نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الواقعة آية 80
تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ

التفسير الميسر وهذا القرآن الكريم منزل من رب العالمين، فهو الحق الذي لا مرية فيه.

تفسير الجلالين
80 - (تنزيل) منزل (من رب العالمين)

تفسير القرطبي
فيه سبع مسائل: الأولى: قوله تعالى {فلا أقسم} {لا} صلة في قول أكثر المفسرين، والمعنى فأقسم، بدليل قوله {وإنه لقسم}.
وقال الفراء : هي نفي، والمعنى ليس الأمر كما تقولون، ثم استأنف {أقسم}.
وقد يقول الرجل : لا والله ما كان كذا فلا يريد به نفي اليمين، بل يريد به نفي كلام تقدم.
أي ليس الأمر كما ذكرت، بل هو كذا.
وقيل {لا} بمعنى إلا للتنبيه كما قال : ألا عم صباحا أيها الطلل البالي ** ونبه بهذا على فضيلة القرآن ليتدبروه، وأنه ليس بشعر ولا سحر ولا كهانة كما زعموا.
وقرأ الحسن وحميد وعيسى بن عمر {فلأقسم} بغير ألف بعد اللام على التحقيق وهو فعل حال ويقدر مبتدأ محذوف، التقدير : فلأنا أقسم بذلك.
ولو أريد به الاستقبال للزمت النون، وقد جاء حذف النون مع الفعل الذي يراد به الاستقبال وهو شاذ.
الثانية: قوله تعالى {بمواقع النجوم} مواقع النجوم مساقطها ومغاربها في قول قتادة وغيره.
عطاء بن أبي رباح : منازلها.
الحسن : انكدارها وانتثارها يوم القيامة.
الضحاك : هي الأنواء التي كان أهل الجاهلية يقولون إذا مطروا قالوا مطرنا بنوء كذا.
الماوردي : ويكون قوله تعالى {فلا أقسم} مستعملا على حقيقته من نفي القسم.
القشيري : هو قسم، ولله تعالى أن يقسم بما يريد، وليس لنا أن نقسم بغير الله تعالى وصفاته القديمة.
قلت : يدل على هذا قراءة الحسن {فلأقسم} وما أقسم به سبحانه من مخلوقاته في غير موضع من كتابه.
وقال ابن عباس : المراد بمواقع النجوم نزول القرآن نجوما، أنزله الله تعالى من اللوح المحفوظ من السماء العليا إلى السفرة الكاتبين، فنجمه السفرة على جبريل عشرين ليلة، ونجمه جبريل على محمد عليهما الصلاة والسلام عشرين سنة، فهو ينزل على الأحداث من أمته، حكاه الماوردي عن ابن عباس والسدي.
وقال أبو بكر الأنباري : حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي حدثنا حجاج بن المنهال حدثنا همام عن الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : نزل القرآن إلى سماء الدنيا جملة واحدة، ثم نزل إلى الأرضى نجوما، وفرق بعد ذلك خمس آيات خمس آيات وأقل وأكثر، فذلك قول الله تعالى {فلا أقسم بمواقع النجوم.
وإنه لقسم لو تعلمون عظيم.
إنه لقرآن كريم} وحكى الفراء عن ابن مسعود أن مواقع النجوم هو محكم القرآن.
وقرأ حمزة والكسائي {بموقع} على التوحيد، وهي قراءة عبدالله بن مسعود والنخعي والأعمش وابن محيصن ورويس عن يعقوب.
الباقون على الجمع فمن أفرد فلأنه اسم جنس يؤدي الواحد فيه عن الجمع، ومن جمع فلاختلاف أنواعه.
الثالثة: قوله تعالى {إنه لقرآن كريم} قيل : إن الهاء تعود على القرآن، أي إن القرآن لقسم عظيم، قال ابن عباس وغيره.
وقيل : ما أقسم الله به عظيم {إنه لقرآن كريم} ذكر المقسم عليه، أي أقسم بمواقع النجوم إن هذا القرآن قرآن كريم، ليس بسحر ولا كهانة، وليس بمفترى، بل هو قرآن كريم محمود، جعله الله تعالى معجزة لنبيه صلى الله عليه وسلم، وهو كريم على المؤمنين، لأنه كلام ربهم، وشفاء صدورهم، كريم على أهل السماء، لأنه تنزيل ربهم ووحيه.
وقيل {كريم} أي غير مخلوق.
وقيل {كريم} لما فيه من كريم الأخلاق ومعاني الأمور.
وقيل : لأنه يكرم حافظه، ويعظم قارئه.
الرابعة: {في كتاب مكنون} مصون عند الله تعالى.
وقيل : مكنون محفوظ عن الباطل.
والكتاب هنا كتاب في السماء، قال ابن عباس.
وقال جابر بن زيد وابن عباس أيضا : هو اللوح المحفوظ.
عكرمة : التوراة والإنجيل فيهما ذكر القرآن ومن ينزل عليه.
السدي : الزبور.
مجاهد وقتادة : هو المصحف الذي في أيدينا.
الخامسة: قوله تعالى {لا يمسه إلا المطهرون} اختلف في معنى {لا يمسه} هل هو حقيقة في المس بالجارحة أو معنى؟ وكذلك اختلف في {المطهرون} من هم؟ فقال أنس وسعيد وابن جبير : لا يمس ذلك الكتاب إلا المطهرون من الذنوب وهم الملائكة.
وكذا قال أبو العالية وابن زيد : إنهم الذين طهروا من الذنوب كالرسل من الملائكة والرسل من بني آدم، فجبريل النازل به مطهر، والرسل الذين يجيئهم بذلك مطهرون.
الكلبي : هم السفرة الكرام البررة.
وهذا كله قول واحد، وهو نحو ما اختاره مالك حيث قال : أحسن ما سمعت في قوله {لا يمسه إلا المطهرون} أنها بمنزلة الآية التي في {عبس وتولى}عبس : 1]{فمن شاء ذكره.
في صحف مكرمة.
مرفوعة مطهرة.
بأيدي سفرة.
كرام بررة}[عبس : 13] يريد أن المطهرين هم الملائكة الذين وصفوا بالطهارة في سورة {عبس}.
وقيل : معنى {لا يمسه} لا ينزل به {إلا المطهرون} أي الرسل من الملائكة على الرسل من الأنبياء.
وقيل : لا يمس اللوح المحفوظ الذي هو الكتاب المكنون إلا الملائكة المطهرون.
وقيل : إن إسرافيل هو الموكل بذلك، حكاه القشيري.
ابن العربي : وهذا باطل لأن الملائكة لا تناله في وقت ولا تصل إليه بحال، ولو كان المراد به ذلك لما كان للاستثناء فيه مجال.
وأما من قال : إنه الذي بأيدي الملائكة في الصحف فهو قول محتمل، وهو اختيار مالك.
وقيل : المراد بالكتاب المصحف الذي بأيدينا، وهو الأظهر.
وقد روى مالك وغيره أن كتاب عمرو بن حزم الذي كتبه له رسول الله صلى الله عليه وسلم ونسخته : (من محمد النبي إلى شرحبيل بن عبد كلال والحارث بن عبد كلال ونعيم بن عبد كلال قَيل ذي رعين ومعافر وهمدان أما بعد) وكان في كتابه : ألا يمس القرآن إلا طاهر.
وقال ابن عمر : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر).
وقالت أخت عمر لعمر عند إسلامه وقد دخل عليها ودعا بالصحيفة {لا يمسه إلا المطهرون} فقام واغتسل وأسلم.
وقد مضى في أول سورة طه .
وعلى هذا المعنى قال قتادة وغيره {لا يمسه إلا المطهرون} من الأحداث والأنجاس.
الكلبي : من الشرك.
الربيع بن أنس : من الذنوب والخطايا.
وقيل : معنى {لا يمسه} لا يقرؤه {إلا المطهرون} إلا الموحدون، قاله محمد بن فضيل وعبدة.
قال عكرمة : كان ابن عباس ينهي أن يمكن أحد من اليهود والنصارى من قراءة القرآن وقال الفراء : لا يجد طعمه ونفعه وبركته إلا المطهرون، أي المؤمنون بالقرآن.
ابن العربي : وهو اختيار البخاري، قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا).
وقال الحسين بن الفضل : لا يعرف تفسيره وتأويله إلا من طهره الله من الشرك والنفاق.
وقال أبو بكر الوراق : لا يوفق للعمل به إلا السعداء.
وقيل : المعنى لا يمس ثوابه إلا المؤمنون.
ورواه معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ثم قيل : ظاهر الآية خبر عن الشرع، أي لا يمسه إلا المطهرون شرعا، فإن وجد خلاف ذلك فهو غير الشرع، وهذا اختيار القاضي أبي بكر بن العربي.
وأبطل أن يكون لفظه لفظ الخبر ومعناه الأمر.
وقد مضى هذا المعنى في سورة البقرة .
المهدوي : يجوز أن يكون أمرا وتكون ضمة السين ضمة إعراب.
ويجوز أن يكون نهيا وتكون ضمة بناء السين ضمة بناء والفعل مجزوم.
السادسة: واختلف العلماء في مس المصحف على غير وضوء، فالجمهور على المنع من مسه لحديث عمرو بن حزم.
وهو مذهب علي وابن مسعود وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وعطاء والزهري والنخعي والحكم وحماد، وجماعة من الفقهاء منهم مالك والشافعي.
واختلفت الرواية عن أبي حنيفة، فروي عنه أنه يمسه المحدث، وقد روي هذا عن جماعة من السلف منهم ابن عباس والشعبي وغيرهما.
وروي عنه أنه يمس ظاهره وحواشيه وما لا مكتوب فيه، وأما الكتاب فلا يمسه إلا طاهر.
ابن العربي : وهذا إن سلمه مما يقوي الحجة عليه، لأن حريم الممنوع ممنوع.
وفيما كتبه النبي صلى الله عليه وسلم لعمرو بن حزم أقوى دليل عليه.
وقال مالك : لا يحمله غير طاهر بملاقة ولا على وسادة.
وقال أبو حنيفة : لا بأس بذلك.
ولم يمنع من حمله بعلاقة أو مسه بحائل.
وقد روي عن الحكم وحماد وداود بن علي أنه لا بأس بحمله ومسه للمسلم والكافر طاهرا أو محدثا، إلا أن داود قال : لا يجوز للمشرك حمله.
واحتجوا في إباحة ذلك بكتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى قيصر، وهو موضع ضرورة فلا حجة فيه.
وفي مس الصبيان إياه على وجهين : أحدهما المنع اعتبارا بالبالغ.
والثاني الجواز، لأنه لو منع لم يحفظ القرآن، لأن تعلمه حال الصغر، ولأن الصبي وإن كانت له طهارة إلا أنها ليست بكاملة، لأن النية لا تصح منه، فإذا جاز أن يحمله على غير طهارة كاملة جاز أن يحمله محدثا.
السابعة: {تنزيل من رب العالمين} أي منزل، كقولهم : ضرب الأمير ونسج اليمن.
وقيل{تنزيل} صفة لقوله تعالى {إنه لقرآن كريم}.
وقيل : أي هو تنزيل.

تفسير ابن كثير قال الضحّاك: إن اللّه تعالى لا يقسم بشيء من خلقه، ولكنه استفتاح يستفتح به كلامه، وهذا القول ضعيف، والذي عليه الجمهور أنه قسم من اللّه تعالى يقسم بما شاء من خلقه وهو دليل على عظمته، ثم قال بعض المفسرين: لا ههنا زائدة، وتقديره: أقسم بمواقع النجوم، ويكون جوابه: {إنه لقرآن كريم}، وقال آخرون: ليست لا زائدة بل يؤتى بها في أول القسم إذا كان مقسماً به على منفي، تقدير الكلام: لا أقسم بمواقع النجوم، ليس الأمر كما زعمتم في القرآن أنه سحر أو كهانة بل هو قرآن كريم، وقال بعضهم: معنى قوله {فلا أقسم}: فليس الأمر كما تقولون، ثم استأنف القسم بعد ذلك فقيل اقسم ""ذكره ابن جرير عن بعض أهل العربية""، واختلفوا في معنى قوله: {بمواقع النجوم} فقال ابن عباس: يعني نجوم القرآن، فإنه نزل جملة ليلة القدر من السماء العليا إلى السماء الدنيا، ثم نزل مفرقاً في السنين بعد، ثم قرأ ابن عباس هذه الآية، وقال مجاهد: {مواقع النجوم} في السماء ويقال مطالعها ومشارقها، وهو اختيار ابن جرير، وعن قتادة: مواقعها: منازلها، وعن الحسن: أن المراد بذلك انتثارها يوم القيامة، وقوله {وإنه لقسم لو تعلمون عظيم} أي وإن هذا القسم الذي أقسمت به لقسم عظيم، لو تعلمون عظمته لعظمتم المقسم به، {إنه لقرآن كريم} أي إن هذا القرآن الذي نزل على محمد لكتاب عظيم {في كتاب مكنون} أي معظم في كتاب محفوظ موقر، عن ابن عباس قال: الكتاب الذي في السماء، {لا يمسه إلا المطهرون} يعني الملائكة، وقال ابن جرير، عن قتادة {لا يمسه إلا المطهرون} قال: لا يمسه عند اللّه إلا المطهرون، فأما في الدنيا فإنه يمسه المجوسي النجس، والمنافق الرجس، وقال أبو العالية: {لا يمسه إلا المطهرون} ليس أنتم أصحاب الذنوب، وقال ابن زيد: زعمت كفّار قريش أن هذا القرآن تنزلت به الشياطين، فأخبر اللّه تعالى أنه لا يمسه إلا المطهرون، كما قال تعالى: {وما تنزلت به الشياطين وما ينبغي لهم وما يستطيعون إنهم عن السمع لمعزولون}، وهذا القول قول جيد، وهو لا يخرج عن الأقوال التي قبله، وقال الفراء: لا يجد طعمه ونفعه إلا من آمن به، وقال آخرون: ههنا المصحف، كما روى مسلم عن ابن عمر: (أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو مخافة أن يناله العدو) ""أخرجه مسلم في صحيحه""، واحتجوا بما رواه الإمام مالك أن في الكتاب الذي كتبه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعمرو بن حزم أن (لا يمس القرآن إلا طاهر) وروى أبو داود في المراسيل من حديث الزهري قال: قرأت في صحيفة عبد اللّه بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (ولا يمس القرآن إلا طاهر) وهذه وجادة جيدة قد قرأها الزهري وغيره، ومثل هذا ينبغي الأخذ به. وقوله تعالى: {تنزيل من رب العالمين} أي هذا القرآن منزل من اللّه رب العالمين، وليس هو كما يقولون إنه سحر أو كهانة أو شعر، بل هو الحق الذي لا مرية فيه، وليس وراءه حق نافع، وقوله تعالى: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون} قال ابن عباس: أي مكذبون غير مصدقين، وقال مجاهد: {مدهنون} أي تريدون أن تمالئوهم فيه وتركنوا إليهم {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال بعضهم: معنى {وتجعلون رزقكم} بمعنى شكركم أنكم تكذبون بدل الشكر، عن علي رضي اللّه عنه قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (وتجعلون) رزقكم يقول: شكركم أنكم تكذبون، تقولون: مطرنا بنوء كذا وكذا، بنجم كذا وكذا) ""أخرجه أحمد وابن أبي حاتم، ورواه الترمذي وقال: حسن غريب""، وقال مجاهد: {وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون} قال: قولهم في الأنواء: مطرنا بنوء كذا وبنوء كذا يقول: قولوا هو من عند اللّه وهو رزقه وهكذا قال الضحّاك وغير واحد ، وقال قتادة: أما الحسن فكان يقول: بئس ما أخذ قوم لأنفسهم، لم يرزقوا من كتاب اللّه إلا التكذيب، فمعنى قول الحسن هذا وتجعلون حظكم من كتاب اللّه أنكم تكذبون به، ولهذا قال قبله: {أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি