نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الانشقاق آية 14
إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ

التفسير الميسر وأمَّا مَن أُعطي صحيفة أعماله من وراء ظهره، وهو الكافر بالله، فسوف يدعو بالهلاك والثبور، ويدخل النار مقاسيًا حرها. إنه كان في أهله في الدنيا مسرورًا مغرورًا، لا يفكر في العواقب، إنه ظنَّ أن لن يرجع إلى خالقه حيا للحساب. بلى سيعيده الله كما بدأه ويجازيه على أعماله، إن ربه كان به بصيرًا عليمًا بحاله من يوم خلقه إلى أن بعثه.

تفسير الجلالين
14 - (إنه ظن أن) مخففة من الثقيلة واسمها محذوف أي أنه (لن يحور) يرجع إلى ربه

تفسير القرطبي
قوله تعالى {وأما من أوتي كتابه وراء ظهره} نزلت في الأسود بن عبدالأسد أخي أبي سلمة قال ابن عباس.
ثم هي عامة في كل مؤمن وكافر.
قال ابن عباس : يمد يده اليمنى ليأخذ كتابه فيجذبه ملك، فيخلع يمينه، فيأخذ كتابه بشمال من وراء ظهره.
وقال قتادة ومقاتل : يفك ألواح صدره وعظامه ثم تدخل يده وتخرج من ظهره، فيأخذ كتابه كذلك.
{فسوف يدعو ثبورا} أي بالهلاك فيقول : يا ويلاه، يا ثبوراه.
{ويصلى سعيرا} أي ويدخل النار حتى يصلى بحرها.
وقرأ الحرميان وابن عامر والكسائي {ويصلى} بضم الياء وفتح الصاد، وتشديد اللام، كقوله تعالى {ثم الجحيم صلوه}[الحاقة : 31] وقوله {وتصلية جحيم}[الواقعة : 94].
الباقون {ويصلى} بفتح الياء مخففا، فعل لازم غير متعد؛ لقوله {إلا من هو صال الجحيم}[الصافات : 163] وقوله {يصلى النار الكبرى}[الأعلى : 12] وقوله {ثم إنهم لصالوا الجحيم}[المطففين : 16].
وقراءة ثالثة رواها أبان عن عاصم وخارجة عن نافع وإسماعيل المكي عن ابن كثير {ويصلي} بضم الياء وإسكان الصاد وفتح اللام مخففا؛ كما قرئ {وسيصلون} بضم الياء، وكذلك في الغاشية قد قرئ أيضا {تصلي نارا} وهما لغتان صلى وأصلى؛ كقوله {نزل.
وأنزل}.
قوله تعالى {إنه كان في أهله} أي في الدنيا {مسرورا} قال ابن زيد : وصف الله أهل الجنة بالمخافة والحزن والبكاء والشفقة في الدنيا فأعقبهم به النعيم والسرور في الآخرة، وقرأ قول الله تعالى {إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين فمن الله علينا ووقانا عذاب السموم}.
قال : ووصف أهل النار بالسرور في الدنيا والضحك فيها والتفكه.
فقال {إنه كان في أهله مسرورا}.
{إنه ظن أن لن يحور} أي لن يرجع حيا مبعوثا فيحاسب، ثم يثاب أو يعاقب.
يقال : حار يحور إذا رجع؛ قل لبيد : وما المرء إلا كالشهاب وضوئه ** يحور رمادا بعد إذ هو ساطع وقال عكرمة وداود بن أبي هند، يحور كلمة بالحبشية، ومعناها يرجع.
ويجوز أن تتفق الكلمتان فإنهما كلمة اشتقاق؛ ومنه الخبز الحوارى؛ لأنه يرجع إلى البياض.
وقال ابن عباس : ما كنت أدري : ما يحور؟ حتى سمعت أعرابية تدعو بنية لها : حوري، أي ارجعي إلي، فالحور في كلام العرب الرجوع؛ ومنه قول عليه السلام (اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور) يعني : من الرجوع إلى النقصان بعد الزيادة، وكذلك الحور بالضم.
وفي المثل {حور في محارة} أي نقصان في نقصان.
يضرب للرجل إذا كان أمره يدبر، قال الشاعر : واستعجلوا عن خفيف المضغ فازدردوا ** والذم يبقى وزاد القوم في حور والحور أيضا : الاسم من قولك : طحنت الطاحنة فما أحارت شيئا؛ أي ما ردت شيئا من الدقيق.
والحور أيضا الهلكة؛ قال الراجز : في بئر لا حور سرى ولا شعر قال أبو عبيدة : أي بئر حور، و{لا} زائدة.
وروي {بعد الكون} ومعناه من انتشار الأمر بعد تمامه.
وسئل معمر عن الحور بعد الكون، فقال : هو الكنتي.
فقال له عبدالرزاق : وما الكنتي؟ فقال : الرجل يكون صالحا ثم يتحول رجل سوء.
قال أبو عمرو : يقال للرجل إذا شاخ : كنتي، كأنه نسب إلى قوله : كنت في شبابي كذا.
قال : فأصبحت كنتا وأصبحت عاجنا ** وشر خصال المرء كنت وعاجن عجن الرجل : إذا نهض معتمدا على الأرض من الكبر.
وقال ابن الأعرابي : الكنتي : هو الذي يقول : كنت شابا، وكنت شجاعا، والكاني هو الذي يقول : كان لي مال وكنت أهب، وكان لي خيل وكنت أركب.
قوله تعالى {بلى} أي ليس الأمر كما ظن، بل يحور إلينا ويرجع.
{إن ربه كان به بصيرا} قبل أن يخلقه، عالما بأن مرجعه إليه.
وقيل : بلى ليحورن وليرجعن.
ثم استأنف فقال {إن ربه كان به بصيرا} من يوم خلقه إلى أن بعثه.
وقيل : عالما بما سبق له من الشقاء والسعادة.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: {إذا السماء انشقت} وذلك يوم القيامة، {وأذنت لربها} أي استمعت لربها وأطاعت أمره فيما أمرها به من الانشقاق، وذلك يوم القيامة {وحُقَّتْ} أي وحق لها أن تطيع أمره، لأنه العظيم الذي لا يمانع ولا يغالب، بل قد قهر كل شيء وذل له كل شيء، ثم قال: {وإذا الأرض مدَّت} أي بسطت وفرشت ووسعت، وفي الحديث (إذا كان يوم القيامة مد اللّه الأرض مد الأديم، حتى لا يكون لبشر من الناس إلا موضع قدميه) ""أخرجه ابن جرير عن علي بن الحسين مرفوعاً"". وقوله تعالى: {وألقت ما فيها وتخلت} أي ألقت ما في بطنها من الأموات وتخلت عنهم، {وأذنت لربها وحقت} كما تقدم، وقوله: {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً} أي إنك ساع إلى ربك سعياً وعامل عملاً {فملاقيه} ثم إنك ستلقى ما عملت من خير أو شر، عن جابر قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (قال جبريل: يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، وأحب ما شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه) ""أخرجه أبو داود الطيالسي""، ومن الناس من يعيد الضمير على قوله {ربك} أي فملاق ربك ومعناه فيجازيك بعملك ويكافئك على سعيك، قال ابن عباس: تعمل عملاً تلقى اللّه به خيراً كان أو شراً، وقال قتادة: {يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحاً} إن كدحك يا ابن آدم لضعيف، فمن استطاع أن يكون كدحه في طاعة اللّه فليفعل ولا قوة إلا باللّه، ثم قال تعالى: {فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حساباً يسيراً} أي سهلاً بلا تعسير أي لا يحقق عليه جميع دقائق أعماله، فإن من حوسب كذلك هلك لا محالة، روى الإمام أحمد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من نوقش الحساب عُذِّب)، قالت، فقلت: أفليس قال اللّه تعالى: {فسوف يحاسب حساباً يسيراً}، قال: (ليس ذاك بالحساب، ولكن ذلك العرض، من نوقش الحساب يوم القيامة عذب) ""أخرجه أحمد والبخاري ومسلم والترمذي والنسائي"". وروى ابن جرير، عن عائشة رضي اللّه عنها قالت؛ قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إنه ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا معذباً)، فقلت: أليس اللّه يقول {فسوف يحاسب حساباً يسيراً}؟ قال: (ذاك العرض، إنه من نوقش الحساب عذب)، وقال بيده على إصبعه كأنه ينكت ""أخرجه الشيخان وابن جرير"". وفي رواية عن عائشة قالت: (من نوقش الحساب - أو من حوسب - عذب، ثم قالت: إنما الحساب اليسير عرض على اللّه تعالى وهو يراهم) ""رواه ابن جرير"". وقوله تعالى: {وينقلب إلى أهله مسروراً} أي ويرجع إلى أهله في الجنة {مسروراً} أي فرحاً مغتبطاً بما أعطاه اللّه عزَّ وجلَّ، وقد روى الطبراني عن ثوبان مولى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: إنكم تعملون أعمالاً لا تعرف، ويوشك الغائب أن يثوب إلى أهله فمسرور أو مكظوم ""أخرجه الطبراني"". وقوله تعالى: {وأما من أوتي كتابه وراء ظهره""أي بشماله من وراء ظهره تثنى يده إلى ورائه، ويعطى كتابه بها كذلك {فسوف يدعو ثبوراً} أي خساراً وهلاكاً {ويصلى سعيراً . إنه كان في أهله مسروراً} أي فرحاً لا يفكر بالعواقب، ولا يخاف مما أمامه فأعقبه ذلك الفرح اليسير الحزن الطويل، {إنه ظنّ أن لن يحور} أي كان يعتقد أنه لا يرجع إلى اللّه، ولا يعيده بعد موته، قال ابن عباس وقتادة وغيرهما، والحَوْر: هو الرجوع، قال اللّه: {بلى إن ربه كان به بصيراً} يعني بلى سيعيده اللّه كما بدأه ويجازيه على أعماله خيرها وشرها فإنه {كان به بصيراً} أي عليماً خبيراً.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি