نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة النساء آية 99
فَأُولَٰئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ ۚ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا

التفسير الميسر فهؤلاء الضعفاء هم الذين يُرجى لهم من الله تعالى العفو؛ لعلمه تعالى بحقيقة أمرهم. وكان الله عفوًا غفورًا.

تفسير الجلالين
99 - (فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا)

تفسير القرطبي
المراد بها جماعة من أهل مكة كانوا قد أسلموا وأظهروا للنبي صلى الله عليه وسلم الإيمان به، فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم أقاموا مع قومهم وفتن منهم جماعة فافتتنوا، فلما كان أمر بدر خرج منهم قوم مع الكفار؛ فنزلت الآية.
وقيل : إنهم لما استحقروا عدد المسلمين دخلهم شك في دينهم فارتدوا فقتلوا على الردة؛ فقال المسلمون : كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا على الخروج فاستغفروا لهم؛ فنزلت الآية.
والأول أصح.
روى البخاري عن محمد بن عبد الرحمن قال : قطع على أهل المدينة بعث فاكتتبت فيه فلقيت عكرمة مولى ابن عباس فأخبرته فنهاني عن ذلك أشد النهي، ثم قال : أخبرني ابن عباس أن ناسا من المسلمين كانوا مع المشركين يكثرون سواد المشركين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي السهم فيرمى به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب فيقتل؛ فأنزل الله تعالى: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم}.
قوله تعالى: {توفاهم الملائكة} يحتمل أن يكون فعلا ماضيا لم يستند بعلامة تأنيث، إذ تأنيث لفظ الملائكة غير حقيقي، ويحتمل أن يكون فعلا مستقبلا على معنى تتوفاهم؛ فحذفت إحدى التاءين.
وحكى ابن فورك عن الحسن أن المعنى تحشرهم إلى النار.
وقيل : تقبض أرواحهم؛ وهو أظهر.
وقيل : المراد بالملائكة ملك الموت؛ لقوله تعالى{قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} [السجدة : 11].
و {ظالمي أنفسهم} نصب على الحال؛ أي في حال ظلمهم أنفسهم، والمراد ظالمين أنفسهم فحذف النون استخفافا وأضاف؛ كما قال تعالى: {هديا بالغ الكعبة} [المائدة : 95].
وقول الملائكة {فيم كنتم} سؤال تقريع وتوبيخ، أي أكنتم في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أم كنتم مشركين ! وقول هؤلاء: {كنا مستضعفين في الأرض} يعني مكة، اعتذار غير صحيح؛ إذ كانوا يستطيعون الحيل ويهتدون السبيل، ثم وقفتهم الملائكة على دينهم بقولهم {ألم تكن أرض الله واسعة}.
ويفيد هذا السؤال والجواب أنهم ماتوا مسلمين ظالمين لأنفسهم في تركهم الهجرة، وإلا فلو ماتوا كافرين لم يقل لهم شيء من هذا، وإنما أضرب عن ذكرهم في الصحابة لشدة ما واقعوه، ولعدم تعين أحدهم بالإيمان، واحتمال ردته.
والله أعلم.
ثم استثنى تعالى منهم من الضمير الذي هو الهاء والميم في {مأواهم} من كان مستضعفا حقيقة من زمنى الرجال وضعفة النساء والولدان؛ كعياش بن أبي ربيعة وسلمة بن هشام وغيرهم الذين دعا لهم الرسول صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عباس : كنت أنا وأمي ممن عنى الله بهذه الآية؛ وذلك أنه كان من الولدان إذ ذاك، وأمه هي أم الفضل بنت الحارث واسمها لبابة، وهي أخت ميمونة، وأختها الأخرى لبابة الصغرى، وهن تسع أخوات قال النبي صلى الله عليه وسلم فيهن : (الأخوات مؤمنات ) ومنهن سلمى والعصماء وحفيدة ويقال في حفيدة : أم حفيد، واسمها هزيلة.
هن ست شقائق وثلاث لأم؛ وهن سلمى، وسلامة، وأسماء.
بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبي طالب، ثم امرأة أبي بكر الصديق، ثم امرأة علي رضى الله عنهم أجمعين.
قوله تعالى: {فيم كنتم} سؤال توبيخ، وقد تقدم.
والأصل "فيما" ثم حذفت الألف فرقا بين الاستفهام والخبر، والوقف عليها (فيمه ) لئلا تحذف الألف والحركة.
والمراد بقوله: {ألم تكن أرض الله واسعة} المدينة؛ أي ألم تكونوا متمكنين قادرين على الهجرة والتباعد ممن كان يستضعفكم ! وفي هذه الآية دليل على هجران الأرض التي يعمل فيها بالمعاصي.
وقال سعيد بن جبير : إذا عمل بالمعاصي في أرض فاخرج منها؛ وتلا {ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها}.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا استوجب الجنة وكان رفيق إبراهيم ومحمد عليهما السلام ).
{فأولئك مأواهم جهنم} أي مثواهم النار.
وكانت الهجرة واجبة على كل من أسلم.
{وساءت مصيرا} نصب على التفسير.
وقوله تعالى: {لا يستطيعون حيلة} الحيلة لفظ عام لأنواع أسباب التخلص.
والسبيل سبيل المدينة؛ فيما ذكر مجاهد والسدي وغيرهما، والصواب أنه عام في جميع السبل.
وقوله تعالى: {فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم} هذا الذي لا حيلة له في الهجرة لا ذنب له حتى يعفى عنه؛ ولكن المعنى أنه قد يتوهم أنه يجب تحمل غاية المشقة في الهجرة، حتى أن من لم يتحمل تلك المشقة يعاقب فأزال الله ذلك الوهم؛ إذ لا يجب تحمل غاية المشقة، بل كان يجوز ترك الهجرة عند فقد الزاد والراحلة.
فمعنى الآية؛ فأولئك لا يستقصى عليهم في المحاسبة؛ ولهذا قال: {وكان الله عفوا غفورا} والماضي والمستقبل في حقه تعالى واحد، وقد تقدم.

تفسير ابن كثير عن ابن عباس أن ناساً من المسلمين كانوا مع المشركين، يكثرون سوادهم على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يأتي السهم يرمي به فيصيب أحدهم فيقتله أو يضرب عنقه فيقتل، فأنزل اللّه : {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} ""رواه البخاري""وقال ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان قوم من أهل مكة أسلموا وكانوا يستخفون بالإسلام، فأخرجهم المشركون يوم بدر معهم فأصيب بعضهم، قال المسلمون: كان أصحابنا هؤلاء مسلمين وأكرهوا فاستغفروا لهم فنزلت {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} الآية، قال: فكتب إلى من بقي من المسلمين بهذه الآية لا عذر لهم. قال: فخرجوا فلقيهم المشركون فأعطوهم التقية فنزلت هذه الآية: {ومن الناس من يقول آمنا باللّه} ""أخرجه ابن أبي حاتم""الآية، قال الضحاك: نزلت في ناس من المنافقين تخلفوا عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمكة وخرجوا مع المشركين يوم بدر فأصيبوا فيمن أصيب، فنزلت هذه الآية الكريمة عامة في كل من أقام بين ظهراني المشركين وهو قادر على الهجرة وليس متمكناً من إقامة الدين فهو ظالم لنفسه مرتكب حراماً بالإجماع، وبنص هذه الآية حيث يقول تعالى: {إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم} أي بترك الهجرة {قالوا فيم كنتم} أي لم مكثتم ها هنا وتركتم الهجرة؟ {قالوا كنا مستضعفين في الأرض} أي لا نقدر على الخروج من البلد، ولا الذهاب في الأرض {قالوا ألم تكن أرض اللّه واسعة} الآية، وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (من جامع المشرك وسكن معه فإنه مثله) ""أخرجه أبو داود في السنن"" وقوله تعالى: {إلا المستضعفين} إلى آخر الآية، هذا عذر من اللّه لهؤلاء في ترك الهجرة وذلك أنهم لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق، ولهذا قال: {لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً} قال مجاهد: يعني طريقاً، وقوله تعالى: {فأولئك عسى اللّه أن يعفو عنهم} أي يتجاوز اللّه عنهم بترك الهجرة، و عسى من اللّه موجبة {وكان اللّه عفواً غفوراً} قال البخاري عن أبي هريرة قال: بينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يصلي العشاء إذ قال: سمع اللّه لمن حمده؛ ثم قال قبل أن يسجد: (اللهم أنج عياش بن أبي ربيعة، اللهم أنج سلمة بن هشام، اللهم أنج الوليد بن الوليد اللهم أنج المستضعفين من المؤمنين، اللهم اشدد وطأتك على مضر، اللهم اجعلها سنين كسني يوسف}، وقال البخاري عن ابن عباس: {إلا المستضعفين} قال: كنت أنا وأمي ممن عذر اللّه عزَّ وجلَّ. وقوله تعالى: {ومن يهاجر في سبيل اللّه يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة} وهذا تحريض على الهجرة، وترغيب في مفارقة المشركين وأن المؤمن حيثما ذهب وجد عنهم مندوحة وملجأ يتحصن فيه، والمراغم مصدر تقول العرب: راغم فلان قومه مراغماً ومراغمة، قال النابغة ابن جعدة: كطود يلاذ بأركانه ** عزيز المراغم والمهرب وقال ابن عباس: المراغم التحول من أرض إلى أرض، وقال مجاهد {مراغماً كثيراً} يعني: متزحزحاً عما يكره، والظاهر واللّه أعلم أنه المنع الذي يتخلص به ويراغم به الأعداء، قوله: {وسعة} يعني الرزق قاله غير واحد منهم قتادة حيث قال في قوله {يجد في الأرض مراغماً كثيراً وسعة} أي من الضلالة إلى الهدى، ومن القلة إلى الغنى. وقوله تعالى: {ومن يخرج من بيته مهاجراً إلى اللّه ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على اللّه} أي ومن يخرج من منزله بنية الهجرة فمات في أثناء الطريق فقد حصل له عند اللّه ثواب من هاجر كما ثبت في الصحيحين عن عمر بن الخطاب قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (إنما الاعمال بالنيات وإنما لكل امرىء ما نوى، فمن كانت هجرته إلى اللّه ورسوله فهجرته إلى اللّه ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو امرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه) وهذا عام في الهجرة وفي جميع الأعمال، ومنه الحديث الثابت في الصحيحين في الرجل الذي قتل تسع و تسعين نفساً، ثم أكمل بذلك العابد المائة ثم سأل عالماً هل له من توبة، فقال له: ومن يحول بينك وبين التوبة؟ ثم أرشده إلى أن يتحول من بلده إلى بلد أخرى يعبد اللّه فيه، فلما ارتحل من بلده مهاجراً إلى البلد الأخرى أدركه الموت في أثناء الطريق فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقال هؤلاء إنه جاء تائباً، وقال هؤلاء: إنه لم يصل بعد، فأمروا أن يقيسوا ما بين الأرضين فإلى أيهما كان أقرب فهو منها، فأمر اللّه هذه أن تقترب من هذه، وهذه أن تبعد فوجدوه أقرب إلى الأرض التي هاجر إليها بشبر، فقبضته ملائكة الرحمة. قال الإمام أحمد عن عبد اللّه بن عتيك قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (من خرج من بيته مجاهداً في سبيل اللّه، فخرَّ عن دابته فقد وقع أجره على اللّه، أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على اللّه، أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على اللّه ) وقال ابن أبي حاتم عن عكرمة عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما قال: خرج ضمرة بن جندب إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فمات في الطريق قبل أن يصل إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فنزلت الآية، وقال الحافظ أبو يعلى عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (من خرج حاجاً فمات كتب له أجر الحاج إلى يوم القيامة، ومن خرج معتمراً فمات كتب له أجر المعتمر إلى يوم القيامة، ومن خرج غازياً في سبيل اللّه فمات كتب له أجر الغازي إلى يوم القيامة)

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি