نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الضحى آية 3
مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَىٰ

التفسير الميسر أقسم الله بوقت الضحى، والمراد به النهار كله، وبالليل إذا سكن بالخلق واشتد ظلامه. ويقسم الله بما يشاء من مخلوقاته، أما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير خالقه، فإن القسم بغير الله شرك. ما تركك -أيها النبي- ربك، وما أبغضك بإبطاء الوحي عنك.

تفسير الجلالين
3 - (ما ودعك) تركك يا محمد (ربك وما قلى) أبغضك نزل هذا لما قال الكفار عند تأخر الوحي عنه خمسة عشر يوما إن ربه ودعه وقلاه

تفسير القرطبي
قوله تعالى {والضحى.
والليل إذا سجى} قد تقدم القول في {الضحى}، والمراد به النهار؛ لقوله {والليل إذا سجى} فقابله بالليل.
وفي سورة [الأعراف] {أفأمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا بياتا وهم نائمون.
أو أمن أهل القرى أن يأتيهم بأسنا ضحى وهم يلعبون}[الأعراف : 97] أي نهارا.
وقال قتادة ومقاتل وجعفر الصادق : أقسم بالضحى الذي كلم اللّه فيه موسى، وبليلة المعراج.
وقيل : هي الساعة التي خر فيها السحرة سجدا.
بيانه قوله تعالى {وأن يحشر الناس ضحى}[طه : 59].
وقال أهل المعاني فيه وفي أمثاله : فيه إضمار، مجازه ورب الضحى.
و{سجا} معناه : سكن؛ قال قتادة ومجاهد وابن زيد وعكرمة.
يقال : ليلة ساجية أي ساكنة.
ويقال للعين إذا سكن طرفها : ساجية.
يقال : سجا الليل يسجو سجوا : إذا سكن.
والبحر إذا سجا : سكن.
قال الأعشى : فما ذنبنا أن جاش بحر ابن عمكم ** وبحرك ساج ما يواري الدعامصا وقال الراجز : يا حبذا القمراء والليل الساج ** وطرق مثل ملاء النساج وقال جرير : ولقد رمينك يوم رحن بأعين ** ينظرن من خلل الستور سواجي وقال الضحاك {سجا} غطى كل شيء.
قال الأصمعي : سجو الليل : تغطيته النهار؛ مثلما يسجى الرجل بالثوب.
وقال الحسن : غشى بظلامه؛ وقال ابن عباس.
وعنه : إذا ذهب.
وعنه أيضا : إذا أظلم.
وقال سعيد بن جبير : أقبل؛ وروي عن قتادة أيضا.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد {سجا} استوى.
والقول الأول أشهر في اللغة {سجا} سكن؛ أي سكن الناس فيه.
كما يقال : نهار صائم، وليل قائم.
وقيل : سكونه استقرار ظلامه واستواؤه.
ويقال {والضحى.
والليل إذا سجا} : يعني عباده الذين يعبدونه في وقت الضحى، وعباده الذين يعبدونه بالليل إذا أظلم.
ويقال {الضحى} : يعني نور الجنة إذا تنور.
{والليل إذا سجا} : يعني ظلمة الليل إذا أظلم.
ويقال {والضحى} : يعني النور الذي في قلوب العارفين كهيئة النهار.
{والليل إذا سجا} : يعني السواد الذي في قلوب الكافرين كهيئة الليل؛ فأقسم اللّه عز وجل بهذه الأشياء.
قوله تعالى {ما ودعك ربك} هذا جواب القسم.
وكان جبريل عليه السلام أبطأ على النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال المشركون : قلاه اللّه وودعه؛ فنزلت الآية.
وقال ابن جريج : احتبس عنه الوحي اثني عشر يوما.
وقال ابن عباس : خمسة عشر يوما.
وقيل : خمسة وعشرين يوما.
وقال مقاتل : أربعين يوما.
فقال المشركون : إن محمدا ودعه ربه وقلاه، ولو كان أمره من اللّه لتابع عليه، كما كان يفعل بمن كان قبله من الأنبياء.
وفي البخاري عن جندب بن سفيان قال : اشتكى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فلم يقم ليلتين أو ثلاثا؛ فجاءت امرأة فقالت : يا محمد، إني لأرجو أن يكون شيطانك قد تركك، لم أره قربك منذ ليلتين أو ثلاث؛ فأنزل اللّه عز وجل {والضحى.
والليل إذا سجى.
ما ودعك ربك وما قلى}.
وفي الترمذي عن جندب البجلي قال : كنت مع النبي صلى اللّه عليه وسلم في غار فدميت إصبعه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : [هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل اللّه ما لقيت] قال : وأبطأ عليه جبريل فقال المشركون : قد ودع محمد؛ فأنزل اللّه تبارك وتعالى {ما ودعك ربك وما قلى}.
هذا حديث حسن صحيح.
لم يذكر الترمذي {فلم يقم ليلتين أو ثلاثا} أسقطه الترمذي.
وذكره البخاري، وهو أصح ما قيل في ذلك.
واللّه أعلم.
وقد ذكره الثعلبي أيضا عن جندب بن سفيان البجلي، قال : رُمي النبي صلى اللّه عليه وسلم في إصبعه بحجر، فدميت، فقال : [هل أنت إلا إصبع دميت، وفي سبيل اللّه ما لقيت] فمكث ليلتين أو ثلاثا لا يقوم الليل.
فقالت له أم جميل امرأة أبي لهب : ما أرى شيطانك إلا قد تركك، لم اره قربك منذ ليلتين أو ثلاث؛ فنزلت {والضحى}.
وروى عن أبي عمران الجوني، قال : أبطأ جبريل على النبي صلى اللّه عليه وسلم حتى شق عليه؛ فجاء وهو واضع جبهته على الكعبة يدعو؛ فنكت بين كتفيه، وأنزل عليه {ما ودعك ربك وما قلى}.
وقالت خولة - وكانت تخدم النبي صلى اللّه عليه وسلم - : إن جروا دخل البيت، فدخل تحت السرير فمات، فمكث نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم أياما لا ينزل عليه الوحي.
فقال : [يا خولة، ما حدث في بيتي؟ ما لجبريل لا يأتيني] قالت خولة فقلت : لو هيأت البيت وكنسته؛ فأهويت بالمكنسة تحت السرير، فإذا جرو ميت، فأخذته فألقيته خلف الجدار؛ فجاء نبي اللّه ترعد لحياه - وكان إذا نزل عليه الوحي استقبلته الرعدة - فقال : [يا خولة دثريني] فأنزل اللّه هذه السورة.
ولما نزل جبريل سأل النبي صلى اللّه عليه وسلم عن التأخر فقال : [أما علمت أنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة].
وقيل : لما سألته اليهود عن الروح وذي القرنين وأصحاب الكهف قال : [سأخبركم غدا].
ولم يقل إن شاء اللّه.
فاحتبس عنه الوحي، إلى أن نزل جبريل عليه بقوله {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله}[الكهف : 23] فأخبره بما سئل عنه.
وفي هذه القصة نزلت {ما ودعك ربك وما قلى}.
وقيل : إن المسلمين قالوا : يا رسول اللّه، مالك لا ينزل عليك الوحي؟ فقال : [وكيف ينزل علي وأنتم لا تنقون رواجبكم - وفي رواية براجمكم - ولا تقصون أظفاركم ولا تأخذون من شواربكم].
فنزل جبريل بهذه السورة؛ فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : [ما جئت حتى اشتقت إليك] فقال جبريل : [أنا كنت أشد إليك شوقا، ولكني عبد مأمور] ثم أنزل عليه {وما نتنزل إلا بأمر ربك}[مريم : 64].
{ودعك} بالتشديد : قراءة العامة، من التوديع، وذلك كتوديع المفارق.
وروي عن ابن عباس وابن الزبير أنهما قرآه {ودعك} بالتخفيف، ومعناه : تركك.
قال : وثم ودعنا آل عمرو وعامر ** فرائس أطراف المثقفة السمر واستعماله قليل.
يقال : هو يدع كذا، أي يتركه.
قال المبرد محمد بن يزيد : لا يكادون يقولون ودع ولا وذر، لضعف الواو إذا قدمت، واستغنوا عنها بترك.
قوله تعالى {وما قلى} أي ما أبغضك ربك منذ أحبك.
وترك الكاف، لأنه رأس آية.
والقلى : البغض؛ فإن فتحت القاف مددت؛ تقول : قلاه يقليه قلى وقلاء.
كما تقول : قريت الضيف أقريه قرى وقراء.
ويقلاه : لغة طيء.
وأنشد ثعلب : أيام أم الغمر لا نقلاها أي لا نبغضها.
ونقلي أي نبغض.
وقال : أسيئي بنا أو أحسني لا ملومة ** لدينا ولا مقلية إن تقلت وقال امرؤ القيس : ولست بمقلي الخلال ولا قال وتأويل الآية : ما ودعك ربك وما قلاك.
فترك الكاف لأنه رأس آية؛ كما قال عز وجل {والذاكرين الله كثيرا والذاكرات}[الأحزاب : 35] أي والذاكرات اللّه.

تفسير ابن كثير روى الإمام أحمد، عن جندب بن عبد اللّه قال: اشتكى النبي صلى اللّه عليه وسلم فلم يقم ليلة أو ليلتين، فأتت إمرأة فقالت: يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {والضحى والليل إذا سجى . ما ودعك ربك وما قلى} ""أخرجه الشيخان والترمذي والنسائي"". وفي رواية: أبطأ جبريل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال المشركون: ودع محمداً ربه، فأنزل اللّه تعالى: {والضحى والليل إذا سجى . ما ودعك ربك وما قلى}، وهذا قسم منه تعالى بالضحى وما جعل فيه من الضياء {والليل إذا سجى} أي سكن فأظلم وادلهم، وذلك دليل ظاهر على قدرته تعالى، كما قال تعالى: {والليل إذا يغشى . والنهار إذا تجلى}، وقال تعالى: {فالق الإصباح وجعل الليل سكناً والشمس والقمر حسباناً ذلك تقدير العزيز العليم}، وقوله تعالى: {ما ودعك ربك} أي ما تركك {وما قلى} أي وما أبغضك، {وللآخرة خير لك من الأولى} أي وللدار الآخرة خير لك من هذه الدار، ولهذا كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أزهد الناس في الدنيا وأعظمهم لها إطراحاً، كما هو معلوم بالضرورة من سيرته، ولما خيِّر عليه السلام في آخر عمره، بين الخلد في الدنيا إلى آخرها ثم الجنة، وبين الصيرورة إلى اللّه عزَّ وجلَّ، اختار ما عند اللّه على هذه الدنيا الدنية، روى الإمام أحمد، عن عبد اللّه بن مسعود قال: اضطجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على حصير فأثر في جنبه، فلما استيقظ جعلت أمسح جنبه، وقلت: يا رسول اللّه ألا آذنتنا حتى نبسط لك على الحصير شيئاً، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (مالي وللدنيا إنما مثلي ومثل الدنيا كراكب ظلّ تحت شجرة ثم راح وتركها) ""أخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة، وقال الترمذي: حسن صحيح"". وقوله تعالى: {ولسوف يعطيك ربك فترضى} أي في الدار الآخرة يعطيه حتى يرضيه في أُمته، وفيما أعده له من الكرامة، ومن جملته نهر الكوثر الذي حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف وطينه مسك أذفر كما سيأتي. وروي عن ابن عباس أنه قال: عرض على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ما هو مفتوح على أُمته من بعده كنزاً كنزاً فسّر بذلك، فأنزل اللّه {ولسوف يعطيك ربك فترضى} فأعطاه في الجنة ألف ألف قصر في كل قصر ما ينبغي له من الأزواج والخدم ""أخرجه ابن جرير، قال ابن كثير: إسناده صحيح، ومثل هذا لايقال إلا عن توقيف""، وقال السدي عن ابن عباس: من رضاء محمد صلى اللّه عليه وسلم ألا يدخل أحد من أهل بيته النار، قال الحسن: يعني بذلك الشفاعة، ثم قال تعالى يعدّد نعمه على عبده ورسوله محمد صلوات اللّه وسلامه عليه: {ألم يجدك يتيماً فآوى} وذلك أن أباه توفي وهو حمل في بطن أمه، ثم توفيت أمه آمنة بنت وهب وله من العمر ست سنين، ثم كان في كفالة جده عبد المطلب إلى أن توفي وله من العمر ثمان سنين، فكفله عمه أبو طالب، ثم لم يزل يحوطه وينصره ويرفع من قدره ويوقره ويكف عنه أذى قومه بعد أن ابتعثه اللّه على رأس أربعين سنة من عمره، هذا وأبو طالب على دين قومه من عبادة الأوثان، وكل ذلك بقدر اللّه وحسن تدبيره، إلى أن توفي أبو طالب قبل الهجرة بقليل، فأقدم عليه سفهاء قريش وجهالهم، فاختار اللّه له الهجرة من بين أظهرهم إلى بلد الأنصار من الأوس والخزرج، كما أجرى اللّه سنته على الوجه الأتم الأكمل، فلما وصل إليهم آووه ونصروه وحاطوه وقاتلوا بين يديه رضي اللّه عنهم أجمعين، وكل هذا من حفظ اللّه له وكلاءته وعنايته به. وقوله تعالى: {ووجدك ضالاً فهدى} كقوله: {وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان} الآية، ومنهم من قال: إن المراد بهذا أن النبي صلى اللّه عليه وسلم ضلّ في شعاب مكّة وهو صغير ثم رجع، وقيل: إنه ضل وهو مع عمه في طريق الشام وكان راكباً ناقة في الليل، فجاء إبليس فعدل بها عن الطريق، فجاء جبريل فنفخ إبليس نفخة ذهب منها إلى الحبشة، ثم عدل بالراحلة إلى الطريق، حكاه البغوي، وقوله تعالى: {ووجدك عائلاً فأغنى} أي كنت فقيراً ذا عيال فأغناك اللّه عمن سواه، فجمع له بين مقامي الفقير الصابر، والغني الشاكر، صلوات اللّه وسلامه عليه، وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس) ""أخرجه الشيخان"". وفي صحيح مسلم عن عبد اللّه بن عمرو قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (قد أفلح من أسلم ورزق كفافاً وقنعه اللّه بما آتاه) ""أخرجه مسلم"". ثم قال تعالى: {فأما اليتيم فلا تقهر} أي كما كنت يتيماً فآواك اللّه، فلا تقهر اليتيم، أي لا تذله وتنهره وتهنه، ولكن أحسن إليه وتلطف به، وقال قتادة: كن لليتيم كالأب الرحيم، {وأما السائل فلا تنهر} أي وكما كنت ضالاً فهداك اللّه، فلا تنهر السائل في العلم المسترشد، قال ابن إسحاق: {وأما السائل فلا تنهر} أي فلا تكن جباراً ولا متكبراً، ولا فحاشاً ولا فظاً على الضعفاء من عباد اللّه، وقال قتادة: يعني ردّ المسكين برحمة ولين، {وأما بنعمة ربك فحدث} أي وكما كنت عائلاً فقيراً فأغناك اللّه، فحدث بنعمة اللّه عليك، كما جاء في الدعاء المآثور: (واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك، قابليها وأتمها علينا). وعن أبي نضرة قال: كان المسلمون يرون أن من شكر النعم أن يحدث بها ""رواه ابن جرير""، وفي الصحيحين عن أنَس أن المهاجرين قالوا: يا رسول اللّه ذهب الأنصار بالأجر كله، قال: (لا، ما دعوتم اللّه لهم، وأثنيتم عليهم) ""أخرجه الشيخان""وروى أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (لا يشكر اللّه من لا يشكر الناس) ""أخرجه أبو داود والترمذي"". وقال مجاهد: يعني النبوة التي أعطاك ربك، وفي رواية عنه: القرآن، وقال الحسن بن علي: ما عملت من خير فحدّث إخوانك، وقال ابن اسحاق: ما جاءك من اللّه من نعمة وكرامة من النبوة، فحدث بها واذكرها وادع إليها.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি