نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الجن آية 17
لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا

التفسير الميسر وأنه لو سار الكفار من الإنس والجن على طريقة الإسلام، ولم يحيدوا عنها لأنزلنا عليهم ماءً كثيرًا، ولوسَّعنا عليهم الرزق في الدنيا؛ لنختبرهم: كيف يشكرون نعم الله عليهم؟ ومن يُعرض عن طاعة ربه واستماع القرآن وتدبره، والعمل به يدخله عذابًا شديدًا شاقًّا.

تفسير الجلالين
17 - (لنفتنهم) لنختبرهم (فيه) فنعلم كيف شكرهم على ظهور (ومن يعرض عن ذكر ربه) القرآن (يسلكه) بالياء والنون ندخله (عذابا صعدا) شاقا

تفسير القرطبي
قوله تعالى {وأن لو استقاموا على الطريقة} هذا من قول الله تعالى.
أي لو آمن هؤلاء الكفار لوسعنا عليهم في الدنيا وبسطنا لهم في الرزق.
وهذا محمول على الوحي؛ أي أوحى إلي أن لو استقاموا.
ذكر ابن بحر : كل ما في هذه السورة من {إن} المكسورة المثقلة فهي حكاية لقول الجن الذين استمعوا القرآن، فرجعوا إلى قومهم منذرين، وكل ما فيها من أن المفتوحة المخففة فهي وحي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال ابن الأنباري : ومن كسر الحروف وفتح {وأن لو استقاموا} أضمر يمينا تاما، تأويلها : والله أن لو استقاموا على الطريقة؛ كما يقال في الكلام : والله أن قمت لقمت، ووالله لو قمت قمت؛ قال الشاعر : أما والله أن لو كنت حرا ** وما بالحر أنت ولا العتيق ومن فتح ما قبل المخففة نسقها - أعني الخفيفة - على {أوحي إلي أنه}، {وأن لو استقاموا} أو على {آمنا به} وبأن لو استقاموا.
ويجوز لمن كسر الحروف كلها إلى {أن} المخففة، أن يعطف المخففة على {أوحي إلي} أو على {آمنا به}، ويستغني عن إضمار اليمين.
وقراءة العامة بكسر الواو من {لو} لالتقاء الساكنين، وقرأ ابن وثاب والأعمش بضم الواو.
و{ماء غدقا} أي واسعا كثيرا، وكانوا قد حبس عنهم المطر سبع سنين؛ يقال : غدقت العين تغدق، فهي غدقة، إذا كثر ماؤها.
وقيل : المراد الخلق كلهم أي {لو استقاموا على الطريقة} طريقة الحق والإيمان والهدى وكانوا مؤمنين مطيعين {لأسقيناهم ماء غدقا} أي كثيرا {لنفتنهم فيه} أي لنختبرهم كيف شكرهم فيه على تلك النعم.
وقال عمر في هذه الآية : أينما كان الماء كان المال، وأينما كان المال كانت الفتنة.
فمعنى {لأسقيناهم} لوسعنا عليهم في الدنيا؛ وضرب الماء الغدق الكثير لذلك مثلا؛ لأن الخير والرزق كله بالمطر يكون، فأقيم مقامه؛ كقوله تعالى {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}[الأعراف : 96] وقوله تعالى{ولو أنهم أقاموا التوراة والإنجيل وما أنزل إليهم من ربهم لأكلوا من فوقهم ومن تحت أرجلهم}[المائدة : 66] أي بالمطر.
والله أعلم.
وقال سعيد بن المسيب وعطاء بن أبي رباح والضحاك وقتادة ومقاتل وعطية وعبيد بن عمير والحسن : كان والله أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سامعين مطيعين، ففتحت عليهم كنوز كسرى وقيصر والمقوقس والنجاشي، ففتنوا بها، فوثبوا على إمامهم فقتلوه.
يعني عثمان بن عفان.
وقال الكلبي وغيره {وأن لو استقاموا على الطريقة} التي هم عليها من الكفر فكانوا كلهم كفارا لوسعنا أرزاقهم مكرا بهم واستدراجا لهم، حتى يفتتنوا بها، فنعذبهم بها في الدنيا والآخرة.
وهذا قول قال الربيع بن أنس وزيد بن أسلم وابنه والكلبي والثمالي ويمان بن رباب وابن كيسان وأبو مجلز؛ واستدلوا بقوله تعالى {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء}[الأنعام : 44] الآية.
وقوله تعالى {ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة}[الزخرف : 33] الآية؛ والأول أشبه؛ لأن الطريقة معرفة بالألف واللام، فالأوجب أن تكون طريقته طريقة الهدى؛ ولأن الاستقامة لا تكون إلا مع الهدى.
وفي صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (أخوف ما أخاف عليكم ما يخرج الله لكم من زهرة الدنيا) قالوا : وما زهرة الدنيا؟ قال : (بركات الأرض) وذكر الحديث.
وقال عليه السلام : (فوالله ما الفقر أخشى عليكم، وإنما أخشى عليكم أن تبسط عليكم الدنيا كما بسطت على من قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها فتهلككم كما أهلكتهم).
قوله تعالى {ومن يعرض عن ذكر ربه} يعني القرآن؛ قال ابن زيد.
وفي إعراضه عنه وجهان : أحدهما عن القبول، إن قيل إنها في أهل الكفر.
الثاني عن العمل، إن قيل إنها في المؤمنين.
وقيل {ومن يعرض عن ذكر ربه} أي لم يشكر نعمه {يسلكه عذابا صعدا} قرأ الكوفيون وعياش عن أبي عمرو {يسلكه} بالياء واختاره أبو عبيد وأبو حاتم؛ لذكر اسم الله أولا فقال {ومن يعرض عن ذكر ربه}.
الباقون {نسلكه} بالنون.
وروي عن مسلم بن جندب ضم النون وكسر اللام.
وكذلك قرأ طلحة والأعرج وهما لغتان، سلكه وأسلكه بمعنى؛ أي ندخله.
{عذابا صعدا} أي شاقا شديدا.
قال ابن عباس : هو جبل، في جهنم.
أبو سعيد الخدري : كلما جعلوا أيديهم عليه ذابت.
وعن ابن عباس : أن المعنى مشقة من العذاب.
وذلك معلوم في اللغة أن الصعد : المشقة، تقول : تصعدني الأمر : إذا شق عليك؛ ومنه قول عمر : ما تصعدني شيء ما تصعدتني خطبة النكاح، أي ما شق علي.
وعذاب صعد أي شديد.
والصعد : مصدر صعد؛ يقال : صعد صعدا وصعودا، فوصف به العذاب؛ لأنه يتصعد المعذب أي يعلوه ويغلبه فلا يطيقه.
وقال أبو عبيدة : الصعد مصدر؛ أي عذابا ذا صعد، والمشي في الصعود يشق.
والصعود : العقبة الكؤود.
وقال عكرمة : هو صخرة ملساء في جهنم يكلف صعودها؛ فإذا انتهى إلى أعلاها حدر إلى جهنم.
وقال الكلبي : يكلف الوليد بن المغيرة أن يصعد جبلا في النار من صخرة ملساء، يجذب من أمامه بسلاسل، ويضرب من خلفه بمقامع حتى يبلغ أعلاها، ولا يبلغ في أربعين سنة.
فإذا بلغ أعلاها أحدر إلى أسفلها، ثم يكلف أيضا صعودها، فذلك دأبه أبدا، وهو قوله تعالى {سأرهقه صعودا}[المدثر : 17].

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن الجن {وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك} أي غير ذلك، {كنا طرائق قدداً} أي طرائق متعددة مختلفة وآراء متفرقة، قال ابن عباس ومجاهد {كنا طرائق قدداً} أي منا المؤمن ومنا الكافر، وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة العباس بن أحمد الدمشقي قال، سمعت بعض الجن وأنا في منزل لي بالليل ينشد: قلوب براها الحب حتى تعلقت ** مذاهبها في كل غرب وشارق تهيم بحب اللّه واللّه ربها ** معلقة باللّه دون الخلائق وقوله تعالى: {وأنا ظننا أن لن نعجز اللّه في الأرض ولن نعجزه هرباً} أي نعلم أن قدرة اللّه حاكمة علينا، وأنا لا نعجزه ولو أمعنا في الهرب، فإنه علينا قادر لا يعجزه أحد منا، {وأنا لّما سمعنا الهدى آمنا به} يفتخرون بذلك وهو مفخر لهم وشرف رفيع، وصفة حسنة، وقولهم: {فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخساً ولا رهقاً} قال ابن عباس وقتادة: فلا يخاف أن ينقص من حسناته أو يحمل عليه غير سيئاته، كما قال تعالى: {فلا يخاف ظلماً ولا هضماً}، {وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون} أي منا المسلم ومنا القاسط، وهو الجائر عن الحق الناكب عنه بخلاف المقسط، فإنه العادل، {فمن أسلم فأولئك تحروا رشداً} أي طلبوا لأنفسهم النجاة، {وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطباً} أي وقوداً تسعر بهم، {وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقاً . لنفتنهم فيه} اختلف المفسرون في معنى هذا على قولين: أحدهما: وأن لو استقام القاسطون على طريقة الإسلام، واستمروا عليها {لأسقيناهم ماء غدقاً} أي كثيراً، والمراد بذلك سعة الرزق كقوله تعالى: {ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض}، وعلى هذا يكون معنى قوله: {لنفتنهم فيه} أي لنختبرهم من يستمر على الهداية ممن يرتد إلى الغواية، قال ابن عباس: {وأن لو استقاموا على الطريقة} يعني بالاستقامة: الطاعة، وقال مجاهد: يعني الإسلام ""وكذا قال سعيد بن جبير وعطاء والسدي وابن المسيب ومحمد بن كعب القرظي"". وقال قتادة: {وأن لو استقاموا على الطريقة} يقول: لو آمنوا كلهم لأوسعنا عليهم من الدنيا. قال مقاتل: نزلت في كفار قريش حين منعوا المطر سبع سنين. والقول الثاني {وأن لو استقاموا على الطريقة} الضلال {لأسقيناهم ماء غدقاً} أي لأوسعنا عليهم الرزق استدراجاً، كما قال تعالى: {فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء} وهذا من قول أبي مجلز، وحكاه البغوي عن الربيع، وزيد بن أسلم، والكلبي، وله اتجاه ويتأيد بقوله {لنفتنهم فيه}، وقوله: {ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذاباً صعداً} أي عذاباً مشقاً موجعاً مؤلماً، قال ابن عباس ومجاهد {عذاباً صعداً} أي مشقة لا راحة معها، وعن ابن عباس: جبل في جهنم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি