نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الإنسان آية 16
قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا

التفسير الميسر ويدور عليهم الخدم بأواني الطعام الفضيَّة، وأكواب الشراب من الزجاج، زجاج من فضة، قدَّرها السقاة على مقدار ما يشتهي الشاربون لا تزيد ولا تنقص، ويُسْقَى هؤلاء الأبرار في الجنة كأسًا مملوءة خمرًا مزجت بالزنجبيل، يشربون مِن عينٍ في الجنة تسمى سلسبيلا؛ لسلامة شرابها وسهولة مساغه وطيبه.

تفسير الجلالين
16 - (قوارير من فضة) أي أنها من فضة يرى باطنها من ظاهرها كالزجاج (قدروها) أي الطائفون (تقديرا) على قدر ري الشاربين من غير زيادة ولا نقص وذلك ألذ الشراب

تفسير القرطبي
قوله تعالى {ويطاف عليهم بأنية من فضة وأكواب} أي يدور على هؤلاء الأبرار الخدم إذا أرادوا الشراب {بآنية من فضة} قال ابن عباس : ليس في الدنيا شيء مما في الجنة إلا الأسماء؛ أي ما في الجنة أشرف وأعلى وأنقى.
ثم لم تنف الأواني الذهبية بل المعنى يسقون في أواني الفضة، وقد يسقون في أواني الذهب.
وقد قال تعالى {يطاف عليهم بصحاف من ذهب وأكواب}[الزخرف : 71].
وقيل : نبه بذكر الفضة على الذهب؛ كقوله {سرابيل تقيكم الحر}[النحل : 81] أي والبرد؛ فنبه بذكر أحدهما على الثاني.
والأكواب : الكيزان العظام التي لا آذان لها ولا عرى، الواحد منها كوب؛ وقال عدي : متكئا تقرع أبوابه ** يسعى عليه العبد بالكوب وقد مضى في الزخرف .
{قوارير من فضة} أي في صفاء القوارير وبياض الفضة؛ فصفاؤها صفاء الزجاج وهي من فضة.
وقيل : أرض الجنة من فضة، والأواني تتخذ من تربة الأرض التي هي منها.
ذكره ابن عباس وقال : ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه، إلا القوارير من فضة.
وقال : لو أخذت فضة من فضة الدنيا فضربتها حتى تجعلها مثل جناح الذباب لم تر من ورائها الماء، ولكن قوارير الجنة مثل الفضة في صفاء القوارير.
{قدروها تقديرا} قراءة العامة بفتح القاف والدال؛ أي قدرها لهم السقاة الذين يطوفون بها عليهم.
قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : أتوا بها على قدر ريهم، بغير زيادة ولا نقصان.
الكلبى : وذلك ألذ وأشهى؛ والمعنى : قدرتها الملائكة التي تطوف عليهم.
وعن ابن عباس أيضا : قدروها على ملء الكف لا تزيد ولا تنقص، حتى لا تؤذيهم بثقل أو بإفراط صغر.
وقيل : إن الشاربين قدروا لها مقادير في أنفسهم على ما اشتهوا وقدروا.
وقرأ عبيد بن عمير والشعبي وابن سيرين {قدروها} بضم القاف وكسر الدال؛ أي جعلت لهم على قدر إرادتهم.
وذكر هذه القراءة المهدوي عن علي وابن عباس رضي الله عنهما؛ وقال : ومن قرأ {قدروها} فهو راجع إلى معنى القراءة الأخرى، وكأن الأصل قدروا عليها فحذف الجر؛ والمعنى قدرت عليهم؛ وأنشد سيبويه : آليت حب العراق الدهر آكله ** والحب يأكله في القرية السوس وذهب إلى أن المعنى على حب العراق.
وقيل : هذا التقدير هو أن الأقداح تطير فتغترف بمقدار شهوة الشارب؛ وذلك قوله تعالى {قدروها تقديرا} أي لا يفضل عن الري لا ينقص منه، فقد ألهمت الأقداح معرفة مقدار ري المشتهى حتى تغترف بذلك المقدار.
ذكر هذا القول الترمذي الحكيم في نوادر الأصول .
قوله تعالى {ويسقون فيها كأسا} وهي الخمر في الإناء.
{كان مزاجها زنجبيلا} {كان} صلة؛ أي مزاجها زنجبيل، أو كان في حكم الله زنجبيلا.
وكانت العرب تستلذ من الشراب ما يمزج بالزنجبيل لطيب رائحته؛ لأنه يحذو اللسان، ويهضم المأكول، فرغبوا في نعيم الآخرة بما اعتقدوه نهاية النعمة والطيب.
وقال المسيب عن علس يصف ثغر المرأة : وكأن طعم الزنجبيل به ** إذ ذقته وسلافة الخمر ويروى.
الكرم.
وقال آخر : ، كأن جنيا من الزنجبيـ ** ـل بات بفيها وأريا مشورا ونحوه قول الأعشى : كأن القرنفل والزنجبيـ ** ـل باتا بفيها وأريا مشورا وقال مجاهد : الزنجبيل اسم للعين التي منها مزاج شراب الأبرار.
وكذا قال قتادة : والزنجبيل اسم العين التي يشرب بها المقربون صرفا وتمزج لسائر أهل الجنة.
وقيل : هي عين في الجنة يوجد فيها طعم الزنجبيل.
وقيل : إن فيه معنى الشراب الممزوج بالزنجبيل.
والمعنى كأن فيها زنجبيلا.
{عينا} بدل من كأس.
ويجوز أن ينتصب بإضمار فعل أي يسقون عينا.
ويجوز نصبه بإسقاط الخافض أي من عين على ما تقدم في قوله تعالى {عينا يشرب بها عباد الله}[الإنسان : 6].
{فيها} أي في الجنة {تسمى سلسبيلا} السلسبيل الشراب اللذيذ، وهو فعليل من السلالة؛ تقول العرب : هذا شراب سلس وسلسال وسلسل وسلسبيل بمعنى؛ أي طيب الطعم لذيذه.
وفي الصحاح : وتسلسل الماء في الحلق جرى، وسلسلته أنا صببته فيه، وماء سلسل وسلسال : سهل الدخول في الحلق لعذوبته وصفائه، والسلاسل بالضم مثله.
وقال الزجاج : السلسبيل في اللغة : اسم لما كان في غاية السلاسة؛ فكأن العين سميت بصفتها.
وعن مجاهد قال : سلسبيلا : حديدة الجرية تسيل في حلوقهم انسلالا.
ونحوه عن ابن عباس : إنها الحديدة الجري.
ذكره الماوردي؛ ومنه قول حسان بن ثابت رضي الله عنه : يسقون من ورد البريص عليهم ** بردى يصفق بالرحيق السلسل وقال أبو العالية ومقاتل : إنما سميت سلسبيلا؛ لأنها تسيل عليهم في الطرق وفي منازلهم، تنبع من أصل العرش من جنة عدن إلى أهل الجنة.
وقال قتادة : سلسة منقاد ماؤها حيث شاؤوا.
ونحوه عن عكرمة.
وقال القفال : أي تلك عين شريفة فسل سبيلا إليها.
وروي هذا عن علي رضي الله عنه.
وقوله {تسمى} أي إنها مذكورة عند الملائكة وعند الأبرار وأهل الجنة بهذا الاسم.
وصرف سلسبيل؛ لأنه رأس آية؛ كقوله تعالى{الظنونا}[الأحزاب : 10] و{السبيلا}[الأحزاب : 67].

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم، وما أسبغ عليهم من الفضل العظيم فقال تعالى: {متكئين فيها على الأرائك} تقدم الكلام على ذلك في سورة الصافات، وأن الأرائك هي السرر تحت الحجال، وقوله تعالى: {لا يرون فيها شمساً ولا زمهريراً} أي ليس عندهم حرّ مزعج، ولا برد مؤلم، {ودانية عليهم ظلالها} أي قريبة إليهم أغصانها، {ذلّلت قطوفها تذليلاً} أي متى تعاطاه دنا القطف إليه، تدلى من أعلى غصنه كأنه سامع طائع، كما قال تعالى: {قطوفها دانية} قال مجاهد: إن قام ارتفعت معه بقدر، وإن قعد تذلّلت له حتى ينالها، وإن اضطجع تذلّلت له حتى ينالها فذلك قوله تعالى: {تذليلاً}، وقال قتادة: لا يرد أيديهم عنها شوك ولا بعد، وقوله جلَّت عظمته: {ويطاف عليهم بآنية من فضة وأكواب} أي يطوف عليهم الخدم بأواني الطعام، وهي من فضة، وأكواب الشراب وهي التي لا عرى لها ولا خراطيم، وقوله: {قوارير من فضة} فالأول منصوب بخبر كان، أي كانت قوارير، والثاني منصوب إما على البدلية أو تمييز، قال ابن عباس: بياض الفضة في صفاء الزجاج، والقوارير لا تكون إلا من زجاج، فهذه الأكواب هي من فضة، وهي مع هذا شفافة يرى ما في باطنها من ظاهرها، وهذا مما لا نظير له في الدنيا. قال ابن عباس: ليس في الجنة شيء إلا قد أعطيتم في الدنيا شبهه إلا قوارير من فضة، وقوله تعالى: {قدروها تقديراً} أي على قدر ريّهم لا تزيد عنه ولا تنقص، بل هي معدة لذلك مقدرة بحسب ري صاحبها، وهذا أبلغ في الاعتناء والشرف والكرامة، وقال ابن عباس: {قدروها تقديراً} قدرت للكف، وقال الضحّاك: على قدر كف الخادم، وهذا لا ينافي القول الأول، فإنها مقدرة في القدر والري. وقوله تعالى: {ويسقون فيها كأساً كان مزاجها زنجبيلاً} أي ويسقون - يعني الأبرار أيضاً - في هذه الأكواب {كأساً} أي خمراً، {كان مزاجها زنجبيلاً} فتارة يمزج لهم الشراب بالكافور وهو بارد، وتارة بالزنجبيل وهو حار ليعتدل الأمر، وهؤلاء يمزج لهم من هذا تارة ومن هذا تارة، وأما المقربون فإنهم يشربون من كل منهما صرفاً كما قاله قتادة وغير واحد. وقد تقدم قوله جل وعلا: {عيناً يشرب بها عباد اللّه}، وقال ههنا: {عيناً فيها تسمى سلسبيلاً} أي الزنجبيل عين في الجنة تسمى سلسبيلاً، قال عكرمة، اسم عين في الجنة، وقال مجاهد: سميت بذلك لسلاسة مسيلها وحدة جريها، وقوله تعالى: {ويطوف عليهم ولدان مخلدون . إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} أي يطوف على أهل الجنة للخدمة ولدان من ولدان الجنة {مخلدون} أي على حالة واحدة، مخلدون عليها لا يتغيرون عنها لا تزيد أعمارهم عن تلك السن، وقوله تعالى: {إذا رأيتهم حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} أي إذا رأيتهم في صباحة وجوههم، وحسن ألوانهم وثيابهم وحليهم {حسبتهم لؤلؤاً منثوراً} ولا يكون في التشبيه أحسن من هذا، ولا في المنظر أحسن من اللؤلؤ المنثور على المكان الحسن، قال قتادة: ما من أهل الجنة من أحد يسعى إلا عليه ألف خادم كل خادم على عمل ما عليه صاحبه، وقوله جلَّ وعلا: {وإذا رأيت} أي وإذا رأيت يا محمد {ثمَّ} أي هناك يعني في الجنة ونعيمها، وسعتها وارتفاعها، وما فيها من الحبرة والسرور {رأيت نعيماً وملكاً كبيراً} أي مملكة للّه هناك عظيمة، وسلطاناً باهراً، وثبت في الصحيح أن اللّه تعالى يقول لآخر أهل النار خروجاً منها، وآخر أهل الجنة دخولاً إليها: (إن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها)، وفي الحديث عن ابن عمر مرفوعاً: (إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر في ملكه مسيرة ألفي سنة ينظر إلى أقصاه كما ينظر إلى أدناه) فإذا كان هذا عطاؤه تعالى لأدنى من يكون في الجنة، فما ظنك بما هو أعلى منزلة وأحظى عنده تعالى؟ وقوله جلَّ جلاله: {عاليهم ثياب سندس خضر وإستبرق} أي لباس أهل الجنة فيها الحرير السندس وهو رفيع الحرير كالقمصان ونحوها مما يلي أبدانهم، والإستبرق وهو ما فيه بريق ولمعان وهو مما يلي الظاهر، كما هو المعهود في اللباس، {وحلوا أساور من فضة} وهذه صفة الأبرار، وأما المقربون فكما قال تعالى: {يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤاً ولباسهم فيها حرير} ولما ذكر تعالى زينة الظاهر بالحرير والحلي قال بعده: {وسقاهم ربهم شراباً طهوراً} أي طهر بواطنهم من الحسد والحقد، والغل والأذى وسائر الأخلق الرديئة، كما روينا عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه قال: إذ انتهى أهل الجنة إلى باب الجنة وجدوا هنالك عينين فكأنما ألهموا ذلك فشربوا من إحداهما، فأذهب اللّه ما في بطونهم من أذى، ثم اغتسلوا من الأُخرى، فجرت عليهم نضرة النعيم، فأخبر سبحانه وتعالى بحالهم الظاهر وجمالهم الباطن، وقوله تعالى: {إن هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكوراً} أي يقال لهم ذلك تكريماً لهم وإحساناً إليهم كما قال تعالى: {كلوا واشربوا هنيئاً بما أسلفتم في الأيام الخالية}، وكقوله تعالى: {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون}، وقوله تعالى: {وكان سعيكم مشكوراً} أي جزاكم اللّه تعالى على القليل بالكثير.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি