نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المطففين آية 10
وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ

التفسير الميسر عذاب شديد يومئذ للمكذبين، الذين يكذبون بوقوع يوم الجزاء، وما يكذِّب به إلا كل ظالم كثير الإثم، إذا تتلى عليه آيات القرآن قال: هذه أباطيل الأولين. ليس الأمر كما زعموا، بل هو كلام الله ووحيه إلى نبيه، وإنما حجب قلوبهم عن التصديق به ما غشاها من كثرة ما يرتكبون من الذنوب. ليس الأمر كما زعم الكفار، بل إنهم يوم القيامة عن رؤية ربهم- جل وعلا- لمحجوبون، (وفي هذه الآية دلالة على رؤية المؤمنين ربَّهم في الجنة) ثم إنهم لداخلو النار يقاسون حرها، ثم يقال لهم: هذا الجزاء الذي كنتم به تكذبون.

تفسير الجلالين
10 - (ويل يومئذ للمكذبين)

تفسير القرطبي
قوله تعالى {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين} قال قوم من أهل العلم بالحربية {كلا} ردع وتنبيه، أي ليس الأم على ما هم عليه من تطفيف الكيل والميزان، أو تكذيب بالآخرة، فليرتدعوا عن ذلك.
فهي كلمة ردع وزجر، ثم استأنف فقال {إن كتاب الفجار}.
وقال الحسن {كلا} بمعنى حقا.
وروى ناس عن ابن عباس {كلا} قال : ألا تصدقون؛ فعلى هذا : الوقف لرب العالمين.
وفي تفسير مقاتل : إن أعمال الفجار.
وروى ناس عن ابن عباس قال : إن أرواح الفجار وأعمالهم {لفي سجين}.
وروى ابن أبي نجيح عن مجاهد قال : سجين صخرة تحت الأرض السابعة، تقلب فيجعل كتاب الفجار تحتها.
ونحوه عن ابن عباس وقتادة وسعيد بن جبير ومقاتل وكعب؛ قال كعب : تحتها أرواح الكفار تحت خد إبليس.
وعن كعب أيضا قال : سجين صخرة سوداء تحت الأرض السابعة، مكتوب فيها اسم كل شيطان، تلقى أنفس، الكفار عندها.
وقال سعيد بن جبير : سجين تحت خد إبليس.
يحيى بن سلام : حجر أسود تحت الأرض، يكتب فيه أرواح الكفار.
وقال عطاء الخراساني : هي الأرض السابعة السفلى، وفيها إبليس وذريته.
وعن ابن عباس قال : إن الكافر يحضره الموت، وتحضره رسل الله، فلا يستطيعون لبغض الله له وبغضهم إياه، أن يؤخروه ولا يعجلوه حتى تجيء ساعته، فإذا جاءت ساعته قبضوا نفسه، ورفعوه إلى ملائكة العذاب، فأروه ما شاء الله أن يروه من الشر، ثم هبطوا به إلى الأرض السابعة، وهي سجين، وهي آخر سلطان إبليس، فأثبتوا فيها كتابه.
وعن كعب الأحبار في هذه الآية قال : إن روح الفاجر إذا قبضت يصعد بها إلى السماء، فتأبى السماء أن تقبلها، ثم يهبط بها إلى الأرض، فتأبى الأرض أن تقبلها، فتدخل في سبع أرضين، حتى ينتهى بها إلى سجين، وهو خد إبليس.
فيخرج لها من سجين من تحت خد إبليس رق، فيرقم فيوضع تحت خد إبليس.
وقال الحسن : سجين في الأرض السابعة.
وقيل : هو ضرب مثل وإشارة إلى أن الله تعالى يرد أعمالهم التي ظنوا أنها تنفعهم.
قال مجاهد : المعنى عملهم تحت الأرض السابعة لا يصعد منها شيء.
وقال : سجين صخرة في الأرض السابعة.
وروى أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (سجين جب في جهنم وهو مفتوح) وقال في الفلق : (إنه جب مغطى).
وقال أنس : هي دركة في الأرض السفلي.
وقال أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم : (سجين أسفل الأرض السابعة).
وقال عكرمة : (سجين : خسار وضلال؛ كقولهم لمن سقط قدره : قد زلق بالحضيض.
وقال أبو عبيدة والأخفش والزجاج {لفي سجين} لفي حبس وضيق شديد، فعيل من السجين؛ كما يقول : فسيق وشريب؛ قال ابن مقبل : ورفقة يضربون البيض ضاحية ** ضربا تواصت به الأبطال سجينا والمعنى : كتابهم في حبس؛ جعل ذلك دليلا على خساسة منزلتهم، أو لأنه يحل من الإعراض عنه والإبعاد له محل الزجر والهوان.
وقيل : أصله سجيل، فأبدلت اللام نونا.
وقد تقدم ذلك.
وقال زيد بن أسلم : سجين في الأرض السافلة، وسجيل في السماء الدنيا.
القشيري : سجين : موضع في السافلين، يدفن فيه كتاب هؤلاء، فلا يظهر بل يكون في ذلك الموضع كالمسجون.
وهذا دليل على خبث أعمالهم، وتحقير الله إياها؛ ولهذا قال في كتاب الأبرار {يشهده المقربون}.
{وما أدراك ما سجين} أي ليس ذلك مما كنت تعلمه يا محمد أنت ولا قومك.
ثم فسره فقال {كتاب مرقوم} أي مكتوب كالرقم في الثوب، لا ينسى ولا يمحى.
وقال قتادة : مرقوم أي مكتوب، رقم لهم بشر : لا يزاد فيهم أحد ولا ينقص منهم أحد.
وقال الضحاك : مرقوم : مختوم، بلغة حمير؛ وأصل الرقم : الكتابة؛ قال : سأرقم في الماء القراح إليكم ** على بعدكم إن كان للماء راقم وليس في قوله {وما أدراك ما سجين} ما يدل على أن لفظ سجين ليس عربيا، كما لا يدل في قوله {القارعة ما القارعة.
وما أدراك ما القارعة}[القارعة : 1] بل هو تعظيم لأمر سجين، وقد مضى في مقدمة الكتاب - والحمد لله - أنه ليس في القرآن غير عربي.
قوله تعالى {ويل يومئذ للمكذبين} أي شدة وعذاب يوم القيامة للمكذبين.
ثم بين تعالى أمرهم فقال {الذين يكذبون بيوم الدين} أي بيوم الحساب والجزاء والفصل بين العباد.
{وما يكذب به إلا كل معتد أثيم} أي فاجر جائر عن الحق، معتد على الخلق في معاملته إياهم وعلى نفسه، وهو أثيم في ترك أمر الله.
وقيل هذا في الوليد بن المغيرة وأبي جهل ونظرائهما لقوله تعالى {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} وقراءة العامة {تتلى} بتاءين، وقراءة أبي حيوة وأبي سماك وأشهب العقيلي والسلمي {إذا يتلى} بالياء.
وأساطير الأولين : أحاديثهم وأباطيلهم التي كتبوها وزخرفوها.
وأحدها أسطورة وإسطارة، وقد تقدم.

تفسير ابن كثير يقول تعالى حقاً: {إن كتاب الفجار لفي سجين} أي أن مصيرهم ومأواهم {لفي سجين} فعّيل من السجن، وهو الضيق كما يقال: فسّيق وخمّير وسكّير ونحو ذلك، ولهذا عظّم أمره فقال تعالى: {وما أدراك ما سجّين}؟ أي هو أمر عظيم، وسجين مقيم، وعذاب أليم، ثم قال قائلون: هي تحت الأرض السابعة، وقد تقدم في حديث البراء بن عازب يقول اللّه عزَّ وجلَّ في روح الكافر (اكتبوا كتابه في سجين)، وقيل: بئر في جهنم، والصحيح أن سجيناً مأخوذ من السجن وهو الضيق، فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق وكل ما تعالى منها اتسع، ولما كان مصير الفجار إلى جهنم وهي أسفل السافلين، كما قال تعالى: {ثم رددناه أسفل السافلين . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وقال ههنا: {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين} وهو يجمع الضيق والسفول كما قال تعالى: {وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً}، وقوله تعالى: {كتاب مرقوم} ليس تفسيراً لقوله: {وما أدراك ما سجين}، وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه أحد ولا ينقص منه أحد، ثم قال تعالى: {ويل يومئذ للمكذبين} أي إذا صاروا يوم القيامة إلى ما أوعدهم اللّه من السجن والعذاب المهين، {ويل} لهم والمراد من ذلك الهلاك والدمار كما يقال: ويل لفلان، ثم قال تعالى: مفسراً للمكذبين الفجّار الكفرة: {الذين يكذبون بيوم الدين} أي لا يصدقون بوقوعه، ولا يعتقدون كونه، ويستبعدون أمره، قال اللّه تعالى: {وما يكذب به إلا كل معتد أثيم} أي معتد في أفعاله من تعاطي الحرام، والمجاوزة في تناول المباح، والأثيم في أقواله إن حدث كذب، وإن وعد أخلف، وإن خاصم فجر. وقوله تعالى: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} أي إذا سمع كلام اللّه تعالى من الرسول يكذب به، ويظن به ظن السوء، فيعتقد أنه مفتعل مجموع من كتب الأوائل، كما قال تعالى: {وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم؟ قالوا أساطير الأولين}، وقال تعالى: {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً} قال اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} أي ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا: إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام اللّه ووحيه وتنزيله على رسوله صلى اللّه عليه وسلم، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به، ما عليها من الرين الذي قد لبس قلوبهم، من كثرة الذنوب والخطايا، ولهذا قال تعالى: {ما كانوا يكسبون} والرين يعتري قلوب الكافرين، والغَيْن للمقربين، وقد روى الترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (إن العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب منها صقل قلبه، وإن زاد زادت، فذلك قول اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}) ""أخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حسن صحيح""ولفظ النسائي: (إن العبد إذا أخطأ نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، فهو الران الذي قال اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}) ""هذا لفظ النسائي وقد رواه أحمد بنحوه"". وقال الحسن البصري: هو الذنب حتى يعمى القلب فيموت وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد ، وقوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} أي ثم هم يوم القيامة محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم، قال الإمام الشافعي: وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عزَّ وجلَّ يومئذ، وهذا الذي قاله في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}، وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة، في رؤية المؤمنين ربهم عزَّ وجلَّ في الدار الآخرة، قال الحسن: يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون والكافرون، ثم يحجب عنه الكافرون، وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية، وقوله تعالى: {ثم إنهم لصالوا الجحيم} أي ثم هم مع هذا الحرمان عن رؤية الرحمن، من أهل النيران، {ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون} أي يقال لهم ذلك، على وجه التقريع والتوبيخ، والتصغير والتحقير.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি