نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة القمر آية 2
وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ

التفسير الميسر وإن ير المشركون دليلا وبرهانًا على صدق الرسول محمد صلى الله عليه وسلم، يُعرضوا عن الإيمان به وتصديقه مكذبين منكرين، ويقولوا بعد ظهور الدليل: هذا سحر باطل ذاهب مضمحل لا دوام له.

تفسير الجلالين
2 - (وإن يروا) كفار قريش (آية) معجزة له صلى الله عليه وسلم (يعرضوا ويقولوا) هذا (سحر مستمر) قوي من المرة القوة أو دائم

تفسير القرطبي
قوله تعالى {اقتربت الساعة وانشق القمر} {اقتربت} أي قربت مثل {أزفت الآزفة} [النجم : 57] على ما بيناه.
فهي بالإضافة إلى ما مضى قريبة؛ لأنه قد مضى أكثر الدنيا كما روى قتادة عن أنس قال : خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كادت الشمس تغيب فقال : (ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى) وما نرى من الشمس إلا يسيرا.
وقال كعب ووهب : الدنيا ستة آلاف سنة.
قال وهب : قد مضى منها خمسة آلاف سنة وستمائة سنة.
ذكره النحاس.
قوله تعالى {وانشق القمر} أي وقد انشق القمر.
وكذا قرأ حذيفة {اقتربت الساعة وقد انشق القمر} بزيادة {قد} وعلى هذا الجمهور من العلماء؛ ثبت ذلك في صحيح البخاري وغيره من حديث ابن مسعود وابن عمر وأنس وجبير بن مطعم وابن عباس رضي الله عنهم.
وعن أنس قال : سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية، فانشق القمر بمكة مرتين فنزلت {اقتربت الساعة وانشق القمر} إلى قوله {سحر مستمر} يقول ذاهب قال أبو عيسى الترمذي : هذا حديث حسن صحيح.
ولفظ البخاري عن أنسى قال : انشق القمر فرقتين.
وقال قوم : لم يقع انشقاق القمر بعد وهو منتظر؛ أي اقترب قيام الساعة وانشقاق القمر؛ وأن الساعة إذا قامت انشقت السماء بما فيها من القمر وغيره.
وكذا قال القشيري.
وذكر الماوردي : أن هذا قول الجمهور، وقال : لأنه إذا انشق ما بقي أحد إلا رآه؛ لأنه آية والناس في الآيات سواء.
وقال الحسن : اقتربت الساعة فإذا جاءت انشق القمر بعد النفخة الثانية.
وقيل {وانشق القمر} أي وضح الأمر وظهر؛ والعرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح؛ قال : أقيموا بني أمي صدور مطيكم ** فإني إلى حي سواكم لأميل فقد حمت الحاجات والليل مقمر ** وشدت لطيات مطايا وأرحل وقيل : انشقاق القمر هو انشقاق الظلمة عنه بطلوعه في أثنائها، كما يسمى الصبح فلقا؛ لانفلاق الظلمة عنه.
وقد يعبر عن انفلاقه بانشقاقه كما قال النابغة : فلما أدبروا ولهم دوي ** دعانا عند شق الصبح داع قلت : وقد ثبت بنقل الآحاد العدول أن القمر انشق بمكة، وهو ظاهر التنزيل، ولا يلزم أن يستوي الناس فيها؛ لأنها كانت آية ليلية؛ وأنها كانت باستدعاء النبي صلى الله عليه وسلم من الله تعالى عند التحدي.
فروي أن حمزة بن عبدالمطلب حين أسلم غضبا من سب أبي جهل الرسول صلى الله عليه وسلم طلب أن يريه آية يزداد بها يقينا في إيمانه.
وقد تقدم في الصحيح أن أهل مكة هم الذين سألوا وطلبوا أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر فلقتين كما في حديث ابن مسعود وغيره.
وعن حذيفة أنه خطب بالمدائن ثم قال : ألا إن الساعة قد اقتربت، وأن القمر قد انشق على عهد نبيكم صلى الله عليه وسلم.
وقد قيل : هو على التقديم والتأخير، وتقديره انشق القمر واقتربت الساعة؛ قاله ابن كيسان.
وقد مر عن الفراء أن الفعلين إذا كانا متقاربي المعنى فلك أن تقدم وتؤخر عند قوله تعالى {ثم دنا فتدلى} [النجم : 8].
قوله تعالى {وإن يروا آية يعرضوا} هذا يدل على أنهم رأوا انشقاق القمر.
قال ابن عباس : اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالوا : إن كنت صادقا فاشقق لنا القمر فرقتين، نصف على أبي قبيس ونصف على قعيقعان؛ فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن فعلت تؤمنون) قالوا : نعم؟ وكانت ليلة بدر، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يعطيه ما قالوا؛ فانشق القمر فرقتين، ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي المشركين : (يا فلان يا فلان اشهدوا).
وفي حديث ابن مسعود : انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت قريش : هذا من سحر بن أبي كبشة؛ سحركم فاسألوا السفار؛ فسألوهم فقالوا : قد رأينا القمر انشق فنزلت {اقتربت الساعة وانشق القمر.
وإن يروا آية يعرضوا} أي إن يروا آية تدل على صدق محمد صلى الله عليه وسلم أعرضوا عن الإيمان {ويقولوا سحر مستمر} أي ذاهب؛ من قولهم : مر الشيء واستمر إذا ذهب؛ قال أنس وقتادة ومجاهد والفراء والكسائي وأبو عبيدة، واختاره النحاس.
وقال أبو العالية والضحاك : محكم قوي شديد، وهو من المرة وهي القوة؛ كما قال لقيط : حتى استمرت على شزر مريرته ** مر العزيمة لا قحما ولا ضرعا وقال الأخفش : هو مأخوذ من إمرار الحبل وهو شدة فتله.
وقيل : معناه مر من المرارة.
يقال : أمر الشيء صار مرا، وكذلك مر الشيء يمر بالفتح مرارة فهو مر، وأمره غيره ومره.
وقال الربيع : مستمر نافذ.
يمان : ماض.
أبو عبيدة : باطل.
وقيل : دائم.
قال : وليس على شيء قويم بمستمر أي بدائم.
وقيل : يشبه بعضه بعضا؛ أي قد استمرت أفعال محمد على هذا الوجه فلا.
يأتي بشيء له حقيقة بل الجميع تخييلات.
وقيل : معناه قد مر من الأرض إلى السماء.
{وكذبوا} نبينا {واتبعوا أهواءهم} أي ضلالاتهم واختياراتهم.
{وكل أمر مستقر} أي يستقر بكل عامل عمله، فالخير مستقر بأهله في الجنة، والشر مستقر بأهله في النار.
وقرأ شيبة {مستقر} بفتح القاف؛ أي لكل شيء وقت يقع فيه من غير تقدم وتأخر.
وقد روي عن أبي جعفر بن القعقاع {وكل أمر مستقر} بكسر القاف والراء جعله نعتا لأمر و{كل} على هذا يجوز أن يرتفع بالابتداء والخبر محذوف، كأنه قال : وكل أمر مستقر في أم الكتاب كائن.
ويجوز أن يرتفع بالعطف على الساعة؛ المعنى : اقتربت الساعة وكل أمر مستقر؛ أي اقترب استقرار الأمور يوم القيامة.
ومن رفعه جعله خبرا عن {كل}.
قوله تعالى {ولقد جاءهم من الأنباء} أي من بعض الأنباء؛ فذكر سبحانه من ذلك ما علم أنهم يحتاجون إليه، وأن لهم فيه شفاء.
وقد كان هناك أمور أكثر من ذلك، وإنما اقتص علينا ما علم أن بنا إليه حاجة وسكت عما سوى ذلك؛ وذلك قوله تعالى {ولقد جاءهم من الأنباء} أي جاء هؤلاء الكفار من أنباء الأمم الخالية {ما فيه مزدجر} أي ما يزجرهم عن الكفر لو قبلوه.
وأصله مزتجر فقلبت التاء دالا؛ لأن التاء حرف مهموس والزاي حرف مجهور، فأبدل من التاء دالا توافقها في المخرج وتوافق الزاي في الجهر.
و{مزدجر} من الزجر وهو الانتهاء، يقال : زجره وازدجره فانزجر وازدجر، وزجرته أنا فانزجر أي كففته فكف، كما قال : فأصبح ما يطلب الغانيا ** ت مزدجرا عن هواه ازدجارا وقرئ {مزجر} بقلب تاء الافتعال زايا وإدغام الزاي فيها؛ حكاه الزمخشري.
قوله تعالى {حكمة بالغة} يعني القران وهو بدل من {ما} من قوله {ما فيه مزدجر} ويجوز أن يكون خبر ابتداء محذوف؛ أي هو حكمة.
{فما تغن النذر} إذا كذبوا وخالفوا كما قال الله تعالى {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون} [يونس : 101] فـ {ما} نفي أي ليست تغني عنهم النذر.
ويجوز أن يكون استفهاما بمعنى التوبيخ؛ أي فأي شيء تغني، النذر عنهم وهم معرضون عنها و {النذر} يجوز أن تكون بمعنى الإنذار، ويجوز أن تكون جمع نذير.
{فتول عنهم} أي أعرض عنهم.
قيل : هذا منسوخ بآية السيف.
وقيل : هو تمام الكلام.
{يوم يدع الداعي إلى شيء نكر} العامل في {يوم} {يخرجون من الأجداث} أو {خشعا} أو فعل مضمر تقديره واذكر يوم.
وقيل : على حذف حرف الفاء وما عملت فيه من جواب الأمر، تقديره : فتول عنهم فإن لهم يوم يدعو الداعي.
وقيل : تول عنهم يا محمد فقد أقمت الحجة وأبصرهم يوم يدعو الداعي.
وقيل : أي أعرض عنهم يوم القيامة ولا تسأل عنهم وعن أحوالهم، فإنهم يدعون {إلى شيء نكر} وينالهم عذاب شديد.
وهو كما تقول : لا تسأل عما جرى على فلان إذا أخبرته بأمر عظيم.
وقيل : أي وكل أمر مستقر يوم يدعوا الداعي.
وقرأ ابن كثير {نكر} بإسكان الكاف، وضمها الباقون وهما لغتان كعسر وعسر وشغل وشغل، ومعناه الأمر الفظيع العظيم وهو يوم القيامة.
والداعي هو إسرافيل عليه السلام.
وقد روي عن مجاهد وقتادة أنهما قرأ {إلى شيء نكر} بكسر الكاف وفتح الراء على الفعل المجهول.
{خشعا أبصارهم} الخشوع في البصر الخضوع والذلة، وأضاف الخشوع إلى الأبصار لأن أثر العز والذل يتبين في ناظر الإنسان؛ قال الله تعالى {أبصارها خاشعة} [النازعات : 9] وقال تعالى {خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي} [الشورى : 45].
ويقال : خشع واختشع إذا ذل.
وخشع ببصره أي غضه.
وقرأ حمزة والكسائي وأبو عمرو {خاشعا} بالألف ويجوز في أسماء الفاعلين إذا تقدمت على الجماعة التوحيد، نحو {خاشعا أبصارهم} والتأنيث نحو {خاشعة أبصارهم} [القلم : 43] ويجوز الجمع نحو {خشعا أبصارهم} قال : وشباب حسن أوجههم ** من إياد بن نزار بن معد و {خشعا} جمع خاشع والنصب فيه على الحال من الهاء والميم في {عنهم} فيقبح الوقف على هذا التقدير على {عنهم}.
ويجوز أن يكون حالا من المضمر في {يخرجون} فيوقف على {عنهم}.
وقرئ {خشع أبصارهم} على الابتداء والخبر، ومحل الجملة النصب على الحال، كقوله : وجدته حاضراه الجود والكرم قوله تعالى {يخرجون من الأجداث} أي القبور واحدها جدث.
{كأنهم جراد منتشر} وقال في موضع آخر {يوم يكون الناس كالفراش المبثوث} [القارعة : 4] فهما صفتان في وقتين مختلفين؛ أحدهما : عند الخروج من القبور، يخرجون فزعين لا يهتدون أين يتوجهون، فيدخل بعضهم في بعض؛ فهم حينئذ كالفراش المبثوث بعضه في بعض لا جهة له يقصدها الثاني : فإذا سمعوا المنادي قصدوه فصاروا كالجراد المنتشر؛ لأن الجراد له جهة يقصدها.
و{مهطعين إلى الداعي} معناه مسرعين؛ قاله أبو عبيدة.
ومنه قول الشاعر : بدجلة دارهم ولقد أراهم ** بدجلة مهطعين إلى السماع الضحاك : مقبلين.
قتادة : عامدين.
ابن عباس : ناظرين.
عكرمة : فاتحين آذانهم إلى الصوت.
والمعنى متقارب.
يقال : هطع الرجل يهطع هطوعا إذا أقبل على الشيء ببصره لا يقلع عنه؛ وأهطع إذا مد عنقه وصوب رأسه.
قال الشاعر : تعبدني نمر بن سعد وقد أرى ** ونمر بن سعد لي مطيع ومهطع وبعير مهطع : في عنقه تصويب خلقة.
وأهطع في عدوه أي أسرع.
{يقول الكافرون هذا يوم عسر} يعني يوم القيامة لما ينالهم فيه من الشدة.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن اقتراب الساعة وفراغ الدنيا وانقضائها، كما قال تعالى: {أتى أمر اللّه فلا تستعجلوه}، وقال: {اقترب للناس حسابهم وهم في غفلة معرضون}، وقد وردت الأحاديث بذلك، روى الحافظ أبو بكر البزار، عن أنَس أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم خطب أصحابه ذات يوم وقد كادت الشمس أن تغرب فلم يبق منها إلا سف يسير فقال: (والذي نفسي بيده ما بقي من الدنيا فيما مضى منها إلا كما بقي من يومكم هذا فيما مضى منه وما نرى من الشمس إلا يسيراً) وقال الإمام أحمد، عن سهل بن سعد قال: سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقول: (بعثت أنا والساعة هكذا) وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى ""أخرجه الشيخان والإمام أحمد""، وفي لفظ: (بعثت أنا والساعة كهذه من هذه إن كادت لتسبقني) وجمع الأعمش بين السبابة والوسطى، وقال الإمام أحمد، عن خالد بن عمير قال: خطبنا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: فحمد اللّه تعالى وأثنى عليه ثم قال: (أما بعد، فإن الدنيا قد آذنت بصُرْم وولت حَذَّاءَ، ولم يبق منها إلا صُبابة كصُبابة الإناء يتصابها صاحبها، وإنكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها، فانتقلوا منها بخير ما يحضرنكم، فإنه قد ذكر لنا أن الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوي فيها سبعين عاماً ما يدرك لها قعراً، واللّه لتملؤنه أفعجبتم؟ واللّه لقد ذكر لنا أن ما بين مصراعي الجنة مسيرة أربعين عاماً، وليأتين عليه يوم وهو كظيظ من الزحام) ""أخرجه ابن جرير"". معنى صُرْم : قطيعة. و حذاء مدبرة لم يتعلق أهلها منها بشيء، و صُبابة : بقية . وذكر تمام الحديث. وعن عبد الرحمن السلمي قال: نزلنا المدائن فكنا منها على فرسخ فجاءت الجمعة فحضر أبي وحضرت معه، فخطبنا حذيفة فقال: ألا إن اللّه يقول: {اقتربت الساعة وانشق القمر}، ألا وإن الساعة قد اقتربت، ألا وإن القمر قد انشق، ألا وإن الدنيا قد آذنت بفراق، ألا وإن اليوم المضمار وغداً السباق. فقلت لأبي أيستبق الناس غداً؟ فقال: يا بني إنك لجاهل إنما هو السباق بالأعمال، وقوله تعالى: {وانشق القمر} قد كان هذا في زمان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم كما ورد في الأحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة، وقد ثبت في الصحيح عن ابن مسعود أنه قال: (خمس قد مضين: الروم والدخان واللزام والبطشة والقمر) وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى اللّه عليه وسلم، وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات. ذكر الأحاديث الواردة في ذلك . رواية أنَس بن مالك : روى الإمام أحمد عن أنَس بن مالك قال: سأل أهل مكة النبي صلى اللّه عليه وسلم آية فانشق القمر بمكة مرتين، فقال: {اقتربت الساعة وانشق القمر} ""أخرجه مسلم وأحمد""، وعن أنَس بن مالك أن أهل مكة سألوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أن يريهم آية، فأراهم القمر شقين حتى رأوا حِراء بينهما ""أخرجاه في الصحيحين"". وروى الإمام أحمد، عن جبير بن مطعم قال انشق القمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فصار فرقتين فرقة على هذا الجبل، وفرقة على هذا الجبل، فقالوا: سحرنا محمد، فقالوا: إن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم ""تفرد به إحمد"". وروى البخاري، عن ابن عباس قال: انشق القمر في زمان النبي صلى اللّه عليه وسلم، وقال ابن جرير، عن ابن عباس في قوله تعالى: {اقربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر} قال: قد مضى ذلك، كان قبل الهجرة انشق القمر حتى رأوا شقيه، وقال الحافظ البيهقي، عن عبد اللّه بن عمر في قوله تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} قال: وقد كان ذلك على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم انشق فلقتين، فلقة من دون الجبل، وفلقة من خلف الجبل، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (اللهم اشهد) ""رواه البيهقي وأخرجه مسلم والترمذي وقال: حسن صحيح"". وقال الإمام أحمد، عن ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم شقتين حتى نظروا إليه، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (اشهدوا) ""أخرجه الشيخان والإمام أحمد"". وعن عبد اللّه ابن مسعود قال: انشق القمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فقالت قريش: هذا سحر ابن أبي كبشة، قال، فقالوا: انظروا ما يأتيكم به السفَّار، فإن محمداً لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، قال: فجاء السفَّار، فقالوا ذلك ""أخرجه أبو داود الطيالسي"". وفي لفظ: انظروا السفَّار، فإن كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق، وإن كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سحر سحركم به، قال: فسئل السفّار، قال: وقدموا من كل وجهة، فقالوا: رأينا فأنزل اللّه عزَّ وجلَّ: {اقتربت الساعة وانشق القمر} ""أخرجه البيهقي وابن جرير"". وروى الإمام أحمد، عن عبد اللّه قال: (انشق القمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، حتى رأيت الجبل من بين فرجتي القمر) ""أخرجه الإمام أحمد"". وقال ليث عن مجاهد: انشق القمر على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فصار فرقتين، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم لأبي بكر: (اشهد يا أبا بكر) فقال المشركون: سحر القمر حتى انشق، وقوله تعالى: {وإن يروا آية} أي دليلاً وحجة وبرهاناً {يعرضوا} أي لا ينقاضوا له بل يعرضوا عنه، ويتركونه وراء ظهورهم {ويقولوا سحر مستمر} أي يقولون هذا الذي شاهدناه من الحجج سحرٌ سحرنا به، ومعنى {مستمر} أي ذاهب باطل مضمحل لا دوام له، {وكذبوا واتبعوا أهواءهم} أي كذبوا بالحق إذ جاءهم، واتبعوا ما أمرتهم به آراؤهم وأهواؤهم، من جهلهم وسخافة عقلهم، وقوله {وكل أمر مستقر} قال قتادة: معناه أن الخير واقع بأهل الخير، والشر واقع بأهل الشر، وقال ابن جريج: مستقر بأهله، وقال مجاهد: {وكل أمر مستقر} أي يوم القيامة، وقال السدي: مستقر أي واقع، وقوله تعالى: {ولقد جاءهم من الأنباء} أي من الأخبار عن قصص الأمم المكذبين بالرسل، وما حل بهم من العقاب والنكال والعذاب مما يتلى عليهم في هذا القرآن {ما فيه مزدجر} أي ما فيه واعظ لهم عن الشرك والتمادي على التكذيب، وقوله تعالى: {حكمة بالغة} أي في هدايته تعالى لمن هداه وإضلاله لمن أضله {فما تغني النذر} يعني أي شيء تغني النذر عمن كتب اللّه عليه الشقاوة وختم على قلبه؟ فمن الذي يهديه من بعد اللّه؟ وهذه الآية كقوله تعالى: {وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি