نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة القمر آية 54
إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ

التفسير الميسر إن المتقين في بساتين عظيمة، وأنهار واسعة يوم القيامة.

تفسير الجلالين
54 - (إن المتقين في جنات) بساتين (ونهر) أريد به الجنس وقرىء بضم النون والهاء جمعا كأسد وأسد والمعنى أنهم يشربون من أنهارها الماء واللبن والعسل والخمر

تفسير القرطبي
قوله تعالى {وما أمرنا إلا واحدة} أي إلا مرة واحدة.
{كلمح بالبصر} أي قضائي في خلقي أسرع من لمح البصر.
واللمح النظر بالعجلة؛ يقال : لمح البرق ببصره.
وفي الصحاح : لمحه وألمحه إذا أبصره بنظر خفيف، والاسم اللمحة، ولمح البرق والنجم لمحا أي لمع.
قوله تعالى: {ولقد أهلكنا أشياعكم} أي أشباهكم في الكفر من الأمم الخالية.
وقيل : أتباعكم وأعوانكم.
{فهل من مدكر} أي من يتذكر.
قوله تعالى {وكل شيء فعلوه في الزبر} أي جميع ما فعلته الأمم قبلهم من خير أو شر كان مكتوبا عليهم؛ وهذا بيان قوله {إنا كل شيء خلقناه بقدر}.
{في الزبر} أي في اللوح المحفوظ.
وقيل : في كتب الحفظة.
وقيل : في أم الكتاب.
{وكل صغير وكبير مستطر} أي كل ذنب كبير وصغير مكتوب على عامله قبل أن يفعله ليجازى به، ومكتوب إذا فعله؛ سطر يسطر سطرا كتب؛ واستطر مثله.
قوله تعالى {إن المتقين في جنات ونهر} لما وصف الكفار وصف المؤمنين أيضا.
{ونهر} يعني أنهار الماء والخمر والعسل واللبن؛ قاله ابن جريج.
ووحد لأنه رأس الآية، ثم الواحد قد ينبئ عن الجميع.
وقيل : في {نهر} في ضياء وسعة؛ ومنه النهار لضيائه، ومنه أنهرت الجرح؛ قال الشاعر : ملكت بها كفي فأنهرت فتقها ** يرى قائم من دونها ما وراءها وقرأ أبو مجلز وأبو نهيك والأعرج وطلحة بن مصرف وقتادة {ونهر} بضمتين كأنه جمع نهار لا ليل لهم؛ كسحاب وسحب.
قال الفراء : أنشدني بعض العرب : إن تلك ليليا فإني نهر ** متى أرى الصبح فلا أنتظر أي صاحب النهار.
وقال آخر : لولا الثريدان هلكنا بالضمر ** ثريد ليل وثريد بالنهر {في مقعد صدق} أي مجلس حق لا لغو فيه ولا تأثيم وهو الجنة {عند مليك مقتدر} أي يقدر على ما يشاء.
و {عند} ها هنا عندية القربة والزلفة والمكانة والرتبة والكرامة والمنزلة.
قال الصادق : مدح الله المكان الصدق فلا يقعد فيه إلا أهل الصدق.
وقرأ عثمان البتي {في مقاعد صدق} بالجمع؛ والمقاعد مواضع قعود الناس في الأسواق وغيرها.
قال عبدالله بن بريدة : إن أهل الجنة يدخلون كل يوم على الجبار تبارك وتعالى، فيقرءون القرآن على ربهم تبارك وتعالى، وقد جلس كل إنسان مجلسه الذي هو مجلسه، على منابر من الدر والياقوت والزبرجد والذهب والفضة بقدر أعمالهم، فلا تقر أعينهم بشيء قط كما تقر بذلك، ولم يسمعوا شيئا أعظم ولا أحسن منه، ثم ينصرفون إلى منازلهم، قريرة أعينهم إلى مثلها من الغد.
وقال ثور بن يزيد عن خالد بن معدان : بلغنا أن الملائكة يأتون المؤمنين يوم القيامة فيقولون : يا أولياء الله انطلقوا؛ فيقولون : إلى أين؟ فيقولون : إلى الجنة؛ فيقول المؤمنون : إنكم تذهبون بنا إلى غير بغيتنا.
فيقولون : فما بغيتكم؟ فيقولون : مقعد صدق عند مليك مقتدر.
وقد روي هذا الخبر على الخصوص بهذا المعنى؛ ففي الخبر : أن طائفة من العقلاء بالله عز وجل تزفها الملائكة إلى الجنة والناس في الحساب، فيقولون للملائكة : إلى أين تحملوننا؟ فيقولون إلى الجنة.
فيقولون : إنكم لتحملوننا إلى غير بغيتنا؛ فيقولون : وما بغيتكم؟ فيقولون : المقعد الصدق مع الحبيب كما أخبر {في مقعد صدق عند مليك مقتدر} والله أعلم.
تم تفسير سورة القمر والحمد لله.

تفسير ابن كثير يخبرنا تعالى عن المجرمين أنهم في ضلال عن الحق {وسُعُر} مما هم فيه من الشكوك والاضطراب في الآراء، وهذا يشمل كل من اتصف بذلك من كافر ومبتدع من سائر الفرق، ثم قال تعالى: {يوم يسحبون في النار على وجوههم} أي كما كانوا في سعر وشك وتردد أورثهم ذلك النار، ويقال لهم تقريعاً وتوبيخاً {ذوقوا مس سقر}، وقوله تعالى: {إنا كل شيء خلقناه بقدر}، كقوله {وخلق كل شيء فقدره تقديراً}، وكقوله تعالى {والذي قدّر فهدى} أي قدر قدراً وهدى الخلائق إليه، ولهذا يستدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة، على إثبات قدر اللّه السابق لخلقه، وهو علمه الأشياء قبل كونها، وكتابته لها قبل برئها، وردوا بهذه الآية وبما شاكلها على الفرقة القدرية الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة، روى أحمد، عن أبي هريرة قال: جاء مشركو قريش إلى النبي صلى اللّه عليه وسلم يخاصمونه في القدر، فنزلت: {يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا عذاب مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر} ""أخرجه مسلم وأحمد والترمذي"". وعن عطاء بن أبي رباح قال: أتيت ابن عباس وهو ينتزع من زمزم وقد ابتلت أسافل ثيابه فقلت له: قد تُكِلِّمَ في القدر، فقال: أو قد فعلوها؟ قلت: نعم، قال: فواللّه ما نزلت هذه الآية إلا فيهم: {ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر} أولئك أشرار هذه الأمة، فلا تعودوا مرضاهم ولا تصلوا على موتاهم، إن رأيت أحداً منهم فقأت عينيه بأصبعي هاتين ""أخرجه ابن أبي حاتم"". وعن عبد اللّه بن عمر أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (لكل أمة مجوس، ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم) ""أخرجه الإمام أحمد"". وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (كل شيء بقدر حتى العجز والكيس) ""رواه مسلم وأحمد عن ابن عمر مرفوعاً"". وفي الحديث الصحيح: (استعن باللّه ولا تعجز، فإن أصابك أمر فقل: قدر اللّه وما شاء فعل، ولا تقل لو أني فعلت لكان كذا، فإن لو تفتح عمل الشيطان) وروى الإمام أحمد، عن الوليد بن عبادة قال: دخلت على عبادة وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت: يا أبتاه أوصني واجتهد لي، فقال: أجلسوني، فلما أجلسوه، قال: يا بني إنك لن تطعم الإيمان ولن تبلغ حق حقيقة العلم باللّه، حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، قلت: يا أبتاه وكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره؟ قال: تعلم أن ما أخطأك لم يكن يصيبك، وما أصابك لم يكن يخطئك، يا بني إني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (إن أول ما خلق اللّه القلم ثم قال له: اكتب، فجرى في تلك الساعة مما هو كائن إلى يوم القيامة) يا بني إن مت ولست على ذلك دخلت النار ""أخرجه أحمد والترمذي، وقال الترمذي: حسن صحيح غريب"". وقد ثبت في صحيح مسلم، عن عبد اللّه بن عمرو قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه كتب مقادير الخلق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة) زاد ابن وهب: {وكان عرشه على الماء} ""أخرجه مسلم والترمذي"". وقوله تعالى: {وما أمرنا إلا واحدة كلمح بالبصر} وهذا إخبار عن نفوذ مشيئته في خلقه، كما أخبر بنفوذ قدره فيهم، فقال: {وما أمرنا إلا واحدة} أي إنما نأمر بالشيء مرة واحدة، لا نحتاج إلى تأكيد بثانية، فيكون ذلك موجوداً كلمح البصر لا يتأخر طرفة عين، وما أحسن ما قال بعض الشعراء: إذا ما أراد اللّه أمراً فإنما ** يقول له: كن - قولة - فيكون وقوله تعالى: {ولقد أهلكنا أشياعكم} يعني أمثالكم وسلفكم من الأمم السابقة المكذبين بالرسل، {فهل من مدّكر}؟ أي فهل من متعظ بما أخزى اللّه أولئك، وقدَّر لهم من العذاب، كما قال تعالى: {وحيل بينهم وبين ما يشتهون كما فعل بأشياعهم من قبل}، وقوله تعالى {وكل شيء فعلوه في الزبر} أي مكتوب عليهم في الكتب التي بأيدي الملائكة عليهم السلام، {وكل صغير وكبير} أي من أعمالهم {مستطر} أي مجموع عليهم ومسطّر في صحائفهم، لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها، وقد روى الإمام أحمد، عن عائشة أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: (يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب، فإن لها من اللّه طالباً) ""أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجة""، وقوله تعالى: {إن المتقين في جنات ونهر} أي بعكس ما الأشقياء فيه من الضلال والسعر، والسحب في النار على وجوههم، مع التوبيخ والتقريع والتهديد، وقوله تعالى: {في مقعد صدق} أي في دار كرامة اللّه ورضوانه، وفضله وامتنانه، وجوده وإحسانه {عند مليك مقتدر} أي عند الملك العظيم، الخالق للأشياء كلها ومقدرها، وهو مقتدر على ما يشاء مما يطلبون ويريدون، وقد روى الإمام أحمد، عن عبد اللّه بن عمرو يبلغ به النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (المقسطون عند اللّه على منابر من نور عن يمين الرحمن، وكلتا يديه يمين، الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا) ""أخرجه مسلم وأحمد والنسائي"". سورة الرحمن روى الترمذي، عن محمد بن المنكدر، عن جابر رضي اللّه عنه قال: خرج رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم على أصحابه، فقرأ عليهم سورة الرحمن من أولها إلى آخرها، فسكتوا فقال: (لقد قرأتها على الجن ليلة الجن، فكانوا أحسن مردوداً منكم، كنت كلما أتيت على قوله تعالى: {فبأي آلاء ربكما تكذبان} قالوا: لاشيء من نعمك ربنا نكذب فلك الحمد) ""أخرجه الترمذي ورواه الحافظ البزار وابن جرير بنحوه"". بسم اللّه الرحمن الرحيم

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি