نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الطور آية 38
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ۖ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُمْ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ

التفسير الميسر أم لهم مصعد إلى السماء يستمعون فيه الوحي بأن الذي هم عليه حق؟ فليأت مَن يزعم أنه استمع ذلك بحجة بينة تصدِّق دعواه.

تفسير الجلالين
38 - (أم لهم سلم) مرقى إلى السماء (يستمعون فيه) أي عليه كلام الملائكة حتى يمكنهم منازعة النبي بزعمهم إن ادعوا ذلك (فليأت مستمعهم) مدعي الاستماع عليه (بسلطان مبين) بحجة بينة واضحة ولشبه هذا الزعم بزعمهم أن الملائكة بنات الله

تفسير القرطبي
قوله تعالى {أم خلقوا من غير شيء} {أم} صلة زائدة والتقدير أخلقوا من غير شيء.
قال ابن عباس : من غير رب خلقهم وقدرهم.
وقيل : من غير أم ولا أب؛ فهم كالجماد لا يعقلون ولا تقوم لله عليهم حجة؛ ليسوا كذلك! أليس قد خلقوا من نطفة وعلقة ومضغة؟ قاله ابن عطاء.
وقال ابن كيسان : أم خلقوا عبثا وتركوا سدى {من غير شيء}أي لغير شيء فـ {من} بمعنى اللام.
{أم هم الخالقون} أي أيقولون إنهم خلقوا أنفسهم فهم لا يأتمرون لأمر الله وهم لا يقولون ذلك، وإذا أقروا أن ثم خالقا غيرهم فما الذي يمنعهم من الإقرار له بالعبادة دون الأصنام، ومن الإقرار بأنه قادر على البعث.
{أم خلقوا السماوات والأرض} أي ليس الأمر كذلك فإنهم لم يخلقوا شيئا {بل لا يوقنون}بالحق {أم عندهم خزائن ربك} أم عندهم ذلك فيستغنوا عن الله ويعرضوا عن أمره.
وقال ابن عباس : خزائن ربك المطر والرزق.
وقيل : مفاتيح الرحمة.
وقال عكرمة : النبوة.
أي أفبأيديهم مفاتيح ربك بالرسالة يضعونها حيث شاءوا.
وضرب المثل بالخزائن؛ لأن الخزانة بيت يهيأ لجمع أنواع مختلفة من الذخائر؛ ومقدورات الرب كالخزائن التي فيها من كل الأجناس فلا نهاية لها.
{أم هم المسيطرون} قال ابن عباس : المسلطون الجبارون.
وعنه أيضا : المبطلون.
وقاله الضحاك.
وعن ابن عباس أيضا : أم هم المتولون.
عطاء : أم هم أرباب قاهرون.
قال عطاء : يقال تسيطرت علي أي اتخذتني خولا لك.
وقال أبو عبيدة.
وفي الصحاح : المسيطر والمصيطر المسلط على الشيء ليشرف عليه ومتعهد أحواله ويكتب عمله، وأصله من السطر؛ لأن الكتاب يسطر والذي يفعله مسطر ومسيطر.
يقال سيطرت علينا.
ابن بحر {أم هم المسيطرون} أي هم الحفظة؛ مأخوذ من تسطير الكتاب الذي يحفظ ما كتب فيه؛ فصار المسيطر هاهنا حافظا ما كتبه الله في اللوح المحفوظ.
وفيه ثلاث لغات : الصاد وبها قرأت العامة، والسين وهي قراءة ابن محيصن وحميد ومجاهد وقنبل وهشام وأبي حيوة، وبإشمام الصاد الزاي وهي قراءة حمزة كما تقدم في {الصراط{ [الفاتحة : 6].
قوله تعالى {أم لهم سلم} أي أيدعون أن لهم مرتقى إلى السماء ومصعدا وسببا {يستمعون فيه} أي عليه الأخبار ويصلون به إلى علم الغيب، كما يصل إليه محمد صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي.
{فليأت مستمعهم بسلطان مبين} أي بحجة بينة أن هذا الذي هم عليه حق.
والسلم واحد السلالم التي يرتقى عليها.
وربما سمي الغرز بذلك؛ قال أبو الربيس الثعلبي يصف ناقته : مطارة قلب إن ثنى الرجل ربها ** بسلم غرز في مناخ يعاجله وقال زهير : ومن هاب أسباب المنية يلقها ** ولو رام أسباب السماء بسلم وقال آخر : تجنيت لي ذنبا وما إن جنيته ** لتتخذي عذرا إلى الهجر سلما وقال ابن مقبل في الجمع : لا تحرز المرء أحجاء البلاد ولا ** يبنى له في السموات السلاليم الأحجاء النواحي مثل الأرجاء واحدها حجا ورجا مقصور.
ويروى : أعناء البلاد، والأعناء أيضا الجوانب والنواحي واحدها عنو بالكسر.
وقال ابن الأعرابي : واحدها عنا مقصور.
وجاءنا أعناء من الناس واحدهم عنو بالكسر، وهم قوم من قبائل شتى.
{يستمعون فيه} أي عليه؛ كقوله تعالى {في جذوع النخل} [طه : 71] أي عليها؛ قال الأخفش.
وقال أبو عبيدة : يستمعون به.
وقال الزجاج : أي ألهم كجبريل الذي يأتي النبي صلى الله عليه وسلم بالوحي.
قوله تعالى {أم له البنات ولكم البنون} سفه أحلامهم توبيخا لهم وتقريعا.
أي أتضيفون إلى الله البنات مع أنفتكم منهن، ومن كان عقله هكذا فلا يستبعد منه إنكار البعث.
{أم تسألهم أجرا} أي على تبليغ الرسالة.
{فهم من مغرم مثقلون} أي فهم من المغرم الذي تطلبهم به {مثقلون} مجهدون لما كلفتهم به.
قوله تعالى {أم عندهم الغيب فهم يكتبون} أي يكتبون للناس ما أرادوه من علم الغيوب.
وقيل : أي أم عندهم علم ما غاب عن الناس حتى علموا أن ما أخبرهم به الرسول من أمر القيامة والجنة والنار والبعث باطل.
وقال قتادة : لما قالوا نتربص به ريب المنون قال الله تعالى {أم عندهم الغيب} حتى علموا متى يموت محمدا أو إلى ما يئول إليه أمره.
وقال ابن عباس : أم عندهم اللوح المحفوظ فهم يكتبون ما فيه ويخبرون الناس بما فيه.
وقال القتبي : يكتبون يحكمون والكتاب الحكم؛ ومنه قوله تعالى {كتب ربكم على نفسه الرحمة} [الأنعام : 54] أي حكم، وقوله عليه الصلاة والسلام : (والذي نفسي بيده لأحكمن بينكم بكتاب الله) أي بحكم الله.
قوله تعالى {أم يريدون كيدا} أي مكرا بك في دار الندوة.
{فالذين كفروا هم المكيدون} أي الممكور بهم {ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله} [فاطر : 43] وذلك أنهم قتلوا ببدر.
{أم لهم إله غير الله} يخلق ويرزق ويمنع.
{سبحان الله عما يشركون} نزه نفسه أن يكون له شريك.
قال الخليل : كل ما في سورة [والطور] من ذكر {أم} فكلمة استفهام وليس بعطف.

تفسير ابن كثير هذا المقام في إثبات الربوبية، وتوحيد الألوهية، فقال تعالى: {أم خلقوا من غير شيء؟ أم هم الخالقون}؟ أي أوجدوا من غير موجد؟ أم هم أوجدوا أنفسهم؟ أي لا هذا ولا هذا، بل اللّه هو الذي خلقهم وأنشأهم، بعد أن لم يكونوا شيئاً مذكوراً، روى البخاري، عن جبير بن مطعم قال: سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور، فلما بلغ هذه الآية: {أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون أم عندهم خزائن رحمة ربك أم هم المصيطرون}؟ كاد قلبي أن يطير "الحديث من رواية الشيخين، وجبير بن مطعم قدم على النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد وقعة بدر في فداء الأسرى وكان إذ ذاك مشركاً، وكان سماعه هذه الآية من هذه السورة من جملة ما حمله على الدخول في الإسلام". ثم قال تعالى: {أم خلقوا السماوات والأرض بل لا يوقنون}؟ أي أهم خلقوا السماوات والأرض؟ وهذا إنكار عليهم في شركهم باللّه وهم يعلمون أنه الخالق وحده لا شريك له، {أم عندهم خزائن ربك أم هم المصيطرون}؟ أي أهم يتصرفون في الملك وبيدهم مفاتيح الخزائن {أم هم المصيطرون} أي هم المحاسبون للخلائق، بل اللّه عزَّ وجلَّ هو المالك المتصرف الفعال لما يريد، وقوله تعالى: {أم لهم سلم يستمعون فيه}؟ أي مرقاة إلى الملأ الأعلى، {فليأت مستمعهم بسلطان مبين} أي فليأت الذي يستمع لهم بحجة ظاهرة، على صحة ما هم فيه من الفعال والمقال، ثم قال منكراً عليهم فيما نسبوه إليه من البنات، واختيارهم لأنفسهم الذكور على الإناث، وقد جعلوا الملائكة بنات اللّه وعبدوهم مع اللّه فقال: {أم له البنات ولكم البنون}؟! وهذا تهديد شديد ووعيد أكيد، {أم تسألهم أجراً}؟ أي أجرة على إبلاغك إياهم رسالة اللّه، أي لست تسألهم على ذلك شيئاً، {فهم من مغرم مثقلون} أي فهم من أدنى شيء يتبرمون منه، ويثقلهم ويشق عليهم، {أم عندهم الغيب فهم يكتبون} أي ليس الأمر كذلك فإنه لا يعلم أحد من أهل السماوات والأرض الغيب إلا اللّه، {أم يريدون كيداً فالذين كفروا هم المكيدون}، يقول تعالى: أم يريد هؤلاء بقولهم هذا في الرسول، وفي الدين غرور الناس وكيد الرسول وأصحابه، فكيدهم إنما يرجع وباله على أنفسهم، فالذين كفروا هم المكيدون، {أم لهم إله غير اللّه سبحان اللّه عما يشركون}، وهذا إنكار شديد على المشركين في عبادتهم الأصنام والأنداد مع اللّه، ثم نزه نفسه الكريمة عما يقولون ويفترون، ويشركون، فقال: {سبحان اللّه عما يشركون}.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি