نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المطففين آية 20
كِتَابٌ مَرْقُومٌ

التفسير الميسر حقا إن كتاب الأبرار -وهم المتقون- لفي المراتب العالية في الجنة. وما أدراك -أيها الرسول- ما هذه المراتب العالية؟ كتاب الأبرار مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه ولا يُنقص، يَطَّلِع عليه المقربون من ملائكة كل سماء.

تفسير الجلالين
20 - هو (كتاب مرقوم) مختوم

تفسير القرطبي
قوله تعالى {كلا إن كتاب الأبرار لفي عليين} {كلا} بمعنى حقا، والوقف على {تكذبون}.
وقيل أي ليس الأمر كما يقولون ولا كما ظنوا بل كتابهم في سجين، وكتاب المؤمنين في عليين.
وقال مقاتل : كلا، أي لا يؤمنون بالعذاب الذي يصلونه.
ثم استأنف فقال {إن كتاب الأبرار} مرفوع في عليين على قدر مرتبتهم.
قال ابن عباس : أي في الجنة.
وعنه أيضا قال : أعمالهم في كتاب الله في السماء.
وقال الضحاك ومجاهد وقتادة : يعني السماء السابعة فيها أرواح المؤمنين.
وروى ابن الأجلح عن الضحاك قال : هي سدرة المنتهى، ينتهي إليها كل شيء من أمر الله لا يعدوها، فيقولون : رب عبدك فلان، وهو.
أعلم به منهم، فيأتيه كتاب من الله عز وجل مختوم بأمانه من العذاب.
فذلك قوله تعالى {كلا إن كتاب الأبرار}.
وعن كعب الأحبار قال : إن روح المؤمن إذا قبضت صعد بها إلى السماء، وفتحت لها أبواب السماء، وتلقتها الملائكة بالبشرى، ثم يخرجون معها حتى ينتهوا إلى العرش، فيخرج لهم من تحت العرش، رق فيرقم ويختم فيه النجاة من الحساب يوم القيامة ويشهده المقربون.
وقال قتادة أيضا {في عليين} هي فوق السماء السابعة عند قائمة العرش اليمنى.
وقال البراء بن عازب قال النبي صلى الله عليه وسلم : (عليون في السماء السابعة تحت العرش).
وعن ابن عباس أيضا : هو لوح من زبرجدة خضراء معلق بالعرش، أعمالهم مكتوبة فيه.
وقال الفراء : عليون ارتفاع بعد ارتفاع.
وقيل : عليون أعلى الأمكنة.
وقيل : معناه علو في علو مضاعف، كأنه لا غاية له؛ ولذلك جمع بالواو والنون.
وهو معنى قول الطبري.
قال الفراء : هو اسم موضوع على صفة الجمع، ولا واحد له من لفظه؛ كقولك : عشرون وثلاثون، والعرب إذا جمعت جمعا ولم يكن له بناء من واحده ولا تثنية، قالوا في المذكر والمؤنث بالنون.
وهي معنى قول الطبري.
وقال الزجاج : إعراب هذا الاسم كإعراب الجمع، كما تقول : هذه قنسرون، ورأيت قنسرين.
وقال يونس النحوي واحدها : علي وعلية.
وقال أبو الفتح : عليين : جمع علي، وهو فعيل من العلو.
وكان سبيله أن يقول علية كما قالوا للغرفة علية؛ لأنها من العلو، فلما حذف التاء من علية عوضوا منها الجمع بالواو والنون، كما قالوا في أرضين.
وقيل : إن عليين صفة للملائكة، فإنهم الملأ الأعلى؛ كما يقال : فلان في بني فلان؛ أي هو في جملتهم وعندهم.
والذي في الخبر من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن أهل عليين لينظرون إلى الجنة من كذا، فإذا أشرف رجل من أهل عليين أشرقت الجنة لضياء وجهه، فيقولون : ما هذا النور؟ فيقال أشرف رجل من أهل عليين الأبرار أهل الطاعة والصدق).
وفي خبر آخر : (إن أهل الجنة ليرون أهل عليين كما يرى الكوكب الدري في أفق السماء) يدل على أن عليين اسم الموضع المرتفع.
وروى ناس عن ابن عباس في قوله {عليين} قال : أخبر أن أعمالهم وأرواحهم في السماء الرابعة.
قوله تعالى {وما أدراك ما عليون} أي ما الذي أعلمك يا محمد أي شيء عليون؟ على جهة التفخيم والتعظيم له في المنزلة الرفيعة.
ثم فسره له فقال {كتاب مرقوم يشهده المقربون}.
وقيل : إن {كتاب مرقوم} ليس تفسيرا لعليين، بل تم الكلام عند قوله{عليون} ثم ابتدأ وقال {كتاب مرقوم} أي كتاب الأبرار كتاب مرقوم ولهذا عكس الرقم في كتاب الفجار؛ قال القشيري.
وروي : أن الملائكة تصعد بعمل العبد، فيستقبلونه فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله من سلطانه أوحى إليهم : إنكم الحفظة على عبدي، وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه أخلص لي عمله، فاجعلوه في عليين، فقد غفرت له، وإنها لتصعد بعمل العبد، فيتركونه فإذا انتهوا به إلى ما شاء الله أوحى إليهم : أنتم الحفظة على عبدي وأنا الرقيب على ما في قلبه، وإنه لم يخلص لي عمله، فاجعلوه في سجين.
قوله تعالى {يشهده المقربون} أي يشهد عمل الأبرار مقربو كل سماء من الملائكة.
وقال وهب وابن إسحاق : المقربون هنا إسرافيل عليه السلام، فإذا عمل المؤمن عمل البر، صعدت الملائكة بالصحيفة وله نور يتلألأ في السموات كنور الشمس في الأرض، حتى ينتهي بها إلى إسرافيل، فيختم عليها ويكتب فهو قوله {يشهده المقربون} أي يشهد كتابتهم.

تفسير ابن كثير يقول تعالى: حقاً إن كتاب الأبرار - وهم بخلاف الفجار - {لفي عليين} أي مصيرهم إلى عليين وهو بخلاف سجين، روى الأعمش عن هلال بن يساف قال: سأل ابن عباس كعباً - وأنا حاضر - عن سجين؟ قال: هي الأرض السابعة وفيها أرواح الكفار، وسأله عن عليين؟ فقال: هي السماء السابعة وفيها أرواح المؤمنين وهكذا قال غير واحد من السلف أنها السماء السابعة وقال ابن عباس: {لفي عليين} يعني الجنة، وفي رواية عنه: أعمالهم في السماء عند اللّه، وقال قتادة: عليون ساق العرش اليمنى، وقال غيره: عليون عند سدرة المنتهى، والظاهر أن عليين مأخوذ من العلو، وكلما علا الشيء وارتفع عظم واتسع، ولهذا قال تعالى معظماً أمره ومفخماً شأنه: {وما أدراك ما عليّون}؟ ثم قال تعالى مؤكداً لما كتب لهم: {كتاب مرقوم يشهده المقربون} وهم الملائكة قاله قتادة، وقال ابن عباس: يشهده من كل سماء مقربوها، ثم قال تعالى: {إن الأبرار لفي نعيم} أي يوم القيامة هم في نعيم مقيم، وجنات فيها فضل عميم {وعلى الأرائك} وهي السرر تحت الحجال {ينظرون} قيل: معناه ينظرون في ملكهم، وما أعطاهم اللّه من الخير، والفضل الذي لا ينقضي ولا يبيد، وقيل: معناه {على الأرائك ينظرون} إلى اللّه عزَّ وجلَّ، كما تقدم في حديث ابن عمر: (إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه وإن أعلاهم لمن ينظر إلى اللّه عزَّ وجلَّ في اليوم مرتين). وقوله تعالى: {تعرف في وجوههم نضرة النعيم} أي تعرف إذا نظرت إليهم في وجوههم {نضرة النعيم} أي صفة الترافة والسرور، والدعة والرياسة، مما هم فيه من النعيم العظيم. وقوله تعالى: {يسقون من رحيق مختوم} أي يسقون من خمر من الجنة، والرحيق من أسماء الخمر وهو قول ابن مسعود وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وفي الحديث: (أيما مؤمن سقى مؤمناً شربة ماء على ظمأٍ سقاه اللّه تعالى يوم القيامة من الرحيق المختوم، وأيما مؤمن أطعم مؤمناً على جوع أطعمه اللّه من ثمار الجنة، وأيما مؤمن كسا مؤمناً ثوباً على عري كساه اللّه من خضر الجنة) ""أخرجه أحمد عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً""، وقال ابن مسعود في قوله: {ختامه مسك} أي خلطه مسك، وقال ابن عباس: طيب اللّه لهم الخمر، فكان آخر شيء جعل فيها مسك ختم بمسك، وقال الحسن: عاقبته مسك، وقال ابن جرير، عن أبي الدرداء: {ختامه مسك} قال: شراب أبيض مثل الفضة يختمون به شرابهم، ولو أن رجلاً من أهل الدنيا أدخل أصبعه فيه ثم أخرجها، لم يبق ذو روح إلا وجد طيبها ""أخرجه ابن جرير""، وقال مجاهد: {ختامه مسك} طيبه مسك، وقوله تعالى: {وفي ذلك فليتنافس المتنافسون} أي وفي مثل هذا الحال فليتفاخر المتفاخرون، وليتباهى وليستبق إلى مثله المستبقون كقوله تعالى: {لمثل هذا فليعمل العاملون}، وقوله تعالى: {ومزاجه من تسنيم} أي مزاج هذا الرحيق الموصوف {من تسنيم} أي من شراب يقال له تسنيم، وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه، ولهذا قال: {عيناً يشرب بها المقربون} أي يشربها المقربون صرفاً، وتمزج لأصحاب اليمين مزجاً ""قاله ابن مسعود وابن عباس ومسروق وقتادة وغيرهم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি