نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الطارق آية 5
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ

التفسير الميسر فلينظر الإنسان المنكر للبعث مِمَّ خُلِقَ؟ ليعلم أن إعادة خلق الإنسان ليست أصعب من خلقه أوّلا خلق من منيٍّ منصبٍّ بسرعة في الرحم، يخرج من بين صلب الرجل وصدر المرأة. إن الذي خلق الإنسان من هذا الماء لَقادر على رجعه إلى الحياة بعد الموت.

تفسير الجلالين
5 - (فلينظر الإنسان) نظر اعتبار (مم خلق) من أي شيء

تفسير القرطبي
قوله تعالى {فلينظر الإنسان} أي ابن آدم {مم خلق} وجه الاتصال بما قبله توصية الإنسان بالنظر في أول أمره، وسنته الأولى، حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه؛ فيعمل ليوم الإعادة والجزاء، ولا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبة أمره.
و{مم خلق}؟ استفهام؛ أي من أي شيء خلق؟ ثم قال {خلق} وهو جواب الاستفهام {من ماء دافق} أي من المني.
والدفق : صب الماء، دفقت الماء أدفقه دفقا : صببته، فهو ماء دافق، أي مدفوق، كما قالوا : سر كاتم : أي مكتوم؛ لأنه من قولك : دفق الماء، على ما لم يسم فاعله.
ولا يقال : دفق الماء.
ويقال : دفق اللّه روحه : إذا دعي عليه بالموت.
قال الفراء والأخفش {من ماء دافق} أي مصبوب في الرحم، الزجاج : من ماء ذي اندفاق.
يقال : دارع وفارس ونابل؛ أي ذو فرس، ودرع، ونبل.
وهذا مذهب سيبويه.
فالدافق هو المندفق بشدة قوته.
وأراد ماءين : ماء الرجل وماء المرأة؛ لأن الإنسان مخلوق منهما، لكن جعلهما ماء واحدا لامتزاجهما.
وعن عكرمة عن ابن عباس {دافق} لزج.
{يخرج} أي هذا الماء {من بين الصلب} أي الظهر.
وفيه لغات أربع : صلب، وصلب - وقرئ بهما - وصلب بفتح اللام، وصالب على وزن قالب؛ ومنه قول العباس : تنقل من صالب إلى رحم {والترائب} أي الصدر، الواحدة : تريبة؛ وهي موضع القلادة من الصدر.
قال : مهفهفة بيضاء غير مفاضة ** ترائبها مصقولة كالسجنجل والصلب من الرجل، والترائب من المرأة.
قال ابن عباس : الترائب : موضع القلادة.
وعنه : ما بين ثدييها؛ وقال عكرمة.
وروي عنه : يعني ترائب المرأة : اليدين والرجلين والعينين؛ وبه قال الضحاك.
وقال سعيد بن جبير : هو الجيد.
مجاهد : هو ما بين المنكبين والصدر عنه : الصدر.
وعنه : التراقي.
وعن ابن جبير عن ابن عباس : الترائب : أربع أضلاع من هذا الجانب.
وحكى الزجاج : أن الترائب أربع أضلاع من يمنة الصدر، وأربع أضلاع من يسرة الصدر.
وقال معمر بن أبي حبيبة المدني : الترائب عصارة القلب؛ ومنها يكون الولد.
والمشهور من كلام العرب : أنها عظام الصدر والنحر.
وقال دريد بن الصمة : فإن تدبروا نأخذكم في ظهوركم ** وإن تقبلوا نأخذكم في الترائب وقال آخر : وبدت كأن ترائبا من نحرها ** جمر الغضى في ساعد تتوقد وقال آخر : والزعفران على ترائبها ** شرق به اللبات والنحر وعن عكرمة : الترائب : الصدر؛ ثم أنشد : نظام در على ترائبها وقال ذو الرمة : ضرجن البرود عن ترائب حرة أي شققن.
ويروي {ضرحن} بالخاء، أي ألقين.
وفي الصحاح : والتربية : واحدة الترائب، وهي عظام الصدر؛ ما بين الترقوة والثندوة.
قال الشاعر : أشرف ثدياها على التريب وقال المثقب العبدي : ومن ذهب يسن على تريب ** كلون العاج ليس بذي غضون [عن غير الجوهري : الثندوة للرجل : بمنزلة الثدي للمرأة.
وقال الأصمعي : مغرز الثدي.
وقال ابن السكيت : هي اللحم الذي حول الثدي؛ إذا ضممت أولها همزت، وإذا فتحت لم تهمز].
وفي التفسير : يخلق من ماء الرجل الذي يخرج من صلبه العظم والعصب.
ومن ماء المرأة الذي يخرج من ترائبها اللحم والدم؛ وقال الأعمش.
وقد تقدم مرفوعا في أول سورة [آل عمران] .
والحمد لله - وفي [الحجرات] {إنا خلقناكم من ذكر وأنثى}[الحجرات : 31] وقد تقدم.
وقيل : إن ماء الرجل ينزل من الدماغ، ثم يجتمع في الأنثيين.
وهذا لا يعارض قوله {من بين الصلب}؛ لأنه إن نزل من الدماغ، فإنما يمر بين الصلب والترائب.
وقال قتادة : المعنى ويخرج من صلب الرجل وترائب المرأة.
وحكى الفراء أن مثل هذا يأتي عن العرب؛ وعليه فيكون معنى من بين الصلب : من الصلب.
وقال الحسن : المعنى : يخرج من صلب الرجل وترائب الرجل، ومن صلب المرأة وترائب المرأة.
ثم إنا نعلم أن النطفة من جميع أجزاء البدن؛ ولذلك يشبه الرجل والديه كثيرا.
وهذه الحكمة في غسل جميع الجسد من خروج المني.
وأيضا المكثر من الجماع يجد وجعا في ظهره وصلبه؛ وليس ذلك إلا لخلو صلبه عما كان محتبسا من الماء.
وروى إسماعيل عن أهل مكة {يخرج من بين الصلُب} بضم اللام.
ورويت عن عيسى الثقفي.
حكاه المهدوي وقال : من جعل المني يخرج من بين صلب الرجل وترائبه، فالضمير في {يخرج} للماء.
ومن جعله من بين صلب الرجل وترائب المرأة، فالضمير للإنسان.
وقرئ {الصلب}، بفتح الصاد واللام.
وفيه أربع لغات : صلب وصلب وصلب وصالب.
قال العجاج : في صلب مثل العنان المؤدم وفي مدح النبي صلى اللّه عليه وسلم : تنقل من صالب إلى رحم الأبيات مشهورة معروفة.
{إنه} أي إن اللّه جل ثناؤه {على رجعه} أي على رد الماء في الإحليل، {لقادر} كذا قال مجاهد والضحاك.
وعنهما أيضا أن المعنى : إنه على رد الماء في الصلب؛ وقال عكرمة.
وعن الضحاك أيضا أن المعنى : إنه على رد الإنسان ماء كما كان لقادر.
وعنه أيضا أن المعنى : إنه على رد الإنسان من الكبر إلى الشباب، ومن الشباب إلى الكبر، لقادر.
وكذا في المهدوي.
وفي الماوردي والثعلبي : إلى الصبا، ومن الصبا إلى النطفة.
وقال ابن زيد : إنه على حبس ذلك الماء حتى لا يخرج، لقادر.
وقال ابن عباس وقتادة والحسن وعكرمة أيضا : إنه على رد الإنسان بعد الموت لقادر.
وهو اختيار الطبري.
الثعلبي : وهو الأقوى؛ لقوله تعالى {يوم تبلى السرائر}[الطارق : 9] قال الماوردي : ويحتمل أنه على أن يعيده إلى الدنيا بعد بعثه في الآخرة؛ لأن الكفار يسألون اللّه تعالى فيها الرجعة.

تفسير ابن كثير يقسم تبارك وتعالى بالسماء، وما جعل فيها من الكواكب النيرة، ولهذا قال تعالى: {والسماء والطارق}، ثم قال: {وما أدراك ما الطارق}، ثم فسَّره بقوله: {النجم الثاقب}. قال قتادة وغيره: إنما سمي النجم طارقاً لأنه يرى بالليل ويختفي بالنهار، ويؤيده ما جاء في الحديث: (إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمن). وقوله تعالى: {الثاقب} قال ابن عباس: المضيء، وقال السدي: يثقب الشياطين إذا أرسل عليها، وقال عكرمة: هو مضيء ومحرق للشيطان، وقوله تعالى: {إن كل نفس لّما عليها حافظ} أي كل نفس عليها من اللّه حافظ يحرسها من الآفات، كما قال تعالى: {له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر اللّه}، وقوله تعالى: {فلينظر الإنسان مم خلق} تنبيه للإنسان على ضعف أصله الذي خلق منه، وإرشاد له إلى الاعتراف بالمعاد، لأن من قدر على البداءة، فهو قادر على الإعادة بطريق الأولى، كما قال تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}، وقوله تعالى: {خلق من ماء دافق} يعني المني يخرج دفقاً من الرجل ومن المرأة، فيتولد منهما الولد بإذن اللّه عزَّ وجلَّ، ولهذا قال: {يخرج من بين الصلب والترائب} يعني صلب الرجل وترائب المرأة وهو صدرها وقال ابن عباس: صلب الرجل وترائب المرأة أصفر رقيق لا يكون الولد إلا منهما، وعنه قال: هذه الترائب ووضع يده على صدره، وعن مجاهد: الترائب ما بين المنكبين إلى الصدر، وعنه أيضاً: الترائب أسفل من التراقي، وقال الثوري: فوق الثديين، وقال قتادة: {يخرج من بين الصلب والترائب} من بين صلبه ونحره، وقوله تعالى: {إنه على رجعه لقادر} فيه قولان: أحدهما: على رجع هذا الماء الدافق إلى مقره الذي خرج منه لقادر على ذلك، قاله مجاهد وعكرمة وغيرهما. الثاني: إنه على رجع هذا الإنسان المخلوق من ماء دافق، أي إعادته وبعثه إلى الدار الآخرة لقادر، قال الضحّاك واختاره ابن جرير، ولهذا قال تعالى: {يوم تبلى السرائر} أي يوم القيامة تبلى فيه السرائر أي تظهر وتبدو، ويبقى السر علانية والمكنون مشهوراً، وقوله تعالى: {فماله} أي الإنسان يوم القيامة {من قوة} أي في نفسه، {ولا ناصر} أي من خارج منه، أي لا يقدر على أن ينقذ نفسه من عذاب اللّه، ولا يستطيع له أحد ذلك.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি