نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة القيامة آية 32
وَلَٰكِنْ كَذَّبَ وَتَوَلَّىٰ

التفسير الميسر فلا آمن الكافر بالرسول والقرآن، ولا أدَّى لله تعالى فرائض الصلاة، ولكن كذَّب بالقرآن، وأعرض عن الإيمان، ثم مضى إلى أهله يتبختر مختالا في مشيته. هلاك لك فهلاك، ثم هلاك لك فهلاك.

تفسير الجلالين
32 - (ولكن كذب) بالقرآن (وتولى) عن الإيمان

تفسير القرطبي
قوله تعالى {فلا صدق ولا صلى} أي لم يصدق أبو جهل ولم يصل.
وقيل : يرجع هذا إلى الإنسان في أول السورة، وهو اسم جنس.
والأول قول ابن عباس.
أي لم يصدق بالرسالة {ولا صلى} ودعا لربه، وصلى على رسوله.
وقال قتادة : فلا صدق بكتاب الله، ولا صلى لله.
وقيل : ولا صدق بمال له، ذخرا له عند الله، ولا صلى الصلوات التي أمره الله بها.
وقيل : فلا آمن بقلبه ولا عمل ببدنه.
قال الكسائي {لا} بمعنى لم ولكنه يقرن بغيره؛ تقول العرب : لا عبدالله خارج ولا فلان، ولا تقول : مررت برجل لا محسن حتى يقال ولا مجمل، وقوله تعالى {فلا اقتحم العقبة}[البلد : 11] ليس من هذا القبيل؛ لأن معناه أفلا أقتحم؛ أي فهلا اقتحم، فحذف ألف الاستفهام.
وقال الأخفش {فلا صدق} أي لم يصدق؛ كقوله {فلا اقتحم} أي لم يقتحم، ولم يشترط أن يعقبه بشيء آخر، والعرب تقول : لا ذهب، أي لم يذهب، فحرف النفي ينفي الماضي كما ينفي المستقبل؛ ومنه قول زهير : فلا هو أبداها ولم يتقدم قوله تعالى {ولكن كذب وتولى} أي كذب بالقرآن وتولى عن الإيمان {ثم ذهب إلى أهله يتمطى} أي يتبختر، افتخارا بذلك؛ قال مجاهد وغيره.
مجاهد : المراد به أبو جهل.
وقيل {يتمطى} من المطا وهو الظهر، والمعنى يلوي مطاه.
وقيل : أصله يتمطط، وهو التمدد من التكسل والتثاقل، فهو يتثاقل عن الداعي إلى الحق؛ فأبدل من الطاء ياء كراهة التضعيف، والتمطي يدل على قلة الاكتراث، وهو التمدد، كأنه يمد ظهره ويلويه من التبختر.
والمطيطة الماء الخاثر في أسفل الحوض؛ لأنه يتمطى أي يتمدد؛ وفي الخبر : إذا مشت أمتي المطيطاء وخدمتهم فارس والروم كان بأسهم بينهم والمطيطاء : التبختر ومد اليدين في المشي.
قوله تعالى {أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى} تهديد بعد تهديد، ووعيد بعد وعيد، أي فهو وعيد أربعة لأربعة؛ كما روي أنها نزلت في أبي جهل الجاهل بربه فقال {فلا صدق ولا صلى.
ولكن كذب وتولى} أي لا صدق رسول الله، ولا وقف بين يدي فصلى، ولكن، كذب رسولي، وتولى عن التصلية بين يدي.
فترك التصديق خصلة، والتكذيب خصلة، وترك الصلاة خصلة، والتولي عن الله تعالى خصلة؛ فجاء الوعيد أربعة مقابلة لترك الخصال الأربعة.
والله أعلم.
لا يقال : فإن قوله {ثم ذهب إلى أهله يتمطى} خصلة خامسة؛ فإنا نقول : تلك كانت عادته قبل التكذيب والتولي، فأخبر عنها.
وذلك بين في قول قتادة على ما نذكره.
وقيل : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من المسجد ذات يوم، فاستقبله أبو جهل على باب المسجد، مما يلي باب بني مخزوم، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فهزه أو مرتين ثم قال : (أولى لك فأولى) فقال له أبو جهل : أتهددني؟ فوالله إني لأعز أهل الوادي وأكرمه.
ونزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال لأبي جهل.
وهي كلمة وعيد.
قال الشاعر : فأولى ثم أولى ثم أولى ** وهل للدر يحلب من مرد قال قتادة : أقبل أبو جهل بن هشام يتبختر، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بيده فقال : [أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى].
فقال : ما تستطيع أنت ولا ربك لي شيئا، إني لأعز من بين جبليها.
فلما كان يوم بدر أشرف على المسلمين فقال : لا يعبد الله بعد هذا اليوم أبدا.
فضرب الله عنقه، وقتله شر قتلة.
وقيل : معناه : الويل لك؛ ومنه قول الخنساء : هممت بنفسي كل الهموم ** فأولى لنفسي أولى لها سأحمل نفسي على آلة ** فإما عليها وإما لها الآلة : الحالة، والآلة : السرير أيضا الذي يحمل عليه الميت؛ وعلى هذا التأويل قيل : هو من المقلوب؛ كأنه قيل : أويل، ثم أخر الحرف المعتل، والمعنى : الويل لك حيا، والويل لك ميتا، والويل لك يوم البعث، والويل لك يوم تدخل النار؛ وهذا التكرير كما قال : لك الويلات إنك مرجلي أي لك الويل، ثم الويل، ثم الويل، وضعف هذا القول.
وقيل : معناه الذم لك، أولى، من تركه، إلا أنه كثير في الكلام فحذف.
وقيل : المعنى أنت أولى وأجدر بهذا العذاب.
وقال أبو العباس أحمد بن يحيى : قال الأصمعي {أولى} في كلام العرب معناه مقاربة الهلاك، كأنه يقول : قد وليت الهلاك، قد دانيت الهلاك؛ وأصله من الولي، وهو القرب؛ قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار}[التوبة : 123] أي يقربون منكم؛ وأنشد الأصمعي : وأولى أن يكون له الولاء أي قارب أن يكون له؛ وأنشد أيضا : أولى لمن هاجت له أن يكمدا أي قد دنا صاحبها [من] الكمد.
وكان أبو العباس ثعلب يستحسن قول الأصمعي ويقول : ليس أحد يفسر كتفسير الأصمعي.
النحاس : العرب تقول أولى لك : كدت تهلك ثم أفلت، وكأن تقديره : أولى لك وأولى بك الهلكة.
المهدوي قال : ولا تكون أولى (أفعل منك)، وتكون خبر مبتدأ محذوف، كأنه قال : الوعيد أولى له من غيره؛ لأن أبا زيد قد حكى : أولاة الآن : إذا أوعدوا.
فدخول علامة التأنيث دليل على أنه ليس كذلك.
و{لك} خبر عن {أولى}.
ولم ينصرف {أولى} لأنه صار علما للوعيد، فصار كرجل اسمه أحمد.
وقيل : التكرير فيه على معنى ألزم لك على عملك السيء الأول، ثم على الثاني، والثالث، والرابع، كما تقدم.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن حالة الاحتضار، وما عنده من الأهوال، ثبتنا اللّه هنالك بالقول الثابت، فقال تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي} إن جعلنا كلا رادعة فمعناها: لست يا ابن آدم هناك تكذب بما أخبرت به، بل صار ذلك عندك عياناً، وإن جعلناها بمعنى حقا فظاهرأي حقا إذا بلغت التراقي أي انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك، والتراقي جمع ترقوة وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق كقوله تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم، وأنتم حينئذ تنظرون، ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}، {وقيل من راق}؟ قال ابن عباس: أي من راق يرقي؟ وقال أبو قلابة؟ أي من طبيب شاف وكذا قال قتادة والضحّاك وابن زيد وعن ابن عباس: {وقيل من راق} قيل: من يرقى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ""ذكره ابن أبي حاتم عن ابن عباس""؟ فعلى هذا يكون من كلام الملائكة، وقال ابن عباس في قوله: {والتفت الساق بالساق} قال: التفت عليه الدنيا والآخرة، وعنه {والتفت الساق بالساق} يقول: آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحمه اللّه، وقال عكرمة: {والتفت الساق بالساق} الأمر العظيم بالأمر العظيم، وقال مجاهد: بلاء ببلاء، وقال الحسن البصري: هما ساقاك إذا التفتا، وكذا قال السدي عن الحسن: هو لفهما في الكفن، وقال الضحّاك: {والتفت الساق بالساق} اجتمع عليه أمران: الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه. وقوله تعالى: {إلى ربك يومئذ المساق} أي المرجع والمآب، وذلك أن الروح ترفع إلى السماوات، فيقول اللّه عزَّ وجلَّ: ردوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أُخرى، كما ورد في حديث البراء الطويل، وقوله جلَّ وعلا: {فلا صدق ولا صلى ولكن كذَّب وتولى} هذا إخبار عن الكافر الذي كان في الدار الدنيا مكذباً للحق بقلبه، متولياً عن العمل بقالبه، فلا خير فيه باطناً ولا ظاهراً، ولهذا قال تعالى: {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى . ثم ذهب إلى أهله يتمطّى} أي جذلان أشراً بطراً، لا همة له ولا عمل، كما قال تعالى: {وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين}، وقال تعالى: {إنه كان في أهله مسروراً إنه ظن أن لن يحور} أي يرجع، وقال ابن عباس: {ثم ذهب إلى أهله يتمطّى} أي يختال، وقال قتادة: يتبختر، قال اللّه تعالى: {أولى لك فأولى . ثم أولى لك فأولى} وهذا تهديد ووعيد من اللّه تعالى للكافر، المتبختر في مشيه، أي يحق لك أن تمشي هكذا وقد كفرت بخالقك وبارئك، وذلك على سبيل التكهم والتهديد، كقوله تعالى: {ذق إنك أنت العزيز الكريم}، وكقوله تعالى: {كلوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون} وكقوله جلَّ جلاله: {اعملوا ما شئتم} إلى غير ذلك، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: {أولى لك فأولى . ثم أولى لك فأولى}؟ قال: قاله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأبي جهل، ثم أنزله اللّه عزَّ وجلَّ ""أخرجه النسائي"". وقال قتادة في قوله: {أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى} وعيد على أثر وعيد كما تسمعون، وزعموا أن عدو اللّه أبا جهل أخذ نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمجامع ثيابه ثم قال: (أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى)، فقال عدو اللّه أبو جهل: أتوعدني يا محمد؟ واللّه لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاً، وإني لأعز من مشى بين جبليها ""أخرجه ابن أبي حاتم عن قتادة"". وقوله تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى}؟ قال السدي: يعني لا يبعث، وقال مجاهد: يعني لا يؤمر ولا ينهى، والظاهر أن الآية تعم الحالتين، أي ليس يترك في هذه الدنيا مهملاً، لا يؤمر ولا ينهى، ولا يترك في قبره سدى لا يبعث، بل هو مأمور منهي في الدنيا محشور إلى اللّه في الدار الآخرة، والمقصود هنا إثبات المعاد، ولهذا قال تعالى مستدلا على الإعادة بالبداءة {ألم يك نطفة من مني يمنى} أي أما كان الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين {يمنى} أي يراق من الأصلاب في الأرحام {ثم كان علقة فخلق فسوّى} أي فصار علقة ثم مضغة ثم شكل ونفخ فيه الروح فصار خلقاً آخر سويا، سليم الأعضاء ذكراً أو أُنثى بإذن اللّه وتقديره: ولهذا قال تعالى: {فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى}، ثم قال تعالى: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}؟ أي أما هذا الذي أنشأ هذا الخلق السوي من هذه النطفة الضعيفة، بقادر على أن يعيده كما بدأه؟ كقوله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}، روى أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من قرأ منكم بالتين والزيتون فانتهى إلى آخرها {أليس اللّه بأحكم الحاكمين} فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين؛ ومن قرأ {لا أقسم بيوم القيامة} فانتهى إلى قوله {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} فليقل: بلى، ومن قرأ: {والمرسلات} فبلغ {فبأي حديث بعده يؤمنون}؟ فليقل: آمنا باللّه) ""أخرجه أبو داود وأحمد، ورواه الترمذي بنحوه"". وعن قتادة قوله تعالى: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} ذكر لنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا قرأها قال: (سبحانك وبلى) ""أخرجه ابن جرير"". وكان ابن عباس إذا مر بهذه الآية: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}؟ قال: سبحانك فبلى ""أخرجه ابن أبي حاتم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি