نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة نوح آية 12
وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا

التفسير الميسر إن تتوبوا وتستغفروا يُنْزِلِ الله عليكم المطر غزيرًا متتابعًا، ويكثرْ أموالكم وأولادكم، ويجعلْ لكم حدائق تَنْعَمون بثمارها وجمالها، ويجعل لكم الأنهار التي تسقون منها زرعكم ومواشيكم. مالكم -أيها القوم- لا تخافون عظمة الله وسلطانه، وقد خلقكم في أطوار متدرجة: نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظامًا ولحمًا؟ ألم تنظروا كيف خلق الله سبع سموات متطابقة بعضها فوق بعض، وجعل القمر في هذه السموات نورًا، وجعل الشمس مصباحًا مضيئًا يستضيء به أهل الأرض؟

تفسير الجلالين
12 - (ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات) بساتين (ويجعل لكم أنهارا) جارية

تفسير القرطبي
فيه ثلاث مسائل: الأولى:قوله تعالى {فقلت استغفروا ربكم} أي سلوه المغفرة من ذنوبكم السالفة بإخلاص الإيمان.
{إنه كان غفارا} وهذا منه ترغيب في التوبة.
وقد روى حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (الاستغفار ممحاة للذنوب).
وقال الفضيل : يقول العبد أستغفر الله؛ وتفسيرها أقلني.
الثانية: {يرسل السماء عليكم مدرارا} أي يرسل ماء السماء؛ ففيه إضمار.
وقيل : السماء المطر؛ أي يرسل المطر.
قال الشاعر : إذا سقط السماء بأرض قوم ** رعيناه وإن كانوا غضابا و{مدرارا} ذا غيث كثير.
وجزم {يرسل} جوابا للأمر.
وقال مقاتل : لما كذبوا نوحا زمانا طويلا حبس الله عنهم المطر، وأعقم أرحام نسائهم أربعين سنة؛ فهلكت مواشيهم وزروعهم، فصاروا إلى نوح عليه السلام واستغاثوا به.
فقال {استغفروا ربكم إنه كان غفارا} أي لم يزل كذلك لمن أناب إليه.
ثم قال ترغيبا في الإيمان {يرسل السماء عليكم مدرارا.
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لهم جنات ويجعل لكم أنهارا}.
قال قتادة : علم نبي الله صلي الله عليه وسلم أنهم أهل حرص على الدنيا فقال : (هلموا إلى طاعة الله فإن في طاعة الله درك الدنيا والآخرة).
الثالثة: في هذه الآية والتي في هود دليل على أن الاستغفار يستنزل به الرزق والأمطار.
قال الشعبي : خرج عمر يستسقي فلم يزد على الاستغفار حتى رجع، فأمطروا فقالوا : ما رأيناك استسقيت؟ فقال : لقد طلبت المطر بمجاديح السماء التي يستنزل بها المطر؛ ثم قرأ {استغفروا ربكم إنه كان غفارا.
يرسل السماء عليكم مدرارا}.
وقال الأوزاعي : خرج الناس يستسقون، فقام فيهم بلال بن سعد فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال : اللهم إنا سمعناك تقول {ما على المحسنين من سبيل} [التوبة : 91] وقد أقررنا بالإساءة، فهل تكون مغفرتك إلا لمثلنا؟! اللهم اغفر لنا وارحمنا واسقنا! فرفع يديه ورفعوا أيديهم فسقوا.
وقال ابن صبيح : شكا رجل إلى الحسن الجدوبة فقال له : استغفر الله.
وشكا آخر إليه الفقر فقال له : استغفر الله.
وقال له آخر.
ادع الله أن يرزقني ولدا؛ فقال له : استغفر الله.
وشكا إليه آخر جفاف بستانه؛ فقال له : استغفر الله.
فقلنا له في ذلك؟ فقال : ما قلت من عندي شيئا؛ إن الله تعالى يقول في سورة نوح {استغفروا ربكم إنه كان غفارا.
يرسل السماء عليكم مدرارا.
ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا}.
وقد مضى في سورة آل عمران كيفية الاستغفار، وإن ذلك يكون عن إخلاص وإقلاع من الذنوب.
وهو الأصل في الإجابة.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن عبده ورسوله نوح عليه السلام، أنه اشتكى إلى ربه عزَّ وجلَّ، ما لقي من تلك المدة الطويلة التي هي ألف سنة إلا خمسين عاماً، وما بيّن لقومه ووضّح لهم فقال: {رب إني دعوت قومي ليلاً ونهاراً} أي لم أترك دعاءهم في ليل ولا نهار، وامتثالاً لأمرك وابتغاء لطاعتك، {فلم يزدهم دعائي إلا فراراً} أي كلما دعوتهم ليقتربوا من الحق، فروا منه وحادوا عنه، {وإني كلما دعوتهم لتغفر لهم جعلوا أصابعهم في آذانهم واستغشوا ثيابهم} أي سدوا آذانهم لئلا يسمعوا ما أدعوهم إليه، كما أخبر تعالى عن كفار قريش {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون}، {واستغشوا ثيابهم} قال ابن عباس: تنكروا له لئلا يعرفهم، وقال السدي: غطوا رؤوسهم لئلا يسمعوا ما يقول، {وأصروا} أي استمروا على ما هم فيه من الشرك، والكفر العظيم الفظيع، {واستكبروا استكباراً} أي واستنكفوا عن اتباع الحق والانقياد له، {ثم إني دعوتهم جهاراً} أي جهرة بين الناس، {ثم إني أعلنت لهم} أي كلاماً ظاهراً بصوت عال {وأسررت لهم إسراراً} أي فيما بيني وبينهم، فنوع عليهم الدعوة لتكون أنجع فيهم، {فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفاراً} أي ارجعوا إليه وارجعوا عما أنتم فيه وتوبوا إليه من قريب، فإنه من تاب إليه تاب اللّه عليه، {يرسل السماء عليكم مدراراً} أي متواصلة الأمطار، قال ابن عباس: يتبع بعضه بعضاً، وقوله تعالى: {ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهاراً} أي إذا تبتم إلى اللّه وأطعتموه، كثّر الرزق عليكم وأسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض، وأمدّكم {بأموال وبنين} أي أعطاكم الأموال والأولاد، وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية بينها، هذا مقام الدعوة بالترغيب، ثم عدل بهم إلى دعوتهم بالترهيب، فقال: {ما لكم لا ترجون للّه وقاراً}؟ أي عظمة قال ابن عباس: لم لا تعظمون اللّه حق عظمته، أي لا تخافون من بأسه ونقمته {وقد خلقكم أطواراً} قيل: معناه من نطفة، ثم من علقة، ثم من مضغة قاله ابن عباس وقتادة. وقوله تعالى: {ألم تروا كيف خلق اللّه سبع سماوات طباقاً} أي واحدة فوق واحدة، ومعها يدور سائر الكواكب تبعاً، ولكن للسيارة حركة معاكسة لحركة أفلاكها، فإنها تسير من المغرب إلى المشرق، وكل يقطع فلكه بحسبه فالقمر يقطع فلكه في كل شهر مرة، والشمس في كل سنة مرة، وزحل في كل ثلاثين سنة مرة، وإنما المقصود أن اللّه سبحانه وتعالى: {خلق سبع سماوات طباقاً . وجعل القمر فيهن نوراً وجعل الشمس سراجاً} أي فاوت بينهما في الاستنارة، فجعل كلا منهما أنموذجاً على حدة، ليعرف الليل والنهار بمطلع الشمس ومغيبها، وقدّر للقمر منازل وبروجاً، وفاوت نوره، فتارة يزداد حتى يتناهى، ثم يشرع في النقص حتى يستسر، ليدل على مضي الشهور والأعوام، كما قال تعالى: {هو الذي جعل لكم الشمس ضياء والقمر نوراً وقدره منازل لتعلموا عدد السنين والحساب} الآية، وقوله تعالى: {واللّه أنبتكم من الأرض نباتاً} هذا اسم مصدر والإتيان به ههنا أحسن، {ثم يعيدكم فيها} أي إذا متم {ويخرجكم إخراجاً} أي يوم القيامة يعيدكم كما بدأكم أول مرة، {واللّه جعل لكم الأرض بساطاً} أي بسطها ومهدها وثبتها بالجبال الراسيات الشم الشامخات، {لتسلكوا منها سبلاً فجاجاً} أي خلقها لكم لتستقروا عليها، وتسلكوا فيها أين شئتم من نواحيها وأرجائها، ينبههم نوح عليه السلام على قدرة اللّه وعظمته في خلق السماوات والأرض، ونعمه عليهم فيما جعل لهم من المنافع السماوية والأرضية، فهو الخالق الرزاق جعل السماء بناء، والأرض مهاداً، وأوسع على خلقه من رزقه، فهو الذي يجب أن يعبد ويوحد ولا يشرك به أحد.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি