نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الجن آية 18
وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا

التفسير الميسر وأن المساجد لعبادة الله وحده، فلا تعبدوا فيها غيره، وأخلصوا له الدعاء والعبادة فيها؛ فإن المساجد لم تُبْنَ إلا ليُعبَدَ اللهُ وحده فيها، دون من سواه، وفي هذا وجوب تنزيه المساجد من كل ما يشوب الإخلاص لله، ومتابعة رسوله محمد صلى الله عليه وسلم.

تفسير الجلالين
18 - (وأن المساجد) مواضع الصلاة (لله فلا تدعوا) فيها (مع الله أحدا) بأن تشركوا كما كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا

تفسير القرطبي
فيه ست مسائل: الأولى: قوله تعالى {وأن المساجد لله} {أن} بالفتح، قيل : هو مردود إلى قوله تعالى {قل أوحي إلي} [الجن : 1] أي قل أوحي إلي أن المساجد لله.
وقال الخليل : أي ولأن المساجد لله.
والمراد البيوت التي تبنيها أهل الملل للعبادة.
وقال سعيد بن جبير : قالت الجن كيف لنا أن نأتي المساجد ونشهد معك الصلاة ونحن ناؤون عنك؟ فنزلت {وأن المساجد لله} أي بنيت لذكر الله وطاعته.
وقال الحسن : أراد بها كل البقاع؛ لأن الأرض كلها مسجد للنبي صلى الله عليه وسلم، يقول : (أينما كنتم فصلوا فأينما صليتم فهو مسجد)" "وفي الصحيح"" (وجعلت لي الأرض مسجدا وطهورا).
وقال سعيد بن المسيب وطلق بن حبيب : أراد بالمساجد الأعضاء التي يسجد عليها العبد، وهي القدمان والركبتان واليدان والوجه؛ يقول : هذه الأعضاء أنعم الله بها عليك، فلا تسجد لغيره بها، فتجحد نعمة الله.
قال عطاء : مساجدك : أعضاؤك التي أمرت أن تسجد عليها لا تذللها لغير خالقها.
وفي الصحيح عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أمرت أن أسجد على سبعة أعظم : الجبهة - وأشار بيده إلى أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين).
وقال العباس قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذا سجد العبد سجد معه سبعة آراب).
وقيل : المساجد هي الصلوات؛ أي لأن السجود لله.
قاله الحسن أيضا.
فإن جعلت المساجد المواضع فواحدها مسجد بكسر الجيم، ويقال بالفتح؛ حكاه الفراء.
وإن جعلتها الأعضاء فواحدها مسجد بفتح الجيم.
وقيل : هو جمع مسجد وهو السجود، يقال : سجدت سجودا ومسجدا، كما تقول : ضربت في الأرض ضربا ومضربا بالفتح : إذا سرت في ابتغاء الرزق.
وقال ابن عباس : المساجد هنا مكة التي هي القبلة وسميت مكة المساجد؛ لأن كل أحد يسجد إليها.
والقول الأول أظهر هذه الأقوال إن شاء الله، وهو مروى عن ابن عباس رحمه الله.
الثانية: قوله تعالى {لله} إضافة تشريف وتكريم، ثم خص بالذكر منها البيت العتيق فقال{وطهر بيتي}[الحج : 26].
وقال عليه السلام : (لا تعمل المطي إلا إلى ثلاثة مساجد) الحديث خرجه الأئمة.
وقد مضى الكلام فيه.
وقال عليه السلام : (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام).
قال ابن العربي : وقد روى من طريق لا بأس بها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، فإن صلاة فيه خير من مائة صلاة في مسجدي هذا) ولو صح هذا لكان نصا.
قلت : هو صحيح بنقل العدل عن العدل حسب ما بيناه في سورة إبراهيم .
الثالثة: المساجد وإن كانت لله ملكا وتشريفا فإنها قد تنسب إلى غيره تعريفا؛ فيقال : مسجد فلان.
وفي صحيح الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم سابق بين الخيل التي أضمرت من الحفياء وأمدها ثنية الوداع، وسابق بين الخيل التي لم تضمر من الثنية إلى مسجد بني زريق.
وتكون هذه الإضافة بحكم المحلية كأنها في قبلتهم، وقد تكون بتحبيسهم، ولا خلاف بين الأمة في تحبيس المساجد والقناطر والمقابر وإن اختلفوا في تحبيس غير ذلك.
الرابعة: مع أن المساجد لله لا يذكر فيها إلا الله فإنه تجوز القسمة فيها للأموال.
ويجوز وضع الصدقات فيها على رسم الاشتراك بين المساكين وكل من جاء أكل.
ويجوز حبس الغريم فيها، وربط الأسير والنوم فيها، وسكنى المريض فيها، وفتح الباب للجار إليها، وإنشاد الشعر فيها إذا عري عن الباطل.
وقد مضى هذا كله مبينا في سورة [التوبة] .
و [النور] وغيرهما.
الخامسة: قوله تعالى {فلا تدعوا مع الله أحدا} هذا توبيخ للمشركين في دعائهم مع الله غيره في المسجد الحرام.
وقال مجاهد : كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا بالله، فأمر الله نبيه والمؤمنين أن يخلصوا لله الدعوة إذا دخلوا المساجد كلها.
يقول : فلا تشركوا فيها صنما وغيره مما يعبد.
وقيل : المعنى أفردوا المساجد لذكر الله، ولا تتخذوها هزوا ومتجرا ومجلسا، ولا طرقا، ولا تجعلوا لغير الله فيها نصيبا.
وفي الصحيح : [من نشد ضالة في المسجد فقولوا لا ردها الله عليك فإن المساجد لم تبن لهذا] وقد مضى في سورة النور ما فيه كفاية من أحكام المساجد والحمد لله.
السادسة: روى الضحاك عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم : كان إذا دخل المسجد قدم رجله اليمنى.
وقال :{وأن المساجد لله فلا تدعوا مع الله أحدا} اللهم أنا عبدك وزائرك وعلى كل مزور حق وأنت خير مزور فأسألك برحمتك أن تفك رقبتي من النار] فإذا خرج من المسجد قدم رجله اليسرى؛ وقال : [اللهم صب علي الخير صبا ولا تنزع عني صالح ما أعطيتني أبدا ولا تجعل معيشتي كدا، واجعل لي في الأرض جدا] أي غنى.

تفسير ابن كثير قال قتادة في قوله تعالى: {وأن المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحداً} قال: كانت اليهود والنصارى إذا دخلوا كنائسهم وبيعهم أشركوا باللّه، فأمر اللّه نبيّه صلى اللّه عليه وسلم أن يوحّدوه وحده، وقال ابن عباس: لم يكن يوم نزلت هذه الآية في الأرض مسجد إلا المسجد الحرام، ومسجد إيليا بيت المقدس ""رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس""، وروى ابن جرير، عن سعيد بن جبير قال، قالت الجن لنبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم: كيف لنا أن نأتي المسجد ونحن ناؤون؟ أي بعيدون عنك، وكيف نشهد الصلاة ونحن ناؤون عنك؟ فنزلت: {وأن المساجد للّه فلا تدعوا مع اللّه أحداً} ""أخرجه ابن جرير"". وقال عكرمة: نزلت في المساجد كلها، وقوله تعالى: {وأنه لما قام عبد اللّه يدعوه كادوا يكونون عليه لبداً} قال ابن عباس يقول: لما سمعوا النبي صلى اللّه عليه وسلم يتلو القرآن، كادوا يركبونه من الحرص لمّا سمعوه يتلو القرآن، ودنوا منه فلم يعلم بهم حتى أتاه الرسول فجعل يقرئه: {قل أوحي إليّ أنه استمع نفر من الجن} يستمعون القرآن، وقال الحسن: لما قام رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: لا إله إلا اللّه ويدعو الناس إلى ربهم كادت العرب تلبد عليه جميعاً، وقال قتادة: تلبّدت الإنس والجن على هذا الأمر ليطفئوه، فأبى اللّه إلا أن ينصره ويمضيه ويظهره على من ناوأه، ""هذا القول مروي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وهو اختيار ابن جرير"" وهو الأظهر لقوله بعده: {قل إنما أدعو ربي ولا أشرك به أحداً} أي قال لهم الرسول لما آذوه وخالفوه وكذبوه، وتظاهروا عليه ليبطلوا ما جاء به من الحق واجتمعوا على عداوته {إنما أدعوا ربي} أي إنما أعبد ربي وحده لا شريك له وأستجير به وأتوكل عليه {ولا أشرك به أحداً}. وقوله تعالى: {قل إني لا أملك لكم ضراً ولا رشداً} أي إنما أنا عبد من عباد اللّه، ليس إليّ من الأمر شيء في هدايتكم ولا غوايتكم، بل المرجع في ذلك كله إلى اللّه عزَّ وجلَّ، ثم أخبر عن نفسه أيضاً أنه لا يجيره من اللّه أحد، أي لو عصيته، فإنه لا يقدر أحد على إنقاذي ممن عذابه {ولن أجد من دونه ملتحداً} قال مجاهد: لا ملجأ، وقال قتادة: أي لا نصير ولا ملجأ، وفي رواية: لا ولي ولا موئل، وقوله تعالى: {إلا بلاغاً من اللّه ورسالاته} مستثنى من قوله: {قل إني لا أملك لكم ضرا ولا رشداً إلا بلاغاً} ويحتمل أن يكون استثناء من قوله: {لن يجيرني من اللّه أحد} أي لا يجيرني منه ويخلصني إلا إبلاغي الرسالة التي أوجب أداءها عليّ، كما قال تعالى: {يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته}، وقوله تعالى: {ومن يعص اللّه ورسوله فإن له نار جهنم خالدين فيها أبداً} أي أنا رسول اللّه أبلغكم رسالة اللّه فمن يعصِ بعد ذلك فله جزاء {نار جهنم خالدين فيها أبداً} أي لا محيد لهم عنها ولا خروج لهم منها، وقوله تعالى: {حتى إذا رأى المشركون ما يوعدون فسيعلمون من أضعف ناصراً وأقل عدداً} أي حتى إذا رأى هؤلاء المشركون ما يوعدون يوم القيامة، فسيعلمون يومئذ {من أضعف ناصراً وأقل عدداً} هم أم المؤمنون الموحدون للّه تعالى، أي بل المشركين لا ناصر لهم بالكلية، وهم أقل عدداً من جنود اللّه عزَّ وجلَّ.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি