نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة المنافقون آية 5
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ وَرَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ

التفسير الميسر وإذا قيل لهؤلاء المنافقين: أقبلوا تائبين معتذرين عمَّا بدر منكم من سيِّئ القول وسفه الحديث، يستغفر لكم رسول الله ويسأل الله لكم المغفرة والعفو عن ذنوبكم، أمالوا رؤوسهم وحركوها استهزاءً واستكبارًا، وأبصرتهم -أيها الرسول- يعرضون عنك، وهم مستكبرون عن الامتثال لما طُلِب منهم.

تفسير الجلالين
5 - (وإذا قيل لهم تعالوا) معتذرين (يستغفر لكم رسول الله لووا) بالتشديد والتخفيف عطفوا (رؤوسهم ورأيتهم يصدون) يعرضون عن ذلك (وهم مستكبرون)

تفسير القرطبي
قوله تعالى {وإذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول الله} لما نزل القرآن بصفتهم مشى إليهم عشائرهم وقالوا : افتضحتم بالنفاق فتوبوا إلى رسول الله من النفاق، واطلبوا أن يستغفر لكم.
فلووا رءوسهم؛ أي حركوها استهزاء وإباء؛ قال ابن عباس.
وعنه أنه كان لعبدالله بن أبي موقف في كل سبب يحض على طاعة الله وطاعة رسوله؛ فقيل له : وما ينفعك ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم غضبان : فأته يستغفر لك؛ فأبى وقال : لا أذهب إليه.
وسبب نزول هذه الآيات أن النبي صلى الله عليه وسلم غزا بني المصطلق على ماء يقال له (المريسيع) من ناحية (قديد) إلى الساحل، فازدحم أجير لعمر يقال له(جهجاه) مع حليف لعبدالله بن أبي يقال له (سنان) على ماء (بالمشلل)؛ فصرخ جهجاه بالمهاجرين، وصرخ سنان بالأنصار؛ فلطم جهجاه سنانا فقال عبدالله بن أبي : أوقد فعلوها! والله ما مثلنا ومثلهم إلا كما قال الأول : سمن كلبك يأكلك، أما والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز - يعني أبيا - الأذل؛ يعني محمدا صلى الله عليه وسلم.
ثم قال لقومه : كفوا طعامكم عن هذا الرجل، ولا تنفقوا على من عنده حتى ينفضوا ويتركوه.
فقال زيد بن أرقم - وهو من رهط عبدالله - أنت والله الذليل المنتقص في قومك؛ ومحمد صلى الله عليه وسلم في عز من الرحمن ومودة من المسلمين، والله لا أحبك بعد كلامك هذا أبدا.
فقال عبدالله : اسكت إنما كنت ألعب.
فأخبر زيد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : فأقسم بالله ما فعل ولا قال؛ فعذره النبي صلى الله عليه وسلم.
قال زيد : فوجدت في نفسي ولامني الناس؛ فنزلت سورة المنافقين في تصديق زيد وتكذيب عبدالله.
فقيل لعبدالله : قد نزلت فيك آيات شديدة فاذهب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لك؛ فألوى برأسه، فنزلت الآيات.
خرجه البخاري ومسلم والترمذي بمعناه.
وقد تقدم أول السورة.
وقيل {يستغفر لكم} يستتبكم من النفاق؛ لأن التوبة استغفار.
{ورأيتهم يصدون وهم مستكبرون} أي يعرضون عن الرسول متكبرين عن الإيمان.
وقرأ نافع {لووا} بالتخفيف.
وشدد الباقون؛ واختاره أبو عبيد وقال : هو فعل لجماعة.
النحاس : وغلط في هذا؛ لأنه نزل في عبدالله بن أبي لما قيل له : تعال يستغفر لك رسول الله صلى الله عليه وسلم حرك رأسه استهزاء.
فإن قيل : كيف أخبر عنه بفعل الجماعة؟ قيل له : العرب تفعل هذا إذا كنَّت عن الإنسان.
أنشد سيبويه لحسان : ظننتم بأن يخفى الذي قد صنعتم ** وفينا رسول عنده الوحي واضعه وإنما خاطب حسان ابن الأبيرق في شيء سرقه بمكة.
وقصته مشهورة.
وقد يجوز أن يخبر عنه وعمن فعل فعله.
وقيل : قال ابن أبي لما لوى رأسه : أمرتموني أن أومن فقد آمنت، وأن أعطي زكاة مالي فقد أعطيت؛ فما بقي إلا أن أسجد لمحمد.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن المنافقين عليهم لعائن اللّه أنهم {إذا قيل لهم تعالوا يستغفر لكم رسول اللّه لوّوا رءوسهم} أي صدوا وأعرضوا عما قيل لهم استكباراً عن ذلك واحتقاراً لما قيل لهم، ولهذا قال تعالى: {ورأيتهم يصدّون وهم مستكبرون} ثم جازاهم على ذلك فقال تعالى: {سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر اللّه لهم إن اللّه لا يهدي القوم الفاسقين}. عن سفيان {لوّوا رءوسهم} حوّل سفيان وجهه على يمينه، ونظر بعينه شزراً، ثم قال هو هذا ""رواه عنه ابن أبي حاتم""، وقد ذكر غير واحد من السلف أن هذا السياق كله نزل في عبد اللّه بن أبي بن سلول كما سنورده قريباً إن شاء اللّه تعالى. قال قتادة والسدي: أنزلت هذه الأية في عبد اللّه بن أُبي، وذلك أن غلاماً من قرابته انطلق إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فحدثه بحديث عنه وأمر شديد، فدعاه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فإذا هو يحلف باللّه ويتبرأ من ذلك، وأقبلت الأنصار على ذلك الغلام فلاموه وعزلوه وأنزل اللّه فيه ما تسمعون، وقيل لعدو اللّه: لو أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فجعل يلوي رأسه، أي لست فاعلاً. وقال أبو إسحاق في قصة بني المصطلق: فبينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مقيم هناك اقتتل على الماء جهجاه بن سعيد الغفاري وكان أجيراً لعمر بن الخطاب وسنان بن يزيد فقال سنان: يا معشر الأنصار، وقال الجهجاه: يا معشر المهاجرين، وزيد بن أرقم ونفر من الأنصار عند عبد اللّه بن أُبيّ فلما سمعها قال: قد ثاورونا في بلادنا واللّه ما مثلنا وجلابيب قريش هذه إلا كما قال القائل: سَمِّن كلبك يأكلك، واللّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، ثم أقبل على من عنده من قومه، وقال: هذا ما صنعتم بأنفسكم أحللتموهم بلادكم، وقاسمتموهم أموالكم، أما واللّه لو كففتم عنهم لتحولوا عنكم من بلادكم إلى غيرها، فسمعها زيد بن أرقم رضي اللّه عنه فذهب بها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وهو غليم عنده عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فأخبره الخبر، فقال عمر رضي اللّه عنه: يا رسول اللّه! مر عباد بن بشر فليضرب عنقه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (فكيف إذا تحدث الناس يا عمر أن محمداً يقتل أصحابه، لا، ولكن ناد يا عمر: الرحيل)، فلما بلغ عبد اللّه بن أُبي أن ذلك قد بلغ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أتاه فاعتذر إليه، وحلف باللّه ما قال، ما قال عليه زيد بن أرقم وكان عند قومه بمكان، فقالوا: يا رسول اللّه عسى أن يكون هذا الغلام أوهم ولم يثبت ما قال الرجل، وراح رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مهجراً في ساعة كان لا يروح فيها، فلقيه أسيد بن الحضير رضي اللّه عنه، فسلم عليه بتحية النبوة، ثم قال: واللّه لقد رحت في ساعة مبكرة ما كنت تروح فيها، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (أما بلغك ما قال صاحبك ابن أُبي؟ زعم أنه إذا قدم المدينة سيخرج الأعز منها الأذل)، قال: فأنت يا رسول اللّه العزيز وهو الذليل، ثم قال: ارفق به يا رسول اللّه، فواللّه لقد جاء اللّه بك، وإنا لننظم له الخرز لِنُتَوِّجَهُ، فإنه ليرى أن قد سلبته ملكاً، فسار رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بالناس حتى أمسوا وليلته حتى أصبحوا، وصدر يومه حتى اشتد الضحى، ثم نزل بالناس ليشغلهم عما كان من الحديث، فلم يأمن الناس أن وجدوا مس الأرض فناموا، ونزلت سورة المنافقين، وقال الحافظ أبو بكر البيهقي، عن جابر بن عبد اللّه يقول: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غزاة فكسع رجل من المهاجرين رجُلاً من الأنصار، فقال الأنصاري: يا للأنصار، وقال المهاجرين: يا للمهاجرين، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ما بال دعوى الجاهلية؟ دعوها فإنها منتنة)، وقال عبد اللّه بن أُبي بن سلول وقد فعلوها: واللّه لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، قال جابر: وكان الأنصار بالمدينة أكثر من المهاجرين حين قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، ثم كثر المهاجرون بعد ذلك، فقال عمر: دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (دعه لا يتحدث الناس أن محمداً يقتل أصحابه) ""رواه البيهقي، ورواه أحمد والبخاري ومسلم بنحوه"". وروى الإمام أحمد، عن زيد بن أرقم قال: كنت مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في غزوة تبوك فقال عبد اللّه بن أُبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل. قال، فأتيت النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبرته قال، فحلف عبد اللّه بن أُبي أنه لم يكن شيء من ذلك، قال، فلامني قومي وقالوا: ما أردت إلى هذا؟ قال: فانطلقت فنمت كئيباً حزيناً، قال، فأرسل إليَّ نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: (إن اللّه قد أنزل عذرك وصدقك)، قال، فنزلت هذه الآية: {هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول اللّه حتى ينفضُّوا} حتى بلغ {لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل} ""أخرجه الإمام أحمد ورواه البخاري عند هذه الآية"". طريق أُخْرَى: قال الإمام أحمد رحمه اللّه، عن زيد بن أرقم قال: خرجت مع عمي في غزاة فسمعت عبد اللّه بن أُبي بن سلول يقول لأصحابه: لا تنفقوا على من عند رسول اللّه، ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكره عمي لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأرسل إليَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فحدثته، فأرسل إلى عبد اللّه بن أُبي بن سلول وأصحابه، فحلفوا باللّه ما قالوا، فكذَّبني رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وصدَّقه، فأصابني همّ لم يصبني مثله قط، وجلست في البيت، فقال عمي: ما أردت إلا أن كذبك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ومقتك! قال: حتى أنزل اللّه {إذا جاءك المنافقون}، قال، فبعث إليَّ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقرأها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عليَّ، ثم قال: (إن اللّه قد صدقك) ""أخرجه الإمام أحمد"". وقال محمد بن إسحاق: حدثني عاصم بن عمر بن قتادة أن عبد اللّه بن عبد اللّه بن أُبي لما بلغه ما كان من أمر أبيه أتى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه إنه بلغني أنك تريد قتل عبد اللّه بن أُبي فيما بلغك عنه، فإن كنت فاعلاً فمرني به، فأنا أحمل إليك رأسه، فواللّه لقد علمت الخزرج ما كان لها من رجل أبر بوالده مني، إني أخشى أن تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني أنظر إلى قاتل عبد اللّه بن أُبي يمشي في الناس، فأقتله فأقتل مؤمناً بكافر فأدخل النار، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (بل نترفق به ونحسن صحبته ما بقي معنا) ""رواه محمد بن إسحاق بن يسار""، وذكر عكرمة أن الناس لما قفلوا راجعين إلى المدينة وقف عبد اللّه بن عبد اللّه على باب المدينة واستل سيفه،فجعل الناس يمرون عليه، فلما جاء أبوه عبد اللّه بن أبي قال له ابنه: وراءك، فقال: مالك ويلك؟ فقال: واللّه لا تجوز من ههنا حتى يأذن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فإنه العزيز وأنت الذليل، فلما جاء رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شكا إليه عبد اللّه بن أُبي ابنه، فقال ابنه عبد اللّه: واللّه يا رسول اللّه لا يدخلها حتى تأذن له، فأذن له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فقال: أما إذا أذن لك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجز الآن، وقال الحميدي في مسنده: قال عبد اللّه بن عبد اللّه بن أُبي بن سلول لأبيه: واللّه لا تدخل المدينة أبداً حتى تقول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الأعز وأنا الأذل، قال: وجاء إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم فقال: يا رسول اللّه إنه قد بلغني أنك تريد قتل أبي، فوالذي بعثك بالحق لئن شئت أن آتيك برأسه لأتيتك، فإني أكره أن أرى قاتل أبي ""رواه الحميدي في مسنده"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি