نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الممتحنة آية 12
يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءَكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَىٰ أَنْ لَا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ وَلَا يَزْنِينَ وَلَا يَقْتُلْنَ أَوْلَادَهُنَّ وَلَا يَأْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَأَرْجُلِهِنَّ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ ۙ فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ

التفسير الميسر يا أيها النبي إذا جاءك النساء المؤمنات بالله ورسوله يعاهدنك على ألا يجعلن مع الله شريكًا في عبادته، ولا يسرقن شيئًا، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن بعد الولادة أو قبلها، ولا يُلحقن بأزواجهن أولادًا ليسوا منهم، ولا يخالفنك في معروف تأمرهن به، فعاهدهن على ذلك، واطلب لهن المغفرة من الله. إن الله غفور لذنوب عباده التائبين، رحيم بهم.

تفسير الجلالين
12 - (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن) كما كان يفعل في الجاهلية من وأد البنات أي دفنهن أحياء خوف العار والفقر (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) أي بولد ملقوط ينسبنه إلى الزوج ووصف بصفة الولد الحقيقي فإن الأم إذا وضعته سقط بين يديها ورجليها (ولا يعصينك في) فعل (معروف) هو ما وافق طاعة الله كترك النياحة وتمزيق الثياب وجز الشعور وشق الجيب وخمش الوجه (فبايعهن) فعل ذلك صلى الله عليه وسلم بالقول ولم يصافح واحدة منهن (واستغفر لهن الله إن الله غفور رحيم)

تفسير القرطبي
فيه ثماني مسائل: الأول: قوله تعالى {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جاء نساء أهل مكة يبايعنه، فأمر أن يأخذ عليهن ألا يشركن.
وفي صحيح مسلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت : كان المؤمنات إذا هاجرن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن بقول الله تعالى {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين} إلى آخر الآية.
قالت عائشة : فمن أقر بهذا من المؤمنات فقد أقر بالمحنة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقررن بذلك من قولهن قال لهن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (انطلقن فقد بايعتكن) ولا والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، غير أنه بايعهن بالكلام.
قالت عائشة : والله ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم على النساء قط إلا بما أمره الله عز وجل، وما مست كف رسول الله صلى الله عليه وسلم كف امرأة قط؛ وكان يقول لهن إذا أخذ عليهن (قد بايعتكن كلاما).
وروي أنه عليه الصلاة والسلام بايع النساء وبين يديه وأيديهن ثوب، وكان يشترط عليهن.
وقيل : لما فرغ من بيعة الرجال جلس على الصفا ومعه عمر أسفل منه، فجعل يشترط على النساء البيعة وعمر يصافحهن.
وروي أنه كلف امرأة وقفت على الصفا فبايعتهن.
ابن العربي : وذلك ضعيف، وإنما ينبغي التعويل على ما في الصحيح.
وقالت أم عطية : لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جمع نساء الأنصار في بيت، ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب، فقام على الباب فسلم فرددن عليه السلام، فقال : أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكن؛ ألا تشركن بالله شيئا.
فقلن: نعم.
فمد يده من خارج البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت؛ ثم قال : اللهم اشهد.
وروى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا بايع النساء دعا بقدح من ماء، فغمس يده فيه ثم أمر النساء فغمسن أيديهن فيه.
الثانية: روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قال : (على ألا يشركن بالله شيئا) قالت هند بنت عتبة وهي منتقبة خوفا من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعرفها لما صنعته بحمزة يوم أحد : والله إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيتك أخذته على الرجال وكان بايع الرجال يومئذ على الإسلام والجهاد فقط - فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ولا يسرقن) فقالت هند : إن أبا سفيان رجل شحيح وإني أصيب من ماله قوتنا.
فقال أبو سفيان : هو لك حلال.
فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وعرفها وقال : (أنت هند)؟ فقالت : عفا الله عما سلف.
ثم قال : (ولا يزنين) فقالت هند : أو تزني الحرة! ثم قال : (ولا يقتلن أولادهن) أي لا يئدن الموءودات ولا يسقطن الأجنة.
فقالت هند : ربيناهم صغارا وقتلتهم كبارا يوم بدر، فأنتم وهم أبصر.
وروى مقاتل أنها قالت : ربيناهم صغارا وقتلتموهم كبارا، وأنتم وهم أعلم.
فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى.
وكان حنظلة بن أبي سفيان وهو بكرها قتل يوم بدر.
ثم قال {ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف} قيل : معنى {بين أيديهن} ألسنتهن بالنميمة.
ومعنى بين {أرجلهن} فروجهن.
وقيل : ما كان بين أيديهن من قبلة أو جسة، وبين أرجلهن الجماع وقيل : المعنى لا يلحقن برجالهن ولدا من غيرهم.
وهذا قول الجمهور.
وكانت المرأة تلتقط ولدا فتلحقه بزوجها وتقول : هذا ولدي منك.
فكان هذا من البهتان والافتراء.
وقيل : ما بين يديها ورجليها كناية عن الولد؛ لأن بطنها الذي تحمل فيه الولد بين يديها، وفرجها الذي تلد منه بين رجليها.
وهذا عام في الإتيان بولد وإلحاقه بالزوج وإن سبق النهي عن الزنى.
وروي أن هندا لما سمعت ذلك قالت : والله إن البهتان لأمر قبيح؛ ما تأمر إلا بالأرشد ومكارم الأخلاق!.
ثم قال {ولا يعصينك في معروف} قال قتادة : لا ينحن.
ولا تخلو امرأة منهن إلا بذي محرم.
وقال سعيد بن المسيب، ومحمد بن السائب وزيد بن أسلم : هو ألا يخمشن وجها.
ولا يشققن جيبا، ولا يدعون ويلا ولا ينشرن شعرا ولا يحدثن الرجال إلا ذا محرم.
وروت أم عطية عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ذلك في النوح.
وهو قول ابن عباس.
وروى شهر بن حوشب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم {ولا يعصينك في معروف} فقال : (هو النوح).
وقال مصعب بن نوح : أدركت عجوزا ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم، فحدثتني عنه عليه الصلاة والسلام في قوله {ولا يتعصينك في معروف} فقال : (النوح).
""وفي صحيح مسلم عن أم عطية"" لما نزلت هذه الآية {يبايعنك على إلا يشركن بالله شيئا - إلى قوله - ولا يعصينك في معروف} قال : (كان منه النياحة) قالت : فقلت يا رسول الله، إلا آل فلان فإنهم كانوا أسعدوني في الجاهلية؛ فلا بد لي من أن أسعدهم.
فقال، رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إلا آل فلان).
وعنها قالت : أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مع البيعة ألا ننوح؛ فما وفت منا امرأة إلا خمس : أم سليم، وأم العلاء، وابنة أبي سبرة امرأة معاذ أو ابنة أبي سبرة، وامرأة معاذ.
وقيل : إن المعروف هاهنا الطاعة لله ولرسوله؛ قال ميمون بن مهران.
وقال بكر بن عبدالله المزني : لا يعصينك في كل أمر فيه رشدهن.
الكلبي : هو عام في كل معروف أم الله عز وجل ورسول به.
فروي أن هندا قالت عند ذلك : ما جلستا في مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك في شيء.
الثالثة: ذكر الله عز وجل ورسوله عليه الصلاة والسلام في صفة البيعة خصالا شتى؛ صرح فيهن بأركان النهي في الدين ولم يذكر أركان الأمر.
وهي ستة أيضا : الشهادة، والصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والاغتسال من الجنابة.
وذلك لأن النهي دائم في كل الأزمان وكل الأحوال؛ فكان التنبيه على اشتراط الدائم آكد.
وقيل : إن هذه المناهي كان في النساء كثير من يرتكبها ولا يحجزهن عنها شرف النسب، فخصت بالذكر لهذا.
ونحو منه قول عليه الصلاة والسلام لوفد عبد القيس : (وأنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت) فنبههم على ترك المعصية في شرب الخمر دون سائر المعاصي، لأنها كانت شهوتهم وعادتهم، وإذا ترك المرء شهوته من المعاصي هان عليه ترك سائرها مما لا شهوة له فيها.
الرابعة: لما قال النبي صلى الله عليه وسلم في البيعة : (ولا يسرقن) قالت هند : يا رسول الله إن أبا سفيان رجل مسيك فهل علي حرج أن آخذ ما يكفيني وولدي؟ قال (لا إلا بالمعروف) فخشيت هند أن تقتصر على ما يعطيها فتضيع أو تأخذ أكثر من ذلك فتكون سارقة ناكثة للبيعة المذكورة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم : (لا) أي لا حرج عليك فيما أخذت بالمعروف، يعني من غير استطالة إلى أكثر من الحاجة.
قال ابن العربي وهذا إنما هو فيما لا يخزنه عنها في حجاب ولا يضبط عليه بقفل فإنه إذا هتكته الزوجة وأخذت منه كانت سارقة تعصي به وتُقطع يدها بذلك.
الخامسة: قال عبادة بن الصامت : أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء : (ألا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا يعضه بعضكم بعضا ولا تعصوا في معروف أمركم به).
معنى (يعضه) يسحر.
والعضه : السحر.
ولهذا قال ابن بحر وغيره في قوله تعالى {ولا يأتين ببهتان} إنه السحر.
وقال الضحاك : هذا نهى عن البهتان، أي لا يعضهن رجلا ولا امرأة.
{ببهتان} أي بسحر.
والله أعلم.
{يفترينه بين أيديهن وأرجلهن} والجمهور على أن معنى {ببهتان} بولد يفترينه بين أيديهن} ما أخذته لقيطا.
{وأرجلهن} ما ولدته من زنى.
وقد تقدم.
السادسة: قوله تعالى {ولا يعصينك في معروف}"" في البخاري عن ابن عباس"" في قوله تعالى {ولا يعصينك في معروف} قال : إنما هو شرط شرطه الله للنساء.
واختلف في معناه على ما ذكرنا.
والصحيح أنه عام في جميع ما يأمر به النبي صلى الله عليه وسلم وينهى عنه؛ فيدخل فيه النوح وتخريق الثياب وجز الشعر والخلوة بغير محرم إلى غير ذلك.
وهذه كلها كبائر ومن أفعال الجاهلية.
وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (أربع في أمتي من أمر الجاهلية) فذكر منها النياحة.
وروى يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (هذه النوائح يجعلن يوم القيامة صفين صفا عن اليمين وصفا عن اليسار ينبحن كما تنبح الكلاب في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة ثم يؤمر بهن إلى النار).
وعنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا تصلي الملائكة على نائحة ولا مرنة).
وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع نائحة فأتاها فضربها بالدرة حتى وقع خمارها عن رأسها.
فقيل : يا أمير المومنين، المرأة المرأة! قد وقع خمارها.
فقال : إنها لا حرمة لها.
أسند جميعه الثعلبي رحمه الله.
أما تخصيص قوله {في معروف} مع قوة قوله {ولا يعصينك} ففيه قولان : أحدهما : أنه تفسير للمعنى على التأكيد؛ كما قال تعالى {قال رب احكم بالحق} [الأنبياء : 112] لأنه لو قال احكم لكفى.
الثاني : إنما شرط المعروف في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم حتى يكون تنبيها على أن غيره أولى بذلك وألزم له وأنفى للإشكال.
السابعة: روى البخاري عن عبادة بن الصامت قال : كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : (أتبايعوني على ألا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرقوا) قرأ آية النساء.
وأكثر لفظ سفيان قرأ في الآية (فمن وفى منكم فأجره على الله ومن أصاب من ذلك شيئا فعوقب فهو كفارة له ومن أصاب من ذلك شيئا فستره الله فهو إلى الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له منها).
وفي الصحيحين عن ابن عباس قال : شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان؛ فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب؛ فنزل نبي الله صلى الله عليه وسلم فكأني انظر إليه حين يجلس الرجال بيده، ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال فقال : ({يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على ألا يشركن بالله شيئا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن} - حتى فرغ من الآية كلها، ثم قال حين فرغ - : أنتن على ذلك)؟ فقالت : امرأة واحدة لم يجبه غيرها : نعم يا رسول الله؛ لا يدري الحسن من هي.
قال : (فتصدقن) وبسط بلال ثوبه فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال.
لفظ البخاري.
الثامنة: قال المهدوي : أجمع المسلمون على أنه ليس للإمام أن يشترط عليهن هذا؛ والأمر بذلك ندب لا إلزام.
وقال بعض أهل النظر : إذا احتيج إلى المحنة من أجل تباعد الدار كان على إمام المسلمين إقامة المحنة.

تفسير ابن كثير روى البخاري، عن عروة أن عائشة زوج النبي صلى اللّه عليه وسلم أخبرته أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كان يمتحن من هاجر إليه من المؤمنات بهذه الآية: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} إلى قوله {غفور رحيم}، قال عروة، قالت عائشة: فمن أقر بهذا الشرط من المؤمنات قال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (قد بايعتك) كلاماً، ولا واللّه ما مست يده يد امرأة في المبايعة قط، ما يبايعهن إلا بقوله: (قد بايعتك على ذلك) هذا لفظ البخاري. وروى الإمام أحمد، عن أمية بنت رقيقة ـ قوله أمية بنت رقيقة هي أخت السيدة خديجة وخالة فاطمة الزهراء""ـ قالت: أتيت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في نساء لنبايعه، فأخذ علينا ما في القرآن {ألا نشرك باللّه شيئاً} الآية، وقال: {فيما استطعتن وأطقتن)، قلنا اللّه ورسوله أرحم بنا من أنفسنا، قلنا: يا رسول اللّه ألا تصافحنا؟ قال: (إني لا أصافح النساء إنما قولي لامرأة واحدة قولي لمائة امرأة) ""أخرجه أحمد والترمذي والنسائي"". وعن سلمى بنت قيس وكانت إحدى خالات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم - وقد صلت معه القبلتين، قالت: جئت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، نبايعه في نسوة من الأنصار، فلما شرط علينا ألا نشرك باللّه شيئاً ولا نسرق ولا نزني، ولا نقتل أولادنا، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصيه في معروف، قال: (ولا تغششن أزواجكن) قالت: فبايعناه، ثم انصرفنا، فقلت لامرأة منهن: ارجعي فسلي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: ما غش أزواجنا؟ قال، فسألته فقال: (تأخذ ماله فتحابي به غيره) ""أخرجه الإمام أحمد"". وقال الإمام أحمد، عن عائشة بنت قدامة - يعني ابن مظعون - قالت: أنا مع أمي رائطة بنة سفيان الخزاعية والنبي صلى اللّه عليه وسلم يبايع النسوة ويقول: (أبايعكن على أن لا تشركن باللّه شيئاً، ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن، ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن، ولا تعصينني في معروف - قلن نعم - فيما استطعتن ( فكن يقلن وأقول معهن وأمي تقول لي: أي بنية نعم، فكنت أقول كما يقلن) ""أخرجه الإمام أحمد أيضاً. وقال البخاري، عن أُم عطية قالت: بايعنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقرأ علينا {ولا تشركن باللّه شيئاً}، ونهانا عن النياحة فقبضت امرأة يدها، وقالت: أسعدتني فلانة، فأريد أن أجزيها، فما قال لها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شيئاً، فانطلقت ورجعت فبايعها، وفي رواية: فما وفَّى منهن امرأة غيرها وغير أم سليم بنة ملحان ""أخرجه البخاري ومسلم"". وقد كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يتعاهد النساء بهذه البيعة يوم العيد، كما روى البخاري، عن ابن عباس، قال: شهدت الصلاة يوم الفطر مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان، فكلهم يصليها قبل الخطبة ثم يخطب بعد، فنزل نبي اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فكأني أنظر إليه حين يجلس الرجال بيده، ثم أقبل يشقهم حتى أتى النساء مع بلال فقال: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن باللّه شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولادهن ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن ولا يعصينك في معروف} حتى فرغ من الآية كلها، ثم قال حين فرغ: (أنتن على ذلك؟) فقالت امرأة واحدة ـ ولم يجبه غيرها ـ نعم يا رسول اللّه، ولا يدري حسن من هي، قال: فتصدقن، قال: وبسط بلال ثوبه، فجعلن يلقين الفتخ والخواتيم في ثوب بلال ""أخرجه البخاري"". وعن عبادة بن الصامت قال: كنا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في مجلس فقال: (تبايعوني على ألا تشركوا باللّه شيئاً ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم - قرأ الآية التي أخذت على النساء إذا جاءك المؤمنات - فمن وفَّى منكم فأجره على اللّه، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به فهو كفارة له، ومن أصاب من ذلك شيئاً فستره اللّه عليه فهو إلى اللّه إن شاء غفر له وإن شاء عذبه) ""أخرجه البخاري ومسلم"". وقد روى ابن جرير، عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب فقال: (قل لهن إن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبايعكن على ألا تشركن باللّه شيئاً) وكانت هند بنت عتبة بن ربيعة التي شقت بطن حمزة متنكرة في النساء، فقالت هند وهي متنكرة: كيف تقبل من النساء شيئاً لم تقبله من الرجال؟ فنظر إليها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وقال لعمر: (قل لهن: ولا يسرقن)، قالت هند: واللّه إني لأصيب من أبي سفيان الهنات ما أدري أيحلهن لي أم لا، قال أبو سفيان: ما أصبت من شيء مضى أو قد بقي فهو لك حلال، فضحك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وعرفها، فقال: (ولا يزنين)، فقالت: يا رسول اللّه وهل تزني امرأة حرة، قال: (لا واللّه ما تزني الحرة) قال: (ولا يقتلن أولادهن). قالت هند: أنت قتلتهم يوم بدر فأنت وهم أبصر، قال: {ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن} قال: {ولا يعصينك في معروف} قال: منعهن أن ينحن، وكان أهل الجاهلية يمزقن الثياب، ويخدشن الوجوه، ويقطعن الشعور، ويدعون بالويل والثبور ""أخرجه ابن جرير قال ابن كثير: في بعضه نكارة وهو أثر غريب"". وقال مقاتل بن حيان: أنزلت هذه الآية يوم الفتح، بايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الرجال على الصفا، وعمر بايع النساء يحلفهن عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فذكر بقيته كما تقدم، وزاد: فلما قال: (ولا تقتلن أولادكن) قالت هند: ربيناهم صغاراً فقتلتموهم كباراً، فضحك عمر بن الخطاب حتى استلقى ""رواه ابن أبي حاتم"". فقوله تعالى: {يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك} أي من جاءك منهن يبايع على هذه الشروط فبايعها، على أن لا يشركن باللّه شيئاً، ولا يسرقن أموال الناس الأجانب، وقوله تعالى: {ولا يزنين} كقوله تعالى: {ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً}. وقال الإمام أحمد، عن عروة عن عائشة قالت: جاءت ""فاطمة بنت عتبة""تبايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فأخذ عليها {ألا يشركن باللّه شيئاً ولا يسرقن ولا يزنين} الآية قال: فوضعت يدها على رأسها حياءً، فأعجبه ما رأى منها، فقالت عائشة: أقّري أيتها المرأة، فواللّه ما بايعنا إلا على هذا، قالت: فنعم إذاً، فبايعها بالآية ""رواه الإمام أحمد""، وقوله تعالى: {ولا يقتلن أولادهن} وهذا يشمل قتله بعد وجوده، كما كان أهل الجاهلية يقتلون أولادهم خشية الإملاق، ويعم قتله وهو جنين، كما قد يفعله بعض الجهلة من النساء، تطرح نفسها لئلا تحبل إما لغرض فاسد أو ما أشبهه، وقوله تعالى: {ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن}، قال ابن عباس: يعني لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم ويؤيد هذا الحديث الذي رواه أبو داود، عن أبي هريرة أنه سمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول حين نزلت آية الملاعنة: (أيما امرأة أدخلت على قوم من ليس منهم فليست من اللّه في شيء ولن يدخلها اللّه الجنة) وأيما رجل جحد ولده وهو ينظر إليه احتجب اللّه منه وفضحه على رءوس الأولين والآخرين) ""أخرجه أبو داود"". وقوله تعالى: {ولا يعصينك في معروف} يعني فيما أمرتهن به من معروف، ونهيتهن عنه من منكر، عن ابن عباس قال: إنما هو شرط شرطه اللّه للنساء، وقال ابن زيد: أمر اللّه بطاعة رسوله وهو خيرة اللّه من خلقه في المعروف، وقد قال غير واحد: نهاهن يومئذ عن النوح، وعن الحسن قال: كان فيما أخذ النبي صلى اللّه عليه وسلم، ألا تحدثن الرجال إلا أن تكون ذات محرم، فإن الرجل لا يزال يحدث المرأة حتى يمذي بين فخذيه ""أخرجه ابن أبي حاتم""، وقال ابن جرير، عن أم عطية الأنصارية قالت: كان فيما اشترط علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من المعروف حين بايعناه ألا ننوح، فقالت امرأة من بني فلان: إن بني فلان أسعدوني، فلا حتى أجزيهم، فانطلقت فأسعدتهم، ثم جاءت فبايعت، قالت: فما وفى منهن غيرها وغير أم سليم ابنة ملحان أم أنَس بن مالك ""أخرجه ابن جرير ورواه البخاري بنحوه"". وعن امرأة من المبايعات قالت: (كان فيما أخذ علينا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ألا نعصيه في معروف ألا نخمش وجهاً، ولا ننشر شعراً، ولا نشق جيباً ولا ندعو ويلاً) ""أخرجه ابن أبي حاتم"". وروى ابن جرير عن أم عطية قالت: (لما قدم رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم جمع نساء الأنصار في بيت، ثم أرسل إلينا عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه فقام على الباب وسلم علينا فرددن، أو فرددنا عليه السلام ثم قال: أنا رسول رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إليكن، فقالت، فقلنا: مرحباً برسول اللّه وبرسول رسول اللّه، فقال: تبايعن على ألا تشركن باللّه شيئاً ولا تسرقن ولا تزنين، قالت: فقلنا: نعم، قالت، فمد يده من خارج الباب أو البيت ومددنا أيدينا من داخل البيت ثم قال: اللهم اشهد، قالت: وأمرنا في العيدين أن نخرج فيه الحيض والعواتق ولا جمعة علينا، ونهى عن اتباع الجنائز، قال إسماعيل: فسألت جدتي عن قوله تعالى: {ولا يعصينك في معروف} قالت: النياحة ""رواه ابن جرير"". وفي الصحيحن عن عبد اللّه بن مسعود قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ليس منا من ضرب الخدود وشق الجيوب ودعا بدعوى الجاهلية) ""أخرجه الشيخان"". وعن أم سلمة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في قول اللّه تعالى: {ولا يعصينك في معروف}، قال: النوح.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি