نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة النجم آية 41
ثُمَّ يُجْزَاهُ الْجَزَاءَ الْأَوْفَىٰ

التفسير الميسر ثم يُجزى الإنسان على سعيه الجزاء المستكمل لجميع عمله، وأنَّ إلى ربك -أيها الرسول- انتهاء جميع خلقه يوم القيامة.

تفسير الجلالين
41 - (ثم يجزاه الجزاء الأوفى) الأكمل يقال له جزيته سعيه وبسعيه

تفسير القرطبي
قوله تعالى {أم لم ينبأ بما في صحف موسى.
وإبراهيم} أي صحف {إبراهيم الذي وفى}كما في سورة [الأعلى] {صحف إبراهيم وموسى} [الأعلى : 19] أي لا تؤخذ نفس بدلا عن أخرى؛ كما قال {أن لا تزر وازرة وزر أخرى} وخص صحف إبراهيم وموسى بالذكر؛ لأنه كان ما بين نوح وإبراهيم يؤخذ الرجل بجريرة أخيه وابنه وأبيه؛ قاله الهذيل بن شرحبيل.
وقرأ سعيد بن جبير وقتادة {وفى} خفيفة ومعناها صدق في قوله وعمله، وهي راجعة إلى معنى قراءة الجماعة {وفي} بالتشديد أي قام بجميع ما فرض عليه فلم يخرم منه شيئا.
وقد مضى في [البقرة] عند قوله تعالى {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن} [البقرة : 124] والتوفية الإتمام.
وقال أبو بكر الوراق : قام بشرط ما ادعى؛ وذلك أن الله تعالى قال له {أسلم قال أسلمت لرب العالمين} [البقرة : 131] فطالبه الله بصحة دعواه، فابتلاه في ماله وولده ونفسه فوجده وافيا بذلك؛ فذلك قوله{وإبراهيم الذي وفى} أي ادعى الإسلام ثم صحح دعواه.
وقيل : وفى عمله كل يوم بأربع ركعات في صدر النهار؛ رواه الهيثم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى سهل بن سعد الساعدي عن أبيه (ألا أخبركم لم سمى الله تعالى خليله إبراهيم {الذي وفى} لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى {فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون} [الروم : 17]) الآية.
ورواه سهل بن معاذ عن أنس عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل {وفى} أي وفى ما أرسل به، وهو قوله {أن لا تزر وازرة وزر أخرى} قال ابن عباس : كانوا قبل إبراهيم عليه السلام يأخذون الرجل بذنب غيره، ويأخذون الولي بالولي في القتل والجراحة؛ فيقتل الرجل بأبيه وابنه وأخيه وعمه وخاله وابن عمه وقريبه وزوجته وزوجها وعبده، فبلغهم إبراهيم عليه السلام عن الله تعالى {أن لا تزر وازرة وزر أخرى} وقال الحسن وقتادة وسعيد بن جبير في قوله تعالى {وفى} : عمل بما أمر به وبلغ رسالات ربه.
وهذا أحسن؛ لأنه عام.
وكذا قال مجاهد{وفى} بما فرض عليه.
وقال أبو مالك الغفاري قوله تعالى {أن لا تزر وازرة وزر أخرى}إلى قوله {فبأي آلاء ربك تتمارى} [النجم : 55] في صحف إبراهيم وموسى، وقد مضى في آخر [الأنعام] القول في {ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام : 164] مستوفى.
قوله تعالى {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} روي عن ابن عباس أنها منسوخة بقوله تعالى {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم} [الطور : 21] فيحصل الولد الطفل يوم القيامة في ميزان أبيه، ويشفع الله تعالى الآباء في الأبناء والأبناء في الآباء؛ يدل على ذلك قوله تعالى {آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا} [النساء : 11].
وقال أكثر أهل التأويل : هي محكمة ولا ينفع أحدا عمل أحد، وأجمعوا ألا يصلي أحد عن أحد.
ولم يجز مالك الصيام والحج والصدقة عن الميت، إلا أنه قال : إن أوصى بالحج ومات جاز أن يحج عنه.
وأجاز الشافعي وغيره الحج التطوع عن الميت.
وروي عن عائشة رضي الله عنها أنها اعتكفت عن أخيها عبدالرحمن وأعتقت عنه.
وروى أن سعد بن عبادة قال للنبي صلى الله عليه وسلم : إن أمي توفيت أفأتصدق عنها؟ قال : (نعم) قال : فأي الصدقة أفضل؟ قال : (سقي الماء).
وقد مضى جميع هذا مستوفى في [البقرة] و [آل عمران] و [الأعراف].
وقد قيل : إن الله عز وجل إنما قال {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} ولام الخفض معناها في العربية الملك والإيجاب فلم يجب للإنسان إلا ما سعى، فإذا تصدق عنه غيره فليس يجب له شيء إلا أن الله عز وجل يتفضل عليه بما لا يجب له، كما يتفضل على الأطفال بادخالهم الجنة بغير عمل.
وقال الربيع بن أنس {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} يعني الكافر وأما المؤمن فله ما سعى وما سعى له غيره.
قلت : وكثير من الأحاديث يدل على هذا القول، وأن المؤمن يصل إلى ثواب العمل الصالح من غيره، وقد تقدم كثير منها لمن تأملها، وليس في الصدقة اختلاف، كما في صدر كتاب مسلم عن عبدالله بن المبارك.
وفي الصحيح : (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث) وفيه (أو ولد صالح يدعو له) وهذا كله تفضل من الله عز وجل، كما أن زيادة الأضعاف فضل منه، كتب لهم بالحسنة الواحدة عشرا إلى سبعمائة ضعف إلى ألف ألف حسنة؛ كما قيل لأبي هريرة : أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : (إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألف ألف حسنة) فقال سمعته يقول : (إن الله ليجزي على الحسنة الواحدة ألفي ألف حسنة) فهذا تفضل.
وطريق العدل {أن ليس للإنسان إلا ما سعى}.
قلت : ويحتمل أن يكون قوله {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} خاص في السيئة؛ بدليل ما في""صحيح مسلم عن أبي هريرة""عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (قال الله عز وجل إذا هم عبدي بحسنة ولم يعملها كتبتها له حسنة فإن عملها كتبتها له عشر حسنات إلى سبعمائة ضعف وإذا هم بسيئة ولم يعملها لم أكتبها عليه فإن عملها كتبتها سيئة واحدة).
وقال أبو بكر الوراق {إلا ما سعى} إلا ما نوى بيانه قوله صلى الله عليه وسلم : (يبعث الناس يوم القيامة على نياتهم ).
قوله تعالى {وأن سعيه سوف يرى} أي يريه الله تعالى جزاءه يوم القيامة {ثم يجزاه} أي يجزى به {الجزاء الأوفى} قال الأخفش : يقال جزيته الجزاء، وجزيته بالجزاء سواء لا فرق بينهما قال الشاعر : إن أجز علقمة بن سعد سعيه ** لم أجزه ببلاء يوم واحد فجمع بين اللغتين.
قوله تعالى {وأن إلى ربك المنتهى} أي المرجع والمراد والمصير فيعاقب ويثيب.
وقيل : منه ابتداء المنة وإليه انتهاء الأمان.
وعن أبي بن كعب قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم في قوله {وأن إلى ربك المنتهى} قال : (لا فكرة في الرب).
وعن أنس : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (إذ ذكر الله تعالى فانته).
قلت : ومن هذا المعنى قوله عليه الصلاة والسلام : (يأتي الشيطان أحدكم فيقول من خلق كذا وكذا حتى يقول له من خلق ربك فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته) وقد تقدم في آخر (الأعراف).
ولقد أحسن من قال : ولا تفكرن في ذي العلا عز وجهه ** فإنك تردى إن فعلت وتخذل ودونك مصنوعاته فاعتبر بها ** وقُل مثل ما قال الخليل المبجل

تفسير ابن كثير يقول تعالى ذاماً لمن تولى عن طاعة اللّه {فلا صدق ولا صلى ولكن كذب وتولى}، {وأعطى قليلاً وأكدى} قال ابن عباس: أطاع قليلاً ثم قطعه، قال عكرمة: كمثل القوم إذا كانوا يحفرون بئراً فيجدون في أثناء الحفر صخرة تمنعهم من تمام العمل، فيقولون: أكدينا ويتركون العمل، وقوله تعالى: {أعنده علم الغيب فهو يرى}؟ أي أعند هذا الذي أمسك يده خشية الإنفاق، وقطع معروفه، أعنده علم الغيب أنه سينفد ما في يده حتى أمسك عن معروفه فهو يرى ذلك عياناً؟ أي ليس الأمر كذلك، وإنما أمسك عن الصدقة والبر والصلة بخلاً وشحاً وهلعاً، ولهذا جاء في الحديث: (أنفق بلالاً، ولا تخش من ذي العرش إقلالاً) ""أخرجه البخاري""، وقد قال اللّه تعالى: {وما أنفقتم من شيء فهو يخلفه وهو خير الرازقين}، وقوله تعالى: {أم لم ينبأ بما في صحف موسى وإبراهيم الذي وفّى}؟ أي بلّغ جميع ما أمر به، قال ابن عباس: {وفّى} للّه بالبلاغ، وقال سعيد بن جبير: {وفّى} ما أمر به، وقال قتادة: {وفّى} طاعة اللّه وأدى رسالته إلى خلقه، وهذا القول هو اختيار ابن جرير وهو يشمل الذي قبله، ويشهد له قوله تعالى: {وإذ ابتلى إبراهيمَ ربُّه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً} فقام بجميع الأوامر، وترك جميع النواهي، وبلغ الرسالة على التمام والكمال، فاستحق بهذا أن يكون للناس إماماً يقتدى به. قال اللّه تعالى: {ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفاً وما كان من المشركين}. روى ابن حاتم، عن أبي أمامة قال: تلا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم هذه الآية {وإبراهيم الذي وفّى} قال: (أتدري ما وفّى؟) قلت: اللّه ورسوله أعلم، قال: (وفّى عمل يومه بأربع ركعات من أول النهار) وعن سهل بن معاذ ابن أنَس، عن أبيه، عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم أنه قال: (ألا أخبركم لم سمى اللّه تعالى إبراهيم خليله الذي وفّى؟ إنه كان يقول كلما أصبح وأمسى: {فسبحان اللّه حين تمسون وحين تصبحون}) حتى ختم الآية ""أخرجه ابن أبي حاتم وابن جرير"". ثم شرع تعالى يبيّن ما كان أوحاه في صحف إبراهيم وموسى فقال: {أن لا تزر وازرة وزر أُخْرَى} أي كل نفس ظلمت نفسها بكفر أو شيء من الذنوب، فإنما عليها وزرها لا يحمله عنها أحد، كما قال: {وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى}، {وأن ليس للإنسان إلا ما سعى} أي كما لا يحمل عليه وزر غيره، كذلك لا يحصل من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه، ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه اللّه، أن القراءة لا يصل إهداء ثوابها إلى الموتى، لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم، ولهذا لم يندب إليه رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه، ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي اللّه عنهم، ولو كان خيراً لسبقونا إليه، فأما الدعاء والصدقة فذاك مجمع على وصولهما ومنصوص من الشارع عليهما، وأما الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: من ولد صالح يدعو له، أو صدقة جارية من بعده، أو علم ينتفع به) فهذه الثلاثة في الحقيقة هي من سعيه وكده وعمله، كما جاء في الحديث: (إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه) والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى: {إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم} الآية، والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضاً من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح: (من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص من أجورهم شيئاً) وقوله تعالى: {وأن سعيه سوف يرى} أي يوم القيامة، كقوله تعالى: {وقل اعملوا فسيرى اللّه عملكم ورسوله والمؤمنون}، فيجزيكم عليه أتم الجزاء إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهكذا قال ههنا {ثم يجزاه الجزاء الأوفى} أي الأوفر.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি