نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المطففين آية 5
لِيَوْمٍ عَظِيمٍ

التفسير الميسر عذابٌ شديد للذين يبخسون المكيال والميزان، الذين إذا اشتروا من الناس مكيلا أو موزونًا يوفون لأنفسهم، وإذا باعوا الناس مكيلا أو موزونًا يُنْقصون في المكيال والميزان، فكيف بحال من يسرقهما ويختلسهما، ويبخس الناس أشياءهم؟ إنه أولى بالوعيد من مطففي المكيال والميزان. ألا يعتقد أولئك المطففون أن الله تعالى باعثهم ومحاسبهم على أعمالهم في يوم عظيم الهول؟ يوم يقوم الناس بين يدي الله، فيحاسبهم على القليل والكثير، وهم فيه خاضعون لله رب العالمين.

تفسير الجلالين
5 - (ليوم عظيم) أي فيه وهو يوم القيامة

تفسير القرطبي
قوله تعالى {ألا يظن أولئك} إنكار وتعجيب عظيم من حالهم، في الاجتراء على التطفيف، كأنهم لا يخطرون التطفيف ببالهم، ولا يخمنون تخمينا {أنهم مبعوثون} فمسؤولون عما يفعلون.
والظن هنا بمعنى اليقين؛ أي ألا يوقن أولئك، ولو أيقنوا ما نقصوا في الكيل والوزن.
وقيل : الظن بمعنى التردد، أي إن كانوا لا يستيقنون بالبعث، فهلا ظنوه، حتى يتدبروا ويبحثوا عنه، ويأخذوا بالأحوط {ليوم عظيم} شأنه وهو يوم القيامة.
قوله تعالى {يوم يقوم الناسلرب العالمين} فيه أربع مسائل: الأولى: العامل في {يوم} فعل مضمر، دل عليه {مبعوثون} والمعنى يبعثون {يوم يقوم الناس لرب العالمين}.
ويجوز أن يكون بدلا من يوم في {ليوم عظيم}، وهو مبني.
وقيل : هو في موضع خفض؛ لأنه أضيف إلى غير متمكن.
وقيل : هو منصوب على الظرف أي في يوم، ويقال : أقم إلى يوم يخرج فلان، فتنصب يوم، فإن أضافوا إلى الاسم فحينئذ يخفضون ويقولون : أقم إلى يوم خروج فلان.
وقيل : في الكلام تقديم وتأخير، التقدير إنهم مبعوثون يوم يقوم الناس لرب العالمين ليوم عظيم.
الثانية: وعن عبدالملك بن مروان : أن أعرابيا قال لي : قد سمعت ما قال الله تعالى في المطففين؛ أراد بذلك أن المطففين قد توجه عليهم هذا الوعيد العظيم الذي سمعت به، فما ظنك بنفسك وأنت تأخذ أموال المسلمين بلا كيل ولا وزن.
وفي هذا الإنكار والتعجيب وكلمة الظن، ووصف اليوم بالعظيم، وقيام الناس فيه لله خاضعين، ووصف ذاته برب العالمين، بيان بليغ لعظم الذنب، وتفاقم الإثم في التطفيف، وفيما كان في مثل حاله من الحيف، وترك القيام بالقسط، والعمل على التسوية والعدل، في كل أخذ وإعطاء، بل في كل قول وعمل.
الثالثة: قرأ ابن عمر {ويل للمطففين} حتى بلغ {يوم يقوم الناس لرب العالمين} فبكى حتى سقط، وامتنع من قراءة ما بعده، ثم قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (يوم يقوم الناس لرب العالمين، في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، فمنهم من يبلغ العرق كعبيه، ومنهم من يبلغ ركبتيه، ومنهم من يبلغ حقويه، ومنهم من يبلغ صدره، ومنهم من يبلغ أذنيه، حتى إن أحدهم ليغيب في رشحه كما يغيب الضفدع).
وروى ناس عن ابن عباس قال : يقومون مقدار ثلثمائة سنة.
قال : ويهون على المؤمنين قدر صلاتهم الفريضة.
وروي عن عبدالله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يقومون ألف عام في الظلة).
و""روى مالك عن نافع"" عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى إن أحدهم ليقوم في رشحه إلى أنصاف أذنيه).
وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم : (يقوم مائة سنة).
وقال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم لبشير الغفاري : (كيف أنت صانع في يوم يقوم الناس فيه مقدار ثلثمائة سنة لرب العالمين، لا يأتيهم فيه خبر، ولا يؤمر فيه بأمر) قال بشير : المستعان الله.
قلت : قد ذكرناه مرفوعا من حديث أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إنه ليخفف عن المؤمن، حتى يكون أخف عليه من صلاة المكتوبة يصليها في الدنيا) في {سأل سائل}[المعارج : 1].
وعن ابن عباس : يهون على المؤمنين قدر صلاتهم الفريضة.
وقيل : إن ذلك المقام على المؤمن كزوال الشمس؛ والدليل على هذا من الكتاب قول الحق {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون}[يونس : 62] ثم وصفهم فقال {الذين آمنوا وكانوا يتقون}[يونس : 63] جعلنا الله منهم بفضله وكرمه وجوده.
ومنّه أمين.
وقيل : المراد بالناس جبريل عليه السلام يقوم لرب العالمين؛ قال ابن جبير وفيه بعد؛ لما ذكرنا من الأخبار في ذلك، وهي صحيحة ثابتة، وحسبك بما في صحيح مسلم، والبخاري والترمذي من حديث ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم {يوم يقوم الناس لرب الله العالمين} قال : (يقوم أحدهم في رشحه إلى نصف أذنيه).
ثم قيل : هذا القيام يوم يقومون من قبورهم.
وقيل : في الآخرة بحقوق عباده في الدنيا.
وقال يزيد الرشك : يقومون بين يديه للقضاء.
الرابعة: القيام لله رب العالمين سبحانه حقير بالإضافة إلى عظمته وحقه، فأما قيام الناس بعضهم لبعض فاختلف فيه الناس؛ فمنهم من أجازه، ومنهم من منعه.
وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قام إلى جعفر بن أبي طالب واعتنقه، وقام طلحة لكعب بن مالك يوم تيب عليه.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار حين طلع عليه سعد بن معاذ : (قوموا إلى سيدكم).
وقال أيضا : (من سره أن يتمثل له الناس قياما فليتبوأ مقعده من النار).
وذلك يرجع إلى حال الرجل ونيته، فإن أنتظر ذلك وأعتقده لنفسه، فهو ممنوع، وإن كان على طريق البشاشة والوصلة فإنه جائز، وخاصة عند الأسباب، كالقدوم من السفر ونحوه.
وقد مضى في آخر سورة يوسف شيء من هذا.

تفسير ابن كثير عن ابن عباس رضي اللّه عنهما قال: لما قدم النبي صلى اللّه عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلاً، فأنزل اللّه تعالى: {ويل للمطفِّفين} فحسنوا الكيل بعد ذلك ""أخرجه النسائي وابن ماجه""، وروى ابن جرير، عن عبد اللّه قال، قال له رجل: يا أبا عبد الرحمن إن أهل المدينة ليوفون الكيل، قال: وما يمنعهم أن يوفوا الكيل، وقد قال اللّه تعالى: {ويل للمطففين - حتى بلغ ـ يقوم الناس لرب العالمين} ""رواه ابن جرير""، والمراد بالتطفيف ههنا البخس في المكيال والميزان، إما بالازدياد إن اقتضى من الناس، وإما النقصان إن قضاهم، ولهذا فسر تعالى المطففين الذين وعدهم بالخسار والهلاك بقوله تعالى: {إذا اكتالوا على الناس} أي من الناس {يستوفون} أي يأخذون حقهم بالوافي والزائد، {وإذا كالوهم أو وزنوهم يخسرون} أي ينقصون، والأحسن أن يجعل (كالوا ووزنوا) متعدياً ويكون (هم) في محل نصب، وقد أمر اللّه تعالى بالوفاء في الكيل والميزان فقال تعالى: {وأوفوا الكيل إذا كلتم}، وقال تعالى: {وأقيموا الوزن بالقسط ولا تخسروا الميزان}، وأهلك قوم شعيب ودمرهم على ما كانوا يبخسون الناس في الميزان والمكيال، ثم قال تعالى متوعداً لهم: {ألا يظن أولئك أنهم مبعوثون . ليوم عظيم}؟ أي ما يخاف أولئك من البعث والقيام بين يدي من يعلم السرائر والضمائر، في يوم عظيم الهول، كثير الفزع جليل الخطب، من خسر فيه أدخل ناراً حامية؟ وقوله تعالى: {يوم يقوم الناس لرب العالمين} أي يقومون حفاة عراة، في موقف صعب حرج، ضيق على المجرم، ويغشاهم من أمر اللّه تعالى ما تعجز القوى والحواس عنه، عن ابن عمر أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (يوم يقوم الناس لرب العالمين حتى يغيب أحدهم في رشحه إلى أنصاف أذنيه) ""أخرجه البخاري ومسلم والإمام مالك""، وفي رواية لأحمد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (يوم يقوم الناس لرب العالمين، لعظمة الرحمن عزَّ وجلَّ يوم القيامة، حتى إن العرق ليلجم الرجال إلى أنصاف آذانهم) ""أخرجه الإمام أحمد"". حديث آخر: وروى الإمام أحمد عن المقداد بن الأسود الكِنْدي قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إذا كان يوم القيامة أدنيت الشمس من العباد حتى تكون قدر ميل أو ميلين - قال - فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم، منهم من يأخذه إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى ركبتيه، ومنهم من يأخذه إلى حقويه، ومنهم من يأخذه إلجاماً) ""رواه مسلم والترمذي وأحمد"". حديث آخر: روى الإمام أحمد، عن عقبة بن عامر قال، سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (تدنو الشمس من الأرض فيعرق الناس، فمن الناس من يبلغ عرقه عقبيه، ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق، ومنهم من يبلغ ركبتيه، ومنهم من يبلغ العجز، ومنهم من يبلغ الخاصرة، ومنهم من يبلغ منكبيه، ومنهم من يبلغ وسط فيه - وأشار بيده فألجمها فاه - رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يشير بيده هكذا - ومنهم من يغطيه عرقه) وضرب بيده، إشارة ""أخرجه الإمام أحمد""، وفي سنن أبي داود أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يتعوذ باللّه من ضيق المقام يوم القيامة، وعن ابن مسعود: يقومون أربعين سنة رافعي رءوسهم إلى السماء لا يكلمهم أحد قد ألجم العرق برهم وفاجرهم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি