نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة عبس آية 25
أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبًّا

التفسير الميسر فليتدبر الإنسان: كيف خلق الله طعامه الذي هو قوام حياته؟ أنَّا صببنا الماء على الأرض صَبًّا، ثم شققناها بما أخرجنا منها من نبات شتى، فأنبتنا فيها حبًا، وعنبًا وعلفًا للدواب، وزيتونًا ونخلا وحدائق عظيمة الأشجار، وثمارًا وكلأ تَنْعَمون بها أنتم وأنعامكم.

تفسير الجلالين
25 - (أنا صببنا الماء) من السحاب (صبا)

تفسير القرطبي
قوله تعالى {فلينظر الإنسان إلى طعامه} لما ذكر جل ثناؤه ابتداء خلق الإنسان، ذكر ما يسر من رزقه؛ أي فلينظر كيف خلق الله طعامه.
وهذا النظر نظر القلب بالفكر؛ أي ليتدبر كيف خلق الله طعامه الذي هو قوام حياته، وكيف هيأ له أسباب المعاش، ليستعد بها للمعاد.
وروي عن الحسن ومجاهد قالا {فلينظر الإنسان إلى طعامه} أي إلى مدخله ومخرجه.
وروى ابن أبي خيثمة عن الضحاك بن سفيان الكلابي قال : قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : (يا ضحاك ما طعامك) قلت : يا رسول الله! اللحم واللبن؛ قال : (ثم يصير إلى ماذا) قلت إلى ما قد علمته؛ قال : (فإن الله ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلا للدنيا).
وقال أبي بن كعب : قال النبي صلى الله عليه وسلم : [إن مطعم ابن آدم جعل مثلا للدنيا وإن قزحه وملحه فانظر إلى ما يصير].
وقال أبو الوليد : سألت ابن عمر عن الرجل يدخل الخلاء فينظر ما يخرج منه؛ قال : يأتيه الملك فيقول أنظر ما بخلت به إلى ما صار؟ قوله تعالى {أنا صببنا الماء صبا} قراءة العامة {إناء} بالكسر، على الاستئناف، وقرأ الكوفيون ورويس عن يعقوب {أنا} بفتح الهمزة، فـ {أنا} في موضع خفض على الترجمة عن الطعام، فهو بدل منه؛ كأنه قال {فلينظر الإنسان إلى طعامه} إلى {أنا صببنا} فلا يحسن الوقف على {طعامه} من هذه القراءة.
وكذلك إن رفعت {أنا} بإضمار هو أنا صببنا؛ لأنها في حال رفعها مترجمة عن الطعام.
وقيل : المعنى : لأنا صببنا الماء، فأخرجنا به الطعام، أي كذلك كان.
وقرأ الحسين بن علي {أني} فقال، بمعنى كيف؟ فمن أخذ بهذه القراءة قال : الوقف على {طعامه} تام.
ويقال : معنى {أني} أين، إلا أن فيها كناية عن الوجوه؛ وتأويلها : من أي وجه صببنا الماء؛ قال الكميت : أني، ومن أين آبك الطرب ** من حيث لا صبوة ولا ريب {صببنا الماء صبا} : يعني الغيث والأمطار.
{ثم شققنا الأرض شقا} أي بالنبات {فأنبتنا فيها حبا} أي قمحا وشعيرا وسلتا وسائر ما يقصد ويدخر {وعنبا وقضبا} وهو القت والعلف، عن الحسن : سمو، بذلك لأنه يقضب أي يقطع بعد ظهوره مرة بعد مرة.
قال القتبي وثعلب : وأهل مكة يسمون القت القضب.
وقال ابن عباس : هو الرطب لأنه يقضب من النخل : ولأنه ذكر العنب قبله.
وعنه أيضا : أنه الفصفصة وهو القت الرطب.
وقال الخليل : القضب الفِصْفِصْة الرطبة.
وقيل : بالسين، فإذا يبست فهو قت.
قال : والقضب : اسم يقع على ما يقضب من أغصان الشجرة، ليتخذ منها سهام أو قسي.
ويقال : قضبا،يعني جميع ما يقضب، مثل القت والكراث وسائر البقول التي تقطع فينبت أصلها.
وفي الصحاح : والقضة والقضب الرطبة، وهي الإسفست بالفارسية، والموضع الذي ينبت فيه مقضبة.
{وزيتونا} وهي شجرة الزيتون {ونخلا} يعني النخيل {وحدائق} أي بساتين واحدها حديقة.
قال الكلبي : وكل شيء أحيط عليه من نخيل أو شجر فهو حداقة، وما لم يحط عليه فليس بحديقة.
{غلبا} عظاما شجرها؛ يقال : شجرة غلباء، ويقال للأسد : الأغلب؛ لأنه مصمت العنق، لا يلتفت إلا جميعا؛ قال العجاج : ما زلت يوم البين ألوي صَلَبي ** والرأس حتى صرت مثل الأغلب ورجل أغلب بين الغلب إذا كان غليظ الرقبة.
والأصل في الوصف بالغلب : الرقاب فاستعير؛ قال قال عمرو بن معدي كرب : يمشي بها غُلب الرقاب كأنهم ** بزل كُسِين من الكحيل جِلالا وحديقة غلباء : ملتفة وحدائق غلب.
وأغلولب العشب : بلغ وألتف البعض بالبعض.
قال ابن عباس : الغلب : جمع أغلب وغلباء وهي الغلاظ.
وعنه أيضا الطوال.
قتادة وابن زيد : الغلب : النخل الكرام.
وعن ابن زيد أيضا وعكرمة : عظام الأوساط والجذوع.
مجاهد : ملتفة.
{وفاكهة} أي ما تأكله الناس من ثمار الأشجار كالتين والخوخ وغيرهما {وأبا} هو ما تأكله البهائم من العشب، قال ابن عباس والحسن : الأب : كل ما أنبتت الأرض، مما لا يأكله الناس، ما يأكله الآدميون هو الحصيد؛ ومنه قول الشاعر في مدح النبي صلى الله عليه وسلم : له دعوة ميمونة ريحها الصبا ** بها ينبت الله الحصيدة والأبا وقيل : إنما سمي أبا؛ لأنه يؤب أي يوم وينتجع.
والأب والأم : أخوان؛ قال : جذمنا قيس ونجد دارنا ** ولنا الأب به والمكرع وقال الضحاك : والأب : كل شيء ينبت على وجه الأرض.
وكذا قال أبو رزين : هو النبات.
يدل عليه قول ابن عباس قال : الأب : ما تنبت الأرض مما يأكل الناس والأنعام.
وعن ابن عباس أيضا وابن أبي طلحة : الأب : الثمار الرطبة.
وقال الضحاك : هو التين خاصة.
وهو محكي عن ابن عباس أيضا؛ قال الشاعر : فما لهم مرتع للسوا ** م والأب عندهم يقدر الكلبي : هو كل نبات سوى الفاكهة.
وقيل : الفاكهة : رطب الثمار، والأب يابسها.
وقال إبراهيم التيمي : سئل أبو بكر الصديق رضي الله عنه عن تفسير الفاكهة والأب فقال : أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت : في كتاب الله ما لا أعلم.
وقال أنس : سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قرأ هذه الآية ثم قال : كل هذا قد عرفناه، فما الأب؟ ثم رفع عصا كانت بيده وقال : هذا لعمر الله التكلف، وما عليك يا ابن أم عمر ألا تدري ما الأب؟ ثم قال : اتبعوا ما بين لكم من هذا الكتاب، وما لا فدعوه.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (خلقتم من سبع، ورزقتم من سبع، فاسجدوا لله على سبع).
وإنما أراد بقول : (خلقتم من سبع) يعني {من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة}[الحج : 5] الآية، والرزق من سبع، وهو قوله تعالى {فأنبتنا فيها حبا وعنبا} إلى قوله {وفاكهة} ثم قال {وأبا} وهو يدل على أنه ليس برزق لابن آدم، وأنه مما تختص به البهائم.
والله أعلم.
{متاعا لكم} نصب على المصدر المؤكد، لأن إنبات هذه الأشياء إمتاع لجميع الحيوانات.
وهذا ضرب مثل ضربه الله تعالى لبعث الموتى من قبورهم، كنبات الزرع بعد دثوره، كما تقدم بيانه في غير موضع.
ويتضمن امتنانا عليهم بما أنعم به، وقد مضى في غير موضع أيضا.

تفسير ابن كثير يقول تعالى ذاماً لمن أنكر البعث والنشور من بني آدم: {قتل الإنسان ما أكفره}، قال ابن عباس: لعن الإنسان، وهذا الجنس الإنسان المكذب لكثرة تكذيبه {ما أكفره} أي ما أشد كفره، وقال ابن جرير: ويحتمل أن يكون المراد أي شيء جعله كافراً أي ما حمله على التكذيب بالمعاد؟ وقال قتادة: {ما أكفره} ما ألعنه، ثم بين تعالى له كيف خلقه من الشيء الحقير، وأنه قادر على إعادته كما بدأه فقال تعالى: {من أي شيء خلقه؟ من نطفة خلقه فقدره} أي قدّر أجله ورزقه وعمله وشقي أو سعيد {ثم السبيل يسره} قال ابن عباس: ثم يسر عليه خروجه من بطن أمه وهو قول عكرمة والضحّاك وقتادة والسدي واختاره ابن جرير، وقال مجاهد: هذه كقوله تعالى: {إنا هديناه السبيل إما شاكراً وإما كفوراً} أي بيناه له وأوضحناه وسهلنا عليه علمه، وهذا هو الأرجح واللّه أعلم، وقوله تعالى: {ثم أماته فأقبره} أي أنه بعد خلقه له {أماته فأقبره} أي جعله ذا قبر، والعرب تقول قبرت الرجل إذا ولي ذلك منه. وأقبره اللّه، وطردت عني فلاناً وأطرده اللّه، أي جعله طريداً، وقوله تعالى: {ثم إذا شاء أنشره} أي بعثه بعد موته، ومنه يقال البعث والنشور، عن أبي سعيد عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا عجب ذنبه)، قيل: وما هو يا رسول اللّه؟ قال: (مثل حبة خردل منه تنشؤون) ""أخرجه ابن أبي حاتم""وهذا الحديث ثابت في الصحيحين بدون هذه الزيادة، ولفظه: (كل ابن آدم يبلى إلا عجب الذنب منه خلق وفيه يركب) ""أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة""، وقوله تعالى: {كلا لما يقض ما أمره} قال ابن جرير: يقول جل ثناؤه كلا ليس الأمر كما يقول هذا الإنسان الكافر من أنه قد أدى حق اللّه عليه في نفسه وماله، {لّما يقض ما أمره} يقول: لم يؤد ما فرض عليه من الفرائض لربه عزَّ وجلَّ، عن مجاهد قال: لا يقضي أحد أبداً كل ما افترض عليه. وقوله تعالى: {فلينظر الإنسان إلى طعامه} فيه امتنان، وفيه استدلال بإحياء النبات من الأرض الهامدة، على إحياء الأجسام بعدما كانت عظاماً بالية وتراباً متمزقاً، {أنا صببنا الماء صباً} أي أنزلناه من السماء على الأرض، {ثم شققنا الأرض شقاً} أي أسكناه فيها فيدخل في تخومها، فنبت وارتفع وظهر على وجه الأرض، {فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً}، فالحب كل ما يذكر من الحبوب، والعنب معروف، والقضب هو الفصفصة التي تأكلها الدواب رطبة، ويقال لها القت أيضاً. قال ذلك ابن عباس وقتادة، وقال الحسن البصري: القضب العلف، {وزيتوناً} وهو معروف، وهو أدم وعصيره أدم، ويستصبح به ويدهن به، {ونخلاً} يؤكل بلحاً وبسراً، ورطباً وتمراً، ونيئاً ومطبوخاً، ويعتصر منه رب وخل. {وحدائق غلباً} أي بساتين، قال الحسن وقتادة: غلباً نخل غلاظ كرام، وقال ابن عباس ومجاهد: كل ما التف واجتمع، وقال ابن عباس أيضاً {غلباً} الشجر الذي يستظل به، وقال عكرمة: {غلباً} أي غلاظ الأوساط، وقوله تعالى: {وفاكهة وأباً} أما الفاكهة فكل ما يتفكه به من الثمار، قال ابن عباس: الفاكهة كل ما أكل رطباً، والأَبُّ: ما أنبت الأرض مما تأكله الدواب ولا يأكله الناس، وفي رواية عنه: هو الحشيش للبهائم، وقال مجاهد: الأب الكلأ، وعن مجاهد والحسن: الأب للبهائم كالفاكهة لبني آدم، وعن عطاء كل شيء نبت على وجه الأرض فهو أب، وقال الضحّاك: كل شيء أنبتته الأرض سوى الفاكهة فهو الأب. وقال العوفي، عن ابن عباس: الأب: الكلأ والمرعى. روي أن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قرأ {عبس وتولى} فلما أتى على هذه الآية: {وفاكهة وأباً} قال: قد عرفنا الفاكهة فما الأب؟ فقال لعمرك يا ابن الخطاب إن هذا لهو التكلف ""رواه ابن جرير، وإسناده صحيح كما قال ابن كثير""، وهذا محمول على أنه أراد أن يعرف شكله وجنسه وعينه، وإلا فهو يعلم أنه من نبات الأرض لقوله: {فأنبتنا فيها حباً . وعنباً وقضباً . وزيتوناً ونخلاً . وحدائق غلباً . وفاكهة وأباً}. وقوله تعالى: {متاعاً لكم ولأنعامكم} أي عيشة لكم ولأنعامكم في هذه الدار، إلى يوم القيامة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি