نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المطففين آية 14
كَلَّا ۖ بَلْ ۜ رَانَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ

التفسير الميسر عذاب شديد يومئذ للمكذبين، الذين يكذبون بوقوع يوم الجزاء، وما يكذِّب به إلا كل ظالم كثير الإثم، إذا تتلى عليه آيات القرآن قال: هذه أباطيل الأولين. ليس الأمر كما زعموا، بل هو كلام الله ووحيه إلى نبيه، وإنما حجب قلوبهم عن التصديق به ما غشاها من كثرة ما يرتكبون من الذنوب. ليس الأمر كما زعم الكفار، بل إنهم يوم القيامة عن رؤية ربهم- جل وعلا- لمحجوبون، (وفي هذه الآية دلالة على رؤية المؤمنين ربَّهم في الجنة) ثم إنهم لداخلو النار يقاسون حرها، ثم يقال لهم: هذا الجزاء الذي كنتم به تكذبون.

تفسير الجلالين
14 - (كلا) ردع وزجر لقولهم ذلك (بل ران) غلب (على قلوبهم) فغشيها (ما كانوا يكسبون) من المعاصي فهو كالصدإ

تفسير القرطبي
قوله تعالى {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} {كلا} : ردع وزجر، أي ليس هو أساطير الأولين.
وقال الحسن : معناها حقا {ران على قلوبهم}.
وقيل : في الترمذي : عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن العبد إذا أخطأ خطيئة نكتت في قلبه نكتة سوداء، فإذا هو نزع واستغفر الله وتاب، صقل قلبه، فإن عاد زيد.
فيها، حتى تعلو على قلبه)، وهو(الران) الذي ذكر الله في كتابه {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.
قال : هذا حديث حسن صحيح.
وكذا قال المفسرون : هو الذنب على الذنب حتى يسود القلب.
قال مجاهد : هو الرجل يذنب الذنب، فيحيط الذنب بقلبه، ثم يذنب الذنب فيحيط الذنب بقلبه، حتى تغشي الذنوب قلبه.
قال مجاهد : هي مثل الآية التي في سورة البقرة {بلى من كسب سيئة}[البقرة : 81] الآية.
ونحوه عن الفراء؛ قال : يقول كثرت المعاصي منهم والذنوب، فأحاطت بقلوبهم، فذلك الرين عليها.
وروي عن مجاهد أيضا قال : القلب مثل الكف ورفع كفه، فإذا أذنب العبد الذنب انقبض، وضم إصبعه، فإذا أذنب الذنب انقبض، وضم أخرى، حتى ضم أصابعه كلها، حتى يطبع على قلبه.
قال : وكانوا يرون أن ذلك هو الرين، ثم قرأ {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}.
ومثله عن حذيفة رضي الله عنه سواء.
وقال بكر بن عبدالله : إن العبد إذا أذنب صار في قلبه كوخزة الإبرة، ثم صار إذا أذنب ثانيا صار كذلك، ثم إذا كثرت الذنوب صار القلب كالمنخل، أو كالغربال، حتى لا يعي خيرا، ولا يثبت فيه صلاح.
وقد بينا في البقرة القول في هذا المعنى بالأخبار الثابتة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلا معنى لإعادتها.
وقد روى عبدالغني بن سعيد عن موسى بن عبدالرحمن عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس، وعن موسى عن مقاتل عن الضحاك عن ابن عباس شيئا الله أعلم بصحته؛ قال : هو الران الذي يكون على الفخذين والساق والقدم، وهو الذي يلبس في الحرب.
قال : وقال آخرون : الران : الخاطر الذي يخطر بقلب الرجل.
وهذا مما لا يضمن عهدة صحته.
فالله أعلم.
فأما عامة أهل التفسير فعلى ما قد مضى ذكره قبل هذا.
وكذلك أهل اللغة عليه؛ يقال : ران على قلبه ذنبه يرين رينا وريونا أي غلب.
قال أبو عبيدة في قوله {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} أي غلب؛ وقال أبو عبيد : كل ما غلبك [وعلاك] فقد ران بك، ورانك، وران عليك؛ وقال الشاعر : وكم ران من ذنب على قلب فاجر ** فتاب من الذنب الذي ران وانجلى ورانت الخمر على عقله : أي غلبته، وران عليه النعاس : إذا غطاه؛ ومنه قول عمر في الأسيفع - أسيفع جهينة - : فأصبح قد رين به.
أي غلبته الديون، وكان يدان؛ ومنه قول أبي زبيد يصف رجلا شرب حتى غلبه الشراب سكرا، فقال : ثم لما رآه رانت به الخمـ ** ـر وأن لا ترينه باتقاء فقوله : رانت به الخمر، أي غلبت على عقله وقلبه.
وقال الأموي : قد أران القوم فهم مرينون : إذا هلكت مواشيهم وهزلت.
وهذا من الأمر الذي أتاهم مما يغلبهم، فلا يستطيعون احتماله.
قال أبو زيد يقال : قد رين بالرجل رينا : إذا وقع فيما لا يستطيع الخروج منه، ولا قبل له وقال أبو معاذ النحوي : الرين : أن يسود القلب من الذنوب، والطبع أن يطبع على القلب، وهذا أشد من الرين، والإقفال أشد من الطبع.
الزجاج : الرين : هو كالصدأ يغشي القلب كالغيم الرقيق، ومثله الغين، يقال : غين على قلبه : غطي.
والغين : شجر ملتف، الواحدة غيناء، أي خضراء، كثيرة الورق، ملتفة الأغصان.
وقد تقدم قول الفراء أنه إحاطة الذنب بالقلوب.
وذكر الثعلبي عن ابن عباس {ران على قلوبهم} : أي غطى عليها.
وهذا هو الصحيح عنه إن شاء الله.
وقرأ حمزة والكسائي والأعمش وأبو بكر والمفضل {ران} بالإمالة؛ لأن فاء الفعل الراء، وعينه الألف منقلبة من ياء، فحسنت الإمالة لذلك.
ومن فتح فعلى الأصل؛ لأن باب فاء الفعل في (فعل) الفتح، مثل كال وباع ونحوه.
واختاره أبو عبيد وأبو حاتم ووقف حفص {بل} ثم يبتدئ {ران} وقفا يبين اللام، لا للسكت.
قوله تعالى {كلا} أي حقا {إنهم} يعني الكفار {عن ربهم يومئذ} أي يوم القيامة {لمحجوبون} وقيل {كلا} ردع وزجر، أي ليس كما يقولون، بل {إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون}.
قال الزجاج : في هذه الآية دليل على أن الله عز وجل يرى في القيامة، ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة، ولا خست منزلة الكفار بأنهم يحجبون.
وقال جل ثناؤه {وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة}[القيامة : 22] فأعلم الله جل ثناؤه أن المؤمنين ينظرون إليه، وأعلم أن الكفار محجوبون عنه، وقال مالك بن أنس في هذه الآية : لما حجب أعداءه فلم يروه تجلى لأوليائه حتى رأوه.
وقال الشافعي : لما حجب قوما بالسخط، دل على أن قوما يرونه بالرضا.
ثم قال : أما والله لو لم يوقن محمد بن إدريس أنه يرى ربه في المعاد لما عبده في الدنيا.
وقال الحسين بن الفضل : لما حجبهم في الدنيا عن نور توحيده حجبهم في الآخرة عن رؤيته.
وقال مجاهد في قوله تعالى {لمحجوبون} : أي عن كرامته ورحمته ممنوعون.
وقال قتادة : هو أن الله لا ينظر إليهم برحمته، ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم.
وعلى الأول الجمهور، وأنهم محجوبون عن رؤيته فلا يرونه.
{ثم إنهم لصالوا الجحيم} أي ملازموها، ومحترقون فيها غير خارجين منها، {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها}[النساء : 56] و {كلما خبت زدناهم سعيرا}[الإسراء : 97].
ويقال : الجحيم الباب الرابع من النار.
{ثم يقال} لهم أي تقول لهم خزنة جهنم {هذا الذي كنتم به تكذبون} رسل الله في الدنيا.

تفسير ابن كثير يقول تعالى حقاً: {إن كتاب الفجار لفي سجين} أي أن مصيرهم ومأواهم {لفي سجين} فعّيل من السجن، وهو الضيق كما يقال: فسّيق وخمّير وسكّير ونحو ذلك، ولهذا عظّم أمره فقال تعالى: {وما أدراك ما سجّين}؟ أي هو أمر عظيم، وسجين مقيم، وعذاب أليم، ثم قال قائلون: هي تحت الأرض السابعة، وقد تقدم في حديث البراء بن عازب يقول اللّه عزَّ وجلَّ في روح الكافر (اكتبوا كتابه في سجين)، وقيل: بئر في جهنم، والصحيح أن سجيناً مأخوذ من السجن وهو الضيق، فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق وكل ما تعالى منها اتسع، ولما كان مصير الفجار إلى جهنم وهي أسفل السافلين، كما قال تعالى: {ثم رددناه أسفل السافلين . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وقال ههنا: {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين} وهو يجمع الضيق والسفول كما قال تعالى: {وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً}، وقوله تعالى: {كتاب مرقوم} ليس تفسيراً لقوله: {وما أدراك ما سجين}، وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه أحد ولا ينقص منه أحد، ثم قال تعالى: {ويل يومئذ للمكذبين} أي إذا صاروا يوم القيامة إلى ما أوعدهم اللّه من السجن والعذاب المهين، {ويل} لهم والمراد من ذلك الهلاك والدمار كما يقال: ويل لفلان، ثم قال تعالى: مفسراً للمكذبين الفجّار الكفرة: {الذين يكذبون بيوم الدين} أي لا يصدقون بوقوعه، ولا يعتقدون كونه، ويستبعدون أمره، قال اللّه تعالى: {وما يكذب به إلا كل معتد أثيم} أي معتد في أفعاله من تعاطي الحرام، والمجاوزة في تناول المباح، والأثيم في أقواله إن حدث كذب، وإن وعد أخلف، وإن خاصم فجر. وقوله تعالى: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} أي إذا سمع كلام اللّه تعالى من الرسول يكذب به، ويظن به ظن السوء، فيعتقد أنه مفتعل مجموع من كتب الأوائل، كما قال تعالى: {وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم؟ قالوا أساطير الأولين}، وقال تعالى: {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً} قال اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} أي ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا: إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام اللّه ووحيه وتنزيله على رسوله صلى اللّه عليه وسلم، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به، ما عليها من الرين الذي قد لبس قلوبهم، من كثرة الذنوب والخطايا، ولهذا قال تعالى: {ما كانوا يكسبون} والرين يعتري قلوب الكافرين، والغَيْن للمقربين، وقد روى الترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (إن العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب منها صقل قلبه، وإن زاد زادت، فذلك قول اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}) ""أخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حسن صحيح""ولفظ النسائي: (إن العبد إذا أخطأ نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، فهو الران الذي قال اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}) ""هذا لفظ النسائي وقد رواه أحمد بنحوه"". وقال الحسن البصري: هو الذنب حتى يعمى القلب فيموت وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد ، وقوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} أي ثم هم يوم القيامة محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم، قال الإمام الشافعي: وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عزَّ وجلَّ يومئذ، وهذا الذي قاله في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}، وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة، في رؤية المؤمنين ربهم عزَّ وجلَّ في الدار الآخرة، قال الحسن: يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون والكافرون، ثم يحجب عنه الكافرون، وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية، وقوله تعالى: {ثم إنهم لصالوا الجحيم} أي ثم هم مع هذا الحرمان عن رؤية الرحمن، من أهل النيران، {ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون} أي يقال لهم ذلك، على وجه التقريع والتوبيخ، والتصغير والتحقير.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি