألست تمرض‏؟‏ ألست تنصب‏؟‏ ألست تصيبك اللأواء‏)‏‏؟‏ قال‏:‏ بلى، قال‏:‏ ‏(‏فهو مما تجزون به‏)‏ وروى أبو بكر بن مردويه عن أبي بكر الصديق قال‏:‏ كنت عند النبي صلى اللّه عليه وسلم فنزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏من يعمل سوءاً يجز به ولا يجد له من دون اللّه ولياً ولا نصيراً‏}‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏(‏يا أبا بكر ألا أقرئك آية أنزلت عليّ‏)‏ قلت‏:‏ بلى يا رسول اللّه قال‏:‏ فأقرأنيها فلا أعلم أني قد وجدت انفصاماً في ظهري حتى تمطيت لها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏مالك يا أبا بكر‏)‏‏؟‏ قلت‏:‏ بأبي أنت وأمي يا رسول اللّه، وأينا لم يعمل السوء، وإنا لمجزيون بكل سوء عملناه‏؟‏ فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏أما أنت يا أبا بكر وأصحابك المؤمنون فإنكم تجزون بذلك في الدنيا حتى تلقوا اللّه ليس لكم ذنوب، وأما الآخرون فيجمع ذلك لهم حتى يجزوا به يوم القيامة‏)‏ وقال ابن جرير‏:‏ لما نزلت هذه الآية قال أبو بكر‏:‏ جاءت قاصمة الظهر فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:‏ ‏(‏إنما هي المصيبات في الدنيا‏)‏ حديث آخر قال سعيد بن منصور عن عائشة‏:‏ أن رجلا تلى هذه الآية‏:‏ ‏{‏من يعمل سوءاً يجز به‏}‏ فقال‏:‏ إنا لنجزي بكل ما عملناه هلكنا إذاً فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏نعم يجزى به المؤمن في الدنيا في نفسه في جسده فيما يؤذيه‏)‏ وقال ابن أبي حاتم عن عائشة قالت،قلت يا رسول اللّه إني لأعلم أشد آية في القرآن فقال‏:‏ ‏(‏ما هي يا عائشة‏؟‏ قلت‏:‏ ‏{‏من يعمل سوءاً يجز به‏}‏ فقال‏:‏ ‏(‏هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها‏)‏ وعن علي بن زيد عن ابنته أنها سألت عائشة عن هذه الآية‏:‏ ‏{‏من يعلم سوءاً يجز به‏}‏ فقالت‏:‏ ما سألني أحد عن هذه الآية منذ سألت عنها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال‏:‏ ‏(‏يا عائشة هذه مبايعة اللّه للعبد مما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة حتى البضاعة فيضعها في كمه فيفزع لها فيجدها في جيبه حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما أن الذهب يخرج من الكير‏)‏ ‏"‏رواه أبو داود والطيالسي‏"‏ حديث آخر ‏:‏ قال سعد بن منصور عن محمد بن قيس بن مخرمة‏:‏ أن أبا هريرة رضي اللّه عنه قال لما نزلت ‏{‏من يعمل سوءاً يجز به‏}‏ شق ذلك على المسلمين فقال لهم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ‏:‏ ‏(‏سددوا وقاربوا فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها والنكبة ينكبها‏)‏ وهكذا رواه أحمد ورواه ابن جرير عن عبد اللّه بن إبراهيم سمعت أبا هريرة يقول‏:‏ لما نزلت هذه الآية‏:‏ ‏{‏ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءاً يجز به‏}‏ بكينا وحزنا وقلنا يا رسول اللّه ‏:‏ ما أبقت هذه الآمة من شيء قال‏:‏ ‏(‏أما والذي نفسي بيده إنها لكما أنزلت ولكن أبشروا وقاربوا وسددوا فإنه لا يصيب أحداً منكم مصيبة في الدنيا إلا كفر اللّه بها من خطيئته حتى الشوكة يشاكها أحدكم في قدمه‏)‏ حديث آخر ‏:‏ روى ابن مردويه عن ابن عباس قال‏:‏ قيل يا رسول اللّه ‏{‏من يعمل سوءاً يجز به‏}‏ قال‏:‏ ‏(‏نعم ومن يعمل حسنة يجز بها عشراً‏)‏ فهلك من غلب واحدته عشراته‏. ‏ وقال ابن جرير عن الحسن ‏{‏من يعمل سوءاً يجز به‏}‏ قال‏:‏ الكافر ثم قرأ‏:‏ ‏{‏وهل نجازي إلا الكفور‏}‏، وقوله ‏{‏ولا يجد له من دون اللّه ولياً ولا نصيراً‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ إلا أن يتوب فيتوب اللّه عليه رواه ابن ابي حاتم‏. ‏ والصحيح أن ذلك عام في جميع الأعمال لما تقدم من الأحاديث وهذا اختيار ابن جرير واللّه أعلم‏. ‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن‏}‏ الآية، لما ذكر الجزاء على السيئات وأنه لا بد أن يأخذ مستحقها من العبد إما في الدنيا وهو أجود له، وإما في الآخرة ـ والعياذ باللّه من ذلك؛ ونسأله العافية في الدنيا والآخرة، والصفح والعفو والمسامحة ـ شرع في بيان إحسانه وكرمه ورحمته في قبول الأعمال الصالحة من عباده، ذكرانهم وإناثهم بشرط الإيمان، وأنه سيدخلهم الجنة ولا يظلمهم من حسناتهم ولا مقدار النقير، وهو النقرة التي في ظهر نواة التمرة، وقد تقدم الكلام على الفتيل، وهو الخيط الذي في شق النواة، وهذا النقير وهما في نواة التمرة والقطمير وهو اللفاقة التي على نواة التمرة، والثلاثة في القرآن‏. ‏ ثم قال تعالى‏:‏ ‏{‏ومن أحسن ديناً ممن أسلم وجهه للّه‏}‏‏‏ أي أخلص العمل لربه عز وجلَّ فعمل إيماناً واحتسابًا ‏{‏وهو محسن‏}‏ أي اتبع في عمله ما شرعه اللّه له وما أرسل به رسوله من الهدى ودين الحق، وهذان الشرطان لا يصح عمل عامل بدونهما أي يكون خالصاً صواباً والخالص أن يكون لّه، والصواب أن يكون متابعاً للشريعة فيصح ظاهره بالمتابعة، وباطنه بالإخلاص فمتى فقد العمل أحد هذين الشرطين فسد، فمن فقد الإخلاص كان منافقاً وهم الذين يراؤون الناس، ومن فقد المتابعة كان ضالاً جاهلاً ومتى جمعهما كان عمل المؤمنين ‏{‏الذين يتقبل عنهم أحسن ما عملوا ويتجاوز عن سيئاتهم‏}‏، ولهذا قال تعالى‏:‏ ‏{‏واتبع ملة إبراهيم حنيفاً‏}‏ وهم محمد وأتباعه إلى يوم القيامة، كما قال تعالى‏:‏‏{‏إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه وهذا النبي‏}‏ الآية‏. ‏ وقال تعالى‏:‏ ‏{‏ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين‏}‏ والحنيف هو المائل عن الشرك قصداً أي تاركاً له عن بصيرة ومقبل على الحق بكليته لا يصده عنه صاد، ولا يرده عنه راد‏. ‏ وقوله تعالى‏:‏ ‏{‏واتخذ اللّه إبراهم خليلاً‏}‏ وهذا من باب الترغيب في اتباعه، لأنه إمام يقتدى به حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد فإنه انتهى إلى درجة الخلة التي أرفع مقامات المحبة، وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه كما وصفه به في قوله‏:‏ ‏{‏وإبراهيم الذي وفَّى‏}‏ قال كثير من علماء السلف‏:‏ أي قام بجميع ما أمر به، وفّى كل مقام من مقامات العبادة، فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير، ولا كبير عن صغير، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُه بكلمات فأتمهن‏}‏ الآية، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إن إبراهيم كان أمة قانتاً للّه حنيفاً ولم يك من المشركين‏}‏ الآية، وقال البخاري عن عمرو بن ميمون قال‏:‏ إن معاذاً لما قدم اليمن صلى بهم الصبح فقرأ‏:‏ ‏{‏واتخذ اللّه إبراهيم خليلاً‏}‏ فقال رجل من القوم‏:‏ لقد قرت عين أم إبراهيم، وإنما سمي خليل اللّه لشدة محبته لربه عزَّ وجلَّ لما قام به من الطاعة التي يحبها ويرضاها، ولهذا ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما خطبهم في آخر خطبة خطبها قال‏:‏ ‏(‏أما بعد أيها الناس فلو كنت متخذاً من أهل الأرض خليلاً لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلاً ولكن صاحبكم خليل اللّه ‏)‏ وروى أبو بكر بن مردويه عن عكرمة عن ابن عباس قال‏:‏ جلس ناس من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ينتظرونه فخرج حتى إذا دنا منهم سمعهم يتذاكرون فسمع حديثهم وإذا بعضهم يقول‏:‏ عجب إن اللّه اتخذ من خلقه خليلاً فإبراهيم خليله، وقال آخر‏:‏ ماذا بأعجب من أن اللّه كلم موسى تكليماً، وقال آخر‏:‏ فعيسى روح اللّه وكلمته، وقال آخر‏:‏ آدم اصطفاه اللّه، فخرج عليهم فسلم وقال‏:‏ ‏(‏قد سمعت كلامكم وتعجبكم إن إبراهيم خليل اللّه وهو كذلك، وموسى كليمه، وعيسى روحه وكلمته، وآدم اصطفاه اللّه، وهو كذلك، وكذلك محمد صلى اللّه عليه وسلم قال‏:‏ ألا وإني حبيب اللّه ولا فخر، وأنا أول شافع وأول مشفع ولا فخر، وأنا أول من يحرك حلقة الجنة فيفتح اللّه ويدخلنيها، ومعي فقراء المؤمنين ولا فخر، وأنا أكرم الأولين والآخرين يوم القيامة ولا فخر‏)‏ وهذا حديث غريب ولبعضه شواهد في الصحاح وغيرها وعن إسحاق بن يسار قال‏:‏ لما اتخذ ابراهيم خليلاً ألقى في قلبه الوجل حتى أن خفقان قلبه ليسمع من بعيد كما يسمع خفقان الطير في الهواء، وهكذا جاء في صفة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه كان يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل إذا اشتد غليانها من البكاء وقوله‏:‏ ‏{‏وللّه ما في السموات وما في الأرض‏}‏ أي الجميع ملكه وعبيده وخلقه، وهو المتصرف في جميع ذلك، لا راد لما قضى، ولا معقب لما حكم، ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته وقوله‏:‏ ‏{‏وكان اللّه بكل شيء محيطاً‏}‏ أي علمه نافذ في جميع ذلك لا تخفى عليه خافية من عباده، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ولا تخفى عليه ذرة مما تراءى للناظرين وما توارى‏.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি