نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المزمل آية 16
فَعَصَىٰ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْنَاهُ أَخْذًا وَبِيلًا

التفسير الميسر إنا أرسلنا إليكم- يا أهل "مكة"- محمدًا رسولا شاهدًا عليكم بما صدر منكم من الكفر والعصيان، كما أرسلنا موسى رسولا إلى الطاغية فرعون، فكذَّب فرعون بموسى، ولم يؤمن برسالته، وعصى أمره، فأهلكناه إهلاكًا شديدًا. وفي هذا تحذير من معصية الرسول محمد، صلى الله عليه وسلم؛ خشية أن يصيب العاصي مثل ما أصاب فرعون وقومه.

تفسير الجلالين
16 - (فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا) شديدا

تفسير القرطبي
قوله تعالى {إنا أرسلنا إليكم رسولا} يريد النبي صلى الله عليه وسلم أرسله إلى قريش {كما أرسلنا إلى فرعون رسولا} وهو موسى {فعصى فرعون الرسول} أي كذب به ولم يؤمن.
قال مقاتل : ذكر موسى وفرعون؛ لأن أهل مكة ازدروا محمدا صلى الله عليه وسلم واستخفوا به؛ لأنه ولد فيهم، كما أن فرعون أزدرى موسى؛ لأنه رباه ونشأ فيما بينهم، كما قال تعالى {ألم نربك فينا وليدا}[الشعراء : 18].
قال المهدوي : ودخلت الألف واللام في الرسول لتقدم ذكره؛ ولذلك اختير في أول الكتب سلام عليكم، وفي آخرها السلام عليكم.
{وبيلا} أي ثقيلا شديدا.
وضرب وبيل وعذاب وبيل : أي شديد؛ قال ابن عباس ومجاهد.
ومنه مطر وابل أي شديد؛ قال الأخفش.
وقال الزجاج : أي ثقيلا غليظا.
ومنه قيل للمطر وابل.
وقيل : مهلكا (والمعنى عاقبناه عقوبة غليظة) قال : أكلت بنيك أكل الضب حتى ** وجدت مرارة الكلأ الوبيل واستوبل فلان كذا : أي لم يحمد عاقبته.
وماء وبيل : أي وخيم غير مريء، وكلأ مستوبل وطعام وبيل ومستوبل : إذا لم يمرئ ولم يستمرأ، قال زهير : فقضوا منايا بينهم ثم أصدروا ** إلى كلأ مستوبل متوخم وقالت الخنساء : لقد أكلت بجيلة يوم لاقت ** فوارس مالك أكلا وبيلا والوبيل أيضا : العصا الضخمة؛ قال : لو أصبح في يمنى يدي زمامها ** وفي كفي الأخرى وبيل تحاذره وكذلك الموبل بكسر الباء، والموبلة أيضا : الحزمة من الحطب، وكذلك الوبيل، قال طرفة : عقيلة شيخ كالوبيل يلندد قوله تعالى {فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا} هو توبيخ وتقريع، أي كيف تتقون العذاب إن كفرتم.
وفيه تقديم وتأخير، أي كيف تتقون يوما يجعل الولدان شيبا إن كفرتم.
وكذا قراءة عبدالله وعطية.
قال الحسن : أي بأي صلاة تتقون العذاب؟ بأي صوم تتقون العذاب؟ وفيه إضمار، أي كيف تتقون عذاب يوم.
وقال قتادة : والله ما يتقى من كفر بالله ذلك اليوم بشيء.
و{يوما} مفعول بـ {تتقون} على هذه القراءة وليس بظرف، وإن قدر الكفر بمعنى الجحود كان اليوم مفعول {كفرتم}.
وقال بعض المفسرين : وقف التمام على قوله : كفرتم والابتداء يوما يذهب إلى أن اليوم مفعول {يجعل} والفعل لله عز وجل، وكأنه قال : يجعل الله الولدان شيبا في يوم.
قال ابن الأنباري؛ وهذا لا يصلح؛ لأن اليوم هو الذي يفعل هذا من شدة هوله.
المهدوي : والضمير في {يجعل} يجوز أن يكون لله عز وجل، ويجوز أن يكون لليوم، وإذا كان لليوم صلح أن يكون صفة له، ولا يصلح ذلك إذا كان الضمير لله عز وجل إلا مع تقدير حذف؛ كأنه قال : يوما يجعل الله الولدان فيه شيبا.
ابن الأنباري : ومنهم من نصب اليوم {بكفرتم} وهذا قبيح؛ لأن اليوم إذا علق بـ {كفرتم} احتاج إلى صفة؛ أي كفرتم بيوم.
فإن احتج محتج بأن الصفة قد تحذف وينصب ما بعدها، احتججنا عليه بقراءة عبدالله {فكيف تتقون يوما}.
قلت : هذه القراءة ليست متواترة، وإنما جاءت على وجه التفسير.
وإذا كان الكفر بمعنى الجحود فـ {يوما} مفعول صريح من غير صفة ولا حذفها؛ أي فكيف تتقون الله وتخشونه إن جحدتم يوم القيامة والجزاء.
وقرأ أبو السمال قعنب {فكيف تتقون} بكسر النون على الإضافة.
و{الولدان} الصبيان.
وقال السدي : هم أولاد الزنا.
وقيل : أولاد المشركين.
والعموم أصح؛ أي يشيب فيه الضمير من غير كبر.
وذلك حين يقال : (يا آدم قم فابعث بعث النار).
على ما تقدم في أول سورة الحج .
قال القشيري : ثم إن أهل الجنة يغير الله أحوالهم وأوصافهم على ما يريد.
وقيل : هذا ضرب مثل لشدة ذلك اليوم وهو مجاز؛ لأن يوم القيامة لا يكون فيه ولدان ولكن معناه أن هيبة ذلك اليوم بحال لو كان فيه هناك صبي لشاب رأسه من الهيبة.
ويقال : هذا وقت الفزع، وقيل أن ينفخ في الصور نفخة الصعق، فالله أعلم.
الزمخشري : وقد مر بي في بعض الكتب أن رجلا أمسى فاحم الشعر كحنك الغراب، فأصبح وهو أبيض الرأس واللحية كالثغامة، فقال : أريت القيامة والجنة والنار في المنام، ورأيت الناس يقادون في السلاسل إلى النار، فمن هول ذلك أصبحت كما ترون.
ويجوز أن يوصف اليوم بالطول، وأن الأطفال يبلغون فيه أوان الشيخوخة والشيب.
قوله تعالى {السماء منفطر به} أي متشققة لشدته.
ومعنى {به} أي فيه؛ أي في ذلك اليوم لهوله.
هذا أحسن ما قيل فيه.
ويقال : مثقلة به إثقالا يؤدي إلى انفطارها لعظمته عليها وخشيتها من وقوعه، كقوله تعالى {ثقلت في السموات والأرض}[الأعراف : 187].
وقيل {به} أي له، أي لذلك اليوم؛ يقال : فعلت كذا بحرمتك ولحرمتك، والباء واللام وفي : متقاربة في مثل هذا الموضع؛ قال الله تعالى {ونضع الموازين القسط ليوم القيامة}[الأنبياء : 47] أي في يوم القيامة.
وقيل {به} أي بالأمر أي السماء منفطر بما يجعل الولدان شيبا.
وقيل : منفطر بالله، أي بأمره، وقال أبو عمرو بن العلاء : لم يقل منفطرة؛ لأن مجازها السقف؛ تقول : هذا سماء البيت؛ قال الشاعر : فلو رفع السماء إليه قوما ** لحقنا بالسماء وبالسحاب وفي التنزيل {وجعلنا السماء سقفا محفوظا}[الأنبياء : 32].
وقال الفراء : السماء يذكر ويؤنث.
وقال أبو علي : هو من باب الجراد المنتشر، والشجر الأخضر، و{أعجاز نخل منقعر}[القمر : 20].
وقال أبو علي أيضا : أي السماء ذات انفطار؛ كقولهم : امرأة مرضع، أي ذات إرضاع، فجرى على طريق النسب.
{كان وعده} أي بالقيامة والحساب والجزاء {مفعولا} كائنا لا شك فيه ولا خلف.
وقال مقاتل : كان وعده بأن يظهر دينه على الدين كله.
قوله تعالى {إن هذه تذكرة} يريد هذه السورة أو الآيات عظة.
وقيل : آيات القرآن، إذ هو كالسورة الواحدة.
{فمن شاء اتخذ إلى ربه} أي من أراد أن يؤمن ويتخذ بذلك إلى ربه {سبيلا} أي طريقا إلى رضاه ورحمته فليرغب، فقد أمكن له؛ لأنه أظهر له الحجج والدلائل.
ثم قيل : نسخت بآية السيف، وكذلك قوله تعالى{فمن شاء ذكره}[المدثر : 55] قال الثعلبي : والأشبه أنه غير منسوخ.

تفسير ابن كثير يقول تعالى آمراً رسوله صلى اللّه عليه وسلم بالصبر، على ما يقوله سفهاء قومه، وأن يهجرهم هجراً جميلاً، وهو الذي لا عتاب معه، ثم قال له متهدداً لكفار قومه: {وذرني والمكذبين أولي النعمة} أي والمكذبين المترفين أصحاب الأموال، {ومهلهم قليلاً} أي رويداً، كما قال تعالى: {نمتعهم قليلاً ثم نضطرهم إلى عذاب غليظ}، ولهذا قال ههنا: {إن لدينا أنكالاً} وهي القيود، قاله ابن عباس وعكرمة والسدي وغير واحد، {وجحيماً} وهي السعير المضطرمة، {وطعاماً ذا غصة} قال ابن عباس: ينشب في الحلق فلا يدخل ولا يخرج، {وعذاباً أليماً . يوم ترجف الأرض والجبال} أي تزلزل، {وكانت الجبال كثيباً مهيلاً} أي تصير ككثبان الرمال بعد ما كانت حجارة صماء، ثم إنها تنسف نسفاً فلا يبقى منها شيء إلا ذهب، حتى تصير الأرض {قاعاً صفصفاً لا ترى فيها عوجاً} أي وادياً {ولا أمتاً} أي رابية، ومعناه لا شيء ينخفض ولا شيء يرتفع، ثم قال مخاطباً لكفار قريش والمراد سائر الناس: {إنا أرسلنا إليكم رسولاً شاهداً عليكم} أي بأعمالكم، {كما أرسلنا إلى فرعون رسولاً . فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذاً وبيلاً}، قال ابن عباس {أَخذاً وبيلاً} أي شديداً، فاحذروا أنتم أن تكذبوا هذا الرسول، فيصيبكم ما أصاب فرعون حيث أخذه اللّه أخذ عزيز مقتدر، كما قال تعالى: {فأخذه اللّه نكال الآخرة والأولى}، وقوله تعالى: {فكيف تتقون إن كفرتم يوماً يجعل الوالدان شيباً} أي فكيف تخافون أيها الناس يوماً يجعل الولدان شيباً إن كفرتم باللّه ولم تصدقوا به؟ وكيف يحصل لكم أمان من يوم هذا الفزع العظيم إن كفرتم؟ ومعنى قوله: {يوماً يجعل الولدان شيباً} أي من شدة أهواله وزلازله وبلابله، وذلك حين يقول اللّه تعالى لآدم: ابعث بعث النار، فيقول: من كم؟ فيقول من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعون إلى النار وواحد إلى الجنة. وقوله تعالى: {السماء منفطر به} قال الحسن وقتادة: أي بسببه من شدته وهوله، وقوله تعالى: {كان وعده مفعولاً} أي كان وعد هذا اليوم مفعولاً، أي واقعاً لا محالة وكائناً لا محيد عنه.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি