نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة القيامة آية 28
وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ

التفسير الميسر حقًّا إذا وصلت الروح إلى أعالي الصدر، وقال بعض الحاضرين لبعض: هل مِن راق يَرْقيه ويَشْفيه مما هو فيه؟ وأيقن المحتضر أنَّ الذي نزل به هو فراق الدنيا؛ لمعاينته ملائكة الموت، واتصلت شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة، إلى الله تعالى مساق العباد يوم القيامة: إما إلى الجنة وإما إلى النار.

تفسير الجلالين
28 - (وظن) ايقن من بلغت نفسه ذلك (أنه الفراق) فراق الدنيا

تفسير القرطبي
قوله تعالى {كلا إذا بلغت التراقي} {كلا} ردع وزجر؛ أي بعيد أن يؤمن الكافر بيوم القيامة؛ ثم استأنف فقال {إذا بلغت التراقي} أي بلغت النفس أو الروح التراقي؛ فأخبر عما لم يجر له ذكر، لعلم المخاطب به؛ كقوله تعالى {حتى توارت بالحجاب}[ص : 32] وقوله تعالى {فلولا إذا بلغت الحلقوم}[الواقعة : 83] وقد تقدم.
وقيل {كلا} معناه حقا؛ أي حقا أن المساق إلى الله {إذا بلغت التراقي} أي إذا ارتقت النفس إلى التراقي.
وكان ابن عباس يقول : إذا بلغت نفس الكافر التراقي.
والتراقي جمع ترقوة وهي العظام المكتنفة لنقرة النحر، وهو مقدم الحلق من أعلى الصدر، موضع الحشرجة؛ قال دريد بن الصمة.
ورب عظيمة دافعت عنهم ** وقد بلغت نفوسهم التراقي وقد يكنى عن الإشفاء على الموت ببلوغ النفس التراقي، والمقصود تذكيرهم شدة الحال عند نزول الموت.
قوله تعالى {وقيل من راق} اختلف فيه؛ فقيل : هو من الرقية؛ عن ابن عباس وعكرمة وغيرهما.
روي سماك عن عكرمة قال : من راق يرقي : أي يشفي.
وروى ميمون بن مهران عن ابن عباس : أي هل من طبيب يشفيه؛ وقال أبو قلابة وقتادة؛ وقال الشاعر : هل للفتى من بنات الدهر من واق ** أم هل له من حمام الموت من راق وكان هذا على وجه الاستبعاد واليأس؛ أي من يقدر أن يرقي من الموت.
وعن ابن عباس أيضا وأبي الجوزاء أنه من رقي يرقى : إذا صعد، والمعنى : من يرقى بروحه إلى السماء؟ أملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب؟ وقيل : إن ملك الموت يقول من راق؟ أي من يرقى بهذه النفس؛ وذلك أن نفس الكافر تكره الملائكة قربها، فيقول ملك الموت : يا فلان اصعد بها.
وأظهر عاصم وقوم النون في قوله تعالى {من راق} واللام في قوله {بل ران} لئلا يشبه مراق وهو بائع المرقة، وبران في تثنية البر.
والصحيح ترك الإظهار، وكسرة القاف في {من راق}، وفتحة النون في {بل ران} تكفي في زوال اللبس.
وأمثل مما ذكر : قصد الوقف على {من} و{بل}، فأظهرهما؛ قاله القشيري.
قوله تعالى {وظن} أي أيقن الإنسان {أنه الفراق} أي فراق الدنيا والأهل والمال والولد، وذلك حين عاين الملائكة.
قال الشاعر : فراق ليس يشبهه فراق ** قد انقطع الرجاء عن التلاق {والتفت الساق بالساق} أي فاتصلت الشدة بالشدة؛ شدة آخر الدنيا بشدة أول الآخرة؛ قاله ابن عباس والحسن وغيرهما.
وقال الشعبي وغيره : المعنى التفت ساقا الإنسان عند الموت من شدة الكرب.
وقال قتادة : أما رأيته إذا أشرف على الموت يضرب إحدى رجليه على الأخرى.
وقال سعيد بن المسيب والحسن أيضا : هما ساقا الإنسان إذا التفتا في الكفن.
وقال زيد بن أسلم : التفت ساق الكفن بساق الميت.
وقال الحسن أيضا : ماتت رجلاه ويبست ساقاه فلم تحملاه، ولقد كان عليهما جوالا.
قال النحاس : القول الأول أحسنها.
وروى علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس {والتفت الساق بالساق} قال : آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة، فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحمه الله؛ أي شدة كرب الموت بشدة هول المطلع؛ والدليل على هذا قوله تعالى {إلى ربك يومئذ المساق} وقال مجاهد : بلاء ببلاء.
يقول : تتابعت عليه الشدائد.
وقال الضحاك وابن زيد : اجتمع عليه أمران شديدان : الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه، والعرب لا تذكر الساق إلا في المحن والشدائد العظام؛ ومنه قولهم : قامت الدنيا على ساق، وقامت الحرب على ساق.
قال الشاعر : وقامت الحرب بنا على ساق وقد مضى هذا المعنى في آخر سورة {ن والقلم}.
وقال قوم : الكافر تعذب روحه عند خروج نفسه، فهذه الساق الأولى، ثم يكون بعدهما ساق البعث وشدائده {إلى ربك} أي إلى خالقك {يومئذ} أي يوم القيامة {المساق} أي المرجع.
وفي بعض التفاسير قال : يسوقه ملكه الذي كان يحفظ عليه السيئات.
والمساق : المصدر من ساق يسوق، كالمقال من قال يقول.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن حالة الاحتضار، وما عنده من الأهوال، ثبتنا اللّه هنالك بالقول الثابت، فقال تعالى: {كلا إذا بلغت التراقي} إن جعلنا كلا رادعة فمعناها: لست يا ابن آدم هناك تكذب بما أخبرت به، بل صار ذلك عندك عياناً، وإن جعلناها بمعنى حقا فظاهرأي حقا إذا بلغت التراقي أي انتزعت روحك من جسدك وبلغت تراقيك، والتراقي جمع ترقوة وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق كقوله تعالى: {فلولا إذا بلغت الحلقوم، وأنتم حينئذ تنظرون، ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون}، {وقيل من راق}؟ قال ابن عباس: أي من راق يرقي؟ وقال أبو قلابة؟ أي من طبيب شاف وكذا قال قتادة والضحّاك وابن زيد وعن ابن عباس: {وقيل من راق} قيل: من يرقى بروحه ملائكة الرحمة أم ملائكة العذاب ""ذكره ابن أبي حاتم عن ابن عباس""؟ فعلى هذا يكون من كلام الملائكة، وقال ابن عباس في قوله: {والتفت الساق بالساق} قال: التفت عليه الدنيا والآخرة، وعنه {والتفت الساق بالساق} يقول: آخر يوم من أيام الدنيا وأول يوم من أيام الآخرة، فتلتقي الشدة بالشدة إلا من رحمه اللّه، وقال عكرمة: {والتفت الساق بالساق} الأمر العظيم بالأمر العظيم، وقال مجاهد: بلاء ببلاء، وقال الحسن البصري: هما ساقاك إذا التفتا، وكذا قال السدي عن الحسن: هو لفهما في الكفن، وقال الضحّاك: {والتفت الساق بالساق} اجتمع عليه أمران: الناس يجهزون جسده، والملائكة يجهزون روحه. وقوله تعالى: {إلى ربك يومئذ المساق} أي المرجع والمآب، وذلك أن الروح ترفع إلى السماوات، فيقول اللّه عزَّ وجلَّ: ردوا عبدي إلى الأرض، فإني منها خلقتهم وفيها أعيدهم، ومنها أخرجهم تارة أُخرى، كما ورد في حديث البراء الطويل، وقوله جلَّ وعلا: {فلا صدق ولا صلى ولكن كذَّب وتولى} هذا إخبار عن الكافر الذي كان في الدار الدنيا مكذباً للحق بقلبه، متولياً عن العمل بقالبه، فلا خير فيه باطناً ولا ظاهراً، ولهذا قال تعالى: {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى . ثم ذهب إلى أهله يتمطّى} أي جذلان أشراً بطراً، لا همة له ولا عمل، كما قال تعالى: {وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين}، وقال تعالى: {إنه كان في أهله مسروراً إنه ظن أن لن يحور} أي يرجع، وقال ابن عباس: {ثم ذهب إلى أهله يتمطّى} أي يختال، وقال قتادة: يتبختر، قال اللّه تعالى: {أولى لك فأولى . ثم أولى لك فأولى} وهذا تهديد ووعيد من اللّه تعالى للكافر، المتبختر في مشيه، أي يحق لك أن تمشي هكذا وقد كفرت بخالقك وبارئك، وذلك على سبيل التكهم والتهديد، كقوله تعالى: {ذق إنك أنت العزيز الكريم}، وكقوله تعالى: {كلوا وتمتعوا قليلاً إنكم مجرمون} وكقوله جلَّ جلاله: {اعملوا ما شئتم} إلى غير ذلك، عن سعيد بن جبير قال: قلت لابن عباس: {أولى لك فأولى . ثم أولى لك فأولى}؟ قال: قاله رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لأبي جهل، ثم أنزله اللّه عزَّ وجلَّ ""أخرجه النسائي"". وقال قتادة في قوله: {أولى لك فأولى، ثم أولى لك فأولى} وعيد على أثر وعيد كما تسمعون، وزعموا أن عدو اللّه أبا جهل أخذ نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم بمجامع ثيابه ثم قال: (أولى لك فأولى ثم أولى لك فأولى)، فقال عدو اللّه أبو جهل: أتوعدني يا محمد؟ واللّه لا تستطيع أنت ولا ربك شيئاً، وإني لأعز من مشى بين جبليها ""أخرجه ابن أبي حاتم عن قتادة"". وقوله تعالى: {أيحسب الإنسان أن يترك سدى}؟ قال السدي: يعني لا يبعث، وقال مجاهد: يعني لا يؤمر ولا ينهى، والظاهر أن الآية تعم الحالتين، أي ليس يترك في هذه الدنيا مهملاً، لا يؤمر ولا ينهى، ولا يترك في قبره سدى لا يبعث، بل هو مأمور منهي في الدنيا محشور إلى اللّه في الدار الآخرة، والمقصود هنا إثبات المعاد، ولهذا قال تعالى مستدلا على الإعادة بالبداءة {ألم يك نطفة من مني يمنى} أي أما كان الإنسان نطفة ضعيفة من ماء مهين {يمنى} أي يراق من الأصلاب في الأرحام {ثم كان علقة فخلق فسوّى} أي فصار علقة ثم مضغة ثم شكل ونفخ فيه الروح فصار خلقاً آخر سويا، سليم الأعضاء ذكراً أو أُنثى بإذن اللّه وتقديره: ولهذا قال تعالى: {فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى}، ثم قال تعالى: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}؟ أي أما هذا الذي أنشأ هذا الخلق السوي من هذه النطفة الضعيفة، بقادر على أن يعيده كما بدأه؟ كقوله تعالى: {وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه}، روى أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (من قرأ منكم بالتين والزيتون فانتهى إلى آخرها {أليس اللّه بأحكم الحاكمين} فليقل: بلى وأنا على ذلك من الشاهدين؛ ومن قرأ {لا أقسم بيوم القيامة} فانتهى إلى قوله {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} فليقل: بلى، ومن قرأ: {والمرسلات} فبلغ {فبأي حديث بعده يؤمنون}؟ فليقل: آمنا باللّه) ""أخرجه أبو داود وأحمد، ورواه الترمذي بنحوه"". وعن قتادة قوله تعالى: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى} ذكر لنا أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان إذا قرأها قال: (سبحانك وبلى) ""أخرجه ابن جرير"". وكان ابن عباس إذا مر بهذه الآية: {أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى}؟ قال: سبحانك فبلى ""أخرجه ابن أبي حاتم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি