نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الإنسان آية 22
إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا

التفسير الميسر ويقال لهم: إن هذا أُعِدَّ لكم مقابل أعمالكم الصالحة، وكان عملكم في الدنيا عند الله مرضيًا مقبولا.

تفسير الجلالين
22 - (إن هذا) النعيم (كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا)

تفسير القرطبي
قوله تعالى {ويطوف عليهم ولدان مخلدون} بين من الذي يطوف عليهم بالآنية؛ أي ويخدمهم ولدان مخلدون، فإنهم أخف في الخدمة.
ثم قال {مخلدون} أي باقون على ما هم عليه من الشباب والغضاضة والحسن، لا يهرمون ولا يتغيرون، ويكونون على سن واحدة على مر الأزمنة.
وقيل : مخلدون لا يموتون.
وقيل : مسورون مقرطون؛ أي محلون والتخليد التحلية.
وقد تقدم هذا.
{إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا} أي ظننتهم من حسنهم وكثرتهم وصفاء ألوانهم : لؤلؤا مفرقا في عرصة المجلس، واللؤلؤ إذا نثر على بساط كان أحسن منه منظوما.
وعن المأمون أنه ليلة زفت إليه بوران بنت الحسن بن سهل، وهو على بساط منسوج من ذهب، وقد نثرت عليه نساء دار الخليفة اللؤلؤ، فنظر إليه منثورا على ذلك البساط فاستحسن المنظر وقال : لله در أبي نواس كأنه أبصر هذا حيث يقول : كأن صغرى وكبرى من فقاقعها ** حصباء در على أرض من الذهب وقيل : إنما شبههم بالمنثور؛ لأنهم سراع في الخدمة، بخلاف الحور العين إذ شبههن باللؤلؤ المكنون المخزون؛ لأنهن لا يمتهن بالخدمة.
قوله تعالى {وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا} {ثم} : ظرف مكان أي هناك في الجنة، والعامل في {ثم} معنى {رأيت} أي وإذا رأيت ببصرك {ثم}.
وقال الفراء : في الكلام {ما} مضمرة؛ أي وإذا رأيت ما ثم؛ كقوله تعالى {لقد تقطع بينكم}[الأنعام : 94] أي ما بينكم.
وقال الزجاج {ما} موصولة {بثم} على ما ذكره الفراء، ولا يجوز إسقاط الموصول وترك الصلة، ولكن {رأيت} يتعدى في المعنى إلى {ثم} والمعنى : إذا رأيت ببصرك {ثم} ويعني {بثم} الجنة، وقد ذكر الفراء هذا أيضا.
والنعيم : سائر ما يتنعم به.
والملك الكبير : استئذان الملائكة عليهم؛ قال السدي وغيره.
قال الكلبي : هو أن يأتي الرسول من عند الله بكرامة من الكسوة والطعام والشراب والتحف إلى ولي الله وهو في منزله، فيستأذن عليه؛ فذلك الملك العظيم.
وقاله مقاتل بن سليمان.
وقيل : الملك الكبير : هو أن يكون لأحدهم سبعون حاجبا، حاجبا دون حاجب، فبينما ولي الله فيما هو فيه من اللذة والسرور إذ يستأذن عليه ملك من عند الله، قد أرسله الله بكتاب وهدية وتحفة من رب العالمين لم يرها ذلك الولي في الجنة قط، فيقول للحاجب الخارج : استأذن على ولي الله فإن معي كتابا وهدية من رب العالمين.
فيقول هذا الحاجب للحاجب الذي يليه : هذا رسول من رب العالمين، معه كتاب وهدية يستأذن على ولي الله؛ فيستأذن كذلك حتى يبلغ إلى الحاجب الذي يلي ولي الله فيقول له : يا ولي الله! هذا رسول من رب العالمين يستأذن عليك، معه كتاب وتحفة من رب العالمين أفيؤذن له؟ فيقول : نعم! فأذنوا له.
فيقول ذلك الحاجب الذي يليه : نعم فأذنوا له.
فيقول الذي يليه للآخر كذلك حتى يبلغ الحاجب الآخر.
فيقول له : نعم أيها الملك؛ قد أذن لك، فيدخل فيسلم عليه ويقول : السلام يقرئك السلام، وهذه تحفة، وهذا كتاب من رب العالمين إليك.
فإذا هو مكتوب عليه : من الحي الذي لا يموت، إلى الحي الذي يموت.
فيفتحه فإذا فيه : سلام على عبدي ووليي ورحمتي وبركاتي، يا وليي أما آن لك أن تشتاق إلى رؤية ربك؟ فيستخفه الشوق فيركب البراق فيطير به البراق شوقا إلى زيارة علام الغيوب، فيعطيه ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
وقال سفيان الثوري : بلغنا أن الملك الكبير تسليم الملائكة عليهم؛ دليله قوله تعالى{والملائكة يدخلون عليهم من كل باب.
سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار}[الرعد : 23] وقيل : الملك الكبير كون التيجان على رؤوسهم كما تكون على رأس ملك من الملوك.
وقال الترمذي الحكيم : يعني ملك التكوين، فإذا أرادوا شيئا قالوا له كن.
وقال أبو بكر الوراق : ملك لا يتعقبه هلك.
وفي الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم : (إن الملك الكبير هو - أن - أدناهم منزلة ينظر في ملكه مسيرة ألفي عام، يرى أقصاه كما يرى أدناه) قال : [وإن أفضلهم منزلة من ينظر في وجه ربه تعالى كل يوم مرتين] سبحان المنعم.
قوله تعالى {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق} قرأ نافع وحمزة وابن محيصن {عاليهم} ساكنة الياء، واختاره أبو عبيد أعتبارا بقراءة ابن مسعود وابن وثاب وغيرهما {عاليتهم} وبتفسير ابن عباس : أما رأيت الرجل عليه ثياب يعلوها أفضل منها.
الفراء : وهو مرفوع بالابتداء وخبره {ثياب سندس} واسم الفاعل يراد به الجمع.
ويجوز في قول الأخفش أن يكون إفراده على أنه اسم فاعل متقدم و{ثياب} مرتفعة به وسدت مسد الخبر، والإضافة فيه في تقدير الانفصال لأنه لم يخص، وابتدئ به لأنه اختص بالإضافة.
وقرأ الباقون {عاليهم} بالنصب.
وقال الفراء : هو كقولك فوقهم، والعرب تقول : قومك داخل الدار فينصبون داخل على الظرف، لأنه محل.
وأنكر الزجاج هذا وقال : هو مما لا نعرفه في الظروف، ولو كان ظرفا لم يجز إسكان الياء.
ولكنه بالنصب على الحال من شيئين : أحدهما الهاء والميم في قوله {يطوف عليهم} أي على الأبرار {ولدان} عاليا الأبرار ثياب سندس؛ أي يطوف عليهم في هذه الحال، والثاني : أن يكون حالا من الولدان؛ أي {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤا منثورا} في حال علو الثياب أبدانهم.
وقال أبو علي : العامل في الحال إما {لقاهم نضرة وسرورا} وإما {جزاهم بما صبروا} قال : ويجوز أن يكون ظرفا فصرف.
المهدوي : ويجوز أن يكون اسم فاعل ظرفا؛ كقولك هو ناحية من الدار، وعلى أن عاليا لما كان بمعنى فوق أجري مجراه فجعل ظرفا.
وقرأ ابن محيصن وابن كثير وأبو بكر عن عاصم {خضر} بالجر على نعت السندس {وإستبرق} بالرفع نسقا على الثياب، ومعناه عاليهم [ثياب] سندس وإستبرق.
وقرأ ابن عامر وأبو عمرو ويعقوب {خضر} رفعا نعتا للثياب {وإستبرق} بالخفض نعتا للسندس، واختاره أبو عبيد وأبو حاتم لجودة معناه؛ لأن الخضر أحسن ما كانت نعتا للثياب فهي مرفوعة، وأحسن ما عطف الإستبرق على السندس عطف جنس على جنس، والمعنى : عاليهم ثياب خضر من سندس وإستبرق، أي من هذين النوعين.
وقرأ نافع وحفص كلاهما بالرفع ويكون {خضر} نعتا للثياب؛ لأنهما جميعا بلفظ الجمع {وإستبرق} عطفا على الثياب.
وقرأ الأعمش وابن وثاب وحمزة والكسائي كلاهما بالخفض ويكون قوله {خضر} نعتا للسندس، والسندس اسم جنس، وأجاز الأخفش وصف اسم الجنس بالجمع على استقباح له؛ وتقول : أهلك الناس الدينار الصفر والدرهم البيض؛ ولكنه مستبعد في الكلام.
والمعنى على هذه القراءة : عاليهم ثياب سندس خضر وثياب إستبرق.
وكلهم صرف الإستبرق، إلا ابن محيصن، فإنه فتحه ولم يصرفه فقرأ {وإستبرق} نصبا في موضع الجر، على منع الصرف، لأنه أعجمي، وهو غلط؛ لأنه نكرة يدخله حرف التعريف؛ تقول الإستبرق إلا أن يزعم [ابن محيصن] أنه قد يجعل علما لهذا الضرب من الثياب.
وقرئ {واستبرق} بوصل الهمزة والفتح على أنه سمي باستفعل من البريق، وليس بصحيح أيضا، لأنه معرب مشهور تعريبه، وأن أصله استبرك والسندس : ما رق من الديباج.
والإستبرق : ما غلظ منه.
وقد تقدم.
قوله تعالى {وحلوا} عطف على {ويطوف}.
{أساور من فضة} وفي سورة فاطر {يحلون فيها من أساور من ذهب} وفي سورة الحج {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا}[الحج : 23]، فقيل : حلي الرجل الفضة وحلي المرأة الذهب.
وقيل : تارة يلبسون الذهب وتارة يلبسون الفضة.
وقيل : يجمع في يد أحدهم سواران من ذهب وسواران من فضة وسواران من لؤلؤ، ليجتمع لهم محاسن الجنة؛ قاله سعيد بن المسيب.
وقيل : أي لكل قوم ما تميل إليه نفوسهم.
{وسقاهم ربهم شرابا طهورا} قال علي رضي الله عنه في قوله تعالى {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} قال : إذا توجه أهل الجنة إلى الجنة مروا بشجرة يخرج من تحت ساقها عينان، فيشربون من إحداهما، فتجري عليهم بنضرة النعيم، فلا تتغير أبشارهم، ولا تتشعث أشعارهم أبدا، ثم يشربون من الأخرى، فيخرج ما في بطونهم من الأذى، ثم تستقبلهم خزنة الجنة فيقولون لهم {سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدي}[الزمر : 73].
وقال النخعي وأبو قلابة : هو إذا شربوه بعد أكلهم طهرهم، وصار ما أكلوه وما شربوه رشح مسك، وضمرت بطونهم.
وقال مقاتل : هو من عين ماء على باب الجنة، تنبع من ساق شجرة، من شرب منها نزع الله ما كان في قلبه من غل وغش وحسد، وما كان في جوفه من أذى وقذر.
وهذا معنى ما روي عن علي، إلا أنه في قول مقاتل عين واحدة وعليه فيكون فعولا للمبالغة، ولا يكون فيه حجة للحنفي أنه بمعنى الطاهر.
وقد مضى بيانه في سورة الفرقان والحمد لله.
وقال طيب الجمال : صليت خلف سهل بن عبدالله العتمة فقرأ {وسقاهم ربهم شرابا طهورا} وجعل يحرك شفتيه وفمه، كأنه يمص شيئا، فلما فرغ قيل له : أتشرب أم تقرأ؟ فقال : والله لو لم أجد لذته عند قراءته كلذته عند شربه ما قرأته.
قوله تعالى {إن هذا كان لكم جزاء} أي يقال لهم : إنما هذا جزاء لكم أي ثواب.
{وكان سعيكم} أي عملكم {مشكورا} أي من قبل الله، وشكره للعبد قبول طاعته، وثناؤه عليه، وإثابته إياه.
وروى سعيد عن قتادة قال : غفر لهم الذنب وشكر لهم الحسنى.
وقال مجاهد {مشكورا} أي مقبولا والمعنى متقارب؛ فإنه سبحانه إذا قبل العمل شكره، فإذا شكره أثاب عليه بالجزيل؛ إذ هو سبحانه ذو الفضل العظيم.
روي عن ابن عمر : أن رجلا حبشيا قال : يا رسول الله! فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة، أفرأيت إن آمنت بما آمنت به، وعملت بما عملت، أكائن أنا معك في الجنة؟ قال : [نعم والذي نفسي بيده إنه ليرى بياض الأسود في الجنة وضياؤه من مسيرة ألف عام] ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم : [من قال لا إله إلا الله كان له بها عند الله عهد، ومن قال سبحان الله والحمد لله كان له بها عند الله مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة]، فقال الرجل : كيف نهلك بعدها يا رسول الله؟ فقال : [إن الرجل ليأتي يوم القيامة بالعمل لو وضعه على جبل لأثقله.
فتجيء النعمة من نعم الله فتكاد أن تستنفد ذلك كله إلا أن يلطف الله برحمته].
قال : ثم نزلت {هل أتى على الإنسان حين من الدهر} إلى قوله{وملكا كبيرا} قال الحبشي : يا رسول الله! وإن عيني لترى ما ترى، عيناك في الجنة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (نعم) فبكى الحبشي حتى فاضت نفسه.
وقال ابن عمر : فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته ويقول {إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا} قلنا : يا رسول الله وما هو؟ قال : [والذي نفسي بيده لقد أوقفه الله ثم قال أي عبدي لأبيضن وجهك ولأبوئنك من الجنة حيث شئت، فنعم أجر العاملين].

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم، وما أسبغ عليهم من الفضل العظيم فقال تعالى: {متكئين فيها على الأرائك} تقدم الكلام على ذلك في سورة الصافات، وأن الأرائك هي السرر تحت الحجال، وقوله تعالى: {لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً} أي ليس عندهم حرّ مزعج، ولا برد مؤلم، {ودانية عليهم ظلالها} أي قريبة إليهم أغصانها، {ذلّلت قطوفها تذليلاً} أي متى تعاطاه دنا القطف إليه، تدلى من أعلى غصنه كأنه سامع طائع، كما قال تعالى: {قطوفها دانية} قال مجاهد: إن قام ارتفعت معه بقدر، وإن قعد تذلّلت له حتى ينالها، وإن اضطجع تذلّلت له حتى ينالها فذلك قوله تعالى: {تذليلاً}، وقال قتادة: لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد، وقوله جلَّت عظمته: {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب} أي يطوف عليهم الخدم بأواني الطعام، وهي من فضة، وأكواب الشراب وهي التي لا عرى لها ولا خراطيم، وقوله: {قوارير من فضة} فالأول منصوب بخبر كان، أي كانت قوارير، والثاني منصوب إما على البدلية أو تمييز، قال ابن عباس: بياض الفضة في صفاء الزجاج، والقوارير لا تكون إلا من زجاج، فهذه الأكواب هي من فضة، وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها، وهذا مما لا نظير له في الدنيا. قال ابن عباس: ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة، وقوله تعالى: {قدروها تقديراً} أي على قدر ريّهم لا تزيد عنه ولا تنقص، بل هي معدة لذلك مقدرة بحسب ري صاحبها، وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة، وقال ابن عباس: {قدروها تقديراً} قدرت للكف، وقال الضحّاك: على قدر كف الخادم، وهذا لا ينافي القول الأول، فإنها مقدرة في القدر والري. وقوله تعالى: {ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً} أي ويسقون - يعني الأبرار أيضاً - في هذه الأكواب {كأساً} أي خمراً، {كان مزاجها زنجبيلاً} فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور وهو بارد، وتارة بالزنجبيل وهو حار ليعتدل الأمر، وهؤلاء يمزج لهم من هذا تارة ومن هذا تارة، وأما المقربون فإنهم يشربون من كل منهما صرفاً كما قاله قتادة وغير واحد. وقد تقدم قوله جل وعلا: {عيناً يشرب بها عباد اللّه}، وقال ههنا: {عيناً فيها تسمى سلسبيلاً} أي الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلاً، قال عكرمة، اسم عين في الجنة، وقال مجاهد: سميت بذلك لسلاسة مسيلها وحدة جريها، وقوله تعالى: {ويطوف عليهم ولدان مخلدون . إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} أي يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة {مخلدون} أي على حالة واحدة، مخلدون عليها لا يتغيرون عنها لا تزيد أعمارهم عن تلك السن، وقوله تعالى: {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} أي إذا رأيتهم في صباحة وجوههم، وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم {حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن، قال قتادة: ما من أهل الجنة من أحد يسعى إلا عليه ألف خادم كل خادم على عمل ما عليه صاحبه، وقوله جلَّ وعلا: {وإذا رأيت} أي وإذا رأيت يا محمد {ثمَّ} أي هناك يعني في الجنة ونعيمها، وسعتها وارتفاعها، وما فيها من الحبرة والسرور {رأيت نعيماً وملكاً كبيراً} أي مملكة للّه هناك عظيمة، وسلطاناً باهراً، وثبت في الصحيح أن اللّه تعالى يقول لآخر أهل النار خروجاً منها، وآخر أهل الجنة دخولاً إليها: (إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها)، وفي الحديث عن ابن عمر مرفوعاً: (إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه) فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لأدنى من يكون في الجنة، فما ظنك بما هو أعلى منزلة وأحظى عنده تعالى؟ وقوله جلَّ جلاله: {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق} أي لباس أهل الجنة فيها الحرير السندس وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم، والإستبرق وهو ما فيه بريق ولمعان وهو مما يلي الظاهر، كما هو المعهود في اللباس، {وحلوا أساور من فضة} وهذه صفة الأبرار، وأما المقربون فكما قال تعالى: {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير} ولما ذكر تعالى زينة الظاهر بالحرير والحلي قال بعده: {وسقاهم ربهم شراباً طهوراً} أي طهر بواطنهم من الحسد والحقد، والغل والأذى وسائر الأخلق الرديئة، كما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قال: إذ انتهى أهل الجنة إلى باب الجنة وجدوا هنالك عينين فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما، فأذهب اللّه ما في بطونهم من أذى، ثم اغتسلوا من الأُخرى، فجرت عليهم نضرة النعيم، فأخبر سبحانه وتعالى بحالهم الظاهر وجمالهم الباطن، وقوله تعالى: {إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً} أي يقال لهم ذلك تكريماً لهم وإحساناً إليهم كما قال تعالى: {كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية}، وكقوله تعالى: {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون}، وقوله تعالى: {وكان سعيكم مشكوراً} أي جزاكم اللّه تعالى على القليل بالكثير.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি