نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة التين آية 5
ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ

التفسير الميسر أَقْسم الله بالتين والزيتون، وهما من الثمار المشهورة، وأقسم بجبل "طور سيناء" الذي كلَّم الله عليه موسى تكليمًا، وأقسم بهذا البلد الأمين من كل خوف وهو "مكة" مهبط الإسلام. لقد خلقنا الإنسان في أحسن صورة، ثم رددناه إلى النار إن لم يطع الله، ويتبع الرسل، لكن الذين آمنوا وعملوا الأعمال الصالحة لهم أجر عظيم غير مقطوع ولا منقوص.

تفسير الجلالين
5 - (ثم رددناه) في بعض أفراده (أسفل سافلين) كناية عن الهرم والضعف فينقص عمل المؤمن عن زمن الشباب ويكون له أجره

تفسير القرطبي
فيه مسألتان: الأولى: قوله تعالى {لقد خلقنا الإنسان} هذا جواب القسم، وأراد بالإنسان : الكافر.
قيل : هو الوليد بن المغيرة.
وقيل : كلدة بن أسيد.
فعلى هذا نزلت في منكري البعث.
وقيل : المراد بالإنسان آدم وذريته.
{في أحسن تقويم} وهو اعتداله واستواء شبابه؛ كذا قال عامة المفسرين.
وهو أحسن ما يكون؛ لأنه خلق كل شيء منكبا عل وجهه، وخلقه هو مستويا، وله لسان ذلق، ويد وأصابع يقبض بها.
وقال أبو بكر بن طاهر : مُزيناً بالعقل، مُؤدياً للأمر، مَهدياً بالتمييز، مديد القامة؛ يتناول مأكوله بيده.
ابن العربي : ليس لله تعالى خلق أحسن من الإنسان، فإن اللّه خلقه حيا عالما، قادرا مريدا متكلما، سميعا بصيرا، مدبرا حكيما.
وهذه صفات الرب سبحانه، وعنها عبر بعض العلماء، ووقع البيان بقوله : [إن اللّه خلق آدم على صورته] يعني عل صفاته التي قدمنا ذكرها.
وفي رواية [على صورة الرحمن] ومن أين تكون للرحمن صورة متشخصة، فلم يبق إلا أن تكون معاني.
وقد أخبرنا المبارك بن عبدالجبار الأزدي قال : أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن أبي علي القاضي المحسن عن أبيه قال : كان عيسى بن موسى الهاشمي يحب زوجته حبا شديدا فقال لها يوما : أنت طالق ثلاثا إن لم تكوني أحسن من القمر؛ فنهضت واحتجبت عنه، وقالت : طلقتني.
وبات بليلة عظيمة، فلما أصبح غدا إلى دار المنصور، فأخبره الخبر، وأظهر للمنصور جزعا عظيما؛ فاستحضر الفقهاء واستفتاهم.
فقال جميع من حضر : قد طلقت؛ إلا رجلا واحدا من أصحاب أبي حنيفة، فإنه كان ساكتا.
فقال له المنصور : ما لك لا تتكلم؟ فقال له الرجل : بسم اللّه الرحمن الرحيم {والتين والزيتون.
وطور سينين.
وهذا البلد الأمين.
لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم}.
يا أمير المؤمنين، فالإنسان أحسن الأشياء، ولا شيء أحسن منه.
فقال المنصور لعيسى ابن موسى : الأمر كما قال الرجل، فأقبل على زوجتك.
وأرسل أبو جعفر المنصور إلى زوجة الرجل : أن أطيعي زوجك ولا تعصيه، فما طلقك.
فهذا يدلك على أن الإنسان أحسن خلق اللّه باطنا وظاهرا، جمال هيئة، وبديع تركيب الرأس بما فيه، والصدر بما جمعه، والبطن بما حواه، والفرج وما طواه، واليدان وما بطشتاه، والرجلان وما احتملتاه.
ولذلك قالت الفلاسفة : إنه العالم الأصغر؛ إذ كل ما في المخلوقات جمع فيه.
الثانية: قوله تعالى {ثم رددناه أسفل سافلين} أي إلى أرذل العمر، وهو الهرم بعد الشباب، والضعف بعد القوة، حتى يصير كالصبي في الحال الأول؛ قاله الضحاك والكلبي وغيرهما.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {ثم رددناه أسفل سافلين} إلى النار، يعني الكافر، وقال أبو العالية.
وقيل : لما وصفه اللّه بتلك الصفات الجليلة التي ركب الإنسان عليها، طغى وعلا، حتى قال {أنا ربكم الأعلى}[النازعات : 24] وحين علم اللّه هذا من عبده، وقضاؤه صادر من عنده، رده أسفل سافلين؛ بأن جعله مملوءا قذرا، مشحونا نجاسة، وأخرجها على ظاهره إخراجا منكرا، على وجه الاختيار تارة، وعلى وجه الغلبة أخرى، حتى، إذا شاهد ذلك من أمره، رجع إلى قدره.
وقرأ عبدالله {أسفل السافلين}.
وقال؛ {أسفل سافلين} على الجمع؛ لأن الإنسان في معنى جمع، ولو قال : أسفل سافل جاز؛ لأن لفظ الإنسان واحد.
وتقول : هذا أفضل قائم.
ولا تقول أفضل قائمين؛ لأنك تضمر لواحد، فإن كان الواحد غير مضمر له، رجع اسمه بالتوحيد والجمع؛ كقوله تعالى {والذي جاء بالصدق وصدق به أولئك هم المتقون}[الزمر : 33].
وقوله تعالى {وإنا إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة}[الشورى : 48].
وقد قيل : إن معنى {رددناه أسفل سافلين} أي رددناه إلي الضلال؛ كما قال تعالى {إن الإنسان لفي خسر.
إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} أي إلا هؤلاء، فلا يردون إلى ذلك.
والاستثناء على قول من قال {أسفل سافلين} النار، متصل.
ومن قال : إنه الهرم فهو منقطع.

تفسير ابن كثير اختلف المفسرون ههنا على أقوال كثيرة فقيل: المراد بالتين دمشق، وقيل: الجبل الذي عندها، وقال القرطبي: هو مسجد أصحاب الكهف، وروي عن ابن عباس: أنه مسجد نوح الذي على الجودي، وقال مجاهد: هو تينكم هذا {والزيتون} قال قتادة: هو بيت المقدس، وقال مجاهد وعكرمة: هو هذا الزيتون الذي تعصرون، {وطور سينين} هو الجبل الذي كلم اللّه عليه موسى عليه السلام، {وهذا البلد الأمين} يعني مكة هو قول جمهور المفسرين، قال ابن كثير: ولا خلاف في ذلك قاله ابن عباس ومجاهد، وقال بعض الأئمة: هذه محال ثلاثة، بعث اللّه في كل واحد منها نبياً مرسلاً من أولي العزم، أصحاب الشرائع الكبار. فالأول محلة التين والزيتون وهي بيت المقدس التي بعث اللّه فيها عيسى بن مريم عليه السلام، والثاني طور سينين وهو طور سيناء الذي كلم اللّه عليه موسى بن عمران، والثالث مكة وهو البلد الأمين الذي من دخله كان آمناً، وهو الذي أرسل فيه محمداً صلى اللّه عليه وسلم، قالوا: وفي آخر التوراة ذكر هذه الأماكن الثلاثة: جاء اللّه من طور سيناء - يعني الذي كلم اللّه عليه موسى بن عمران - وأشرق من ساعير - يعني جبل بيت المقدس الذي بعث اللّه منه عيسى - واستعلن من جبال فاران - يعني جبال مكة التي أرسل اللّه منها محمداً صلى اللّه عليه وسلم، فذكرهم مخبراً عنهم على الترتيب الوجودي، بحسب ترتيبهم في الزمان، ولهذا أقسم بالأشرف ثم الأشرف منه، ثم الأشرف منهما، وقوله تعالى: {لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم} هذا هو المقسم عليه، وهو أنه تعالى خلق الإنسان في أحسن صورة وشكل؛ منتصب القامة، سويّ الأعضاء حسنها. {ثم رددناه أسفل سافلين} أي إلى النار قاله مجاهد والحسن وأبو العالية وابن زيد أي بعد هذا الحسن والنضارة، مصيره إلى النار إن لم يطع اللّه ويتبع الرسل، ولهذا قال: {إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}، وقال بعضهم: {ثم رددناه أسفل سافلين} إلى أرذل العمر وروي هذا القول عن ابن عباس وعكرمة، حتى قال عكرمة: من جمع القرآن لم يردّ إلى أرذل العمر واختار ذلك ابن جرير، ولو كان هذا هو المراد لما حسن استثناء المؤمنين من ذلك، لأن الهرم قد يصيب بعضهم، وإنما المراد ما ذكرناه كقوله تعالى: {والعصر . إن الإنسان لفي خسر . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات}، وقوله: {فلهم أجر غير ممنون} أي غير مقطوع، ثم قال: {فما يكذبك} أي يا ابن آدم {بعدُ بالدين}؟ أي بالجزاء في المعاد، ولقد علمت البدأة وعرفت أن من قدر على البدأة فهو قادر على الرجعة بطريق الأولى، فأي شيء يحملك على التكذيب بالمعاد وقد عرفت هذا؟ روى ابن أبي حاتم عن منصور قال، قلت لمجاهد: {فما يكذبك بعد بالدين} عنى به رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟ قال: (معاذ اللّه) عنى به الإنسان ""أخرجه ابن أبي حاتم""، وقوله تعالى: {أليس اللّه بأحكم الحاكمين} أي أما هو أحكم الحاكمين الذي لا يجور ولا يظلم أحداً، ومن عدله أن يقيم القيامة فينتصف للمظلوم في الدنيا ممن ظلمه، وقد قدمنا في حديث أبي هريرة مرفوعاً: فإذا قرأ أحدكم والتين والزيتون فأتى على آخرها {أليس اللّه بأحكم الحاكمين} فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি