نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الإنسان آية 11
فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا

التفسير الميسر فوقاهم الله من شدائد ذلك اليوم، وأعطاهم حسنًا ونورًا في وجوههم، وبهجة وفرحًا في قلوبهم، وأثابهم بصبرهم في الدنيا على الطاعة جنة عظيمة يأكلون منها ما شاؤوا، ويَلْبَسون فيها الحرير الناعم، متكئين فيها على الأسرَّة المزينة بفاخر الثياب والستور، لا يرون فيها حر شمس ولا شدة برد، وقريبة منهم أشجار الجنة مظللة عليهم، وسُهِّل لهم أَخْذُ ثمارها تسهيلا.

تفسير الجلالين
11 - (فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم) أعطاهم (نضرة) حسنا وإضاءة في وجوههم (وسرورا)

تفسير القرطبي
قوله تعالى {إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا} {عبوسا} من صفة اليوم، أي يوما تعبس فيه الوجوه من هوله وشدته، فالمعنى نخاف يوما ذا عبوس.
وقال ابن عباس يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل منه عرق كالقطران.
وعن ابن عباس : العبوس : الضيق، والقمطرير : الطويل؛ قال الشاعر : شديدا عبوسا قمطريرا وقيل : القمطرير الشديد؛ تقول العرب : يوم قمطرير وقماطر وعصيب بمعنى؛ وأنشد الفراء : بني عمنا هل تذكرون بلاءنا ** عليكم إذا ما كان يوم قماطر بضم القاف.
وقمطر إذا اشتد.
وقال الأخفش : القمطرير : أشد ما يكون من الأيام وأطوله في البلاء؛ قال الشاعر : ففروا إذا ما الحرب ثار غبارها ** ولج بها اليوم العبوس القماطر وقال الكسائي : يقال اقمطر اليوم وازمهر اقمطرارا وازمهرارا، وهو القمطرير والزمهرير، ويوم مقمطر إذا كان صعبا شديدا؛ قال الهذلي : بنو الحرب أرضعنا لهم مقمطرة ** ومن يلق منا ذلك اليوم يهرب وقال مجاهد : إن العبوس بالشفتين، والقمطرير بالجبهة والحاجبين؛ فجعلها من صفات الوجه المتغير من شدائد ذلك اليوم؛ وأنشد ابن الأعرابي : يغدو على الصيد يعود منكسر ** ويقمطر ساعة ويكفهر وقال أبو عبيدة : يقال رجل قمطرير أي متقبض ما بين العينين.
وقال الزجاج : يقال أقمطرت الناقة : إذا رفعت ذنبها وجمعت قطريها، وزمت بأنفها؛ فاشتقه من القطر، وجعل الميم مزيدة.
قال أسد بن ناعصة : واصطليت الحروب في كل يوم ** باسل الشطر قمطرير الصباح قوله تعالى {فوقاهم الله} أي دفع عنهم {شر ذلك اليوم} أي بأسه وشدته وعذابه {ولقاهم} أي أتاهم وأعطاهم حين لقوه أي رأوه {نضرة} أي حسنا {وسرورا} أي حبورا.
قال الحسن ومجاهد {نضرة} في وجوههم {وسرورا} في قلوبهم.
وفي النضرة ثلاثة أوجه : أحدها أنها البياض والنقاء؛ قال الضحاك.
الثاني الحسن والبهاء؛ قال ابن جبير.
الثالث أنها أثر النعمة؛ قال ابن زيد.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عما أرصده للكافرين من خلقه، من السلاسل والأغلال والسعير وهو اللهب، والحريق في نار جهنم كما قال تعالى: {إذ الأغلال في أعناقهم والسلاسل يسحبون . في الحميم ثم في النار يسجرون}، ولما ذكر ما أعده لهؤلاء الأشقياء من السعير قال بعده: {إن الأبرار يشربون من كأس كان مزاجها كافوراً}، وقد علم ما في الكافور من التبريد والرائحة الطيبة، مع ما يضاف إلى ذلك من اللذاذة في الجنة، قال الحسن: برد الكافور في طيب الزنجبيل، ولهذا قال: {عيناً يشرب بها عباد اللّه يفجرونها تفجيراً} أي هذا الذي مزج لهؤلاء الأبرار من الكافور، هو عين يشرب بها المقربون من عباد اللّه صرفاً بلا مزج ويروون بها، قال بعضهم: هذا الشراب في طيبه كالكافور، وقال بعضهم: هو من عين كافور، وقوله تعالى: {يفجرونها تفجيراً} أي يتصرفون فيها حيث شاءوا وأين شاءوا، من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم، والتفجير هو الإنباع، كما قال تعالى: {وقالوا لن نؤمن لك حتى تفجر لنا من الأرض ينبوعاً}، وقال: {وفجرنا خلالهما نهراً} وقال مجاهد: {يفجرونها تفجيراً} يقودونها حيث شاءوا، وقال الثوري: يصرفونها حيث شاءوا، وقوله تعالى: {يوفون بالنذر ويخافون يوماً كان شره مستطيراً} أي يتعبدون اللّه فيما أوجبه عليهم من فعل الطاعات وما أوجبوه على أنفسهم بطريق النذر، وفي الحديث: (من نذر أن يطيع اللّه فليطعه، ومن نذر أن يعصي اللّه فلا يعصه) ""أخرجه البخاري من حديث مالك""، ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها خيفة من سوء الحساب يوم المعاد وهو اليوم الذي يكون {شره مستطيراً} أي منتشراً عاما على الناس إلا من رحم اللّه، قال ابن عباس: فاشياً، وقال قتادة: استطار واللّه شر ذلك اليوم حتى ملأ السماوات والأرض. وقوله تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه} قيل: على حب اللّه تعالى لدلالة السياق عليه، والأظهر أن الضمير عائد على الطعام، أي ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له، قاله مجاهد ومقاتل، واختاره ابن جرير كقوله تعالى: {وآتى المال على حبه}، وكقوله تعالى: {لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون}، وروى البيهقي عن نافع قال: مرض ابن عمر فاشتهى عنباً أول ما جاء العنب، فأرسلت صفية يعني امرأته فاشترت عنقوداً بدرهم، فاتبع الرسول سائل، فلما دخل به قال السائل: السائل، فقال ابن عمر: أعطوه إياه فأعطوه إياه ""أخرجه البيهقي عن نافع وفيه أنها أرسلت بدرهم آخر فاشترت به فأعطاه للسائل ثم بدرهم ثالث""، وفي الصحيح: (أفضل الصدقة أن تصدّق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر) أي في حال محبتك للمال وحرصك عليه وحاجتك إليه، ولهذا قال تعالى: {ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً وأسيراً} أما المسكين واليتيم فقد تقدم بيانهما وصفتهما، وأما الأسير فقال الحسن والضحّاك: الأسير من أهل القبلة، وقال ابن عباس: كان أسراؤهم يومئذ مشركين، يشهد لهذا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر أصحابه يوم بدر أن يكرموا الأسارى، فكانوا يقدمونهم على أنفسهم عند الغذاء، وقال عكرمة: هم العبيد، واختاره ابن جرير لعموم الآية للمسلم والمشرك، وقد وصى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالإحسان إلى الأرقاء حتى كان آخر ما أوصى به أن جعل يقول: (الصلاة وما ملكت أيمانكم) قال مجاهد: هو المحبوس، أي يطعمون الطعام لهؤلاء، وهم يشتهونه ويحبونه قائلين بلسان الحال: {إنما نطعمكم لوجه اللّه} أي رجاء ثواب اللّه ورضاه {لا نريد منكم جزاء ولا شكوراً} أي لا نطلب منكم مجازاة تكافئوننا بها ولا أن تشكرونا عند الناس، قال مجاهد: أما واللّه ما قالوه بألسنتهم، ولكن علم اللّه به من قلوبهم، فأثنى عليهم به، ليرغب في ذلك راغب {إنا نخاف من ربنا يوماً عبوساً قمطريراً} أي إنما نفعل هذا لعل اللّه أن يرحمنا ويتلقانا بلطفه في اليوم العبوس القمطرير، قال ابن عباس: {عبوساً} ضيقاً {قمطريراً} طويلاً، وقال عكرمة: يعبس الكافر يومئذ حتى يسيل من بين عينيه عرق مثل القطران، وقال مجاهد: {عبوساً} العابس الشفتين، {قمطريراً} قال: يقبض الوجه باليسور، وقال سعيد بن جبير وقتادة: تعبس فيه الوجوه من الهول {قمطريراً} تقلص الجبين وما بين العينين من الهول، وقال ابن زيد: العبوس الشر، والقمطرير الشديد، وقال ابن جرير: والقمطرير هو الشديد، يقال: هو يوم قمطرير ويوم قماطر، ويوم عصيب وعصبصب. قال اللّه تعالى: {فوقاهم اللّه شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة وسروراً} وهذا من باب التجانس البليغ، {فوقاهم اللّه شر ذلك اليوم} أي آمنهم مما خافوا منه، {ولقاهم نضرة} أي في وجوههم، {وسروراً} أي في قلوبهم وهذه كقوله تعالى: {وجوه يومئذ مسفرة . ضاحكة مستبشرة} وذلك أن القلب إذا سر استنار الوجه. قال كعب بن مالك في حديثه الطويل: وكان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه فلقة قمر، وقالت عائشة رضي اللّه عنها: (دخل عليَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مسروراً تبرق أسارير وجهه) الحديث. وقوله تعالى: {وجزاهم بما صبروا} أي بسبب صبرهم أعطاهم ونولهم وبوأهم {جنة وحريراً} أي منزلاً رحباً، وعيشاً رغداً، ولباساً حسناً.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি