نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الليل آية 20
إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَىٰ

التفسير الميسر وسيُزحزَح عنها شديد التقوى، الذي يبذل ماله ابتغاء المزيد من الخير. وليس إنفاقه ذاك مكافأة لمن أسدى إليه معروفا، لكنه يبتغي بذلك وجه ربه الأعلى ورضاه، ولسوف يعطيه الله في الجنة ما يرضى به.

تفسير الجلالين
20 - (إلا) لكن فعل ذلك (ابتغاء وجه ربه الأعلى) أي طلب ثواب الله

تفسير القرطبي
قوله تعالى {وما لأحد عنده من نعمة تجزى} أي ليس يتصدق ليجازي على نعمة، إنما يبتغي وجه ربه الأعلى، أي المتعالي {ولسوف يرضى} أي بالجزاء.
فروى عطاء والضحاك عن ابن عباس قال : عذب المشركون بلالا، وبلال يقول أحد أحد؛ فمر به النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال : [أحد - يعني اللّه تعالى - ينجيك] ثم قال لأبي بكر : [يا أبا بكر إن بلالا يعذب في اللّه] فعرف أبو بكر الذي يريد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فانصرف إلى منزله، فأخذ رطلا من ذهب، ومضى به إلى أمية بن خلف، فقال له : أتبيعني بلالا؟ قال : نعم؛ فاشتراه فأعتقه.
فقال المشركون : ما أعتقه أبو بكر إلا ليد كانت له عنده؛ فنزلت {وما لأحد عنده} أي عند أبي بكر {من نعمة}، أي من يد ومنة، {تجزى} بل {ابتغاء} بما فعل {وجه ربه الأعلى}.
وقيل : اشترى أبو بكر من أمية وأبي بن خلف بلالا، ببردة وعشر أواق، فأعتقه لله، فنزلت {إن سعيكم لشتى}[الليل : 4].
وقال سعيد بن المسيب : بلغني أن أمية بن خلف قال لأبي بكر حين قال له أبو بكر : أتبيعنيه؟ فقال : نعم، أبيعه بنسطاس، وكان نسطاس عبدا لأبي بكر، صاحب عشرة آلاف دينار وغلمان وجوار ومواش، وكان مشركا، فحمله أبو بكر على الإسلام، على أن يكون ماله، فأبىّ، فباعه أبو بكر به.
فقال المشركون : ما فعل أبو بكر ببلال هذا إلا ليد كانت لبلال عنده؛ فنزلت {وما لأحد عنده من نعمة تجزى.
إلا ابتغاء} أي لكن ابتغاء؛ فهو استثناء منقطع؛ فلذلك نصبت.
كقولك : ما في الدار أحد إلا حمارا.
ويجوز الرفع.
وقرأ يحيى بن وثاب {إلا ابتغاء وجه ربه} بالرفع، على لغة من يقول : يجوز الرفع في المستثنى.
وأنشد في اللغتين قول بشر بن أبي خازم : أضحت خلاء قفارا لا أنيس بها ** إلا الجاذر والظلمان تختلف وقول القائل : وبلدة ليس بها أنيس ** إلا اليعافير وإلا العيس وفي التنزيل {ما فعلوه إلا قليل منهم}[النساء : 66] وقد تقدم.
{وجه ربه الأعلى} أي مرضاته وما يقرب منه.
و{الأعلى} من نعت الرب الذي استحق صفات العلو.
ويجوز أن يكون {ابتغاء وجه ربه} مفعولا له على المعنى؛ لأن معنى الكلام : لا يؤتي ماله إلا ابتغاء وجه ربه، لا لمكافأة نعمته.
{ولسوف يرضى} أي سوف يعطيه في الجنة ما يرضي؛ وذلك أنه يعطيه أضعاف ما أنفق.
وروى أبو حيان التيمي عن أبيه عن علي رضي اللّه عنه، قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : [رحم اللّه أبا بكر زوجني ابنته، وحملني إلى دار الهجرة، وأعتق بلالا من ماله].
ولما اشتراه أبو بكر قال له بلال : هل اشتريتني لعملك أو لعمل اللّه؟ قال : بل لعمل اللّه قال : فذرني وعمل اللّه، فأعتقه.
وكان عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه يقول : أبو بكر سيدنا وأعتق سيدنا يعني بلالا رضي اللّه عنه.
وقال عطاء - وروى عن ابن عباس - : إن السورة نزلت في أبي الدحداح؛ في النخلة التي اشتراها بحائط له، فيما ذكر الثعلبي عن عطاء.
وقال القشيري عن ابن عباس : بأربعين نخلة؛ ولم يسم الرجل.
قال عطاء : كان لرجل من الأنصار نخلة، يسقط من بلحها في دار جار له، فيتناول صبيانه، فشكا ذلك إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم.
[تبيعها بنخلة في الجنة]؟ فأبى؛ فخرج فلقيه أبو الدحداح فقال : هل لك أن تبيعنيها بـ {حسنى} : حائط له.
فقال : هي لك.
فأتى أبو الدحداح إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقال : يا رسول اللّه، اشترها مني بنخلة في الجنة.
قال : [نعم، والذي نفسي بيده] فقال : هي لك يا رسول اللّه؛ فدعا النبي صلى اللّه عليه وسلم جار الأنصاري، فقال : [خذها] فنزلت {والليل إذا يغشى}[الليل : 1] إلى آخر السورة في بستان أبي الدحداح وصاحب النخلة.
{فأما من أعطى واتقى} يعني أبا الدحداح.
{وصدق بالحسنى} أي بالثواب.
{فسنيسره لليسرى} : يعني الجنة.
{وأما من بخل واستغنى} يعني الأنصاري.
{وكذب بالحسنى} أي بالثواب.
{فسنيسره للعسرى}، يعني جهنم.
{وما يغني عنه ماله إذا تردى} أي مات.
إلى قوله {لا يصلاها إلا الأشقى} يعني بذلك الخزرجي؛ وكان منافقا، فمات على نفاقه.
{وسيجنبها الأتقى} يعني أبا الدحداح.
{الذي يؤتي ماله يتزكى} في ثمن تلك النخلة.
{ما لأحد عنده من نعمة تجزى} يكافئه عليها؛ يعني أبا الدحداح.
{ولسوف يرضى} إذا أدخله اللّه الجنة.
والأكثر أن السورة نزلت في أبي بكر رضي اللّه عنه.
وروي ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وعبدالله بن الزبير وغيرهم.
وقد ذكرنا خبرا آخر لأبي الدحداح في سورة [البقرة] ، عند قوله {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا}[البقرة : 245].
واللّه تعالى أعلم.

تفسير ابن كثير قال قتادة {إن علينا للهدى}: أي نبيّن الحلال والحرام، وقال غيره: من سلك طريق الهدى وصل إلى اللّه، وجعله كقوله تعالى: {وعلى اللّه قصد السبيل}، وقوله تعالى: {وإن لنا للآخرة والأولى} أي الجميع ملكنا وأنا المتصرف فيهما، وقوله تعالى: {فأنذرتكم ناراً تلظى} قال مجاهد: أي توهج، وفي الحديث: (إن أهون أهل النار عذاباً يوم القيامة رجل توضع في أخمص قدميه جمرتان يغلي منهما دماغه( أخرجه البخاري. وفي رواية لمسلم: (إن أهون أهل النار عذاباً من له نعلان وشراكان من نار يغلي منهما دماغه كما يغلي المرجل ما يرى أن أحداً أشد منه عذاباً وإنه لأهونهم عذاباً) ""أخرجه مسلم عن النعمان بن بشير""، وقوله تعالى: {لا يصلاها إلا الأشقى} أي لا يدخلها إلا الأشقى، ثم فسره فقال: {الذي كذب} أي بقلبه {وتولى} أي عن العمل بجوارحه وأركانه، عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (لا يدخل النار إلا شقي)، قيل: ومن الشقي؟ قال: (الذي لا يعمل بطاعة، ولا يترك للّه معصية) ""أخرجه الإمام أحمد"". وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (كل أمتي تدخل الجنة يوم القيامة إلا من أبى)، قالوا: ومن يأبى يا رسول اللّه؟ قال: (من أطاعني دخل الجنة، ومن عصاني فقد أبى) ""أخرجه البخاري وأحمد عن أبي هريرة""، وقوله تعالى: {وسيجنبها الأتقى} أي وسيزحزح عن النار التقي النقي الأتقى، ثم فسره بقوله: {الذي يؤتي ماله يتزكى} أي يصرف ماله في طاعة ربه ليزكي نفسه {وما لأحد عنده من نعمة تجزى} أي ليس بذله في مكافأة من أسدى إليه معروفاً، وإنما دفعه ذلك {ابتغاء وجه ربه الأعلى} أي طمعاً في أن يحصل له رؤيته في الدار الآخرة في روضات الجنات، قال اللّه تعالى: {ولسوف يرضى} أي ولسوف يرضى من اتصف بهذه الصفات. وقد ذكر المفسرون أن هذه الآيات نزلت في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، حتى إن بعضهم حكى الإجماع على ذلك، ولا شك أنه داخل فيها وأولى الأمة بعمومها فإنه كان صدّيقاً تقياً، كريماً جواداً، بذالاً لأمواله في طاعة مولاه، ونصرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكان فضله وإحسانه على السادات والرؤساء من سائر القبائل، ولهذا قال له عروة بن مسعود وهو سيد ثقيف يوم صلح الحديبية: أما واللّه لولا يدٌ لك عندي لم أجزك بها لأجبتك، وكان الصدّيق قد أغلظ له في المقالة، فإذا كان هذا حاله مع سادات العرب ورؤساء القبائل فكيف بمن عداهم؟ ولهذا قال تعالى: {وما لأحد عنده من نعمة تجزى . إلا ابتغاء وجه ربه الأعلى . ولسوف يرضى}. وفي الصحيحين أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (من أعتق زوجين في سبيل اللّه، دعته خزنة الجنة يا عبد اللّه هذا خير)، فقال أبو بكر: يا رسول اللّه ما على من يدعى منها ضرورة، فهل يدعى منها كلها أحد؟ قال: (نعم وأرجو أن تكون منهم) ""أخرجه الشيخان"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি