نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة عبس آية 41
تَرْهَقُهَا قَتَرَةٌ

التفسير الميسر وجوه أهل النعيم في ذلك اليوم مستنيرة، مسرورة فرحة، ووجوه أهل الجحيم مظلمة مسودَّة، تغشاها ذلَّة. أولئك الموصوفون بهذا الوصف هم الذين كفروا بنعم الله وكذَّبوا بآياته، وتجرؤوا على محارمه بالفجور والطغيان.

تفسير الجلالين
41 - (ترهقها) تغشاها (قترة) ظلمة وسواد

تفسير القرطبي
قوله تعالى {فإذا جاءت الصاخة} لما ذكر أمر المعاش ذكر أمر المعاد، ليتزودوا له بالأعمال الصالحة، وبالإنفاق مما امتن به عليهم.
والصاخة : الصيحة التي تكون عنها القيامة، وهي النفخة الثانية، تصخ الأسماع : أي تصمها فلا تسمع إلا ما يدعى به للأحياء.
وذكر ناس من المفسرين قالوا : تصيخ لها الأسماع، من قولك : أصاخ إلى كذا : أي استمع إليه، ومنه الحديث : (ما من دابة إلا وهي مصيخة يوم الجمعة شفقا من الساعة إلا الجن والإنس).
وقال الشاعر : يصيخ للنبأة أسماعه ** إصاخة المنشد للمنشد قال بعض العلماء : وهذا يؤخذ على جهة التسليم للقدماء، فأما اللغة فمقتضاها القول الأول، قال الخليل : الصاخة : صيحة تصخ الآذان صخا أي تصمها بشدة وقعتها.
وأصل الكلمة في اللغة : الصك الشديد.
وقيل : هي مأخوذة من صخه بالحجر : إذا صكه قال الراجز : يا جارتي هل لك أن تجالدي ** جلادة كالصك بالجلامد ومن هذا الباب قول العرب : صختهم الصاخة وباتتهم البائتة، وهي الداهية.
الطبري : وأحسبه من صخ فلان فلانا : إذا أصماه.
قال ابن العربي : الصاخة التي تورث الصمم، وإنها لمسمعة، وهذا من بديع الفصاحة، حتى لقد قال بعض حديثي الأسنان حديثي الأزمان : أَصَمَّ بك الناعي وإن كان أسمعا وقال آخر : أَضَمَّني سِرُّهم أيام فرقتهم ** فهل سمعتم بسر يورث الصمما لعمر الله إن صيحة القيامة لمسمعة تصم عن الدنيا، وتسمع أمور الآخرة.
قوله تعالى {يوم يفر المرء من أخيه} أي يهرب، أي تجيء الصاخة في هذا اليوم الذي يهرب فيه من أخيه؛ أي من موالاة أخيه ومكالمته؛ لأنه لا يتفرغ لذلك، لاشتغاله بنفسه؛ كما قال بعده {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} أي يشغله عن غيره.
وقيل : إنما يفر حذرا من مطالبتهم إياه، لما بينهم من التبعات.
وقيل : لئلا يروا ما هو فيه من الشدة.
وقيل : لعلمه أنهم لا ينفعونه ولا يغنون عنه شيئا؛ كما قال {يوم لا يغني مولى عن مولى شيئا}[الدخان : 41].
وقال عبدالله بن طاهر الأبهري : يفر منهم لما تبين له من عجزهم وقلة حيلتهم، إلى من يملك كشف تلك الكروب والهموم عنه، ولو ظهر له ذلك في الدنيا لما اعتمد شيئا سوى ربه تعالى.
وذكر الضحاك عن ابن عباس قال : يفر قابيل من أخيه هابيل، ويفر النبي صلى الله عليه وسلم من أمه، وإبراهيم عليه السلام من أبيه، ونوح عليه السلام من ابنه، ولوط من امرأته، وآدم من سوأة بنيه.
وقال الحسن : أول من يفر يوم القيامة من، أبيه : إبراهيم، وأول من يفر من ابنه نوح؛ وأول من يفر من امرأته لوط.
قال : فيرون أن هذه الآية نزلت فيهم وهذا فرار التبرؤ.
{لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}.
في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت : سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول : [يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا] قلت، يا رسول الله! الرجال والنساء جميعا ينظر بعضهم إلى بعض؟ قال : [يا عائشة، الأم أشد من أن ينظر بعضهم إلى بعض].
"" خرجه الترمذي.
عن ابن عباس"" : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : [يحشرون حفاة عراة غرلا] فقالت امرأة : أينظر بعضنا، أو يرى بعضنا عورة بعض؟ قال : [يا فلانة] {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه}.
قال : حديث حسن صحيح.
وقراءة العامة بالغين المعجمة؛ أي حال يشغله عن الأقرباء.
وقرأ ابن محيصن وحميد {يعنيه} بفتح الياء، وعين غير معجمة؛ أي يعنيه أمره.
وقال القتبي : يعنيه : يصرفه ويصده عن قرابته، ومنه يقال : أعن عني وجهك : أي أصرفه واعن عن السفيه؛ قال خفاف : سيعنيك حرب بني مالك ** عن الفحش والجهل في المحفل قوله تعالى {وجوه يومئذ مسفرة} أي مشرقة مضيئة، قد علمت مالها من الفوز والنعيم، وهي وجوه المؤمنين.
{ضاحكة} أي مسرورة فرحة.
{مستبشرة} : أي بما آتاها الله من الكرامة.
وقال عطاء الخراساني {مسفرة} من طول ما اغبرت في سبيل الله جل ثناؤه.
ذكره أبو نعيم.
الضحاك : من آثار الوضوء.
ابن عباس : من قيام الليل؛ لما روي في الحديث : [من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار] يقال : أسفر الصبح إذا أضاء.
{ووجوه يومئذ عليها غبرة} أي غبار ودخان {ترهقها} أي تغشاها {قترة} أي كسوف وسواد.
كذا قال ابن عباس.
وعنه أيضا : ذلة وشدة.
والقتر في كلام العرب : الغبار، جمع القترة، عن أبي عبيد؛ وأنشد الفرزدق : متوج برداء الملك يتبعه ** موج ترى فوقه الرايات والقترا وفي الخبر : إن البهائم إذا صارت ترابا يوم القيامة حول ذلك التراب في وجوه الكفار.
وقال زيد بن أسلم، القترة : ما ارتفعت إلى السماء، والغبرة : ما انحطت إلى الأرض، والغبار والغبرة : واحد.
{أولئك هم الكفرة} جمع كافر {الفجرة} جمع فاجر، وهو الكاذب المفتري على الله تعالى.
وقيل : الفاسق؛ [يقال] : فجر فجورا : أي فسق، وفجر : أي كذب.
وأصله : الميل، والفاجر : المائل.
وقد مضى بيانه والكلام فيه.
والحمد لله وحده.

تفسير ابن كثير قال ابن عباس: {الصّاخَّةُ} اسم من أسماء يوم القيامة، عظّمه اللّه وحذّره عباده، وقال البغوي: {الصاخة} يعني يوم القيامة، سميت بذلك لأنها تصخ الأسماع، أي تبالغ في إسماعها حتى تكاد تصمها، {يوم يفر المرء من أخيه . وأُمّه وأبيه . وصاحبته وبنيه} أي يراهم ويفر منهم؛ لأن الهول عظيم، والخطب جليل، قال عكرمة: يلقى الرجل زوجته فيقول لها: يا هذه أي بعل كنت لكِ؟ فتقول: نعم البعل كنت، وتثني بخير ما استطاعت، فيقول لها: فإني أطلب إليك اليوم حسنة واحدة تهبيها لي لعلي أنجو مما ترين، فتقول له: ما أيسر ما طلبت، ولكن لا أطيق أن أعطيك شيئاً أتخوف مثل الذي تخاف، قال: وإن الرجل ليلقى ابنه فيعلق به فيقول: يا بني أي والد كنت لك؟ فيثني بخير، فيقول له: يا بني إني احتجت إلى مثقال ذرة من حسناتك لعلي أنجو بها مما ترى فيقول ولده: يا أبتِ ما أيسر ما طلبت، ولكني أتخوف مثل الذي تتخوف، فلا أستطيع أن أُعطيك شيئاً، يقول اللّه تعالى: {يوم يفر المرء من أخيه . وأُمّه وأبيه . وصاحبته وبنيه} وفي الحديث الصحيح في أمر الشفاعة: حتى عيسى بن مريم يقول: لا أسأله اليوم إلا نفسي، لا أسأله مريم التي ولدتني، عن ابن عباس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (تحشرون حفاة عراة مشاة غرلاً) قال، فقالت زوجته: يا رسول اللّه ننظر أو يرى بعضنا عورة بعض قال: (لكل امرئ يومئذ شأن يغنيه) أو قال: (ما أشغله عن النظر) ""أخرجه ابن أبي حاتم"". وروى النسائي عن عروة عن عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (يبعث الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلاً) فقالت عائشة: يا رسول اللّه فكيف بالعورات؟ فقال: (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) ""انفرد به النسائي من هذه الوجه"". وعن أنَس بن مالك قال: سألت عائشة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت: يا رسول اللّه بأبي أنت وأُمّي، إني سألتك عن حديث فتخبرني أنت به، قال: (إن كان عندي منه علم) قالت يا نبي اللّه كيف يحشر الرجال؟ قال: (حفاة عراة) ثم انتظرت ساعة، فقالت: يا رسول اللّه كيف يحشر النساء؟ قال: (كذلك حفاة عراة)، قالت: واسوأتاه من يوم القيامة، قال: (وعن أي ذلك تسألين إنه قد نزل علي آية لا يضرك كان عليك ثياب أو لا يكون)، قالت: أية آية هي يا نبي اللّه؟ قال: (لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه) ""أخرجه ابن أبي حاتم""، وقال البغوي في تفسيره، عن سودة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم قالت، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (يبعث الناس حفاة عراة غرلاً قد ألجمهم العرق وبلغ شحوم الآذان)، فقلت: يا رسول اللّه واسوأتاه ينظر بعضنا إلى بعض؟ فقال: قد شغل الناس {لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه} ""حديث غريب من هذا الوجه"". وقوله تعالى: {وجوه يومئذ مسفرة ضاحكة مستبشرة} أي يكون الناس هنالك فريقين، وجوه مسفرة أي مستنيرة {ضاحكة مستبشرة} أي مسرورة فرحة، قد ظهر البشر على وجوههم، وهؤلاء هم أهل الجنة، {ووجوه يومئذ عليها غبرة . ترهقها قترة} أي يعلوها وتغشاها {قترة} أي سواد، وفي الحديث: (يلجم الكافر العرق ثم تقع الغبرة على وجوههم)، فهو قوله تعالى: {ووجوه يومئذ عليها غبرة} ""أخرجه ابن أبي حاتم""، وقال ابن عباس {ترهقها قترة} أي يغشاها سواد الوجوه، وقوله تعالى: {أولئك هم الكفرة الفجرة} أي الكفرة قلوبهم، الفجرة في أعمالهم، كما قال تعالى: {ولا يلدوا إلا فاجراً كفاراً}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি