نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة النساء آية 109
هَا أَنْتُمْ هَٰؤُلَاءِ جَادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَمَنْ يُجَادِلُ اللَّهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا

التفسير الميسر ها أنتم -أيها المؤمنون- قد حاججتم عن هؤلاء الخائنين لأنفسهم في هذه الحياة الدنيا، فمن يحاجج الله تعالى عنهم يوم البعث والحساب؟ ومن ذا الذي يكون على هؤلاء الخائنين وكيلا يوم القيامة؟

تفسير الجلالين
109 - (ها أنتم) يا (هؤلاء) خطاب لقوم طعمة (جادلتم) خاصمتم (عنهم) أي عن طعمة وذويه وقرئ {عنه} (في الحياة الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة) إذا عذبهم (أم من يكون عليهم وكيلا) يتولى أمرهم ويذب عنهم أي لا أحد يفعل ذلك

تفسير القرطبي
قال الضحاك : لما سرق الدرع اتخذ حفرة في بيته وجعل الدرع تحت التراب؛ فنزلت:{يستخفون من الناس ولا يستخفون من الله } يقول : لا يخفى مكان الدرع على الله {وهو معهم} أي رقيب حفيظ عليهم.
وقيل: {يستخفون من الناس} أي يستترون، كما قال تعالى: {ومن هو مستخف بالليل} [الرعد : 10] أي مستتر.
وقيل : يستحيون من الناس، وهذا لأن الاستحياء سبب الاستتار.
ومعنى {وهو معهم} أي بالعلم والرؤية والسمع، هذا قول أهل السنة.
وقالت الجهمية والقدرية والمعتزلة : هو بكل مكان، تمسكا بهذه الآية وما كان مثلها، قالوا : لما قال {وهو معهم} ثبت أنه بكل مكان، لأنه قد أثبت كونه معهم تعالى الله عن قولهم، فإن هذه صفة الأجسام والله تعالى متعال عن ذلك ألا ترى مناظرة بشر في قول الله عز وجل{ما يكون من نجوى ثلاثة إلا هو رابعهم} [المجادلة : 7] حين قال : هو بذاته في كل مكان فقال له خصمه : هو في قلنسوتك وفي حشوك وفي جوف حمارك.
تعالى الله عما يقولون ! حكى ذلك وكيع رضي الله عنه.
ومعنى {يبيتون} يقولون.
قال الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس.
{ما لا يرضى من القول} أي ما لا يرضاه الله لأهل طاعته.
"من القول" أي من الرأي والاعتقاد، كقولك : مذهب مالك الشافعي.
وقيل: "القول" بمعنى المقول؛ لأن نفس القول لا يبيت.
قوله تعالى: {ها أنتم هؤلاء} يريد قوم بشير السارق لما هربوا به وجادلوا عنه.
قال الزجاج: "هؤلاء" بمعنى الذين.
"جادلتم" حاججتم.
{في الدنيا فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة} استفهام معناه الإنكار والتوبيخ.
{أم من يكون عليهم وكيلا} الوكيل : القائم بتدبير الأمور، فالله تعالى قائم بتدبير خلقه.
والمعنى : لا أحد يقوم بأمرهم إذا أخذهم الله بعذابه وأدخلهم النار.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخاطباً لرسوله محمد صلى اللّه عليه وسلم : {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق} أي هو حق من اللّه وهو يتضمن الحق في خبره وطلبه، وقوله: {لتحكم بين الناس بما أراك اللّه} احتج به من ذهب من علماء الأصول إلى أنه كان صلى اللّه عليه وسلم له أن يحكم بالإجتهاد بهذه الآية وبما ثبت في الصحيحين عن أم سلمة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم سمع جلبة خصم بباب حجرته فخرج إليهم فقال: (ألا إنما أنا بشر وإنما أقضي بنحو مما أسمع ولعل أحدكم أن يكون ألحن بحجته من بعض فأقضي له، فمن قضيت له بحق مسلم فإنما هي قطعة من النار فليحملها أو ليذرها) وقال الإمام أحمد عن أم سلمة قالت: جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست ليس عندهما بيِّنه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ( إنكم تختصمون إليّ وإنما أنا بشر، ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجته من بعض، وإنما أقضي بينكم على نحو مما أسمع، فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه فإنما أقطع له قطعة من النار يأتي بها انتظاماً في عنقه يوم القيامة) فبكى الرجلان وقال كل منهما: حقي لأخي، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم (أما إذا قلتما فاذهبا فاقتسما، ثم توخيا الحق بينكما ثم استهما، ثم ليحلل كل منكما صاحبه) وقد روى ابن مردويه عن ابن عباس: أن نفراً من الأنصار غزوا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في بعض غزواته فسرقت درع لأحدهم فأظن بها رجل من الأنصار فأتى صاحب الدرع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: {إن طعمة بن أبيرق سرق درعي، فلما رأى السارق ذلك عمد إليها فألقاها في بيت رجل بريء وقال لنفر من عشيرته: إني غيَّبتُ الدرع وألقيتها في بيت فلان وستوجد عنده، فانطلقوا إلى نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم ليلاً فقالوا: يا نبي اللّه إن صاحبنا بريء وإن صاحب الدرع فلان وقد أحطنا بذلك علماً فاعذر صاحبنا على رؤوس الناس وجادل عنه، فإنه إن لم يعصمه اللّه بك يهلك، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فبرأه وعذره على رؤوس الناس فأنزل اللّه : {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك اللّه ولا تكن للخائنين خصيماً}. ثم قال تعالى للذين أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستخفين بالكذب: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من اللّه} يعني الذين أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستخفين يجادلون عن الخائنين ثم قال عزَّ وجل: {ومن يعمل سوءاً أو يظلم نفسه} الآية يعني الذين أتوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مستخفين بالكذب، ثم قال: {ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً} يعني السارق والذين جادلوا عن السارق. وقد روى هذه القصة الترمذي وابن جرير عن قتادة بن النعمان رضي اللّه عنه قال: كان أهل بيت منا يقال لهم بنو أبيرق بشر وبشير ومبشر، وكان بشير رجلاً منافقاً يقول الشعر يهجو به أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم يمحله لبعض العرب، ثم يقول: قال فلان كذا وكذا، وقال فلان كذا وكذا، فإذا سمع أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ذلك الشعر قالوا: واللّه ما يقول هذا الشعر إلا هذا الرجل الخبيث - أو كما قال الرجل - وقالوا: ابن الأبيرق قالها، قالوا: وكانوا أهل بيت حاجة وفاقة في الجاهلية والإسلام، وكان الناس إنما طعامهم بالمدينة التمر والشعير، وكان الرجل إذا كان له يسار فقدمت ضافطة المكارون الذين ينقلون التجارة من بلد إلى بلد من الشام من الدرمك الدقيق الابيض ابتاع الرجل منها فخص بها نفسه، أما العيال فإنما طعامهم التمر والشعير فقدمت ضافطة من الشام فابتاع عمي رفاعة بن زيد حملاً من الدرمك فجعله في مشربة له، وفي المشربة سلاح ودرع وسيف، فعدي عليه من تحت البيت فنقبت المشربة وأخذ الطعام والسلاح. فلما أصبح أتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي إنه قد عدي علينا في ليلتنا هذه فنقبت مشربتنا فذهب بطعامنا وسلاحنا، قال فتحسسنا في الدار وسألنا فقيل لنا: قد رأينا بني أبيرق استوقدوا في هذه الليلة ولا نرى فيما نرى إلا على بعض طعامكم قال: وكان بنو أبيرق قالوا - ونحن نسأل في الدار - واللّه ما نرى صاحبكم إلا لبيد بن سهل رجلاً منا له صلاح وإسلام، فلما سمع لبيد اخترط سيفه، وقال: أنا أسرق!؟ واللّه ليخالطنكم هذا السيف، أو لتبينُنَّ هذه السرقة، قالو: إليك عنا أيها الرجل فما أنت بصاحبها، فسألنا في الدار حتى لم نشك أنهم أصحابها، فقال لي عمي: يا ابن أخي لو أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فذكرت ذلك له قال قتادة: فأتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقلت: إن أهل بيت منا أهل جفاء عمدوا إلى عمي رفاعة بن زيد فنقبوا مشربة له، أخذوا سلاحه وطعامه، فليردوا علينا سلاحنا، فأما الطعام فلا حاجة لنا فيه، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم ( سآمر في ذلك) فلما سمع بذلك بنو أبيرق أتوا رجلاً منهم يقال له أسيد بن عروة فكلموه في ذلك، فاجتمع في ذلك أناس من أهل الدار، فقالوا: يا رسول اللّه إن قتادة بن النعمان وعمه عمدا إلى أهل بيت منا أهل إسلام وصلاح يرمونهم بالسرقة من غير بينه ولا ثبت، قال قتادة: فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فكلمته فقال: (عمدت إلى أهل بيت ذكر منهم إسلام وصلاح ترميهم بالسرقة على غير ثبت ولا بينة)، قال: فرجعت ولوددت أني خرجت من بعض مالي ولم أكلم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في ذلك، فأتاني عمي رفاعة فقال: يا ابن أخي ما صنعت؟ فأخبرته بما قال لي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: اللّه المستعان، فلم نلبث أن نزل القرآن: {إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك اللّه ولا تكن للخائنين خصيماً} يعني بني أبيرق {واستغفر اللّه} أي مما قلت لقتادة {إن اللّه كان غفوراً رحيماً، ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم - إلى قوله - رحيماً} أي لو استغفروا اللّه لغفر لهم {ومن يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه - إلى قوله - إثماً مبيناً} قوله للبيد: {ولولا فضل اللّه عليك ورحمته - إلى قوله - فسوف نؤتيه أجراً عظيماً} فلما نزل القرآن أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالسلاح فرده إلى رفاعة، فقال قتادة: لما أتيت عمي بالسلاح وكان شيخاً قد عمي أو عشي في الجاهلية وكنت أرى إسلامه مدخولاً فلما أتيته بالسلاح قال: يا ابن أخي هي في سبيل اللّه فعرفت أن إسلامه كان صحيحاً، فلما نزل القرآن لحق بشير بالمشركين فنزل على سلافة بنت سعد بن سمية فأنزل اللّه تعالى: {ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيراً، إن اللّه لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ومن يشرك باللّه فقد ضل ضلالاً بعيداً} فلما نزل على سلافة بنت سعد هجاها حسان بن ثابت بأبيات من شعر فأخذت رحله فوضعته على رأسها ثم خرجت به فرمته في الأبطح، ثم قالت: أهديت لي شعر حسان ما كنت تأتيني بخير ""رواه الترمذي وابن جرير من حديث قتادة بن النعمان"" وقوله تعالى: {يستخفون من الناس ولا يستخفون من اللّه} الآية، هذا إنكار على المنافقين في كونهم يستخفون بقبائحهم من الناس لئلا ينكروا عليهم، ويجاهرون اللّه بها مع أنه مطلع على سرائرهم وعالم بما في ضمائرهم ولهذا قال: {وهو معهم إذ يبيتون ما لا يرضى من القول وكان اللّه بما يعملون محيطاً} تهديد لهم ووعيد، ثم قال تعالى: وها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا} الآية، أي هب أن هؤلاء انتصروا في الدنيا بما أبدوه أو أبدى لهم عند الحكام الذين يحكمون بالظاهر وهم متعبدون بذلك، فماذا يكون صنيعهم يوم القيامة بين يدي اللّه تعالى الذي يعلم السر وأخفى؟ ومن ذا الذي يتوكل لهم يومئذ يوم القيامة في ترويج دعواهم؟ أي لا أحد يومئذ يكون لهم وكيلاً، ولهذا قال: {أم من يكون عليهم وكيلاً}؟. .

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি