نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الحديد آية 29
لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَىٰ شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ ۙ وَأَنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ ۚ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ

التفسير الميسر أعطاكم الله تعالى ذلك كله؛ ليعلم أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم، أنهم لا يقدرون على شيء مِن فضل الله يكسبونه لأنفسهم أو يمنحونه لغيرهم، وأن الفضل كله بيد الله وحده يؤتيه مَن يشاء من عباده، والله ذو الفضل العظيم على خلقه.

تفسير الجلالين
29 - (لئلا يعلم) أعلمكم بذلك ليعلم (أهل الكتاب) التوراة الذين لم يؤمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم والمعنى أنهم (ألا يقدرون على شيء من فضل الله) خلاف ما في زعمهم أنهم أحباء الله وأهل رضوانه (وأن الفضل بيد الله يؤتيه) يعطيه (من يشاء) فأتى المؤمنين منهم أجرهم مرتين كما نقدم (والله ذو الفضل العظيم)

تفسير القرطبي
قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا} أي آمنوا بموسى وعيسى {اتقوا الله وآمنوا برسوله} بمحمد صلى الله عليه وسلم {يؤتكم كفلين من رحمته} أي مثلين من الأجر على إيمانكم بعيسى ومحمد صلى الله عليه وسلم، وهذا مثل قوله تعالى{أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا} [القصص : 54] وقد تقدم القول فيه.
والكفل الحظ والنصيب وقد مضى في النساء وهو في الأصل كساء يكتفل به الراكب فيحفظه من السقوط، قاله ابن جريج.
ونحوه قال الأزهري، قال : اشتقاقه من الكساء الذي يحويه راكب البعير على سنامه إذا ارتدفه لئلا يسقط، فتأويله يؤتكم نصيبين يحفظانكم من هلكة المعاصي كما يحفظ الكفل الراكب.
وقال أبو موسى الأشعري {كفلين} ضعفين بلسان الحبشة.
وعن ابن زيد {كفلين} أجر الدنيا والآخرة.
وقيل : لما نزلت {أولئك يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا}[القصص : 54] افتخر مؤمنو أهل الكتاب على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية.
وقد استدل بعض العلماء بهذه الآية على أن الحسنة إنما لها من الأجر مثل واحد، فقال : الحسنة اسم عام ينطلق على كل نوع من الإيمان، وينطلق على عمومه، فإذا انطلقت الحسنة على نوع واحد فليس له عليها من الثواب إلا مثل واحد.
وإن انطلقت على حسنة تشتمل على نوعين كان الثواب عليها مثلين، بدليل هذه الآلة فإنه قال {كفلين من رحمته} والكفل النصيب كالمثل، فجعل لمن اتقى الله وآمن برسوله نصيبينا، نصيبا لتقوى الله ونصيبا لإيمانه برسوله.
فدل على أن الحسنة التي جعل لها عشر هي التي جمعت عشرة أنواع من الحسنات، وهو الإيمان الذي جمع الله تعالى في صفته عشرة أنواع، لقوله تعالى {إن المسلمين والمسلمات} [الأحزاب : 35] الآية بكمالها.
فكانت هذه الأنواع العشرة التي هي ثوابها أمثالها فيكون لكل نوع منها مثل.
وهذا تأويل فاسد، لخروجه عن عموم الظاهر، في قوله تعالى {من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها}[الأنعام : 160] بما لا يحتمله تخصيص العموم، لأن ما جمع عشر حسنات فليس يجزى عن كل حسنة إلا بمثلها.
وبطل أن يكون جزاء الحسنة عشر أمثالها والأخبار دالة عليه.
وقد تقدم ذكرها.
ولو كان كما ذكر لما كان بين الحسنة والسيئة فرق.
{ويجعل لكم نورا} أي بيانا وهدى، عن مجاهد.
وقال ابن عباس : هو القرآن.
وقيل : ضياء {تمشون به} في الآخرة على الصراط،وفي القيامة إلى الجنة.
وقيل تمشون به في الناس تدعونهم إلى الإسلام فتكونون رؤساء في دين الإسلام لا تزول عنكم رياسة كنتم فيها.
وذلك أنهم خافوا أن تزول رياستهم لو آمنوا بمحمد عليه السلام.
وإنما كان يفوتهم أخذ رشوة يسيرة من الضعفة بتحريف أحكام الله، لا الرياسة الحقيقية في الدين.
{ويغفر لكم} ذنوبكم {والله غفور رحيم}.
قوله تعالى {لئلا يعلم أهل الكتاب} أي ليعلم، و{أن لا} صلة زائدة مؤكدة، قاله الأخفش.
وقال الفراء : معناه لأن يعلم و{لا} صلة زائدة في كل كلام دخل عليه جحد.
قال قتادة : حسد أهل الكتاب المسلمين فنزلت {لئلا يعلم أهل الكتاب} أي لأن يعلم أهل الكتاب أنهم {لا يقدرون على شيء من فضل الله وأن الفضل بيد الله} وقال مجاهد : قالت اليهود يوشك أن يخرج منا نبي يقطع الأيدي والأرجل.
فلما خرج من العرب كفروا فنزلت {لئلا يعلم} أي ليعلم أهل الكتاب {أن لا يقدرون} أي أنهم يقدرون، كقوله تعالى {ألا يرجع إليهم قولا} [طه : 89].
وعن الحسن {ليلا يعلم أهل الكتاب} وروي ذلك عن ابن مجاهد.
وروى قطرب بكسر اللام وإسكان الياء.
وفتح لام الجر لغة معروفة.
ووجه إسكان الياء أن همزة {أن} حذفت فصارت {لن} فأدغمت النون في اللام فصار {للا} فلما اجتمعت اللامات أبدلت الوسطى منها ياء، كما قالوا في أما : أيما.
وكذلك القول في قراءة من قرأ {ليلا} بكسر اللام إلا أنه أبقى اللام على اللغة المشهورة فيها فهو أقوى من هذه الجهة.
وعن ابن مسعود {لكيلا يعلم} وعن حطان بن عبدالله {لأن يعلم}.
وعن عكرمة {ليعلم} وهو خلاف المرسوم.
{من فضل الله} قيل : الإسلام.
وقيل : الثواب.
وقال الكلبي : من رزق الله.
وقيل : نعم الله التي لا تحصى.
{وأن الفضل بيد الله} ليس بأيديهم فيصرفون النبوة عن محمد صلى الله عليه وسلم إلى من يحبون.
وقيل {وأن الفضل بيد الله} أي هو له {يؤتيه من يشاء} وفي البخاري : حدثنا الحكم بن نافع، قال حدثنا شعيب عن الزهري، قال أخبرني سالم بن عبدالله، أن عبدالله بن عمر قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو قائم على المنبر : (إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس أعطي أهل التوراة التوراة فعملوا بها حتى انتصف النهار ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أعطي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا به حتى صلاة العصر ثم عجزوا فأعطوا قيراطا قيراطا ثم أعطيتم القرآن فعملتم به حتى غروب الشمس فأعطيتم قيراطين قيراطين قال أهل التوراة ربنا هؤلاء أقل عملا وأكثر أجرا قال هل ظلمتكم من أجركم من شيء قالوا لا فقال فذلك فضلي أوتيه من أشاء) في رواية : (فغضبت اليهود والنصارى وقالوا ربنا.
.
.
) الحديث.
{والله ذو الفضل العظيم}.
تم تفسير سورة الحديد والحمد لله.

تفسير ابن كثير عن أبي موسى الأشعري قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (ثلاثة يؤتون أجرهم مرتين: رجل من أهل الكتاب آمن بنبيّه وآمن بي فله أجران، وعبد مملوك أدى حق اللّه وحق مواليه فله أجران، ورجل أدّب أَمَتَهُ فأحسن تأديبها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران) ""أخرجه البخاري ومسلم"". وقال سعيد بن جبير: لما افتخر أهل الكتاب بأنهم يؤتون أجرهم مرتين أنزل اللّه تعالى عليه هذه الآية في حق هذه الأمة: {يا أيها الذين آمنوا اتقوا اللّه وآمنوا برسوله يؤتكم كفلين} أي ضعفين {من رحمته}، وزادهم {ويجعل لكم نوراً تمشون به} يعني هدى يتبصر به من العمى والجهالة {ويغفر لكم} ففضلهم بالنور والمغفرة. وهذه الآية كقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا إن تتقوا اللّه يجعل لكم فرقاناً ويكفر عنكم سيئاتكم ويغفر لكم واللّه ذو الفضل العظيم}، ومما يؤيد هذا القول ما رواه الإمام أحمد، عن ابن عمر قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (مَثلكم ومثل اليهود والنصارى كمثل رجل استعمل عمالاً فقال: من يعمل لي من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراط قيراط؟ ألا فعملت اليهود، ثم قال: من يعمل لي من صلاة الظهر إلى صلاة العصر على قيراط قيراط؟ ألا فعملت النصارى، ثم قال: من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين؟ ألا فأنتم الذين عملتم، فغضبت النصارى واليهود، وقالوا: نحن أكثر عملاً وأقل عطاء، قال: هل ظلمتكم من أجركم شيئاً؟ قالوا: لا، قال: فإنما هو فضلي أوتيه من أشاء) ""أخرجه الإمام أحمد"". وروى البخاري، عن أبي موسى، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استعمل قوماً يعملون له عملاً، يوماً إلى الليل على أجر معلوم، فعملوا إلى نصف النهار، فقالوا: لا حاجة لنا في أجرك الذي شرطت لنا وما عملنا باطل، فقال لهم: لا تفعلوا أكملوا بقية عملكم وخذوا أجركم كاملاً، فأبوا وتركوا، واستأجر آخرين بعدهم، فقال: أكملوا يومكم ولكم الذي شرطت لهم من الأجر، فعملوا حتى إذا كان حين صلوا العصر، قالوا: ما عملنا باطل ولك الأجر الذي جعلت لنا فيه، فقال: أكملوا بقية عملكم، فإنما بقي من النهار شيء يسير فأبوا، فاستأجر قوماً أن يعملوا له بقية يومهم، فعملوا بقية يومهم حتى غابت الشمس فاستكملوا أجرة الفريقين كليهما، فذلك مثلهم ومثل ما قبلوا من هذا النور) ""رواه البخاري في صحيحه"". ولهذا قال تعالى: {لئلا يعلم أهل الكتاب ألا يقدرون على شيء من فضل اللّه} أي ليتحققوا أنهم لا يقدرون على رد ما أعطاه اللّه ولا إعطاء ما منع اللّه. {وأنّ الفضل بيد اللّه يؤتيه من يشاء واللّه ذو الفضل العظيم}. قال ابن جرير: {لئلا يعلم أهل الكتاب} أي ليعلم، وعن ابن مسعود أنه قرأها: لكي يعلم لأن العرب تجعل لا صلة في كل كلام دخل أوله أو آخره جحد غير مصرح، فالسابق كقوله: {ما منعك ألا تسجد}، {وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون}. سورة المجادلة. بسم اللّه الرحمن الرحيم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি