نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المزمل آية 7
إِنَّ لَكَ فِي النَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا

التفسير الميسر إن لك في النهار تصرفًا وتقلبًا في مصالحك، واشتغالا واسعًا بأمور الرسالة، ففرِّغْ نفسك ليلا لعبادة ربك.

تفسير الجلالين
7 - (إن لك في النهار سبحا طويلا) تصرفا لاشغالك لا تفرغ فيه لتلاوة القرآن

تفسير القرطبي
فيه خمس مسائل: الأولى: قوله تعالى {إن ناشئة الليل} قال العلماء : ناشئة الليل أي أوقاته وساعاته، لأن أوقاته تنشأ أولا فأولا؛ يقال : نشأ الشيء ينشأ : إذا ابتدأ وأقبل شيئا بعد شيء، فهو ناشئ وأنشأه الله فنشأ، ومنه نشأت السحابة إذا بدأت وأنشأها الله؛ فناشئة : فاعلة من نشأت تنشأ فهي ناشئة، ومنه قوله تعالى {أومن ينشأ في الحلية وهو في الخصام غير مبين}[الزخرف : 18] والمراد إن ساعات الليل الناشئة، فاكتفى بالوصف عن الاسم، فالتأنيث للفظ ساعة، لأن كل ساعة تحدث.
وقيل : الناشئة مصدر بمعنى (قيام الليل) كالخاطئة والكاذبة؛ أي إن نشأة الليل هي أشد وطئا.
وقيل : إن ناشئة الليل قيام الليل.
قال ابن مسعود : الحبشة يقولون : نشأ أي قام، فلعله أراد أن الكلمة عربية، ولكنها شائعة في كلام الحبشة، غالبة عليهم، وإلا فليس في القرآن ما ليس في لغة العرب.
وقد تقدم بيان هذا في مقدمة الكتاب مستوفى.
الثانية: بين تعالى في هذه الآية فضل صلاة الليل على صلاة النهار، وأن الاستكثار من صلاة الليل بالقراءة فيها ما أمكن، أعظم للأجر، وأجلب للثواب.
واختلف العلماء في المراد بناشئة الليل؛ فقال ابن عمر وأنس بن مالك : هو ما بين المغرب والعشاء، تمسكا بأن لفظ نشأ يعطي الابتداء، فكان بالأولية أحق؛ ومنه قول الشاعر : ولولا أن يقال صبا نصيب ** لقلت بنفسي النشأ الصغار وكان علي بن الحسين يصلي بين المغرب والعشاء ويقول : هذا ناشئة الليل.
وقال عطاء وعكرمة : إنه بدء الليل.
وقال ابن عباس ومجاهد وغيرهما : هي الليل كله؛ لأنه ينشأ بعد النهار، وهو الذي اختاره مالك بن أنس.
قال ابن العربي : وهو الذي يعطيه اللفظ وتقتضيه اللغة.
وقالت عائشة وابن عباس أيضا ومجاهد : إنما الناشئة القيام بالليل بعد النوم.
ومن قام أول الليل قبل النوم فما قام ناشئة.
فقال يمان وابن كيسان : هو القيام من آخر الليل.
وقال ابن عباس : كانت صلاتهم أول الليل.
وذلك أن الإنسان إذا نام لا يدري متى يستيقظ.
وفي الصحاح : وناشئة الليل أول ساعاته.
وقال القتبي : إنه ساعات الليل؛ لأنها تنشأ ساعة بعد ساعة.
وعن الحسن ومجاهد : هي ما بعد العشاء الآخرة إلى الصبح.
وعن الحسن أيضا : ما كان بعد العشاء فهو ناشئة.
ويقال : ما ينشأ في الليل من الطاعات؛ حكاه الجوهري.
الثالثة: قوله تعالى {هي أشد وطئا} قرأ أبو العالية وأبو عمرو وابن أبي إسحاق ومجاهد وحميد وابن محيصن وابن عامر والمغيرة وأبو حيوة {وطاء} بكسر الواو وفتح الطاء والمد، واختاره أبو عبيد.
الباقون {وطئا} بفتح الواو وسكون الطاء مقصورة، واختاره أبو حاتم؛ من قولك : اشتدت على القوم وطأة سلطانهم.
أي ثقل عليهم ما حملهم من المؤن، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : (اللهم اشدد وطأتك على مضر) فالمعنى أنها أثقل على المصلي من ساعات النهار.
وذلك أن الليل وقت منام وتودع وإجمام، فمن شغله بالعبادة فقد تحمل المشقة العظيمة.
ومن مد فهو مصدر واطأت وطاء ومواطأة أي وافقته.
ابن زيد واطأته على الأمر مواطأة : إذا وافقته من الوفاق، وفلان يواطئ اسمه اسمي، وتواطؤوا عليه أي توافقوا؛ فالمعنى أشد موافقة بين القلب والبصر والسمع واللسان؛ لانقطاع الأصوات والحركات؛ قال مجاهد وابن أبي مليكة وغيرهما.
وقال ابن عباس بمعناه، أي يواطئ السمع القلب؛ قال الله تعالى {ليواطئوا عدة ما حرم الله}[التوبة : 37] أي ليوافقوا.
وقيل : المعنى أشد مهادا للتصرف في التفكر والتدبر.
والوطاء خلاف الغطاء.
وقيل {أشد وطئا} بسكون الطاء وفتح الواو أي أشد ثباتا من النهار؛ فإن الليل يخلو فيه الإنسان بما يعمله، فيكون ذلك أثبت للعمل وأتقى لما يلهي ويشغل القلب.
والوطء الثبات، تقول : وطئت الأرض بقدمي.
وقال الأخفش : أشد قياما.
الفراء : أثبت قراءة وقياما.
وعنه {أشد وطئا} أي أثبت للعمل وأدوم لمن أراد الاستكثار من العبادة، والليل وقت فراغ عن اشتغال المعاش، فعبادته تدوم ولا تنقطع.
وقال الكلبي {أشد وطئا} أي أشد نشاطا للمصلي؛ لأنه في، زمان راحته.
وقال عبادة {أشد وطأ} أي نشاطا للمصلي وأخف، وأثبت للقراءة.
الرابعة: قوله تعالى {وأقوم قيل} أي القراءة بالليل أقوم منها بالنهار؛ أي أشد استقامة واستمرارا على الصواب؛ لأن الأصوات هادئة، والدنيا ساكنة، فلا يضطرب على المصلي ما يقرؤه.
قال قتادة ومجاهد : أي أصوب للقراءة وأثبت للقول؛ لأنه زمان التفهم.
وقال أبو علي {أقوم قيلا} أي أشد استقامة لفراغ البال بالليل.
وقيل : أي أعجل إجابة للدعاء.
حكاه ابن شجرة.
وقال عكرمة : عبادة الليل أتم نشاطا، وأتم إخلاصا، وأكثر بركة.
وعن زيد بن أسلم : أجدر أن يتفقه في القرآن.
وعن الأعمش قال : قرأ أنس بن مالك {إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأصوب قيلا} فقيل له {وأقوم قيلا} فقال : أقوم وأصوب وأهيأ : سواء.
قال أبو بكر الأنباري : وقد ترامى ببعض هؤلاء الزائغين إلى أن قال : من قرأ بحرف يوافق معنى حرف من القرآن فهو.
مصيب، إذا لم يخالف معنى ولم يأت بغير ما أراد الله وقصد له، واحتجوا بقول أنس هذا.
وهو قول لا يعرج عليه ولا يلتفت إلى قائله؛ لأنه لو قرأ بألفاظ تخالف ألفاظ القرآن إذا قاربت معانيها واشتملت على عامتها، لجاز أن يقرأ في موضع {الحمد لله رب العالمين}[الفاتحة : 2] : الشكر للباري ملك المخلوقين، ويتسع الأمر في هذا حتى يبطل لفظ جميع القرآن، ويكون التالي له مفتريا على الله عز وجل، كاذبا على رسوله صلى الله عليه وسلم ولا حجة لهم في قول ابن مسعود : نزل القرآن على سبعة أحرف، إنما هو كقول أحدكم : هلم وتعال وأقبل؛ لأن هذا الحديث يوجب أن القراءات المأثورة المنقولة بالأسانيد الصحاح عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا اختلفت ألفاظها، واتفقت معانيها، كان ذلك فيها بمنزلة الخلاف في هلم، وتعال، وأقبل، فأما ما لم يقرأ به النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وتابعوهم رضي الله عنهم، فإنه من أورد حرفا منه في القرآن بهت ومال وخرج من مذهب الصواب.
قال أبو بكر : والحديث الذي جعلوه قاعدتهم في هذه الضلالة حديث لا يصح عن أحد من أهل العلم؛ لأنه مبني على رواية الأعمش عن أنس، فهو مقطوع ليس بمتصل فيؤخذ به، من قبل أن الأعمش رأى أنسا ولم يسمع منه.
الخامسة: قوله تعالى {إن لك في النهار سبحا طويلا} قراءة العامة بالحاء غير معجمة؛ أي تصرفا في حوائجك، وإقبالا وإدبارا وذهابا ومجيئا.
والسبح : الجري والدوران، ومنه السابح في الماء؛ لتقلبه بيديه ورجليه.
وفرس سابح : شديد الجري؛ قال امرؤ القيس : مسح إذا ما السابحات على الونى ** أثرن الغبار بالكديد المركل وقيل : السبح الفراغ؛ أي إن لك فراغا للحاجات بالنهار.
وقيل {إن لك في النهار سبحا} أي نوما، والتسبح التمدد؛ ذكره الخليل.
وعن ابن عباس وعطاء : (سبحا طويلا) يعني فراغا طويلا لنومك وراحتك، فاجعل ناشئة الليل لعبادتك، وقال الزجاج : إن فاتك في الليل، شيء فلك في النهار فراغ الاستدراك.
وقرأ يحيى بن يعمر وأبو وائل {سبخا} بالخاء المعجمة.
قال المهدوي : ومعناه النوم روى ذلك عن القارئين بهذه القراءة.
وقيل : معناه الخفة والسعة والاستراحة؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة وقد دعت على سارق ردائها : (لا تسبخي عنه بدعائك عليه).
أي لا تخففي عنه إثمه؛ قال الشاعر : فسبخ عليك الهم واعلم بأنه ** إذا قدر الرحمن شيئا فكائن الأصمعي : يقال سبخ الله عنك الحمى أي خففها.
وسبخ الحر : فتر وخف.
والتسبيخ النوم الشديد.
والتسبيخ أيضا توسيع القطن والكتان والصوف وتنفيشها؛ يقال للمرأة : سبخي قطنك.
والسبيخ من القطن ما يسبخ بعد الندف، أي يلف لتغزله المرأة، والقطعة منه سبيخة، وكذلك من الصوف والوبر.
ويقال لقطع القطن سبائخ؛ قال الأخطل يصف القناص والكلاب : فأرسلوهن يذرين التراب كما ** يذري سبائخ قطن ندف أوتار وقال ثعلب : السبخ بالخاء التردد والاضطراب، والسبخ أيضا السكون؛ ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : (الحمى من فيح جهنم، فسبخوها بالماء) أي سكنوها.
وقال أبو عمرو : السبخ : : النوم والفراغ.
قلت : فعلى هذا يكون من الأضداد وتكون بمعنى السبح، بالحاء غير المعجمة.

تفسير ابن كثير مقدمة عن جابر رضي اللّه عنه قال: اجتمعت قريش في دار الندوة فقالوا: سموا هذا الرجل اسماً يصد الناس عنه، فقالوا: كاهن، قالوا: ليس بكاهن، قالوا: مجنون، قالوا: ليس بمجنون، قالوا: ساحر، قالوا: ليس بساحر، فتفرق المشركون على ذلك، فبلغ ذلك النبي صلى اللّه عليه وسلم فتزمَّل في ثيابه وتدثر فيها، فأتاه جبريل عليه السلام، فقال: {يا أيها المزمل}، {يا أيها المدثر} ""أخرجه الحافظ البراز"". يأمر تعالى رسوله صلى اللّه عليه وسلم أن يترك التزمل، وهو التغطي، وينهض إلى القيام لربه عزَّ وجلَّ، كما قال تعالى: {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاماً محموداً}، فقال تعالى: {يا أيها المزمل . قم الليل إلا قليلاً}، قال ابن عباس {يا أيها المزمل} يعني يا أيها النائم، وقال قتادة: المزمل في ثيابه، وقال إبراهيم النخعي: نزلت وهو متزمل بقطيفة، وقوله تعالى: {نصفه} بدل من الليل {أو انقص منه قليلاً . أو زد عليه} أي أمرناك أن تقوم نصف الليل بزيادة قليلة، أو نقصان قليل، لا حرج عليك في ذلك، وقوله تعالى: {ورتل القرآن ترتيلا} أي اقرأه على تمهل، فإنه يكون عوناً على فهم القرآن وتدبره، وكذلك كان يقرأ صلوات اللّه وسلامه عليه، قالت عائشة: كان يقرأ السورة فيرتلها، حتى تكون أطول من أطول منها، وفي صحيح البخاري عن أنَس أنه سئل عن قراءة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: كانت مدا، ثم قرأ: {بسم اللّه الرحمن الرحيم} يمد بسم اللّه ويمد الرحمن ويمد الرحيم ""أخرجه البخاري""، وعن أُمّ سلمة رضي اللّه عنها أنها سئلت عن قراءة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت: كان يقطع قراءته آية آية: {بسم اللّه الرحمن الرحيم . الحمد للّه رب العالمين . الرحمن الرحيم . مالك يوم الدين} ""أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي""، وفي الحديث: (يقال لقارئ القرآن: اقرأ وارق ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرؤها) ""أخرجه أحمد ورواه الترمذي والنسائي"". وقد قدمنا في أول التفسير الأحاديث الدالة على استحباب الترتيل، وتحسين الصوت بالقراءة، كما جاء في الحديث: (زينوا القرآن بأصواتكم) و (ليس منا من لم يتغن بالقرآن). وقال ابن مسعود: لا تنثروه نثر الرمل، ولا تهذوه هذّ الشعر، قفوا عند عجائبه وحركوا به القلوب، ولا يكن همّ أحدكم آخر السورة ""رواه البغوي عن ابن مسعود موقوفاً""، وقوله تعالى: {إنا سنلقي عليك قولاً ثقيلاً} قال الحسن وقتادة: أي العمل به، وقيل: ثقيل وقت نزوله من عظمته، كما قال زيد بن ثابت رضي اللّه عنه: أُنزل على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وفخذه على فخذي، فكادت ترض فخذي، روى البخاري عن عائشة رضي اللّه عنها أن الحارث بن هشام سأل رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كيف يأتيك الوحي؟ فقال: (أحياناً يأتي في مثل صلصلة الجرس، وهو أشد عليّ فيفصم عني وقد وعيت عنه ما قال، وأحياناً يتمثل لي الملك رجلاً فيكلمني فأعي ما يقول) قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي صلى اللّه عليه وسلم في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقاً ""أخرجه البخاري في أول صحيحه"". وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: إن كان ليوحى إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو على راحلته فتضرب بجرانها ""الجران: باطن العنق"". وقوله تعالى: {إن ناشئة الليل هي أشد وطأ وأقوم قيلاً} قال عمر: الليل كله ناشئة، وقال مجاهد: نشأ إذا قام من الليل، وفي رواية عنه: بعد العشاء، والغرض أن {ناشئة الليل} هي ساعاته وأوقاته، وكل ساعة منه تسمى ناشئة، والمقصود أن قيام الليل هو أشد مواطأة بين القلب واللسان، وأجمع على التلاوة، ولهذا قال تعالى: {هي أشد وطأ وأقوم قيلاً} أي أجمع للخاطر في أداء القراءة وتفهمها من قيام النهار، لأنه وقت انتشار الناس ولغط الأصوات وأوقات المعاش، ولهذا قال تعالى: {إن لك في النهار سبحاً طويلاً}، قال أبو العالية ومجاهد: فراغاً طويلاً، وقال قتادة: فراغاً وبغية ومتقلباً، وقال السدي: {سبحاً طويلاً} تطوعاً كثيراً، وقال عبد الرحمن بن زيد {سبحاً طويلاً} قال: لحوائجك فأفرغ لدينك الليل، وهذا حين كانت صلاة الليل فريضة، ثم إن اللّه تبارك وتعالى منَّ على عباده فخففها، ووضعها. روى الإمام أحمد، عن زرارة بن أوفى، عن سعيد بن هشام قال، قلت: يا أمّ المؤمنين أنبئيني عن خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قالت: ألست تقرأ القرآن؟ قلت: بلى، قالت: فإن خلق رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان كالقرآن، فهممت أن أقوم، ثم بدا لي قيام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قلت: يا أم المؤمنين أنبئيني عن قيام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم؟ قالت: ألست تقرأ هذه السورة: {يا أيها المزمل}؟ قلت: بلى، قالت: فإن اللّه افترض قيام الليل في أول هذه السورة، فقام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأصحابه حولاً حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك اللّه خاتمتها في السماء اثني عشر شهراً، ثم أنزل اللّه التخفيف في آخر هذه السورة فصار قيام الليل تطوعاً من بعد فريضة ""أخرجه الإمام أحمد، وهو جزء من حديث طويل، وقد رواه مسلم في صحيحه بنحوه"". وروي عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كنت أجعل لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حصيراً يصلي عليه من الليل، فتسامع الناس به فاجتمعوا فخرج كالمغضب وكان بهم رحيماً فخشي أن يكتب عليهم قيام الليل فقال: (أيها الناس اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن اللّه لا يمل من الثواب حتى تملوا من العمل وخير الأعمال ما ديم عليه) ونزل القرآن: {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلاً . نصفه أو انقص منه قليلاً . أو زد عليه} حتى كان الرجل يربط الحبل ويتعلق، فمكثوا بذلك ثمانية أشهر فرأى اللّه ما يبتغون من رضوانه فرحمهم فردهم إلى الفريضة وترك قيام الليل. وقال ابن جرير: لما نزلت {يا أيها المزمل} قاموا حولاً حتى ورمت أقدامهم وسوقهم حتى نزلت: {فاقرءوا ما تيسر منه} قال: فاسترح الناس. وقوله تعالى: {واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلاً} أي أكثر من ذكره، وانقطع إليه، وتفرغ لعبادته إذا فرغت من أشغالك، كما قال تعالى: {فإذا فرغت فانصب} أي إذا فرغت من أشغالك فانصب في طاعته، وعبادته لتكون فارغ البال، {وتبتل إليه تبتيلاً} أي أخلص له العبادة، وقال الحسن: اجتهد وابتل إليه نفسك، وقال ابن جرير: يقال للعابد متبتل، ومنه الحديث المروي: نهى عن التبتل يعني الانقطاع إلى العبادة وترك التزوج، وقوله تعالى: {رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً} أي هو المالك المتصرف في المشارق والمغارب الذي لا إله إلا هو، وكما أفردته بالعبادة فأفرده بالتوكل فاتخذه وكيلاً، كما قال تعالى: {فاعبده وتوكل عليه}، وكقوله: {إياك نعبد وإياك نستعين}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি