نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة البروج آية 2
وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ

التفسير الميسر أقسم الله تعالى بالسماء ذات المنازل التي تمر بها الشمس والقمر، وبيوم القيامة الذي وعد الله الخلق أن يجمعهم فيه، وشاهد يشهد، ومشهود يشهد عليه. ويقسم الله- سبحانه- بما يشاء من مخلوقاته، أما المخلوق فلا يجوز له أن يقسم بغير الله، فإن القسم بغير الله شرك. لُعن الذين شَقُّوا في الأرض شقًا عظيمًا؛ لتعذيب المؤمنين، وأوقدوا النار الشديدة ذات الوَقود، إذ هم قعود على الأخدود ملازمون له، وهم على ما يفعلون بالمؤمنين من تنكيل وتعذيب حضورٌ. وما أخذوهم بمثل هذا العقاب الشديد إلا أن كانوا مؤمنين بالله العزيز الذي لا يغالَب، الحميد في أقواله وأفعاله وأوصافه، الذي له ملك السماوات والأرض، وهو- سبحانه- على كل شيء شهيد، لا يخفى عليه شيء.

تفسير الجلالين
2 - (واليوم الموعود) يوم القيامة

تفسير القرطبي
قوله تعالى {واليوم الموعود} أي الموعود به.
وهو قسم آخر، وهو يوم القيامة؛ من غير اختلاف بين أهل التأويل.
قال ابن عباس : وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه.
{وشاهد ومشهود} اختلف فيهما؛ فقال علي وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة رضي الله عنهم : الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة.
وهو قول الحسن.
ورواه أبو هريرة مرفوعا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اليوم الموعود يوم القيامة واليوم المشهود يوم عرفة والشاهد يوم الجمعة.
.
.
)""خرجه أبو عيسى الترمذي في جامعه، وقال : هذا حديت حسن غريب، لا نعرفه إلا من حديث موسى بن عبيدة، وموسى بن عبيدة يضعف في الحديث، ضعفه يحيى بن سعيد وغيره"" وقد روى شعبة وسفيان الثوري وغير واحد من الأئمة عنه.
قال القشيري فيوم الجمعة يشهد على كل عامل بما عمل فيه.
قلت : وكذلك سائر الأيام والليالي؛ فكل يوم شاهد، وكذا كل ليلة؛ ودليله ما رواه أبو نعيم الحافظ عن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (ليس من يوم يأتي على العبد إلا ينادي فيه : يا ابن آدم، أنا خلق جديد، وأنا فيما تعمل عليك شهيد، فاعمل في خيرا أشهد لك به غد، فإني لو قد مضيت لم ترني أبدا، ويقول الليل مثل ذلك).
حديث غريب من حديث معاوية، تفرد به عنه زيد العمري، ولا أعلمه مرفوعا.
عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد.
وحكى القشيري عن ابن عمر وابن الزبير أن الشاهد يوم الأضحى.
وقال سعيد بن المسيب : الشاهد : التروية، والمشهود : يوم عرفة.
وروى إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه : الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم النحر.
وقاله النخعي.
وعن علي أيضا : المشهود يوم عرفة.
وقال ابن عباس والحسين بن علي رضي الله عنهما : المشهود يوم القيامة؛ لقوله تعالى {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود}[هود : 103].
قلت : وعلى هذا اختلفت أقوال العلماء في الشاهد، فقيل : الله تعالى؛ عن ابن عباس والحسن وسعيد - بن جبير؛ بيانه {وكفى بالله شهيدا}[النساء : 79]، {قل أي شيء أكبر شهادة؟ قل الله شهيد بيني وبينكم}[الأنعام : 19].
وقيل : محمد صلى الله عليه وسلم؛ عن ابن عباس أيضا والحسين ابن علي؛ وقرأ ابن عباس {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا}[النساء : 41]، وقرأ الحسين {يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا}[الأحزاب : 45].
قلت : وأقرأ أنا {ويكون الرسول عليكم شهيدا}.
وقيل : الأنبياء يشهدون على أممهم؛ لقوله تعالى {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد}[النساء : 41].
وقيل : آدم.
وقيل : عيسى بن مريم؛ لقوله {وكنت عليهم شهيدا ما دمت فيهم}[المائدة : 117].
والمشهود : أمته.
وعن ابن عباس أيضا ومحمد بن كعب : الشاهد الإنسان؛ دليله {كفى بنفسك اليوم عليك حسيبا}[الإسراء : 14].
مقاتل : أعضاؤه؛ بيانه {يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون}[النور : 24].
الحسين بن الفضل : الشاهد هذه الأمة، والمشهود سائر الأمم؛ بيانه {وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس}[البقرة : 143].
وقيل : الشاهد : الحفظة، والمشهود : بنو آدم.
وقيل : الليالي والأيام.
وقد بيناه.
قلت : وقد يشهد المال على صاحبه، والأرض بما عمل عليها؛ ففي صحيح مسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن هذا المال خضر حلو، ونعم صاحب المسلم هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل - أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - وإنه من يأخذه بغير حقه كان كالذي يأكل ولا يشبع ويكون عليه شهيدا يوم القيامة).
وفي الترمذي عن أبي هريرة قال : قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {يومئذ تحدث أخبارها}[الزلزلة : 4] قال : (أتدرون ما أخبارها)؟ قالوا : الله ورسوله أعلم.
قال : (فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد أو أمة بما عمل على ظهرها، تقول عمل يوم كذا كذا كذا وكذا.
قال : فهذه أخبارها).
قال حديث حسن غريب صحيح.
وقيل : الشاهد الخلق، شهدوا لله عز وجل بالوحدانية.
والمشهود له بالتوحيد هو الله تعالى.
وقيل : المشهود يوم الجمعة؛ كما روى أبو الدرداء قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أكثروا علي من الصلاة يوم الجمعة فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة.
.
.
) وذكر الحديث.
""خرجه ابن ماجه وغيره"".
قلت : فعلى هذا يوم عرفة مشهود، لأن الملائكة تشهده، وتنزل فيه بالرحمة.
وكذا يوم النحر إن شاء الله.
وقال أبو بكر العطار : الشاهد الحجر الأسود؛ يشهد لمن لمسه بصدق وإخلاص ويقين.
والمشهود الحاج.
وقيل : الشاهد الأنبياء، والمشهود محمد صلى الله عليه وسلم؛ بيانه {وإذا أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة} إلى قوله تعالى {وأنا معكم من الشاهدين}[آل عمران : 81].

تفسير ابن كثير يقسم تعالى بالسماء وبروجها وهي النجوم العظام، قال ابن عباس: البروج النجوم، وقال يحيى بن رافع: البروج قصور في السماء، وقال المنهال بن عمرو: {والسماء ذات البروج} الخلق الحسن، واختار ابن جرير أنها منازل الشمس والقمر، وهي اثنا عشر برجاً تسير الشمس في كل واحد منها شهراً، ويسير القمر في كل واحد منها يومين وثلثا، فذلك ثمانية وعشرون منزلة ويستسر ليلتين، وقوله تعالى: {واليوم الموعود وشاهد ومشهود} اختلف المفسرون في ذلك فروي عن أبي هريرة مرفوعاً {واليوم الموعود} يوم القيامة، {شاهد} يوم الجمعة، {مشهود} يوم عرفة ""أخرجه ابن أبي حاتم، والأشبه أنه موقوف على أبي هريرة"". روى الإمام أحمد، عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية {وشاهد ومشهود} قال: الشاهد يوم الجمعة، والمشهود يوم عرفة، والموعود يوم القيامة ""أخرجه أحمد"". وعن سعيد بن المسيب أنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن سيد الأيام يوم الجمعة، وهو الشاهد، والمشهود يوم عرفة) ""هذا من مراسيل سعيد بن المسيب"". ورى ابن جرير عن ابن عباس قال: الشاهد هو محمد صلى اللّه عليه وسلم، والمشهود يوم القيامة. ثم قرأ: {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود} ""أخرجه ابن جرير"". وسأل رجل الحسن بن علي عن {وشاهد ومشهود} فقال: سألت أحداً قبلي؟ قال: نعم، سألت ابن عمرو وابن الزبير فقالا: يوم الذبح ويوم الجمعة، فقال: لا، ولكن الشاهد محمد صلى اللّه عليه وسلم، ثم قرأ: {فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيداً} والمشهود يوم القيامة، ثم قرأ: {ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود} ""أخرجه ابن جرير أيضاً""وهكذا قال الحسن البصري، وقال مجاهد والضحّاك: الشاهد ابن آدم، والمشهود يوم القيامة؛ وعن عكرمة: الشاهد محمد صلى اللّه عليه وسلم، والمشهود يوم الجمعة، وقال ابن عباس: الشاهد اللّه، والمشهود يوم القيامة، وقال ابن أبي حاتم عن مجاهد عن ابن عباس {وشاهد ومشهود} قال: الشاهد الإنسان، والمشهود يوم الجمعة ""أخرجه ابن أبي حاتم""، وقال ابن جرير، عن ابن عباس: {وشاهد ومشهود} الشاهد يوم عرفة، والمشهود يوم القيامة، قال ابن جرير: وقال آخرون: {المشهود} يوم الجمعة، لحديث أبي الدرداء قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أكثروا من الصلاة يوم الجمعة، فإنه يوم مشهود تشهده الملائكة) ""أخرجه ابن جرير""، وعن سعيد بن جبير: الشاهد اللّه، وتلا: {وكفى باللّه شهيداً} والمشهود نحن ""حكاه البغوي""، وقال الأكثرون على أن الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة. وقوله تعالى: {قتل أصحاب الأُخْدُود} أي لعن أصحاب الأُخدود، وجمعه أخاديد وهي الحفر في الأرض، وهذا خبر عن قوم من الكفار عمدوا إلى من عندهم من المؤمنين باللّه عزَّ وجلَّ فقهروهم، وأرادوهم أن يرجعوا عن دينهم فأبوا عليهم، فحفروا لهم في الأرض أُخدوداً، وأججوا فيه ناراً، وأعدوا لها وقوداً يسعرونها به، ثم أرادوهم فلم يقبلوا منهم، فقذفوهم فيها، ولهذا قال اللّه تعالى: {قتل أصحاب الأخدود . النار ذات الوقود . إذ هم عليها قعود . وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود} أي مشاهدون لما يفعل بأولئك المؤمنين. قال اللّه تعالى: {وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد} أي وما كان لهم ذنب إلا إيمانهم باللّه {العزيز} الذي لا يضام من لاذ بجنابه، {الحميد} في جميع أقواله وأفعاله وشرعه وقدره، ثم قال تعالى: {الذي له ملك السماوات والأرض} من تمام الصفة أنه المالك لجميع السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما، {واللّه على كل شيء شهيد} أي لا يغيب عنه شيء في جميع السماوات والأرض، ولا تخفى عليه خافية، وقد اختلف أهل التفسير في أهل هذه القصة من هم؟ فعن علي أنهم أهل فارس، حين أراد ملكهم تحليل تزويج المحارم فامتنع عليه علماؤهم، فعمد إلى حفر أُخدود فقذف فيه من أنكر عليه منهم، واستمر فيهم تحليل المحارم إلى اليوم. وعن ابن عباس قال: ناس من بني إسرائيل خدوا أُخدوداً في الأرض، ثم أوقدوا فيه ناراً، ثم أقاموا على ذلك الأخدود رجالاً ونساء، فعرضوا عليها، وزعموا أنه دانيال وأصحابه، وقيل غير ذلك. وقد روى الإمام أحمد: حدثنا عفان، حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب الرومي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (كان فيمن كان قبلكم ملك، وكان له ساحر، فلما كبر الساحر قال للملك: إني قد كبر سني وحضر أجلي، فادفع إليّ غلاماً لأعلمه السحر، فدفع إليه غلاماً كان يعلمه السحر، وكان بين الساحر وبين الملك راهب، فأتى الغلام على الراهب، فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، وكان إذا أتى الساحر ضربه، وقال: ما حبسك؟ وإذا أتى أهله ضربوه، وقالوا ما حبسك؟ فشكا ذلك إلى الراهب، فقال: إذا أراد الساحر أن يضربك فقل: حبسني أهلي، وإذا أراد أهلك أن يضربوك فقل: حبسني الساحر، قال: فبينما ذات يوم إذ أتى على دابة فظيعة عظيمة قد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال: اليوم أعلم: أمر الراهب أحب إلى اللّه أم أمر الساحر؟ قال، فأخذ حجراً، فقال: اللهم إن كان أمر الراهب أحب إليك وأرضى من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس، ورماها فقتلها، ومضى الناس، فأخبر الراهب بذلك، فقال: أي بني أنت أفضل مني، وإنك ستبتلى، فإن ابتليت فلا تدلّ عليّ، فكان الغلام يبرئ الأكمه والأبرص وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان للملك جليس، فعمي، فسمع به، فأتاه بهدايا كثيرة فقال: اشفني ولك ما ههنا أجمع، فقال: ما أنا أشفي أحداً، إنما يشفي اللّه عزَّ وجلَّ، فإن آمنت به دعوت اللّه فشفاك، فآمن فدعا اللّه فشفاه، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال الملك: يا فلان من رد عليك بصرك؟ فقال: ربي؟ فقال: أنا! قال: لا، ربي وربك اللّه، قال: ولك رب غيري؟ قال: نعم، ربي وربك اللّه، فلم يزل يعذبه حتى دل على الغلام، فبعث إليه فقال: أي بني بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمه والأبرص وهذه الأدواء؟ قال: ما أشفي أحداً إنما يشفي اللّه عزَّ وجلَّ. قال: أنا؟ قال: لا، قال: أولك رب غيري؟ قال: ربي وربك اللّه، فأخذه أيضاً بالعذاب، فلم يزل به حتى دل على الراهب، فأتى بالراهب، فقال: ارجع عن دينك، فأبى فوضع المنشار في مفرق رأسه حتى وقع شقاه، وقال للأعمى: ارجع عن دينك فأبى، فوضع المنشار في مفرق رأسه، حتى وقع شقاه إلى الأرض، وقال للغلام: ارجع عن دينك فأبى، فبعث به مع نفر إلى جبل كذا وكذا، وقال: إذا بلغتم ذروته فإن رجع عن دينه وإلا فدُهدهوه، فذهبوا به فلما علوا به الجبل قال: اللهم اكفنيهم بما شئت، فرجف بهم الجبل، فدهدهوا أجمعون، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم اللّه تعالى، فبعث به مع نفر في قرقور، فقال: إذا لججتم به البحر، فإن رجع عن دينه وإلا فغرقوه في البحر، فلججوا به البحر، فقال الغلام: اللهم اكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعون، وجاء الغلام حتى دخل على الملك، فقال: ما فعل أصحابك؟ فقال: كفانيهم اللّه تعالى، ثم قال للملك: إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك به، فإن أنت فعلت ما آمرك به قتلتني، وإلا فإنك لا تستطيع قتلي، قال: وما هو، قال: تجمع الناس في صعيد واحد، ثم تصلبني على جذع، وتأخذ سهماً من كنانتي، ثم قل: باسم اللّه رب الغلام، فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني، ففعل ووضع السهم في كبد قوسه، ثم رماه وقال: باسم اللّه رب الغلام، فوقع السهم في صدغه فوضع الغلام يده على موضع السهم، ومات، فقال الناس: آمنا برب الغلام. فقيل للملك: أرأيت ما كنت تحذر؟ فقد واللّه نزل بك؛ قد آمن الناس كلهم، فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخاديد، وأضرمت فيها النيران، وقال: من رجع عن دينه فدعوه وإلا فأقحموه فيها، قال: فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه، فكأنها تقاعست أن تقع في النار، فقال الصبي: اصبري يا أُماه فإنك على الحق ""أخرجه أحمد ورواه مسلم والنسائي بنحوه"". وروى ابن أبي حاتم، عن الربيع بن أنس في قوله تعالى: {قتل أصحاب الأخدود} قال: سمعنا أنهم كانوا قوماً في زمان الفترة، فلما رأوا ما وقع في الناس من الفتنة والشر، وصاروا أحزاباً كل حزب بما لديهم فرحون، اعتزلوا إلى قرية سكنوها وأقاموا على عبادة اللّه مخلصين له الدين، فكان هذا أمرهم حتى سمع بهم جبار من الجبارين وحدث حديثهم فأرسل إليهم، فأمرهم أن يعبدوا الأوثان التي اتخذوا وأنهم أبو عليه كلهم، وقالوا: لا نعبد إلا اللّه وحده لا شريك له، فقال لهم: إن لم تعبدوا هذه الآلهة التي عبدت فإني قاتلكم، فأبوا عليه، فخد أخدوداً من نار، وقال لهم الجبار بعد أن وقفهم عليها، اختاروا هذه أو الذي نحن فيه، فقالوا: هذه أحب إلينا وفيهم نساء وذرية، ففزعت الذرية، فقالوا لهم - أي آباؤهم: لا نار من بعد اليوم، فوقعوا فيها، فقبضت أرواحهم من قبل أن يمسهم حرها، وخرجت النار من مكانها فأحاطت بالجبارين، فأحرقهم اللّه بها، ففي ذلك أنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {قتل أصحاب الأخدود . النار ذات الوقود . إذ هم عليها قعود . وهم على ما يفعلون بالمؤمنين شهود . وما نقموا منهم إلا أن يؤمنوا باللّه العزيز الحميد . الذي له ملك السماوات والأرض والله على كل شيء شهيد} ""أخرجه ابن أبي حاتم، وروى محمد بن إسحاق قصة أصحاب الأخدود بسياق آخر وأنها كانت مع عبد اللّه بن التامر وأصحابه المؤمنين في نجران، واللّه أعلم""، وقوله تعالى: {إن الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات} أي حرقوا، قاله ابن عباس ومجاهد {ثم لم يتوبوا} أي لم يقلعوا عما فعلوا ويندموا على ما أسلفوا {فلهم عذاب جهنم ولهم عذاب الحريق} وذلك أن الجزاء من جنس العمل، قال الحسن البصري: انظروا إلى هذا الكرم والجود قتلوا أولياءه وهو يدعوهم إلى التوبة والمغفرة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি