نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة البلد آية 11
فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ

التفسير الميسر فهلا تجاوز مشقة الآخرة بإنفاق ماله، فيأمن.

تفسير الجلالين
11 - (فلا) فهلا (اقتحم العقبة) اجتازها

تفسير القرطبي
أي فهلا أنفق ماله الذي يزعم أنه أنفقه في عداوة محمد، هلا أنفقه لاقتحام العقبة فيأمن والاقتحام : الرمي بالنفس في شيء من غير روية؛ يقال منه : قحم في الأمر قحوما : أي رمى بنفسه فيه من غير روية.
وقحم الفرس فارسه.
تقحيما على وجهه : إذا رماه.
وتقحيم النفس في الشيء : إدخالها فيه من غير روية.
والقُحمة بالضم المهلكة، والسنة الشديدة.
يقال : أصابت الأعراب القُحمة : إذا أصابهم قحط، فدخلوا الريف.
والقُحم : صعاب الطريق.
وقال الفراء والزجاج : وذكر {لا} مرة واحدة، والعرب لا تكاد تفرد {لا} مع الفعل الماضي في مثل هذا الموضع، حتى يعيدوها في كلام آخر؛ كقوله تعالى {فلا صدق ولا صلى}[القيامة : 31] {ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون}.
وإنما أفردوها لدلالة آخر الكلام على معناه؛ فيجوز أن يكون قوله {ثم كان من الذين آمنوا}[البلد : 17] قائما مقام التكرير؛ كأنه قال : فلا اقتحم العقبة ولا آمن.
وقيل : هو جار مجرى الدعاء؛ كقوله : لا نجا ولا سلم.
وقال : معنى {فلا اقتحم العقبة} أي فلم يقتحم العقبة، كقول زهير : وكان طوى كشحا على مستكِنَّة ** فلا هو أبداها ولم يتقدم أي فلم يبدها ولم يتقدم.
وكذا قال المبرد وأبو علي {لا} : بمعنى لم.
وذكره البخاري عن مجاهد.
أي فلم يقتحم العقبة في الدنيا، فلا يحتاج إلى التكرير.
ثم فسر العقبة وركوبها فقال {فك رقبة} وكذا وكذا؛ فبين وجوها من القرب المالية.
وقال ابن زيد وجماعة من المفسرين : معنى الكلام الاستفهام الذي معناه الإنكار؛ تقديره : أفلا اقتحم العقبة؛ أو هلا اقتحم العقبة.
يقول : هلا أنفق ماله في فك الرقاب، وإطعام السغْبَان، ليجاوز به العقبة، فيكون خيرا له من إنفاقه في عداوة محمد صلى الله عليه وسلم.
ثم قيل : اقتحام العقبة ها هنا ضرب مثل، أي هل تحمل عظام الأمور فغي إنفاق ماله في طاعة ربه، والإيمان به.
وهذا إنما يليق بقول من حمل {فلا اقتحم العقبة} على الدعاء؛ أي فلا نجا ولا سلم من لم ينفق ماله في كذا وكذا.
وقيل : شبه عظم الذنوب وثقلها وشدتها بعقبة، فإذا أعتق رقبة وعمل صالحا، كان مثله كمثل من اقتحم العقبة، وهي الذنوب التي تضره وتؤذيه وتثقله.
قال ابن عمر : هذه العقبة جبل في جهنم.
وعن أبي رجاء قال : بلغنا أن العقبة مصعدها سبعة آلاف سنة، ومهبطها سبعة آلاف سنة.
وقال الحسن وقتادة : هي عقبة شديدة في النار دون الجسر، فاقتحموها بطاعة الله.
وقال مجاهد والضحاك والكلبي : هي الصراط يضرب على جهنم كحد السيف، مسيرة ثلاثة آلاف سنة، سهلا وصعودا وهبوطا.
واقتحامه على المؤمن كما بين صلاة العصر إلى العشاء.
وقيل : اقتحامه عليه قدر ما يصلي صلاة المكتوبة.
وروي عن أبي الدرداء أنه قال : إن وراءنا عقبة، أنجى الناس منها أخفهم حملا.
وقيل : النار نفسها هي العقبة.
فروى أبو رجاء عن الحسن قال : بلغنا أنه ما من مسلم يعتق رقبة إلا كانت فداءه من النار.
وعن عبدالله بن عمر قال : من أعتق رقبة أعتق الله عز وجل بكل عضو منها عضوا منه.
""وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة""، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال : [من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا من أعضائه من النار، حتى فرجه بفرجه].
وفي الترمذي عن أبي أمامة وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال : [أيما امرئ مسلم أعتق امرأ مسلما، كان فكاكه من النار، يجزي كل عضو منه عضوا منه، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة، كانت فكاكها من النار، يجزي كل عضو منها عضوا منها].
قال : هذا حديث حسن صحيح غريب.
وقيل : العقبة خلاصه من هول العر ض وقال قتادة وكعب : هي نار دون الجسر.
وقال الحسن : هي والله عقبة شديدة : مجاهدة الإنسان نفسه وهواه وعدوه الشيطان.
وأنشد بعضهم : إني بليت بأربع يرمينني ** بالنبل قد نصبوا علي شراكا إبليس والدنيا ونفسي والهوى ** من أين أرجو بينهن فكاكا يا رب ساعدني بعفو إنني ** أصبحت لا أرجو لهن سواكا

تفسير ابن كثير روى ابن جرير عن ابن عمر في قوله تعالى: {فلا اقتحم} أي دخل {العقبة} قال: جبل في جهنم، وقال كعب الأحبار: هو سبعون درجة في جهنم، وقال الحسن البصري: عقبة في جهنم، وقال قتادة: إنها عقبة قحمة شديدة فاقتحموها بطاعة اللّه تعالى، {وما أدراك ما العقبة}؟ ثم أخبر تعالى عن اقتحامها فقال: {فك رقبة . أو إطعام}، وقال ابن زيد: {فلا اقتحم العقبة} أي أفلا سلك الطريق التي فيها النجاة والخير، ثم بينها فقال تعالى: {وما أدراك ما العقبة . فك رقبة}، عن سعيد بن مرجانة عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللّه بكل إرب - أي عضو - منها إرباً منه من النار حتى إنه ليعتق باليد اليد، وبالرجل الرجل، وبالفرج الفرج)، فقال علي بن الحسين: أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ فقال سعيد: نعم، فقال علي بن الحسين لغلام له أفره غلمانه: ادع مطرفاً، فلما قام بين يديه، قال: اذهب فأنت حر لوجه اللّه) ""أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي والإمام أحمد"". وعند مسلم أن هذا الغلام الذي أعتقه علي بن الحسين زين العابدين كان قد أعطي فيه عشرة آلاف درهم، وعن عمرو بن عبسة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (من بنى مسجداً ليذكر اللّه فيه بنى اللّه له بيتاً في الجنة، ومن أعتق نفساً مسلمة كانت فديته من جهنم، ومن شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة) ""أخرجه أحمد"". وفي الحديث: (من ولد له ثلاثة أولاد في الإسلام فماتوا قبل أن يبلغوا الحنث أدخله اللّه الجنة بفضل رحمته إياهم، ومن شاب شيبة في سبيل اللّه كانت له نوراً يوم القيامة، ومن رمى بسهم في سبيل اللّه بلغ به العدو أصاب أو أخطأ كان له عتق رقبة، ومن أعتق رقبة مؤمنة أعتق اللّه بكل عضو منه عضواً منه من النار، ومن أعتق زوجين في سبيل اللّه فإن للجنة ثمانية أبواب يدخله اللّه من أي باب شاء منها) ""أخرجه أحمد أيضاً"". وهذه أسانيد جيدة قوية وللّه الحمد. وقوله تعالى: {أو إطعام في يوم ذي مسغبة} قال ابن عباس: ذي مجاعة وكذا قال عكرمة ومجاهد والضحّاك وقتادة وغيرهم والسغب: هو الجوع، وقال النخعي: في يوم الطعامُ فيه عزيز، وقال قتادة: في يوم مشتهى فيه الطعام، وقوله تعالى: {يتيماً} أي أطعم في مثل هذا اليوم يتيماً {ذا مقربة} أي ذا قرابة منه، كما جاء في الحديث الصحيح: (الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذي الرحم اثنتان، صدقة وصلة) ""أخرجه أحمد ورواه الترمذي والنسائي وإسناده صحيح"". وقوله تعالى: {أو مسكيناً ذا متربة} أي فقيراً مدقعاً لاصقاً بالتراب، وهو الدقعاء أيضاً، قال ابن عباس: ذا متربة هو المطروح في الطريق، الذي لا بيت له ولا شيء يقيه من التراب. وفي رواية: هو الذي لصق بالدقعاء من الفقر والحاجة ليس له شيء، وقال عكرمة: هو الفقير المدين المحتاج، وقال سعيد بن جبير: هو الذي لا أحد له، وقال قتادة: هو ذو العيال، وكل هذه قريبة المعنى، وقوله تعالى: {ثم كان من الذين آمنوا} أي ثم هو مع هذه الأوصاف الجميلة الطاهرة مؤمن بقلبه، محتسب ثواب ذلك عند اللّه عزَّ وجلَّ، كما قال تعالى: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكوراً}، وقوله تعالى: {وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة} أي كان من المؤمنين العاملين صالحاً، (المتواصين بالصبر على أذى الناس، وعلى الرحمة بهم)، كما جاء في الحديث: (الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء). وعن عبد اللّه بن عمرو يرويه قال: (من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا) ""أخرجه أبو داود""، وقوله تعالى: {أولئك أصحاب الميمنة} أي المتصفون بهذه الصفات من أصحاب اليمين، ثم قال: {والذين كفروا بآياتنا هم أصحاب المشأمة} أي أصحاب الشمال، {عليهم نار مؤصدة} أي مطبقة عليهم فلا محيد لهم عنها، ولا خروج لهم منها، قال أبو هريرة {مؤصدة} أي مطبقة، وقال ابن عباس: مغلقة الأبواب، وقال مجاهد: أصد الباب أي أغلقه، وقال الضحّاك: {مؤصدة} حيط لا باب له، وقال قتادة {مؤصدة}: مطبقة فلا ضوء فيها ولا فرج ولا خروج منها آخر الأبد، وقال أبو عمران الجوني: إذا كان يوم القيامة أمر اللّه بكل جبار وكل شيطان، وكل من كان يخاف الناس في الدنيا شره، فأوثقوا بالحديد، ثم أمر بهم إلى جهنم ثم أوصدوها عليهم أي أطبقوها، قال: فلا واللّه لا تستقر أقدامهم على قرار أبداً، ولا واللّه لا ينظرون فيها إلى أديم سماء أبداً، ولا واللّه لا تلتقي جفون أعينهم على غمض نوم أبداً، ولا واللّه لا يذوقون فيها بارد شراب أبداً ""أخرجه ابن أبي حاتم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি