نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الحاقة آية 6
وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ

التفسير الميسر فأما ثمود فأهلكوا بالصيحة العظيمة التي جاوزت الحد في شدتها، وأمَّا عاد فأُهلِكوا بريح باردة شديدة الهبوب، سلَّطها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام متتابعة، لا تَفْتُر ولا تنقطع، فترى القوم في تلك الليالي والأيام موتى كأنهم أصول نخل خَرِبة متآكلة الأجواف. فهل ترى لهؤلاء القوم مِن نفس باقية دون هلاك؟

تفسير الجلالين
6 - (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر) شديدة الصوت (عاتية) قوية شديدة على عاد مع قوتهم وشدتهم

تفسير القرطبي
قوله تعالى {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر} أي باردة تحرق ببردها كإحراق النار؛ مأخوذ من الصر وهو البرد؛ قاله الضحاك.
وقيل : إنها الشديدة الصوت.
وقال مجاهد : الشديدة السموم.
{عاتية} أي عتت على خزانها فلم تطعهم، ولم يطيقوها من شدة هبوبا؛ غضبت لغضب الله.
وقيل : عتت على عاد فقهرتهم.
روى سفيان الثوري عن موسى بن المسيب عن شهر بن حوشب عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما أرسل الله من نسمة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من ماء إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح فإن الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه.
سبيل - ثم قرأ - {إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية} والريح لما كان يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل - ثم قرأ - {بريح صرصر عاتية}).
{سخرها عليهم} أي أرسلها وسلطها عليهم.
والتسخير : استعمال الشيء بالاقتدار.
{سبع ليال وثمانية أيام حسوما} أي متتابعة لا تفر ولا تنقطع؛ عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما.
قال الفراء : الحسوم التباع، من حسم الداء إذا كوي صاحبه، لأنه يكوى بالمكواة ثم يتابع ذلك عليه.
قال عبدالعزيز بن زرارة الكلابي : ففرق بين بينهم زمان ** تتابع فيه أعوام حسوم وقال المبرد : هو من قولك حسمت الشيء إذا قطعته وفصلته عن غيره.
وقيل : الحسم الاستئصال.
ويقال للسيف حسام؛ لأنه يحسم العدو عما يريده من بلوغ عداوته.
وقال الشاعر : حسام إذا قمت معتضدا ** به كفى العود منه البدء ليس بمعضد والمعنى أنها حسمتهم، أي قطعتهم وأذهبتهم.
فهي القاطعة بعذاب الاستئصال.
قال ابن زيد : حسمتهم فلم تبق منهم أحدا.
وعنه أنها حسمت الليالي والأيام حتى استوعبتها.
لأنها بدأت طلوع الشمس من أول يوم وانقطعت غروب الشمس من آخر يوم.
وقال الليث : الحسوم الشؤم.
ويقال : هذه ليالي الحسوم، أي تحسم الخير عن أهلها، وقال في الصحاح.
وقال عكرمة والربيع بن أنس : مشائيم، دليله قوله تعالى {في أيام نحسات} [فصلت : 16].
عطية العوفي {حسوما} أي حسمت الخير عن أهلها.
واختلف في أولها، فقيل : غداة يوم الأحد، قاله السدي.
وقيل : غداة يوم الجمعة، قال الربيع بن أنس.
وقيل : غداة يوم الأربعاء، قاله يحيى بن سلام ووهب بن منبه.
قال وهب : وهذه الأيام هي التي تسميها العرب أيام العجوز، ذات برد وريح شديدة، وكان أولها يوم الأربعاء وآخرها يوم الأربعاء؛ ونسبت إلى العجوز لأن عجوزا من عاد دخلت سربا فتبعتها الريح فقتلتها في اليوم الثامن.
وقيل : سميت أيام العجوز لأنها وقعت في عجز الشتاء.
وهي في آذار من أشهر السريانيين.
ولها أسام مشهورة، وفيها يقول الشاعر وهو ابن أحمر : كُسِع الشتاء بسبعة غبرِ ** أيام شهلتنا من الشهر فإذا انقضت أيامها ومضت ** صِنٌّ وصَنَّبْـر مع الوبر وبآمر وأخيه مؤتمر ** ومعَلِّل وبمطفئ الجمر ذهب الشتاء موليا عجلا ** وأتتك واقدة من النجْر و {حسوما} نصب على الحال.
وقيل على المصدر.
قال الزجاج : أي تحسمهم حسوما أي تفنيهم، وهو مصدر مؤكد.
ويجوز أن يكون مفعولا له؛ أي سخرها عليهم هذه المدة للاستئصال؛ أي لقطعهم واستئصالهم.
ويجوز أن يكون جمع حاسم.
وقرأ السدي {حسوما} بالفتح، حالا من الريح؛ أي سخرها عليهم مستأصلة.
قوله تعالى {فترى القوم فيها} أي في تلك الليالي والأيام.
{صرعى} جمع صريع؛ يعني موتى.
وقيل {فيها} أي في الريح.
{كأنهم أعجاز} أي أصول.
{نخل خاوية} أي بالية؛ قاله أبو الطفيل.
وقيل : خالية الأجواف لا شيء فيها.
والنخل يذكر ويؤنث.
وقد قال تعالى في موضع آخر {كأنهم أعجاز نخل منقعر} [القمر : 20] فيحتمل أنهم شبهوا بالنخل التي صرعت من أصلها، وهو إخبار عن عظم أجسامهم.
ويحتمل أن يكون المراد به الأصول دون الجذوع؛ أي إن الريح قد قطعتهم حتى صاروا كأصول النخل خاوية أي الريح كانت تدخل أجوافهم فتصرعهم كالنخلة الخاوية الجوف.
وقال ابن شجرة : كانت الريح تدخل في أفواههم فتخرج ما في أجوافهم من الحشو من أدبارهم، فصاروا كالنخل الخاوية.
وقال يحيى بن سلام؛ إنما قال {خاوية} لأن أبدانهم خوت من أرواحهم مثل النخل الخاوية.
ويحتمل أن يكون المعنى كأنهم أعجاز نخل خاوية عن أصولها من البقاع؛ كما قال تعالى {فتلك بيوتهم خاوية} [النمل : 52] أي خربة لا سكان فيها.
ويحتمل الخاوية بمعنى البالية كما ذكرنا؛ لأنها إذا بليت خلت أجوافها.
فشبهوا بعد أن هلكوا بالنخل الخاوية.

تفسير ابن كثير {الحاقَّةُ} من أسماء يوم القيامة، لأن فيها يتحقق الوعد والوعيد، ولهذا عظَّم اللّه أمرها فقال: {وما أدراك ما الحاقَّة}، ثم ذكر تعالى إهلاكه الأمم المكذبين بها فقال تعالى: {فأما ثمود فأهلكوا بالطاغية} وهي الصيحة التي أسكتتهم والزلزلة التي أسكنتهم، هكذا قال قتادة {الطاغية} الصيحة، وهو اختيار ابن جرير، وقال مجاهد: {الطاغية} الذنوب، وكذا قال ابن زيد إنها الطغيان، وقرأ: {كذبت ثمود بطغواها}، {وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر} أي باردة، قال قتادة والسدي: {عاتية} أي شديدة الهبوب، عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم، وقال الضحّاك: {صرصر} باردة {عاتية} عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة، وقال علي: عتت على الخزنة فخرجت بغير حساب، {سخرها عليهم} أي سلطها عليهم {سبع ليالي وثمانية أيام حسوماً} أي كوامل متتابعات مشائيم، قال ابن مسعود: {حسوماً} متتابعات، وعن عكرمة والربيع: مشائيم عليهم كقوله تعالى: {في أيام نحسات} ويقال: إنها التي تسميها الناس الأعجاز، وكأن الناس أخذوا ذلك من قوله تعالى: {فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية}. وقيل: لأنها تكون في عجز الشتاء، قال ابن عباس: {خاوية} خربة، وقال غيره: بالية، أي جعلت الريح تضرب بأحدهم الأرض فيخرّ ميتاً على أمِّ رَأْسه، فينشدح رأسه، وتبقى جثته هامدة، كأنها قائمة النخلة إذا خرت بلا أغصان، وقد ثبت عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه قال: (نُصرت بالصَّبا وأُهلكت عاد بالدَّبور) ""أخرجاه في الصحيحين"". وعن ابن عمر قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم:(ما فتح اللّه على عاد من الريح التي هلكوا بها إلا مثل موضع الخاتم، فمرت بأهل البادية فحملتهم ومواشيهم وأموالهم فجعلتهم بين السماء والأرض، فلما رأى ذلك أهل الحاضرة من عادٍ، الريحَ وما فيها قالوا: هذا عارض ممطرنا، فألقت أهل البادية ومواشيهم على أهل الحاضرة) ""رواه ابن أبي حاتم""{فهل ترى لهم من باقية}؟ أي هل تحس منهم من أحد من بقاياهم أو ممن ينتسب إليهم؟ بل بادوا عن آخرهم، ولم يجعل اللّه لهم خلفاً، ثم قال تعالى: {وجاء فرعون ومن قبله} أي ومن قبله من الأمم المشبهين له، وقوله تعالى: {والمؤتفكات} وهم الأمم المكذبون بالرسل، {بالخاطئة} وهي التكذيب بما أنزل اللّه، قال الربيع {بالخاطئة} أي بالمعصية، وقال مجاهد: بالخطايا، ولهذا قال تعالى: {فعصوا رسول ربهم} أي كل كذب رسول اللّه إليهم كما قال تعالى: {إن كلٌ إلا كذب الرسل فحق وعيد}، ومن كذب برسول فقد كذب بالجميع، كما قال تعالى: {كذبت قوم نوح المرسلين}، {كذبت عاد المرسلين} وإنما جاء إلى كل أمّة رسول واحد، ولهذا قال ههنا: {فعصوا رسول ربهم فأخذهم أخذة رابية} أي عظيمة شديدة أليمة، قال مجاهد {رابية}: شديدة، وقال السدي: مهلكة. ثم قال تعالى: {إنا لمّا طغى الماء} أي ازداد على الحد، وقال ابن عباس: {طغى الماء} كثر، وذلك بسبب دعوة نوح عليه السلام، فاستجاب اللّه له، وعمَّ أهل الأرض بالطوفان إلا من كان مع نوح في السفينة، فالناس كلهم من سلالة نوح وذريته، قال علي بن أبي طالب: لم تنزل قطرة من ماء إلا بكيل على يدي ملك، فلما كان يوم نوح أذن للماء دون الخزان، فطغى الماء على الخزان، فخرج، فذلك قوله تعالى: {إنا لمّا طغى الماء} أي زاد على الحد بإذن اللّه، {حملناكم في الجارية} ولم ينزل شيء من الريح إلا بكيل على يدي ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت، فذلك قوله تعالى: {بريح صرصر عاتية} ""رواه ابن جرير""، ولهذا قال تعالى ممتناً على الناس {حملناكم في الجارية} وهي السفينة الجارية على وجه الماء، {لنجعلها لكم تذكرة} أي وأبقينا لكم من جنسها ما تركبون على تيار الماء في البحار، كما قال: {وجعل لكم من الفلك والأنعام ما تركبون}، وقال تعالى: {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون . وخلقنا لهم من مثله ما يركبون} وقال قتادة: أبقى اللّه السفينة حتى أدركها أوائل هذه الأمة، والأول أظهر، ولهذا قال تعالى: {وتعيها أذن واعية} أي وتفهم هذه النعمة وتذكرها أذن واعية، قال ابن عباس: حافظة سامعة، وقال قتادة: {أذن واعية} عقلت عن اللّه فانتفعت بما سمعت من كتاب اللّه. وقال الضحّاك: {وتعيها أذن واعية} سمعتها أذن ووعت، أي من له سمع صحيح وعقل رجيح، وهذا عام في كل من فهم ووعي.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি