نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة النبأ آية 22
لِلطَّاغِينَ مَآبًا

التفسير الميسر إن جهنم كانت يومئذ ترصد أهل الكفر الذين أُعِدَّت لهم، للكافرين مرجعًا، ماكثين فيها دهورًا متعاقبة لا تنقطع، لا يَطْعَمون فيها ما يُبْرد حرَّ السعير عنهم، ولا شرابًا يرويهم، إلا ماءً حارًا، وصديد أهل النار، يجازَون بذلك جزاء عادلا موافقًا لأعمالهم التي كانوا يعملونها في الدنيا.

تفسير الجلالين
22 - (للطاغين) الكافرين فلا يتجاوزونها (مآبا) مرجعا لهم فيدخلونها

تفسير القرطبي
قوله تعالى {إن جهنم كانت مرصادا} مفعال من الرصد والرصد : كل شيء كان أمامك.
قال الحسن : إن على النار رصدا، لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز عليه، فمن جاء بجواز جاز، ومن لم يجيء بجواز حبس.
وعن سفيان رضي الله عنه قال : عليها ثلاث قناطر.
وقيل {مرصادا} ذات أرصاد على النسب؛ أي ترصد من يمر بها.
وقال مقاتل : محبسا.
وقيل : طريقا وممرا، فلا سبيل إلى الجنة حتى يقطع جهنم.
وفي الصحاح : والمرصاد : الطريق.
وذكر القشيري : أن المرصاد المكان الذي يرصد فيه الواحد العدو، نحو المضمار : الموضع الذي تضمر فيه الخيل.
أي هي معدة لهم؛ فالمرصاد بمعنى المحل؛ فالملائكة يرصدون الكفار حتى ينزلوا بجهنم.
وذكر الماوردي عن أبي سنان أنها بمعنى راصدة، تجازيهم بأفعالهم.
وفي الصحاح : الراصد الشيء : الراقب له؛ تقول : رصده يرصده رصدا ورصدا، والترصد : الترقب.
والمرصد : موضع الرصد.
الأصمعي : رصدته أرصده : ترقبته، وأرصدته : أعددت له.
والكسائي : مثله.
قلت : فجهنم معدة مترصدة، متفعل من الرصد وهو الترقب؛ أي هي متطلعة لمن يأتي.
والمرصاد مفعال من أبنية المبالغة كالمعطار والمغيار، فكأنه يكثر من جهنم انتظار الكفار.
{للطاغين مآبا} بدل من قوله {مرصادا} والمآب : المرجع، أي مرجعا يرجعون إليها؛ يقال : آب يؤوب أوبة : إذا رجع.
وقال قتادة : مأوى ومنزلا.
والمراد بالطاغين من طغى في دينه بالكفر، أو في دنياه بالظلم.
قوله تعالى {لابثين فيها أحقابا} أي ماكثين في النار ما دامت الأحقاب، وهي لا تنقطع، فكلما مضى حقب جاء حقب.
والحقب بضمتين : الدهر والأحقاب الدهور.
والحقبة بالكسر : السنة؛ والجمع حقب؛ قال متمم بن نويرة التميمي : وكنا كندماني جذيمة حقبة ** من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا ** لطول اجتماع لم نبت ليلة معا والحقب بالضم والسكون : ثمانون سنة.
وقيل : أكثر من ذلك وأقل، على ما يأتي، والجمع : أحقاب.
والمعنى في الآية؛ [لابثين] فيها أحقاب الآخرة التي لا نهاية لها؛ فحذف الآخرة لدلالة الكلام عليه؛ إذ في الكلام ذكر الآخرة وهو كما يقال أيام الآخرة؛ أي أيام بعد أيام إلى غير نهاية، وإنما كان يدل على التوقيت لو قال خمسة أحقاب أو عشرة أحقاب.
ونحوه وذكر الأحقاب لأن الحقب كان أبعد شيء عندهم، فتكلم بما تذهب إليه أوهامهم ويعرفونها، وهي كناية عن التأبيد، أي يمكثون فيها أبدا.
وقيل : ذكر الأحقاب دون الأيام؛ لأن الأحقاب أهول في القلوب، وأدل على الخلود.
والمعنى متقارب؛ وهذا الخلود في حق المشركين.
ويمكن حمل الآية على العصاة الذين يخرجون من النار بعد أحقاب.
وقيل : الأحقاب وقت لشربهم الحميم والغساق، فإذا انقضت فيكون لهم نوع آخر من العقاب؛ ولهذا قال {لابثين فيها أحقابا.
لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا.
إلا حميما وغساقا}.
و{لابثين} اسم فاعل من لبث، ويقويه أن المصدر منه اللبث بالإسكان، كالشرب.
وقرأ حمزة والكسائي {لبثين} بغير ألف وهو اختيار أبي حاتم وأبي عبيد، وهما لغتان؛ يقال : رجل لابث ولبث، مثل طمع وطامع، وفره وفاره.
ويقال : هو لبث بمكان كذا : أي قد صار اللبث شأنه، فشبه بما هو خلقة في الإنسان نحو حذر وفرق؛ لأن باب فعل إنما هو لما يكون خلقة في الشيء في الأغلب، وليس كذلك اسم الفاعل من لابث.
والحقب : ثمانون سنة في قول ابن عمر وابن محيصن وأبي هريرة، والسنة ثلثمائة يوم وستون يوما، واليوم ألف سنة من أيام الدنيا، قاله ابن عباس.
وروي ابن عمر هذا مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال أبو هريرة : والسنة ثلثمائة يوم وستون يوما كل يوم مثل أيام الدنيا.
وعن ابن عمر أيضا : الحقب : أربعون سنة.
السدي : سبعون سنة.
وقيل : إنه ألف شهر.
رواه أبو أمامة مرفوعا.
بشير بن كعب : ثلاثمائة سنة.
الحسن : الأحقاب لا يدري أحدكم هي، ولكن ذكروا أنها مائة حقب، والحقب الواحد منها سبعون ألف سنة، اليوم منها كألف سنة مما تعدون.
وعن أبي أمامة أيضا، عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الحُقُب الواحد ثلاثون ألف سنة) ذكره المهدوي.
والأول الماوردي.
وقال قطرب : هو الدهر الطويل غير المحدود.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (والله لا يخرج من النار من دخلها حتى يكون فيها أحقابا، الحقب بضع وثمانون سنة، والسنة ثلثمائة وستون يوما، كل يوم ألف سنة مما تعدون؛ فلا يتكلن أحدكم على أن يخرج من النار).
ذكره الثعلبي.
القُرظي : الأحقاب : ثلاثة وأربعون، حقبا كل حقب سبعون خريفا، كل خريف سبعمائة سنة، كل سنة ثلثمائة وستون يوما، كل يوم ألف سنة.
قلت : هذه أقوال متعارضة، والتحديد في الآية للخلود، يحتاج إلى توقيف يقطع العذر، وليس ذلك بثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإنما المعنى - والله أعلم - ما ذكرناه أولا؛ أي لابثين فيها أزمانا ودهورا، كلما مضى زمن يعقبه زمن، ودهر يعقبه دهر، هكذا أبد الآبدين من غير انقطاع.
وقال ابن كيسان : معنى {لابثين فيها أحقابا} لا غاية لها انتهاء، فكأنه قال أبدا.
وقال ابن زيد ومقاتل : إنها منسوخة بقوله تعالى{فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا} يعني أن العدد قد انقطع، والخلود قد حصل.
قلت : وهذا بعيد؛ لأنه خبر، وقد قال تعالى {ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط}[الأعراف : 40] على ما تقدم.
هذا في حق الكفار، فأما العصاة الموحدون فصحيح ويكون النسخ بمعنى التخصيص.
والله أعلم.
وقيل : المعنى {لابثين فيها أحقابا} أي في الأرض؛ إذ قد تقدم ذكرها ويكون الضمير في {لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا} لجهنم.
وقيل : واحد الأحقاب حقب وحقبة؛ قال : فإن تنأ عنها حقبة لا تلاقها ** فأنت بما أحدثته بالمجرب وقال الكميت : مر لها بعد حقبة حقب قوله تعالى {لا يذوقون فيها} أي في الأحقاب {بردا ولا شرابا} البرد : النوم في قول أبي عبيدة وغيره؛ قال الشاعر : ولو شئت حرمت النساء سواكم ** وإن شئت لم أطعم نُقاخا ولا بردا وقاله مجاهد والسدي والكسائي والفضل بن خالد وأبو معاذ النحوي؛ وأنشدوا قول الكندي : بردت مراشفها علي فصدني ** عنها وعن تقبيلها البرد يعني النوم.
والعرب تقول : منع البرد البرد، يعني : أذهب البرد النوم.
قلت : وقد جاء الحديث أنه عليه الصلاة والسلام سئل هل في الجنة نوم.
فقال : (لا؛ النوم أخو الموت، والجنة لا موت فيها) فكذلك النار؛ وقد قال تعالى {لا يقضى عليهم فيموتوا}[فاطر : 36] وقال ابن عباس : البرد : برد الشراب.
وعنه أيضا : البرد النوم : والشراب الماء.
وقال الزجاج : أي لا يذوقون فيها برد ريح، ولا ظل، ولا نوم.
فجعل البرد برد كل شيء له راحة، وهذا برد ينفعهم، فأما الزمهرير فهو برد يتأذون به، فلا ينفعهم، فلهم منه من العذاب ما الله أعلم به.
وقال الحسن وعطاء وابن زيد : بردا : أي روحا وراحة؛ قال الشاعر : فلا الظل من برد الضحى تستطيعه ** ولا الفيء أوقات العشي تذوق قوله تعالى {لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا} جملة في موضع الحال من الطاغين، أو نعت للأحقاب؛ فالأحقاب ظرف زمان، والعامل فيه {لابثين} أو {لبثين} على تعدية فعل.
{إلا حميما وغساقا} استثناء منقطع في قول من جعل البرد النوم، ومن جعله من البرودة كان بدلا منه.
والحميم : الماء الحار؛ قاله أبو عبيدة.
وقال ابن زيد : الحميم : دموع أعينهم، تجمع في حياض ثم يسقونه.
قال النحاس : أصل الحميم : الماء الحار، ومنه اشتق الحمام، ومنه الحمى، ومنه {وظل من يحموم} : إنما يراد به النهاية في الحر.
والغساق : صديد أهل النار وقيحهم.
وقيل الزمهرير.
وقرأ حمزة والكسائي بتشديد السين، وقد مضى في [ص] القول فيه.
{جزاء وفاقا} أي موافقا لأعمالهم.
عن ابن عباس ومجاهد وغيرهما؛ فالوفاق بمعنى الموافقة كالقتال بمعنى المقاتلة.
و{جزاء} نصب على المصدر، أي جازيناهم جزاء وافق أعمالهم؛ قال الفراء والأخفش.
وقال الفراء أيضا : هو جمع الوفق، والوفق واللفق واحد.
وقال مقاتل.
وافق العذاب الذنب، فلا ذنب أعظم من الشرك، ولا عذاب أعظم من النار.
وقال الحسن وعكرمة : كانت أعمالهم سيئة، فأتاهم الله بما يسوءهم.
{إنهم كانوا لا يرجون} أي لا يخافون {حسابا} أي محاسبة على أعمالهم.
وقيل : معناه لا يرجون ثواب حساب.
الزجاج : أي إنهم كانوا لا يؤمنون بالبعث فيرجون حسابهم.
{وكذبوا بآياتنا كذابا} أي بما جاءت به الأنبياء.
وقيل : بما أنزلنا من الكتب.
وقراءة العامة {كذابا} بتشديد الذال، وكسر الكاف، على كذب، أي كذبوا تكذيبا كبيرا.
قال الفراء : هي لغة يمانية فصيحة؛ يقولون : كذبت [به] كذابا، وخرقت القميص خراقا؛ وكل فعل في وزن فعل فمصدره فعال مشدد في لغتهم؛ وأنشد بعض الكلابيين : لقد طال ما ثبطتني عن صحابتي ** وعن حوج قضاؤها من شفائنا وقرأ علي رضي الله عنه {كذابا} بالتخفيف وهو مصدر أيضا.
وقال أبو علي : التخفيف والتشديد جميعا : مصدر المكاذبة، كقول الأعشى : فصدقتها وكذبتها ** والمرء ينفعه كذابه أبو الفتح : جاءا جميعا مصدر كذب وكذب جميعا.
الزمخشري {كذابا} بالتخفيف مصدر كذب؛ بدليل قوله : فصدقتها وكذبتها ** والمرء ينفعه كذابه وهو مثل قوله {أنبتكم من الأرض نباتا}[نوح : 17] يعني وكذبوا بآياتنا أفكذبوا كذابا.
أو تنصبه بـ {كذبوا}.
لأنه يتضمن معنى كذبوا؛ لأن كل مكذب بالحق كاذب؛ لأنهم إذا كانوا عند المسلمين كاذبين، وكان المسلمون عندهم كاذبين، فبينهم مكاذبة.
وقرأ ابن عمر {كذابا} بضم الكاف والتشديد، جمع كاذب؛ قاله أبو حاتم.
ونصبه على الحال الزمخشري.
وقد يكون الكذاب : بمعنى الواحد البليغ في الكذب، يقال : رجل كذاب، كقولك حسان وبخال، فيجعله صفة لمصدر {كذبوا} أي تكذيبا كذابا مفرطا كذبه.
وفي الصحاح : وقوله تعالى {وكذبوا بآياتنا كذابا} وهو أحد مصادر المشدد؛ لأن مصدره قد يجيء على تفعيل مثل التكليم وعلى فعال كذاب وعلى تفعلة مثل توصية، وعلى مفعل؛ {ومزقناهم كل ممزق}.
{وكل شيء أحصيناه كتابا} {كل} نصب بإضمار فعل يدل عليه {أحصيناه} أي وأحصينا كل شيء أحصيناه.
وقرأ أبو السمال {وكل شيء} بالرفع على الابتداء.
{كتابا} نصب على المصدر؛ لأن معنى أحصينا : كتبنا، أي كتبناه كتابا.
ثم قيل : أراد به العلم، فإن ما كتب كان أبعد من النسيان.
وقيل : أي كتبناه في اللوح المحفوظ لتعرفه الملائكة.
وقيل : أراد ما كتب على العباد من أعمالهم.
فهذه كتابة صدرت عن الملائكة الموكلين بالعباد بأمر الله تعالى إياهم بالكتابة؛ دليله قوله تعالى {وإن عليكم لحافظين.
كراما كاتبين} [الانفطار : 10].
{فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا} قال أبو برزة : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن أشد آية في القرآن؟ فقال : قوله تعالى {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذابا} أي {كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودا غيرها}[النساء : 56] و{كلما خبت زدناهم سعيرا}[الإسراء : 97].

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن يوم الفصل، وهو يوم القيامة أنه مؤقت بأجل معدود، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، ولا يعلم وقته على التعيين إلا اللّه عزَّ وجلَّ، كما قال تعالى: {وما نؤخره إلا لأجل معدود} أنه {يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً} قال مجاهد زمراً زمراً. قال ابن جرير: يعني تأتي كل أمة مع رسولها، كقوله تعالى: {يوم ندعو كل إناس بإمامهم} قال البخاري: {يوم ينفخ في الصور فتأتون أفواجاً} عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما بين النفختين أربعون) قالوا: أربعون يوماً، قال: (أبيت)، قالوا: أربعون شهراً؟ قال: (أبيت)، قالوا: أربعون سنة؟ قال: (أبيت)، قال: (ثم ينزل اللّه من السماء ماء فينبتون كما ينبت البقل ليس من الإنسان شيء إلا بلي إلا عظماً واحداً، وهو عجب الذنب ومنه يركب الخلق يوم القيامة) ""أخرجه البخاري"". {وفتحت السماء فكانت أبواباً} أي طرقاً ومسالك لنزول الملائكة، {وسيرت الجبال فكانت سراباً} كقوله تعالى: {وتكون الجبال كالعهن المنفوش}، وقال ههنا {فكانت سراباً} أي يخيل إلى الناظر أنها شيء وليست بشيء، وبعد هذا تذهب بالكلية فلا عين ولا أثر، كما قال تعالى: {ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً . فيذرها قاعاً صفصفاً . لا ترى فيها عوجاً ولا أمتاً}، وقال تعالى: {ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزة}، وقوله تعالى: {إن جهنم كانت مرصاداً} أي مرصدة معدة {للطاغين} وهم المردة العصاة المخالفون للرسل، {مآباً} أي مرجعاً ومنقلباً ومصيراً ونزلاء، وقال الحسن وقتادة: لا يدخل أحد الجنة حتى يجتاز النار، فإن كان معه جواز نجا وإلا احتبس، وقوله تعالى: {لابثين فيها أحقاباً} أي ماكثين فيها أحقاباً وهي جمع حقب وهو المدة من الزمان، وقد اختلفوا في مقداره، فقال ابن جرير، قال علي بن أبي طالب لهلال الهجري: ما تجدون الحقب في كتاب اللّه المنزل؟ قال: نجده ثمانين سنة، كل سنة اثنا عشر شهراً، كل شهر ثلاثون يوماً، كل يوم ألف سنة، وعن الحسن والسدي: سبعون سنة. وعن عبد اللّه بن عمرو: الحقب أربعون سنة، كل يوم منها كألف سنة مما تعدون، ""رواهما ابن أبي حاتم""، وقال بشير بن كعب: ذكر لي أن الحقب الواحد ثلثمائة سنة، اثنا عشر شهراً، كل سنة ثلثمائة وستون يوماً، كل يوم منها كألف سنة. وقال السدي: {لابثين فيها أحقاباً} سبعمائة حقب، كل حقب سبعون سنة، كل سنة ثلثمائة وستون يوماً، كل يوم كألف سنة مما تعدون، وقال خالد بن معدان هذه الآية، وقوله تعالى: {إلا ما شاء ربك} في أهل التوحيد ""أخرجه ابن جرير""، قال ابن جرير: والصحيح أنها لا انقضاء لها، كما روي عن سالم: سمعت الحسن يسأل عن قوله تعالى: {لابثين فيها أحقاباً} قال أما الأحقاب فليس لها عدة إلا الخلود في النار، ولكن ذكروا أن الحقب سبعون سنة، كل يوم كألف سنة مما تعدون، وقال قتادة، قال اللّه تعالى: {لابثين فيها أحقاباً} وهو ما لا انقطاع له وكلما مضى حقب جاء حقب بعده. وقال الربيع بن أنَس: {لابثين فيها أحقاباً} لا يعلم عدة هذه الأحقاب إلا اللّه عزَّ وجلَّ، وذكر لنا أن الحقب الواحد ثمانون سنة، والسنة ثلثمائة وستون يوماً، كل يوم كألف سنة مما تعدون ""أخرجه ابن جرير أيضاً"". وقوله تعالى: {لا يذوقون فيها برداً ولا شراباً} أي لا يجدون في جهنم برداً لقلوبهم، ولا شراباً طيباً يتغذون به، ولهذا قال تعالى: {إلا حميماً وغساقاً}، وقال أبو العالية: استثنى من البرد الحميم، ومن الشراب الغساق، قال الربيع بن أنَس: فأما الحميم فهو الحار الذي قد انتهى حره وحموُّه. والغساق هو ما اجتمع من صديد أهل النار وعرقهم ودموعهم وجروحهم، فهو بارد لا يستطاع من برده ولا يواجه من نتته، وقوله تعالى: {جزاءاً وفاقاً} أي هذا الذي صاروا إليه من هذه العقوبة، وفق أعمالهم الفاسدة التي كانوا يعملونها في الدنيا، ثم قال تعالى: {إنهم كانوا لا يرجون حساباً} أي لم يكونوا يعتقدون أن ثم داراً يجازون فيها ويحاسبون، {وكذبوا بآياتنا كذاباً} أي وكانوا يكذبون بحجج اللّه ودلائله على خلقه التي أنزلها على رسوله صلى اللّه عليه وسلم فيقابلونها بالتكذيب والمعاندة، وقوله {كذاباً} أي تكذيباً، وهومصدر من غير الفعل، وقوله تعالى: {وكل شيء أحصيناه كتاباً} أي وقد علمنا أعمال العباد وكتبناها عليهم، وسنجزيهم على ذلك إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وقوله تعالى: {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً} أي يقال لأهل النار ذوقوا ما أنتم فيه فلن نزيدكم إلا عذاباً من جنسه وآخر من شكله أزواج، قال قتادة: لم ينزل اللّه على أهل النار آية أشد من هذه الآية {فذوقوا فلن نزيدكم إلا عذاباً} فهم في مزيد من العذاب أبداً.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি