نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الأعلى آية 14
قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّىٰ

التفسير الميسر قد فاز مَن طهر نفسه من الأخلاق السيئة، وذكر الله، فوحَّده ودعاه وعمل بما يرضيه، وأقام الصلاة في أوقاتها؛ ابتغاء رضوان الله وامتثالا لشرعه.

تفسير الجلالين
14 - (قد أفلح) فاز (من تزكى) تطهر بالإيمان

تفسير القرطبي
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى {قد أفلح} أي قد صادف البقاء في الجنة؛ أي من تطهر من الشرك بإيمان؛ قاله ابن عباس وعطاء وعكرمة.
وقال الحسن والربيع : من كان عمله زاكيا ناميا.
وقال معمر عن قتادة {تزكى} قال بعمل صالح.
وعنه وعن عطاء وأبي عالية : نزلت في صدقة الفطر.
وعن ابن سيرين {قد أفلح من تزكى.
وذكر اسم ربه فصلى} قال : خرج فصلى بعدما أدى.
وقال عكرمة : كان الرجل يقول أقدم زكاتي بين يدي صلاتي.
فقال سفيان : قال اللّه تعالى {قد أفلح من تزكى.
وذكر اسم ربه فصلى}.
وروي عن أبي سعيد الخدري وابن عمر : أن ذلك في صدقة الفطر، وصلاة العيد.
وكذلك قال أبو العالية، وقال : إن أهل المدينة لا يرون صدقة أفضل منها، ومن سقاية الماء.
وروى كثير بن عبدالله عن أبيه عن جده، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم في قوله تعالى {قد أفلح من تزكى} قال : [أخرج زكاة الفطر]، {وذكر اسم ربه فصلى} قال : [صلاة العيد].
وقال ابن عباس والضحاك {وذكر اسم ربه} في طريق المصلى {فصلى} صلاة العيد.
وقيل : المراد بالآية زكاة الأموال كلها؛ قال أبو الأحوص وعطاء.
وروى ابن جريج قال : قلت لعطاء {قد أفلح من تزكى} للفطر؟ قال : هي للصدقات كلها.
وقيل : هي زكاة الأعمال، لا زكاة الأموال، أي تطهر في أعماله من الرياء والتقصير؛ لأن الأكثر أن يقال في المال : زكى، لا تزكى.
وروى جابر بن عبدالله قال : قال النبي صلى اللّه عليه وسلم : [{قد أفلح من تزكى} أي من شهد أن لا إله إلا اللّه، وخلع الأنداد، وشهد أني رسول اللّه].
وعن ابن عباس {تزكى} قال : لا إله إلا اللّه.
وروى عنه عطاء قال : نزلت في عثمان بن عفان رضي اللّه عنه.
قال : كان بالمدينة منافق كانت له نخلة بالمدينة، مائلة في دار رجل من الأنصار، إذا هبت الرياح أسقطت البسر والرطب إلى دار الأنصاري، فيأكل هو وعياله، فخاصمه المنافق؛ فشكا ذلك إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأرسل إلى المنافق وهو لا يعلم نفاقه، فقال : [إن أخاك الأنصاري ذكر أن بسرك ورطبك يقع إلى منزل، فيأكل هو وعياله، فهل لك أن أعطيك نخلة في الجنة بدلها]؟ فقال : أبيع عاجلا بآجل لا أفعل.
فذكروا أن عثمان بن عفان أعطاه حائطا من نخل بدل نخلته؛ ففيه نزلت {قد أفلح من تزكى}.
ونزلت في المنافق {ويتجنبها الأشقى}.
وذكر الضحاك أنها نزلت في أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه.
ثانيا: وقد ذكرنا القول في زكاة الفطر في سورة البقرة مستوفى.
وقد تقدم أن هذه السورة مكية؛ في قول الجمهور، ولم يكن بمكة عيد ولا زكاة فطر.
القشيري : ولا يبعد أن يكون أثنى على من يمتثل أمره في صدقة الفطر وصلاة العيد، فيما يأمر به في المستقبل.
الثالثة: قوله تعالى {وذكر اسم ربه فصلى} أي ذكر ربه.
وروى عطاء عن ابن عباس قال : يريد ذكر معاده وموقفه بين يدي اللّه جل ثناؤه، فعبده وصلى له.
وقيل : ذكر اسم ربه بالتكبير في أول الصلاة، لأنها لا تنعقد إلا بذكره؛ وهو قوله : اللّه أكبر : وبه يحتج على وجوب تكبيرة الافتتاح، وعلى أنها ليست من الصلاة؛ لأن الصلاة معطوفة عليها.
وفيه حجة لمن قال : إن الافتتاح جائز بكل اسم من أسماء اللّه عز وجل.
وهذه مسألة خلافية بين الفقهاء.
وقد مضى القول في هذا في أول سورة [البقرة] .
وقيل : هي تكبيرات العيد.
قال الضحاك {وذكر اسم ربه} في طريق المصلى {فصلى}؛ أي صلاة العيد.
وقيل {وذكر اسم ربه} وهو أن يذكره بقلبه عند صلاته، فيخاف عقابه، ويرجو ثوابه؛ ليكون استيفاؤه لها، وخشوعه فيها، بحسب خوفه ورجائه.
وقيل : هو أن يفتتح أول كل سورة ببسم اللّه الرحمن الرحيم.
{فصلى} أي فصلى وذكر.
ولا فرق بين أن تقول : أكرمتني فزرتني، وبين أن تقول : زرتني فأكرمتني.
قال ابن عباس : هذا في الصلاة المفروضة، وهي الصلوات الخمس.
وقيل : الدعاء؛ أي دعاء اللّه بحوائج الدنيا والآخرة.
وقيل : صلاة العيد؛ قال أبو سعيد الخدري وابن عمر وغيرهما.
وقد تقدم.
وقيل : هو أن يتطوع بصلاة بعد زكاته؛ قال أبو الأحوص، وهو مقتضى قول عطاء.
وروي عن عبدالله قال : من أقام الصلاة ولم يؤت الزكاة فلا صلاة له.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {قد أفلح من تزكى} أي طهر نفسه من الأخلاق الرذيلة، واتبع ما أنزل اللّه على الرسول صلوات اللّه وسلامه عليه، {وذكر اسم ربه فصلى} أي أقام الصلاة في أوقاتها ابتغاء رضوان اللّه وامتثالاً لشرع اللّه، روي عن جابر بن عبد اللّه يرفعه {قد أفلح من تزكى} قال: من شهد أن لا إله إلا اللّه، وخلع الأنداد، وشهد أني رسول اللّه {وذكر اسم ربه فصلى} قال: (هي الصلوات الخمس والمحافظة عليها والاهتمام بها) ""أخرجه الحافظ البزار"". وكذا قال ابن عباس أن المراد بذلك الصلوات الخمس، واختاره ابن جرير، وعن عمر بن عبد العزيز أنه كان يأمر الناس بإخراج صدقة الفطر، ويتلو هذه الآية: {قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى}، وقال قتادة في هذه الآية: {قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى} زكى ماله وأرضى خالقه، ثم قال تعالى: {بل تؤثرون الحياة الدنيا} أي تقدمونها على أمر الآخرة، وتبدّونها على ما فيه نفعكم وصلاحكم في معاشكم ومعادكم، {والآخرة خير وأبقى} أي ثواب اللّه في الدار الآخرة، خير من الدنيا وأبقى، فإن الدنيا دانية فانية، والآخرة شريفة باقية، فكيف يؤثر عاقل ما يفنى على ما يبقى، ويهتم بما يزول عنه قريباً ويترك الاهتمام بدار البقاء والخلد؟ وقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(الدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له) ""أخرجه أحمد عن عائشة مرفوعاً"" عن عجرفة الثقفي قال: استقرأت ابن مسعود: {سبح اسم ربك الأعلى} فلما بلغ {بل تؤثرون الحياة الدنيا} ترك القراءة وأقبل على أصحابه وقال: آثرنا الدنيا على الآخرة، فسكت القوم، فقال: آثرنا الدنيا لأنا رأينا زينتها ونساءها وطعامها وشرابها، وزويت عنا الآخرة، فاخترنا هذا العاجل وتركنا الآجل، وهذا منه على وجه التواضع والهضم، وفي الحديث: (من أحب دنياه أضر بآخرته، ومن أحب آخرته أضر بدنياه فآثروا ما يبقى على ما يفنى) ""أخرجه أحمد عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً""، وقوله تعالى: {إن هذا لفي الصحف الأولى . صحف ابراهيم وموسى} كقوله في سورة النجم: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفى . ألا تزر وازرة وزر أُخْرَى . وأن ليس للإنسان إلا ما سعى . وأن سعيه سوف يرى . ثم يجزاه الجزاء الأوفى . وأن إلى ربك المنتهى} الآيات إلى آخرهن؛ وهكذا قال عكرمة في قوله تعالى: {إن هذا لفي الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى} يقول: الآيات التي في {سبح اسم ربك الأعلى}، وقال أبو العالية: قصة هذه السورة في الصحف الأولى، واختار ابن جرير أن المراد بقوله: {إنّ هذا} إشارة إلى قوله: {قد أفلح من تزكى . وذكر اسم ربه فصلى . بل تؤثرون الحياة الدنيا . والآخرة خير وأبقى}، ثم قال تعالى: {إن هذا} أي مضمون الكلام {لفي الصحف الأولى . صحف إبراهيم وموسى} وهذا الذي اختاره حسن قوي، وقد روي عن قتادة وابن زيد نحوه، واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি