نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الحديد آية 14
يُنَادُونَهُمْ أَلَمْ نَكُنْ مَعَكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ وَلَٰكِنَّكُمْ فَتَنْتُمْ أَنْفُسَكُمْ وَتَرَبَّصْتُمْ وَارْتَبْتُمْ وَغَرَّتْكُمُ الْأَمَانِيُّ حَتَّىٰ جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ

التفسير الميسر ينادي المنافقون المؤمنين قائلين: ألم نكن معكم في الدنيا، نؤدي شعائر الدين مثلكم؟ قال المؤمنون لهم: بلى قد كنتم معنا في الظاهر، ولكنكم أهلكتم أنفسكم بالنفاق والمعاصي، وتربصتم بالنبي الموت وبالمؤمنين الدوائر، وشككتم في البعث بعد الموت، وخدعتكم أمانيكم الباطلة، وبقيتم على ذلك حتى جاءكم الموت وخدعكم بالله الشيطان.

تفسير الجلالين
14 - (ينادونهم ألم نكن معكم) على الطاعة (قالوا بلى ولكنكم فتنتم أنفسكم) بالنفاق (وتربصتم) بالمؤمنين الدوائر (وارتبتم) شككتم في دين الإسلام (وغرتكم الأماني) الأطماع (حتى جاء أمر الله) الموت (وغركم بالله الغرور) الشيطان

تفسير القرطبي
قوله تعالى {يوم يقول المنافقون} العامل في {يوم} {ذلك هو الفوز العظيم}.
وقيل : هو به له من اليوم الأول.
{نقتبس من نوركم} قراءة العامة بوصل الألف مضمومة الظاء من نظر، والنظر الانتظار أي انتظرونا.
وقرأ الأعمش وحمزة ويحيى بن وثاب {أنظرونا} بقطع الألف وكسر الظاء من الإنظار.
أي أمهلونا وأخرونا، أنظرته أخرته، واستنظرته أي استمهلته.
وقال الفراء : تقول العرب : أنظرني أنتظرني، وأنشد لعمرو بن كلثوم : أبا هند فلا تعجل علينا ** وأنظرنا نخبرك اليقينا أي انتظرنا.
{نقتبس من نوركم} أي نستضيء من نوركم.
قال ابن عباس وأبو أمامة : يغشى الناس يوم القيامة ظلمة - قال الماوردي : أظنها بعد فصل القضاء - ثم يعطون نورا يمشون فيه.
قال المفسرون : يعطي الله المؤمنين نورا يوم القيامة على قدر أعمالهم يمشون به على الصراط، ويعطي المنافقين أيضا نورا خديعة لهم، دليله قوله تعالى {وهو خادعهم} [النساء : 142].
وقيل : إنما يعطون النور، لأن جميعهم أهل دعوة دون الكافر، ثم يسلب المنافق نوره لنفاقه، قال ابن عباس.
وقال أبو أمامة : يعطى المؤمن النور ويترك الكافر والمنافق بلا نور.
وقال الكلبي : بل يستضيء المنافقون بنور المؤمنين ولا يعطون النور، فبينما هم يمشون إذ بعث الله فيهم ريحا وظلمة فأطفأ بذلك نور المنافقين، فذلك قوله تعالى {ربنا أتمم لنا نورنا} [التحريم : 8] يقول المؤمنون، خشية أن يسلبوه كما سلبه المنافقون، فإذا بقي المنافقون في الظلمة لا يبصرون مواضع أقدامهم قالوا للمؤمنين {انظرونا نقتبس من نوركم}.
{قيل ارجعوا وراءكم} أي قالت لهم الملائكة {ارجعوا}.
وقيل : بل هو قول المؤمنين لهم {ارجعوا وراءكم} إلى الموضع الذي أخذنا منه النور فاطلبوا هنالك لأنفسكم نورا فإنكم لا تقتبسون من نورنا.
فلما رجعوا وانعزلوا في طلب النور {فضرب بينهم بسور} وقيل : أي هلا طلبتم النور من الدنيا بأن تؤمنوا.
{بسور} أي سور، والباء صلة.
قال الكسائي.
والسور حاجز بين الجنة والنار.
وروي أن ذلك السور ببيت المقدس عند موضع يعرف بوادي جهنم.
{باطنه فيه الرحمة} يعني ما يلي منه المؤمنين {وظاهره من قبله العذاب} يعني ما يلي المنافقين.
قال كعب الأحبار : هو الباب الذي ببيت المقدس المعروف بباب الرحمة.
وقال عبدالله بن عمرو : إنه سور بيت المقدس الشرقي باطنه فيه المسجد {وظاهره من قبله العذاب} يعني جهنم.
ونحوه عن ابن عباس.
وقال زياد بن أبي سوادة : قام عبادة بن الصامت على سور بيت المقدس الشرقي فبكى، وقال : من هاهنا أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى جهنم.
وقال قتادة : هو حائط بين الجنة والنار {باطنه فيه الرحمة} يعني الجنة {وظاهره من قبله العذاب} يعني جهنم.
وقال مجاهد : إنه حجاب كما في الأعراف وقد مضى القول فيه.
وقد قيل : إن الرحمة التي في باطنه نور المؤمنين، والعذاب الذي في ظاهره ظلمة المنافقين.
قوله تعالى {ينادونهم} أي ينادي المنافقون المؤمنين {ألم نكن معكم} في الدنيا يعني نصلي مثل ما تصلون، ونغزو مثل ما تغزون، ونفعل مثل، ما تفعلون {قالوا بلى} أي يقول المؤمنون {بلى} قد كنتم معنا في الظاهر {ولكنكم فتنتم أنفسكم} أي استعملتموها في الفتنة.
وقال مجاهد : أهلكتموها بالنفاق.
وقيل : بالمعاصي، قاله أبو سنان.
وقيل : بالشهوات واللذات، رواه أبو نمير الهمداني.
{وتربصتم} أي {تربصتم} بالنبي صلى الله عليه وسلم الموت، وبالمؤمنين الدوائر.
وقيل {تربصتم} بالتوبة {وارتبتم} أي شككتم في التوحيد والنبوة {وغرتكم الأماني} أي الأباطيل.
وقيل : طول الأمل.
وقيل : هو ما كانوا يتمنونه من ضعف المؤمنين ونزول الدوائر بهم.
وقال قتادة : الأماني هنا خدع الشيطان.
وقيل : الدنيا، قال عبدالله بن عباس.
وقال أبو سنان : هو قولهم سيغفر لنا.
وقال بلال بن سعد : ذكرك حسناتك ونسيانك سيئاتك غرة.
{حتى جاء أمر الله} يعني الموت.
وقيل : نصرة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وقال قتادة : إلقاؤهم في النار.
{وغركم} أي خدعكم {بالله الغرور} أي الشيطان، قاله عكرمة.
وقيل : الدنيا، قاله الضحاك.
وقال بعض العلماء : إن للباقي بالماضي معتبرا، وللآخر بالأول مزدجرا، والسعيد من لا يغتر بالطمع، ولا يركن إلى الخدع، ومن ذكر المنية نسي الأمنية، ومن أطال الأمل نسي العمل، وغفل عن الأجل.
وجاء {الغرور} على لفظ المبالغة للكثرة.
وقرأ أبو حيوة ومحمد بن السميقع وسماك بن حرب {الغرور} بضم الغين يعني الأباطيل وهو مصدر.
وعن ابن عباس : أن النبي صلى الله عليه وسلم خط لنا خطوطا، وخط منها خطا ناحية فقال : (أتدرون ما هذا؟! هذا مثل ابن آدم ومثل التمني وتلك الخطوط الآمال بينما هو متمنى إذ جاءه الموت).
وعن ابن مسعود قال : خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا مربعا، وخط وسطه خطا وجعله خارجا منه، وخط عن يمينه ويساره خطوطا صغارا فقال : (هذا ابن آدم وهذا أجله محيط به وهذا أمله قد جاوز أجله وهذه الخطوط الصغار الأعراض فإن أخطأه هذا نهشه هذا وإن أخطأه هذا نهشه هذا).
قوله تعالى {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية} أيها المنافقون {ولا من الذين كفروا} أيأسهم من النجاة.
وقراءة العامة {يؤخذ} بالياء، لأن التأنيث غير.
حقيقي، ولأنه قد فصل بينها وبين الفعل.
وقرأ ابن عامر ومعقوب {تؤخذ} بالتاء واختاره أبو حاتم لتأنيث الفدية.
والأول اختيار أبي عبيد، أي لا يقبل منكم بدل ولا عوض ولا نفس أخرى.
{مأواكم النار} أي مقامكم ومنزلكم {هي مولاكم} أي أولى بكم، والمولى من يتولى مصالح الإنسان، ثم استعمل فيمن كان ملازما للشيء.
وقيل : أي النار تملك أمرهم، بمعنى أن الله تبارك وتعالى يركب فيها الحياة والعقل فهي تتميز غيظا على الكفار، ولهذا خوطبت في قوله تعالى {يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد} [ق : 30].
{وبئس المصير} أي ساءت مرجعا ومصيرا.

تفسير ابن كثير يقول تعالى مخبراً عن المؤمنين المتصدقين، أنهم يوم القيامة يسعى نورهم بين أيديهم بحسب أعمالهم، كما قال عبد اللّه بن مسعود في قوله تعالى {يسعى نورهم بين أيديهم} قال: على قدر أعمالهم يمرون على الصراط، منهم من نوره مثل الجبل، ومنهم من نوره مثل النخلة، ومنهم نوره مثل الرجل القائم، وأدناهم نوراً من نوره في إبهامه يتقد مرة ويطفأ مرة رواه ابن أبي جرير ، وقال الضحّاك: ليس أحداً إلا يعطى نوراً يوم القيامة، فإذا انتهوا إلى الصراط طفيء نور المنافقين، فلما رأى ذلك المؤمنون أشفقوا أن يطفأ نورهم كما طفيء نور المنافقين، فقالوا: ربنا أتمم لنا نورنا، وقال الحسن {يسعى نورهم بين أيديهم}: يعني على الصراط. وقد روى ابن أبي حاتم، عن أبي الدرداء، عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (أنا أول من يؤذن له يوم القيامة بالسجود، وأول من يؤذن له برفع رأسه فأنظر من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي، فأعرف أُمتي من بين الأمم) فقال له رجل: يا نبي اللّه كيف تعرف أُمّتك من بين الأُمم؟ فقال: (أعرفهم، محجلون من أثر الوضوء، ولا يكون لأحد من الأُمم غيرهم، وأعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم، وأعرفهم بسيماهم في وجوههم، وأعرفهم بنورهم يسعى بين أيديهم) ""أخرجه ابن أبي حاتم"". وقوله: {وبأيمانهم}، قال الضحّاك: أي وبأيمانهم كتبهم كما قال تعالى: {فمن أوتي كتابه بيمينه}، وقوله: {بشراكم اليوم جنات تجري من تحتها الأنهار}، أي يقال لهم: بشراكم اليوم جنات، أي لكم البشارة بجنات تجري من تحتها الأنهار، {خالدين فيها} أي ماكثين فيها أبداً {ذلك هو الفوز العظيم}. وقوله: {يوم يقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا انظرونا نقتبس من نوركم} وهذا إخبار منه تعالى عما يقع يوم القيامة في العرصات من الأهوال المزعجة، والزلازل العظيمة، والأمور الفظيعة، وأنه لا ينجو يومئذ إلا من آمن باللّه ورسوله وعمل بما أمر اللّه به، وترك ما عنه زجر. روى ابن أبي حاتم، عن سليم بن عامر قل: خرجن على جنازة في باب دمشق، ومعنا أبو أمامة الباهلي فلما صلي على الجنازة، وأخذوا في دفنها، قال أبو أمامة: أيها الناس، إنكم قد أصبحتم وأمسيتم في منزل تقتسمون فيه الحسنات والسيئات، وتوشكون أن تظعنوا منه إلى منزل آخر، وهو هذا - يشير إلى القبر - بيت الوحدة، وبيت الظلمة، وبيت الدود، وبيت الضيق، إلا ما وسع اللّه، ثم تنتقلون منه إلى مواطن يوم القيامة، فإنكم في بعض تلك المواطن حتى يغشى الناس من أمر اللّه، فتبيَضّ وجوه، وتسوَدّ وجوه، ثم تنتقلون منه إلى منزل آخر، فيغشى الناس ظلمة شديدة، ثم يقسم النور، فيعطى المؤمن نوراً، ويترك الكافر والمنافق، فلا يعطيان شيئاً، وهو المثل الذي ضربه اللّه تعالى في كتابه فقال: {أو كظلمات في بحر لجي يغشاه موج من فوقه موج من فوقه سحاب، ظلمات بعضها فوق بعض إذا أخرج يده لم يكد يراها ومن لم يجعل اللّه له نوراً فما له من نور} فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير، ويقول المنافقون والمنافقات للذين آمنوا: {انظرونا نقتبس من نوركم قيل ارجعوا وراءكم فالتمسوا نوراً}، وهي خدعة اللّه التي خدع بها المنافقين حيث قال: {يخادعون اللّه وهو خادعهم}، فيرجعون إلى المكان الذي قسم فيه النور فلا يجدون شيئاً فينصرفون إليهم، وقد ضرب بينهم بسور له باب {باطنه فيه الرحمة وظاهره فيه العذاب} الآية، يقول سليم بن عامر: فما يزال المنافق مغتراً حتى يقسم النور، ويميز اللّه بين المنافق والمؤمن ""أخرجه ابن أبي حاتم""، وقال ابن عباس: بينما الناس في ظلمة إذ بعث اللّه نوراً، فلما رأى المؤمنون النور توجهوا نحوه، وكان النور دليلاً من اللّه إلى الجنة، فلما رأى المنافقون المؤمنين قد انطلقوا اتبعوهم، فأظلم اللّه على المنافقين، فقالوا حينئذ: {انظرونا نقتبس من نوركم} فإنا كنا معكم في الدنيا قال المؤمنون {ارجعوا وراءكم} من حيث جئتم من الظلمة فالتمسوا هنالك النور، وروى الطبراني عن ابن أبي مليكة عن ابن عباس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه تعالى يدعو الناس يوم القيامة بأسمائهم ستراً منه على عباده، وأما عند الصراط، فإن اللّه تعالى يعطي كل مؤمن نوراً وكل منافق نوراً، فإذا استووا على الصراط سلب اللّه نور المنافقين والمنافقات، فقال المنافقون: انظرونا نقتبس من نوركم، وقال المؤمنون: ربنا أتمم لنا نورنا فلا يذكر عند ذلك أحد أحداً) وقوله تعالى: {فضرب بينهم بسور له باب باطنه فيه الرحمة وظاهره من قبله العذاب} قال الحسن وقتادة: هو حائط بين الجنة والنار، وقال عبد الرحمن بن زيد: هو الذي قال اللّه تعالى: {وبينهما حجاب}، وهكذا روي عن مجاهد وهو الصحيح {باطنه فيه الرحمة} أي الجنة وما فيها {وظاهره فيه العذاب} أي النار، والمراد بذلك سور يضرب يوم القيامة ليحجز بين المؤمنين والمنافقين، فإذا انتهى إليه المؤمنون دخلوه من بابه، فإذا استكملوا دخولهم أغلق الباب، وبقي المنافقين من ورائه في الحيرة والظلمة والعذاب، كما كانوا في الدار الدنيا في كفر وشك وحيرة، {ينادونهم ألم نكن معكم} أي ينادي المنافقين المؤمنين: أما كنا معكم في الدار الدنيا نشهد معكم الجمعات؟ ونصلي معكم الجماعات؟ ونقف معكم بعرفات؟ ونحضر معكم الغزوات؟ ونؤدي معكم سائر الواجبات؟ قالوا: بلى، أي فأجاب المؤمنون النافقين قائلين: بلى قد كنتم معنا {ولكنكم فتنتم أنفسكم وتربصتم وارتبتم وغرتكم الأماني}، قال بعض السلف: أي فتنتم أنفسكم باللذات والمعاصي والشهوات {وتربصتم} أي أخّرتم التوبة من وقت إلى وقت، وقال قتادة: {تربصتم} بالحق وأهله، {وارتبتم} أي بالبعث بعد الموت، {وغرتكم الأماني} أي قلتم: سيغفر لنا، وقبل غرتكم الدنيا {حتى جاء أمر اللّه} أي ما زلتم في هذا حتى جاءكم الموت، {وغركم باللّه الغرور} أي الشيطان، وقال قتادة: كانوا على خدعة من الشيطان واللّه ما زالوا عليها حتى قذفهم اللّه في النار، ومعنى هذا الكلام من المؤمنين للمنافقين: إنكم كنتم معنا أي بأبدان لا نية لها ولا قلوب معها، وإنما كنتم في حيرة وشك فكنتم تراءون الناس ولا تذكرون اللّه إلا قليلاً، وهذا القول من المؤمنين لا ينافي قولهم الذي أخبر اللّه تعالى به عنهم حيث يقول: {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين ما سلككم في سقر}؟ فهذا إنما خرج منهم على وجه التقريع لهم والتوبيخ؛ ثم قال تعالى: {فاليوم لا يؤخذ منكم فدية ولا من الذين كفروا} أي لو جاء أحدكم اليوم بملء الأرض ذهباً ومثله معه ليفتدي به من عذاب اللّه ما قبل منه، وقوله تعالى: {مأواكم النار} أي هي مصيركم وإليها منقلبكم، وقوله تعالى: {هي مولاكم} أي هي أولى بكم من كل منزل، على كفركم وارتيابكم وبئس المصير.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি