نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الممتحنة آية 11
وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ

التفسير الميسر وإن لحقت بعض زوجاتكم مرتدات إلى الكفار، ولم يعطكم الكفار مهورهن التي دفعتموها لهن، ثم ظَفِرتم بهؤلاء الكفار أو غيرهم وانتصرتم عليهم، فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم من المسلمين من الغنائم أو غيرها مثل ما أعطوهن من المهور قبل ذلك، وخافوا الله الذي أنتم به مؤمنون.

تفسير الجلالين
11 - (وإن فاتكم شيء من أزواجكم) أي واحدة فأكثر منهن أو شيء من مهورهن بالذهاب (إلى الكفار) مرتدات (فعاقبتم) فغزوتم وغنمتم (فآتوا الذين ذهبت أزواجهم) من الغنيمة (مثل ما أنفقوا) لفواته عليهم من جهة الكفار (واتقوا الله الذي أنتم به مؤمنون) وقد فعل المؤمنون ما أمروا به من الايتاء للكفار والمؤمنينن ثم ارتفع هذا الحكم

تفسير القرطبي
فيه ثلاث مسائل: الأولى: قوله تعالى {وإن فاتكم شيء من أزواجكم} في الخبر : أن المسلمين قالوا : رضينا بما حكم الله؛ وكتبوا إلى المشركين فامتنعوا فنزلت {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا}.
وروى الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت : حكم الله عز وجل بينكم فقال جل ثناؤه {واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا} فكتب إليهم المسلمون : قد حكم الله عز وجل بيننا بأنه إن جاءتكم امرأة منا أن توجهوا إلينا بصداقها، وإن جاءتنا امرأة منكم وجهنا إليكم بصداقها.
فكتبوا إليهم : أما نحن فلا نعلم لكم عندنا شيئا، فإن كان لنا عندكم شيء فوجهوا به، فأنزل الله عز وجل {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا}.
وقال ابن عباس في قوله تعالى {ذلكم حكم الله يحكم بينكم} أي بين المسلمين والكفار من أهل العهد من أهل مكة يرد بعضهم إلى بعض.
قال الزهري : ولولا العهد لأمسك النساء ولم يرد إليهم صداقا.
وقال قتادة ومجاهد : إنما أمروا أن يعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا من الفيء والغنيمة.
وقالا : هي فيمن بيننا وبينه عهد وليس بيننا وبينه عهد.
وقالا : ومعنى {فعاقبتم} فاقتصصتم.
{فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا} يعني الصدقات.
فهي عامة في جميع الكفار.
وقال قتادة أيضا : وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار الذين بينكم وبينهم عهد، فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا.
ثم نسخ هذا في سورة التوبة .
وقال الزهري : انقطع هذا عام الفتح.
وقال سفيان الثوري : لا يعمل به اليوم.
وقال قوم : هو ثابت الحكم الآن أيضا.
حكاه القشيري.
الثانية: قوله تعالى {فعاقبتم} قراءة العامة {فعاقبتم} وقرأ علقمة والنخعي وحميد والأعرج {فعقبتم} مشددة.
وقرأ مجاهد {فأعقبتم} وقال : صنعتم كما صنعوا بكم.
وقرأ الزهري {فعقبتم} خفيفة بغير ألف.
وقرأ مسروق وشقيق بن سلمة {فعقبتم} بكسر القاف خفيفة.
وقال : غنمتم.
وكلها لغات بمعنى واحد.
يقال : عاقب وعقَب وعقّب وأعقب وتعقّب واعتقب وتعاقب إذا غنم.
وقال القتبي {فعاقبتم} فغزوتم معاقبين غزوا بعد غزو.
وقال ابن بحر : أي فعاقبتم المرتدة بالقتل فلزوجها مهرها من غنائم المسلمين.
الثالثة: قوله تعالى: {فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا} قال ابن عباس : يقول إن لحقت امرأة مؤمنة بكفار أهل مكة، وليس بينكم وبينهم عهد ولها زوج مسلم قبلكم فغنمتم، فأعطوا هذا الزوج المسلم مهره من الغنيمة قبل أن تخمس.
وقال الزهري : يعطي من مال الفيء.
وعنه يعطى من صداق من لحق بنا.
وقيل : أي إن امتنعوا من أن يغرموا مهر هذه المرأة التي ذهبت إليهم، فانبذوا العهد إليهم حتى إذا ظفرتم فخذوا ذلك منهم.
قال الأعمش : هي منسوخة.
وقال عطاء : بل حكمها ثابت.
وقد تقدم جميع هذا.
القشيري : والآية نزلت في أم الحكم بنت أبي سفيان، ارتدت وتركت زوجها عياض بن غنم القرشي، ولم ترتد امرأة من قريش غيرها، ثم عادت إلى الإسلام.
وحكى الثعلبي عن ابن عباس : هن ست نسوة رجعن عن الإسلام ولحقن بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين : أم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن أبي شداد الفهري.
وفاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة أخت أم سلمة، وكانت تحت عمر بن الخطاب، فلما هاجر عمر أبت وارتدت.
وبروع بنت عقبة، كانت تحت شماس بن عثمان.
وعبدة بنت عبدالعزى، كانت تحت هشام بن العاص.
وأم كلثوم بنت جرول تحت عمر بن الخطاب.
وشهبة بنت غيلان.
فأعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم مهور نسائهم من الغنيمة.
{واتقوا الله} احذروا أن تتعدوا ما أمرتم به.

تفسير ابن كثير تقدم في سورة الفتح ذكر صلح الحُدَيبية، الذي وقع بين رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وبين كفار قريش، فكان فيه: على ألا يأتيك منا أحد وإن كان على دينك إلا رددته إلينا، فعلى هذه الرواية تكون هذه الآية مخصِّصة للسنة، وعلى طريقة بعض السلف ناسخة، فإن اللّه عزَّ وجلَّ أمر عباده المؤمنين إذا جاءهم النساء مهاجرات أن يمتحنوهن، فإن علموهن مؤمنات فلا يرجعوهن إلى الكفار {لا هنَّ حل لهم ولا هم يحلون لهنّ}، وسبب النزول ما روي أنه لما هاجرت ""أُم كلثوم""بنت عقبة بن أبي معيط، خرج أخواها عمارة والوليد حتى قدما على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فكلماه فيها أن يردها إليهما، فنقض اللّه العهد بينه وبين المشركين في النساء خاصة، فمنعهم أن يردوهن إلى المشركين وأنزل اللّه آية الامتحان ""ذكره في المسند الكبير في ترجمة عبد اللّه بن جحش""، روى ابن جرير، عن أبي نصر الأسدي قال: سئل ابن عباس كيف كان امتحان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم النساء، قال: كان يمتحنهن باللّه ما خرجت من بغض زوج، وباللّه ما خرجت رغبة عن أرض إلى أرض، وباللّه ما خرجت التماس دنيا، وباللّه ما خرجت إلا حباً للّه ولرسوله ""رواه ابن جرير ورواه البزار من طريقه وذكر أن الذي كان يحلفهن عن أمر رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم عمر بن الخطاب"". وقال ابن عباس في قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن} كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا اللّه وأن محمداً عبد اللّه ورسوله، وقال مجاهد: {فامتحنوهن} فاسألوهن عما جاء بهن، فإن كان جاء بهن غضب على أزواجهن أو سخطة أو غيره ولم يؤمنَّ فارجعوهن إلى أزواجهن، وقال عكرمة: يقال لها ما جاء بك إلا حب اللّه ورسوله، وما جاء بك عشق رجل منا، ولا فرار من زوجك، فذلك قوله {فامتحنوهن}، وقال قتادة: كانت محنتهن أن يستحلفن باللّه ما أخرجكن النشوز، وما أخرجكن إلا حب الإسلام وأهله، وحرص عليه، فإذا قلن ذلك قبل ذلك منهن. وقوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار} فيه دلالة على أن الإيمان يمكن الاطلاع عليه يقيناً، وقوله تعالى: {لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن} هذه الآية هي التي حرمت المسلمات على المشركين، وقد كان جائزاً في ابتداء الإسلام أن يتزوج المشرك مؤمنة، ولهذا كان أمر أبي العاص بن الربيع زوج ابنة النبي صلى اللّه عليه وسلم زينب رضي اللّه عنها، وقد كانت مسلمة وهو على دين قومه، فلما وقع في الأسارى يوم بدر بعثت امرأته زينب في فدائه بقلادة لها كانت لأمها خديجة، فلما رآها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رقّ لها رقة شديدة وقال للمسلمين: (إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها فافعلوا)، ففعلوا، فأطلقه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أن يبعث ابنته إليه، فوفى له بذلك، وصدقه فيما وعده، وبعثها إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم مع زيد بن حارثة رضي اللّه عنه، فاقامت بالمدينة من بعد وقعة بدر، وكانت سنة اثنتين إلى أن أسلم زوجها أبو العاص بن الربيع سنة ثمان فردها إليه بالنكاح الأول، ولم يحدث لها صداقاً؛ كما روى الإمام أحمد، عن ابن عباس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رد ابنته زينب على أبي العاص، وكانت هجرتها قبل إسلامه بست سنين على النكاح، ولم يحدث شهادة ولا صداقاً ""أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه"". وروي أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم رد ابنته على أبي العاص بن الربيع بمهر جديد ونكاح جديد ""أخرجه عبد بن حميد والعمل عليه عند أهل العلم""، والذي عليه الأكثرون أنها متى انقضت العدة ولم يسلم انفسخ نكاحها منه، وقال آخرون: بل إذا انقضت العدة هي بالخيار إن شاءت أقامت على النكاح واستمرت، وإن شاءت فسخته وذهبت فتزوجت، وحملوا عليه حديث ابن عباس واللّه أعلم، وقوله تعالى: {وآتوهم ما أنفقوا} يعني أزواج المهاجرات من المشركين ادفعوا إليهم الذي غرموه عليهن من الأصدقة قاله ابن عباس وقتادة ومجاهد وغير واحد ، وقوله تعالى: {ولا جناح عليكم أن تنكحوهن إذا آتيتموهن أجورهن} يعني إذا أعطيتموهن أصدقتهن فأنكحوهن بشرطه، من انقضاء العدة والولي وغير ذلك. وقوله تعالى: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} تحريم من اللّه عزَّ وجلَّ على عباده المؤمنين نكاح المشركات والاستمرار معهن، وفي الصحيح أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لما عاهد كفار قريش يوم الحديبية جاءه نساء من المؤمنات فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات} إلى قوله {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} فطلق عمر بن الخطاب يومئذ امرأتين تزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان والأُخْرَى صفوان بن أُميّة وقال الزهري: أنزلت هذه الآية على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وهو بأسفل الحديبية، حين صالحهم على أنه من أتاه منهم رده إليهم، فلما جاء النساء نزلت هذه الآية، وأمره أن يرد الصداق إلى أزواجهن، وحكم على المشركين مثل ذلك إذا جاءتهم امرأة من المسلمين، أن يردوا الصداق إلى أزواجهن وقال: {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} وإنما حكم اللّه بينهم بذلك لأجل ما كان بينهم وبينهم من العهد، وقوله تعالى: {واسألوا ما أنفقتم وليسألوا ما أنفقوا} أي وطالبوا بما أنفقتم على أزواجكم، اللاتي يذهبن إلى الكفار إن ذهبن، وليطالبوا بما أنفقوا على أزواجهم اللاتي هاجرن إلى المسلمين، وقوله تعالى: {ذلكم حكم اللّه يحكم بينكم} أي في الصلح واستثناء النساء منه، والأمر بهذا كله هو حكم اللّه يحكم به بين خلقه، {واللّه عليم حكيم} أي عليم بما يصلح عباده حكيم في ذلك، ثم قال تعالى: {وإن فاتكم شيء من أزواجكم إلى الكفار فعاقبتم فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا} قال مجاهد وقتادة: هذا في الكفار الذين ليس لهم عهد، إذا فرت إليهم امرأة، ولم يدفعوا إلى زوجها شيئاً، فإذا جاءت منهم امرأة لا يدفع إلى زوجها شيء، حتى يدفع إلى زوج الذاهبة إليهم مثل نفقته عليها، وقال ابن عباس في هذه الآية: يعني إذا لحقت امرأة رجل من المهاجرين بالكفار، أمر له رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أنه يعطى مثل ما أنفق من الغنيمة، وهكذا قال مجاهد {فعاقبتم} أصبتم غنيمة من قريش أو غيرهم {فآتوا الذين ذهبت أزواجهم مثل ما أنفقوا} يعني مهر مثلها، وهذا لا ينافي الأول، لأنه إن أمكن الأول فهو الأولى، وإلا فمن الغنائم اللاتي تؤخذ من أيدي الكفار، وهذا أوسع، وهو اختيار ابن جرير ""في اللباب، أخرج ابن أبي حاتم: {وإن فاتكم} نزلت في أم الحكم بنت أبي سفيان ارتدت فتزوجها ثقفي"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি