نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الرحمن آية 21
فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ

التفسير الميسر فبأي نِعَم ربكما- أيها الثقلان- تكذِّبان؟

تفسير الجلالين
21 - (فبأي آلاء ربكما تكذبان)

تفسير القرطبي
قوله تعالى: ‏{‏مرج البحرين يلتقيان‏.
‏ بينهما برزخ لا يبغيان‏}‏ ‏{‏مرج‏}‏ أي خلى وأرسل وأهمل، يقال‏:‏ مرج السلطان الناس إذا أهملهم‏.
‏ وأصل المرج الإهمال كما تمرج الدابة في المرعى‏.
‏ ويقال‏:‏ مرج خلط‏.
‏ وقال الأخفش‏:‏ ويقول قوم أمرج البحرين مثل مرج، فعل وأفعل بمعنى‏.
‏ ‏{‏البحرين‏}‏ قال ابن عباس‏:‏ بحر السماء وبحر الأرض، وقال مجاهد وسعيد بن جبير‏.
‏ ‏{‏يلتقيان‏}‏ في كل عام‏.
‏ وقيل‏:‏ يلتقي طرفاهما‏.
‏ وقال الحسن، وقتادة‏:‏ بحر فارس والروم‏.
‏ وقال ابن جريج‏:‏ إنه البحر المالح والأنهار العذبة‏.
‏ وقيل‏:‏ بحر المشرق والمغرب يلتقي طرفاهما‏.
‏ وقيل‏:‏ بحر اللؤلؤ والمرجان‏.
‏ ‏{‏بينهما برزخ‏}‏ أي حاجز فعلى القول الأول ما بين السماء والأرض، قاله الضحاك‏.
‏ وعلى القول الثاني الأرض التي بينهما وهي الحجاز، قاله الحسن وقتادة‏.
‏ وعلى غيرهما من الأقوال القدرة الإلهية على ما تقدم في الفرقان.
‏ وفي الخبر عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ‏{‏أن الله تعالى كلم الناحية الغربية فقال‏:‏ إني جاعل فيك عبادا لي يسبحوني ويكبروني ويهللوني ويمجدوني فكيف أنت لهم‏؟‏ فقالت‏:‏ أغرقهم يا رب‏.
‏ قال‏:‏ إني أحملهم على يدي، وأجعل بأسك في نواحيك‏.
‏ ثم كلم الناحية الشرقية فقال‏:‏ إني جاعل فيك عبادا يسبحوني ويكبروني ويهللوني ويمجدوني فكيف أنت لهم‏؟‏ قالت‏:‏ أسبحك معهم إذا سبحوك، وأكبرك معهم إذا كبروك، وأهللك معهم إذا هللوك، وأمجدك معهم إذا مجدوك، فأثابها الله الحلية وجعل بينهما برزخا، وتحول أحدهما ملحا أجاجا، وبقي الآخر على حالته عذبا فراتا‏}‏ ذكر هذا الخبر الترمذي الحكيم أبو عبد الله قال‏:‏ حدثنا صالح بن محمد، حدثنا القاسم العمري عن سهل عن أبيه عن أبي هريرة‏: {‏لا يبغيان‏}‏ قال قتادة‏:‏ لا يبغيان على الناس فيغرقانهم، جعل بينهما وبين الناس يبساً.
‏ وعنه أيضا ومجاهد‏:‏ لا يبغي أحدهما على صاحبه فيغلبه‏.
‏ ابن زيد‏:‏ المعنى ‏{‏لا يبغيان‏}‏ أن يلتقيا، وتقدير الكلام‏:‏ مرج البحرين يلتقيان، لولا البرزخ الذي بينهما لا يبغيان أن يلتقيا‏.
‏ وقيل‏:‏ البرزخ ما بين الدنيا والآخرة، أي بينهما مدة قدرها الله وهي مدة الدنيا فهما لا يبغيان، فإذا أذن الله في انقضاء الدنيا صار البحران شيا واحدا، وهو كقوله تعالى: ‏{‏وإذا البحار فجرت‏}‏ [الانفطار‏:‏ 3‏]‏‏.
‏ وقال سهل بن عبدالله‏:‏ البحران طريق الخير والشر، والبرزخ الذي بينهما التوفيق والعصمة‏.
‏ قوله تعالى‏: {‏يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان‏}‏ أي يَخرُج لكم من الماء اللؤلؤ والمرجان، كما يخرج من التراب الحب والعصف والريحان‏.
‏ وقرأ نافع وأبو عمر ‏{‏يُخرَج‏}‏ بضم الياء وفتح الراء على الفعل المجهول‏.
‏ الباقون ‏{‏يخرج‏}‏ بفتح الياء وضم الراء على أن اللؤلؤ هو الفاعل‏.
‏ وقال: ‏{‏منهما‏}‏ وإنما يخرج من الملح لا العذب لأن العرب تجمع الجنسين ثم تخبر عن أحدهما، كقوله تعالى‏: {‏يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم‏}‏ [الأنعام‏:‏ 130‏]‏ وإنما الرسل من الإنس دون الجن، قال الكلبي وغيره‏.
‏ قال الزجاج‏:‏ قد ذكرهما الله فإذا خرج من أحدهما شيء فقد خرج منهما، وهو كقوله تعالى‏: {‏ألم تروا كيف خلق الله سبع سماوات طباقا وجعل القمر فيهن نورا‏}‏ [نوح‏:‏ 15‏]‏ والقمر في سماء الدنيا ولكن أجمل ذكر السبع فكأن ما في إحداهن فيهن‏.
‏ وقال أبو علي الفارسي‏:‏ هذا من باب حذف المضاف، أي من إحداهما، كقوله: ‏{‏على رجل من القريتين عظيم‏} [‏الزخرف 31‏]‏ أي من إحدى القريتين‏.
‏ وقال الأخفش سعيد‏:‏ زعم قوم أنه يخرج اللؤلؤ من العذب‏.
‏ وقيل‏:‏ هما بحران يخرج من أحدهما اللؤلؤ ومن الآخر المرجان‏.
‏ ابن عباس‏:‏ هما بحرا السماء والأرض‏.
‏ فإذا وقع ماء السماء في صدف البحر انعقد لؤلؤا فصار خارجا منهما، وقاله الطبري‏.
‏ قال الثعلبي‏:‏ ولقد ذكر لي أن نواة كانت في جوف صدفة، فأصابت القطرة بعض النواة ولم تصب البعض، فكان حيث أصاب القطرة من النواة لؤلؤة وسائرها نواة‏.
‏ وقيل‏:‏ إن العذب والملح قد يلتقيان، فيكون العذب كاللقاح للملح، فنسب إليهما كما ينسب الولد إلى الذكر والأنثى وإن ولدته الأنثى، لذلك قيل‏:‏ إنه لا يخرج اللؤلؤ إلا من وضع يلتقي فيه العذب والملح‏.
‏ وقيل‏:‏ المرجان عظام اللؤلؤ وكباره، قال علي وابن عباس رضي الله عنهما‏.
‏ واللؤلؤ صغاره‏.
‏ وعنهما أيضا بالعكس‏:‏ إن اللؤلؤ كبار اللؤلؤ والمرجان صغاره، وقاله الضحاك وقتادة‏.
‏ وقال ابن مسعود وابو مالك‏:‏ المرجان الخرز الأحمر‏.

تفسير ابن كثير يذكر تعالى خلقه الإنسان من صلصال كالفخار، وخلقه الجان من مارج من نار، وهو طرف لهبها، قاله ابن عباس وهو قول عكرمة ومجاهد والحسن وابن زيد ، وعنه: {من مارج من نار} من لهب النار من أحسنها، وقال علي بن أبي طلحة، عن ابن عباس: {من مارج من نار} من خالص النار، وكذا قال عكرمة ومجاهد والضحّاك وغيرهم، وروى الإمام أحمد عن عائشة قالت، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (خُلِقت الملائكةُ من نور، وخلق الجان من مارج من نار، وخلق آدم مما وصف لكم) ""أخرجه مسلم والإمام أحمد"". وقوله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؟ تقدم تفسيره، {رب المشرقين ورب المغربين} يعني مشرقي الصيف والشتاء، ومغربي الصيف والشتاء، وقال: {فلا أقسم برب المشارق والمغارب} وذلك باختلاف مطالع الشمس وتنقلها في كل يوم وبروزها منه إلى الناس، وقال: {رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلاً}، والمراد منه جنس المشارق والمغارب، ولما كان في اختلاف هذه المشارق والمغارب مصالح للخلق من الجن والإنس قال: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؟ وقوله تعالى: {مرج البحرين} قال ابن عباس: أي أرسلهما، وقوله {يلتقيان} قال ابن زيد: أي منعهما أن يلتقيا بما جعل بينهما من البرزخ الحاجز الفاصل بينهما، والمراد بقوله {البحرين}: الملح والحلو، فالحلو هذه الأنهار السارحة بين الناس تقدم الكلام على هذا في سورة الفرقان ؛ وقد اختار ابن جرير: أن المراد بالبحرين بحر السماء، وبحر الأرض، لأن اللؤلؤ يتولد من ماء السماء وأصداف بحر الأرض، وهذا لا يساعده اللفظ، فإنه قد قال {بينهما برزخ لا يبغيان} أي وجعل بينهما برزخاً وهو الحاجز من الأرض لئلا يبغي هذا على هذا وهذا على هذا، فيفسد كل واحد منهما الآخر، وما بين السماء والأرض لا يسمى برزخاً وحجراً محجوراً. وقوله تعالى: {يخرج منهما اللؤلؤ والمرجان} أي من مجموعهما، فإذا وجد ذلك من أحدهما كفى، كما قال تعالى {يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم}؟ والرسل إنما كانوا في الإنس خاصة دون الجن، وقد صح هذا الاطلاق. واللؤلؤ معروف، وأما المرجان فقيل: هو صغار اللؤلؤ قاله مجاهد وقتادة والضحّاك ، وقيل: كباره وجيده، حكاه ابن جرير عن بعض السلف منهم الربيع بن أنَس وابن عباس ومرة الهمداني ، وقيل: هو نوع من الجواهر أحمر اللون، قال ابن مسعود: المرجان الخرز الأحمر. وأما قوله: {ومن كلٍ تأكلون لحماً طرياً وتستخرجون حلية تلبسونها}، فاللحم من كل من الأجاج والعذب، والحلية إنما هي من المالح دون العذب، قال ابن عباس: ما سقطت قط قطرة من السماء في البحر فوقعت في صدفة إلا صار منها لؤلؤة، ولما كان اتخاذ هذه الحلية نعمة على أهل الأرض امتن بها عليهم فقال: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؟ وقوله تعالى: {وله الجوار المنشآت} يعني السفن التي تجري {في البحر} قال مجاهد: ما رفع قلعه من السفن فهي منشآت وما لم يرفع قلعه فليس بمنشآت. وقال قتادة: المنشآت يعني المخلوقات، وقال غيره: المنشِئات بكسر الشين يعني البادئات، {كالأعلام} أي كالجبال في كبرها وما فيها من المتاجر والمكاسب المنقولة من قطر إلى قطر وإقليم إلى إقليم، مما فيه صلاح الناس في جلب ما يحتاجون إليه من سائر أنواع البضائع، ولهذا قال: {فبأي آلاء ربكما تكذبان}؟ عن عمرة بن سويد قال: (كنت مع علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه على شاطئ الفرات إذ أقبلت سفينة مرفوع شراعها فبسط عليٌّ يديه، ثم قال: يقول اللّه عزَّ وجلَّ: {وله الجوار المنشآت في البحر كالأعلام} والذي أنشأها تجري في بحوره ما قتلت عثمان ولا مالأت على قتله) ""أخرجه ابن أبي حاتم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি