نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة القيامة آية 22
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ

التفسير الميسر وجوه أهل السعادة يوم القيامة مشرقة حسنة ناعمة، ترى خالقها ومالك أمرها، فتتمتع بذلك.

تفسير الجلالين
22 - (وجوه يومئذ) أي يوم القيامة (ناضرة) حسنة مضيئة

تفسير القرطبي
قوله تعالى {وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة} الأول من النضرة التي هي الحسن والنعمة.
والثاني من النظر أي وجوه المؤمنين مشرقة حسنة ناعمة؛ يقال : نضرهم الله ينضرهم نضرة ونضارة وهو الإشراق والعيش والغنى؛ ومنه الحديث (نضر الله امرأ سمع مقالتي فوعاها).
{إلى ربها} إلى خالقها ومالكها {ناظرة} من النظر أي تنظر إلى ربها؛ على هذا جمهور العلماء.
وفي الباب حديث صهيب خرجه مسلم وقد مضى في يونس عند قوله تعالى {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}[يونس : 26].
وكان ابن عمر يقول : أكرم أهل الجنة على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية؛ ثم تلا هذه الآية {وجوه يومئذ ناضرة.
إلى ربها ناظرة} وروى يزيد النحوي عن عكرمة قال : تنظر إلى ربها نظرا.
وكان الحسن يقول : نضرت وجوههم ونظروا إلى ربهم.
وقيل : إن النظر هنا انتظار ما لهم عند الله من الثواب.
وروي عن ابن عمر ومجاهد.
وقال عكرمة : تنتظر أمر ربها.
حكاه الماوردي عن ابن عمر وعكرمة أيضا.
وليس معروفا إلا عن مجاهد وحده.
واحتجوا بقوله تعالى {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}[الأنعام : 103] وهذا القول ضعيف جدا، خارج عن مقتضى ظاهر الآية والأخبار.
وفي الترمذي عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن أدنى أهل الجنة منزلة لمن ينظر إلى جنانه وأزواجه وخدمه وسرره مسيرة ألف سنة وأكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية) ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وجوه يومئذ ناضرة.
إلى ربها ناظرة} قال هذا حديث غريب.
وقد روى عن ابن عمرو ولم يرفعه.
"" وفي صحيح مسلم عن أبي بكر بن عبدالله بن قيس"" عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (جنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم جل وعز إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن).
وروى جرير بن عبدالله قال : كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسا، فنظر إلى القمر ليلة البدر فقال : (إنكم سترون ربكم عيانا كما ترون هذا القمر، لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا).
ثم قرأ {وسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب} ""متفق عليه.
وخرجه أيضا أبو داود والترمذي وقال حديث حسن صحيح"".
""وخرج أبو داود عن أبي رزين العقيلي"" قال : قلت يا رسول الله أكلنا يرى ربه؟ قال ابن معاذ : مخليا به يوم القيامة؟ قال : (نعم يا أبا رزين) قال : وما آية ذلك في خلقه؟ قال : (يا أبا رزين أليس كلكم يرى القمر) قال ابن معاذ : ليلة البدر مخليا به.
قلنا : بلى.
قال : (فالله أعظم) (قال ابن معاذ قال) : (فإنما هو خلق من خلق الله - يعني القمر - فالله أجل وأعظم).
وفي كتاب النسائي عن صهيب قال : (فيكشف الحجاب فينظرون إليه، فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم من النظر، ولا أقر لأعينهم) وفي التفسير لأبي إسحاق الثعلبي عن الزبير عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [يتجلى ربنا عز وجل حتى ينظروا إلى وجهه، فيخرون له سجدا، فيقول ارفعوا رؤوسكم فليس هذا بيوم عبادة] قال الثعلبي : وقول مجاهد إنها بمعنى تنتظر الثواب من ربها ولا يراه شيء من خلقه، فتأويل مدخول، لأن العرب إذا أرادت بالنظر الانتظار قالوا نظرته؛ كما قال تعالى {هل ينظرون إلا الساعة}[الزخرف : 66]، {هل ينظرون إلا تأويله}[الأعراف : 53]، و{ما ينظرون إلا صيحة واحدة}[يس : 49] وإذا أرادت به التفكر والتدبر قالوا : نظرت فيه، فأما إذا كان النظر مقرونا بذكر إلى، وذكر الوجه فلا يكون إلا بمعنى الرؤية والعيان.
وقال الأزهري : إن قول مجاهد تنتظر ثواب ربها خطأ؛ لأنه لا يقال نظر إلى كذا بمعنى الانتظار، وإن قول القائل : نظرت إلى فلان ليس إلا رؤية عين، كذلك تقوله العرب؛ لأنهم يقولون نظرت إليه : إذا أرادوا نظر العين، فإذا أرادوا الانتظار قالوا نظرته؛ قال : فإنكما إن تنظراني ساعة ** من الدهر تنفعني لدى أم جندب لما أراد الانتظار قال تنظراني، ولم يقل تنظران إلي؛ وإذا أرادوا نظر العين قالوا : نظرت إليه؛ قال : نظرت إليها والنجوم كأنها ** مصابيح رهبان تشب لقفال وقال آخر : نظرت إليها بالمحصب من منى ** ولي نظر لولا التحرج عارم وقال آخر : إني إليك لما وعدت لناظر ** نظر الفقير إلى الغني الموسر أي إني أنظر إليك بذل؛ لأن نظر الذل والخضوع أرق لقلب المسؤول؛ فأما ما استدلوا به من قوله تعالى {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}[الأنعام : 103] فإنما ذلك في الدنيا.
وقد مضى القول فيه في موضعه مستوفى.
وقال عطية العوفي : ينظرون إلى الله لا تحيط أبصارهم به من عظمته، ونظره يحيط بها؛ يدل عليه {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار}[الأنعام : 103] قال القشيري أبو نصر : وقيل {إلى} واحد الآلاء : أي نعمه منتظرة وهذا أيضا باطل؛ لأن واحد الآلاء يكتب بالألف لا بالياء، ثم الآلاء : نعمه الدفع، وهم في الجنة لا ينتظرون دفع نقمه عنهم، والمنتظر للشيء متنغص العيش، فلا يوصف أهل الجنة بذلك.
وقيل : أضاف النظر إلى الوجه؛ وهو كقوله تعالى {تجري من تحتها الأنهار}[المائدة : 119] والماء يجري في النهر لا النهر.
ثم قد يذكر الوجه بمعنى العين؛ قال الله تعالى {فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا}[يوسف : 93] أي على عينيه.
ثم لا يبعد قلب العادة غدا، حتى يخلق الرؤية والنظر في الوجه؛ وهو كقوله تعالى {أفمن يمشي مكبا على وجهه}[الملك : 22]، فقيل : يا رسول الله! كيف يمشون في النار على وجوههم؟ قال : (الذي أمشاهم على أقدامهم قادر أن يمشيهم على وجوههم).
{ووجوه يومئذ باسرة} أي وجوه الكفار يوم القيامة كالحة كاسفة عابسة.
وفي الصحاح : وبسر الفحل الناقة وابتسرها : إذا ضربها من غير ضبعة.
وبسر الرجل وجهه بسورا أي كلح؛ يقال : عبس وبسر.
وقال السدي {باسرة} أي متغيرة والمعنى واحد.
{تظن أن يفعل بها فاقرة} أي توقن وتعلم، والفاقرة : الداهية والأمر العظيم؛ يقال : فقرته الفاقرة : أي كسرت فقار ظهره.
قال معناه مجاهد وغيره.
وقال قتادة : الفاقرة الشر.
السدي : الهلاك.
ابن عباس وابن زيد : دخول النار.
والمعنى متقارب وأصلها الوسم على أنف البعير بحديدة أو نار حتى يخلص إلى العظم؛ قاله الأصمعي.
يقال : فقرت أنف البعير : إذا حززته بحديدة ثم جعلت على موضع الحز الجرير وعليه وتر ملوي، لتذلله بذلك وتروضه؛ ومنه قولهم : قد عمل به الفاقرة.
وقال النابغة : أبى لي قبر لا يزال مقابلي ** وضربة فأس فوق رأسي فاقره

تفسير ابن كثير هذا تعليم من اللّه عزَّ وجلَّ لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في كيفية تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه، ويسابق الملك في قراءته، فأمره اللّه عزَّ وجلَّ أن يستمع له، وتكفل اللّه له أن يجمعه في صدره، وأن يبينه له ويوضحه، فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره وإيضاح معناه، ولهذا قال تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} أي بالقرآن كما قال تعالى: {ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه} الآية، ثم قال تعالى: {إن علينا جمعه} أي في صدرك، {وقرآنه} أي أن تقرأه، {فإذا قرأناه} أي إذا تلاه عليك الملك عن اللّه تعالى {فاتبع قرآنه} أي فاستمع له ثم اقرأه كما أقرأك، {ثم إن علينا بيانه} أي بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا. عن ابن عباس قال: (كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة فكان يحرك شفتيه، فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه} قال: جمعه في صدرك، ثم تقرأه {فإذا قرأناه فاتبع قرآنه} أي فاستمع له وأنصت، {ثم إنّ علينا بيانه} فكان بعد ذلك إذا انطلق جبريل قرأه كما أقرأه ""أخرجه أحمد ورواه البخاري ومسلم بنحوه"". وفي رواية للبخاري: فكان إذا أتاه جبريل أطرق فإذا ذهب قرأه كما وعده اللّه عزَّ وجلَّ، وروى ابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا أنزل عليه الوحي يلقى منه شدة، وكان إذا نزل عليه عرف في تحريكه شفتيه، يتلقى أوله ويحرك به شفتيه، خشية أن ينسى أوله قبل أن يفرغ من آخره، فأنزل اللّه تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به} ""أخرجه ابن أبي حاتم"". وقال ابن عباس: كان لا يفتر من القرآن مخافة أن ينساه، فقال اللّه تعالى: {لا تحرك به لسانك لتعجل به إنا علينا جمعه} أن نجمعه لك {وقرآنه} أن نقرئك فلا تنسى، وقال ابن عباس {ثم إن علينا بيانه} تبيين حلاله وحرامه، وكذا قال قتادة. وقوله تعالى: {كلا بل تحبون العاجلة وتذرون الآخرة} أي إنما يحملهم على التكذيب بيوم القيامة، أنهم إنما همتهم إلى الدار الدنيا العاجلة، وهم لاهون متشاغلون عن الآخرة، ثم قال تعالى: {وجوه يومئذ ناضرة} من النضارة أي حسنة بهية مشرقة مسرورة، {إلى ربها ناظرة} أي تراه عياناً، كما رواه البخاري في صحيحه: (إنكم سترون ربكم عياناً) وقد ثبتت رؤية المؤمنين للّه عزَّ وجلَّ في الدار الآخرة، في الأحاديث الصحاح من طرق متواترة عند أئمة الحديث، لا يمكن دفعها ولا منعها، لحديث أبي هريرة وهما في الصحيحين أن ناساً قالوا: يا رسول اللّه هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: (هل تضارون في رؤية الشمس والقمر ليس دونهما سحاب؟) قالوا: لا، قال: (إنكم ترون ربكم كذلك) ""أخرجه الشيخان"". وفي الصحيحين عن جرير قال: نظر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلى القمر ليلة البدر، فقال: (إنكم ترون ربكم كما ترون هذا القمر، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس ولا قبل غروبها فافعلوا) ""أخرجاه في الصحيحين""، وفي الصحيحين عن أبي موسى قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (جنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما، وجنتان من فضة آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى اللّه عزَّ وجلَّ إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن) ""رواه البخاري ومسلم"". وفي مسلم عن صهيب عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا دخل أهل الجنة الجنة - قال - يقول اللّه تعالى تريدون شيئاً أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا! ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار! قال: فيكشف الحجاب، فما أعطوا شيئاً أحب إليهم من النظر إلى ربهم وهي الزيادة)، ثم تلا هذه الآية: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} ""رواه مسلم""، ففي هذه الأحاديث أن المؤمنين ينظرون إلى ربهم عزَّ وجلَّ في العرصات وفي روضات الجنات، وروى الإمام أحمد، عن ابن عمر قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ألفي سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه، ينظر إلى أزواجه وخدمه، وإن أفضلهم منزلة لينظر في وجه اللّه كل يوم مرتين) ""أخرجه أحمد والترمذي""، قال الحسن {وجوه يومئذ ناضرة} قال: حسنة، {إلى ربها ناظرة} قال: تنظر إلى الخالق، وحق لها أن تنضر وهي تنظر إلى الخالق، وقوله تعالى: {ووجوه يومئذ باسرة . تظن أن يفعل بها فاقرة} هذه وجوه الفجار تكون يوم القيامة باسرة، قال قتادة: كالحة، وقال السدي: تغير ألوانها، وقال ابن زيد {باسرة} أي عابسة {تظن} أي تستيقن {أن يفعل بها فاقرة} قال مجاهد: داهية، وقال قتادة: شر، وقال السدي: تستيقن أنها هالكة، وقال ابن زيد: تظن أنها ستدخل النار، وهذا المقام كقوله تعالى: {يوم تبيض وجوه وتسود وجوه}، وكقوله تعالى: {وجوه يومئذ مسفرة . ضاحكة مستبشرة}، وكقوله تعالى: {وجوه يومئذ ناعمة . لسعيها راضية . في جنة عالية} وأشباه ذلك من الآيات الكريمة.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি