نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المطففين آية 7
كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ

التفسير الميسر حقا إن مصير الفُجَّار ومأواهم لفي ضيق، وما أدراك ما هذا الضيق؟ إنه سجن مقيم وعذاب أليم، وهو ما كتب لهم المصير إليه، مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه ولا يُنقص.

تفسير الجلالين
7 - (كلا) حقا (إن كتاب الفجار) أي كتاب أعمال الكفار (لفي سجين) قيل هو كتاب جامع لأعمال الشياطين والكفرة وقيل هو مكان أسفل الأرض السابعة وهو محل إبليس وجنوده

تفسير القرطبي
قوله تعالى {ألا يظن أولئك} إنكار وتعجيب عظيم من حالهم، في الاجتراء على التطفيف، كأنهم لا يخطرون التطفيف ببالهم، ولا يخمنون تخمينا {أنهم مبعوثون} فمسؤولون عما يفعلون.
والظن هنا بمعنى اليقين؛ أي ألا يوقن أولئك، ولو أيقنوا ما نقصوا في الكيل والوزن.
وقيل : الظن بمعنى التردد، أي إن كانوا لا يستيقنون بالبعث، فهلا ظنوه، حتى يتدبروا ويبحثوا عنه، ويأخذوا بالأحوط {ليوم عظيم} شأنه وهو يوم القيامة.
قوله تعالى {يوم يقوم الناسلرب العالمين} فيه أربع مسائل: الأولى: العامل في {يوم} فعل مضمر، دل عليه {مبعوثون} والمعنى يبعثون {يوم يقوم الناس لرب العالمين}.
ويجوز أن يكون بدلا من يوم في {ليوم عظيم}، وهو مبني.
وقيل : هو في موضع خفض؛ لأنه أضيف إلى غير متمكن.
وقيل : هو منصوب على الظرف أي في يوم، ويقال : أقم إلى يوم يخرج فلان، فتنصب يوم، فإن أضافوا إلى الاسم فحينئذ يخفضون ويقولون : أقم إلى يوم خروج فلان.
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير، التقدير إنهم مبعوثون يوم يقوم الناس لرب العالمين ليوم عظيم.
الثانية: وعن عبدالملك بن مروان : أن أعرابيا قال لي : قد سمعت ما قال الله تعالى في المطففين؛ أراد بذلك أن المطففين قد توجه عليهم هذا الوعيد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن.
وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن، ووصف اليوم بالعظيم، وقيام الناس فيه لله خاضعين، ووصف ذاته برب العالمين، بيان بليغ لعظم الذنب، وتفاقم الإثم في التطفيف، وفيما كان في مثل حاله من الحيف، وترك القيام بالقسط، والعمل على التسوية والعدل، في كل أخذ وإعطاء، بل في كل قول وعمل.
الثالثة: قرأ ابن عمر {ويل للمطففين} حتى بلغ {يوم يقوم الناس لرب العالمين} فبكى حتى سقط، وامتنع من قراءة ما بعده، ثم قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (يوم يقوم الناس لرب العالمين، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فمنهم من يبلغ العرق كعبيه، ومنهم من يبلغ ركبتيه، ومنهم من يبلغ حقويه، ومنهم من يبلغ صدره، ومنهم من يبلغ أذنيه، حتى إن أحدهم ليغيب في رشحه كما يغيب الضفدع).
وروى ناس عن ابن عباس قال : يقومون مقدار ثلثمائة سنة.
قال : ويهون على المؤمنين قدر صلاتهم الفريضة.
وروي عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يقومون ألف عام في الظلة).
و""روى مالك عن نافع"" عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى إن أحدهم ليقوم في رشحه إلى أنصاف أذنيه).
وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم : (يقوم مائة سنة).
وقال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري : (كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خبر، ولا يؤمر فيه بأمر) قال بشير : المستعان الله.
قلت : قد ذكرناه مرفوعا من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إنه ليخفف عن المؤمن، حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا) في {سأل سائل}[المعارج : 1].
وعن ابن عباس : يهون على المؤمنين قدر صلاتهم الفريضة.
وقيل : إن ذلك المقام على المؤمن كزوال الشمس؛ والدليل على هذا من الكتاب قول الحق {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}[يونس : 62] ثم وصفهم فقال {الذين آمنوا وكانوا يتقون}[يونس : 63] جعلنا الله منهم بفضله وكرمه وجوده.
ومنّه أمين.
وقيل : المراد بالناس جبريل عليه السلام يقوم لرب العالمين؛ قال ابن جبير وفيه بعد؛ لما ذكرنا من الأخبار في ذلك، وهي صحيحة ثابتة، وحسبك بما في صحيح مسلم، والبخاري والترمذي من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم {يوم يقوم الناس لرب الله العالمين} قال : (يقوم أحدهم في رشحه إلى نصف أذنيه).
ثم قيل : هذا القيام يوم يقومون من قبورهم.
وقيل : في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا.
وقال يزيد الرشك : يقومون بين يديه للقضاء.
الرابعة: القيام لله رب العالمين سبحانه حقير بالإضافة إلى عظمته وحقه، فأما قيام الناس بعضهم لبعض فاختلف فيه الناس؛ فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى جعفر بن أبي طالب واعتنقه، وقام طلحة لكعب بن مالك يوم تيب عليه.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار حين طلع عليه سعد بن معاذ : (قوموا إلى سيدكم).
وقال أيضا : (من سره أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار).
وذلك يرجع إلى حال الرجل ونيته، فإن أنتظر ذلك وأعتقده لنفسه، فهو ممنوع، وإن كان على طريق البشاشة والوصلة فإنه جائز، وخاصة عند الأسباب، كالقدوم من السفر ونحوه.
وقد مضى في آخر سورة يوسف شيء من هذا.

تفسير ابن كثير يقول تعالى حقاً: {إن كتاب الفجار لفي سجين} أي أن مصيرهم ومأواهم {لفي سجين} فعّيل من السجن، وهو الضيق كما يقال: فسّيق وخمّير وسكّير ونحو ذلك، ولهذا عظّم أمره فقال تعالى: {وما أدراك ما سجّين}؟ أي هو أمر عظيم، وسجين مقيم، وعذاب أليم، ثم قال قائلون: هي تحت الأرض السابعة، وقد تقدم في حديث البراء بن عازب يقول اللّه عزَّ وجلَّ في روح الكافر (اكتبوا كتابه في سجين)، وقيل: بئر في جهنم، والصحيح أن سجيناً مأخوذ من السجن وهو الضيق، فإن المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق وكل ما تعالى منها اتسع، ولما كان مصير الفجار إلى جهنم وهي أسفل السافلين، كما قال تعالى: {ثم رددناه أسفل السافلين . إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات} وقال ههنا: {كلا إن كتاب الفجار لفي سجين وما أدراك ما سجين} وهو يجمع الضيق والسفول كما قال تعالى: {وإذا ألقوا منها مكاناً ضيقاً مقرنين دعوا هنالك ثبوراً}، وقوله تعالى: {كتاب مرقوم} ليس تفسيراً لقوله: {وما أدراك ما سجين}، وإنما هو تفسير لما كتب لهم من المصير إلى سجين، أي مرقوم مكتوب مفروغ منه، لا يزاد فيه أحد ولا ينقص منه أحد، ثم قال تعالى: {ويل يومئذ للمكذبين} أي إذا صاروا يوم القيامة إلى ما أوعدهم اللّه من السجن والعذاب المهين، {ويل} لهم والمراد من ذلك الهلاك والدمار كما يقال: ويل لفلان، ثم قال تعالى: مفسراً للمكذبين الفجّار الكفرة: {الذين يكذبون بيوم الدين} أي لا يصدقون بوقوعه، ولا يعتقدون كونه، ويستبعدون أمره، قال اللّه تعالى: {وما يكذب به إلا كل معتد أثيم} أي معتد في أفعاله من تعاطي الحرام، والمجاوزة في تناول المباح، والأثيم في أقواله إن حدث كذب، وإن وعد أخلف، وإن خاصم فجر. وقوله تعالى: {إذا تتلى عليه آياتنا قال أساطير الأولين} أي إذا سمع كلام اللّه تعالى من الرسول يكذب به، ويظن به ظن السوء، فيعتقد أنه مفتعل مجموع من كتب الأوائل، كما قال تعالى: {وإذا قيل لهم ماذا أنزل ربكم؟ قالوا أساطير الأولين}، وقال تعالى: {وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلاً} قال اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} أي ليس الأمر كما زعموا، ولا كما قالوا: إن هذا القرآن أساطير الأولين، بل هو كلام اللّه ووحيه وتنزيله على رسوله صلى اللّه عليه وسلم، وإنما حجب قلوبهم عن الإيمان به، ما عليها من الرين الذي قد لبس قلوبهم، من كثرة الذنوب والخطايا، ولهذا قال تعالى: {ما كانوا يكسبون} والرين يعتري قلوب الكافرين، والغَيْن للمقربين، وقد روى الترمذي والنسائي عن أبي هريرة عن النبي صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (إن العبد إذا أذنب ذنباً كانت نكتة سوداء في قلبه، فإن تاب منها صقل قلبه، وإن زاد زادت، فذلك قول اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}) ""أخرجه الترمذي والنسائي، وقال الترمذي: حسن صحيح""ولفظ النسائي: (إن العبد إذا أخطأ نكت في قلبه نكتة سوداء، فإن هو نزع واستغفر وتاب صقل قلبه، فإن عاد زيد فيها حتى تعلو قلبه، فهو الران الذي قال اللّه تعالى: {كلا بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون}) ""هذا لفظ النسائي وقد رواه أحمد بنحوه"". وقال الحسن البصري: هو الذنب حتى يعمى القلب فيموت وكذا قال مجاهد وقتادة وابن زيد ، وقوله تعالى: {كلا إنهم عن ربهم يومئذ لمحجوبون} أي ثم هم يوم القيامة محجوبون عن رؤية ربهم وخالقهم، قال الإمام الشافعي: وفي هذه الآية دليل على أن المؤمنين يرونه عزَّ وجلَّ يومئذ، وهذا الذي قاله في غاية الحسن، وهو استدلال بمفهوم هذه الآية، كما دل عليه منطوق قوله تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة}، وكما دلت على ذلك الأحاديث الصحاح المتواترة، في رؤية المؤمنين ربهم عزَّ وجلَّ في الدار الآخرة، قال الحسن: يكشف الحجاب فينظر إليه المؤمنون والكافرون، ثم يحجب عنه الكافرون، وينظر إليه المؤمنون كل يوم غدوة وعشية، وقوله تعالى: {ثم إنهم لصالوا الجحيم} أي ثم هم مع هذا الحرمان عن رؤية الرحمن، من أهل النيران، {ثم يقال هذا الذي كنتم به تكذبون} أي يقال لهم ذلك، على وجه التقريع والتوبيخ، والتصغير والتحقير.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি