نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الطور آية 23
يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَأْثِيمٌ

التفسير الميسر وزدناهم على ما ذُكر من النعيم فواكه ولحومًا مما يستطاب ويُشتهى، ومن هذا النعيم أنهم يتعاطَوْن في الجنة كأسًا من الخمر، يناول أحدهم صاحبه؛ ليتم بذلك سرورهم، وهذا الشراب مخالف لخمر الدنيا، فلا يزول به عقل صاحبه، ولا يحصل بسببه لغو، ولا كلام فيه إثم أو معصية.

تفسير الجلالين
23 - (يتنازعون) يتعاطون بينهم (فيها) الجنة (كأسا) خمرا (لا لغو فيها) بسبب شربها يقع بينهم (ولا تأثيم) به يلحقهم بخلاف خمر الدنيا

تفسير القرطبي
قوله تعالى {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم} قرأ العامة {واتبعتهم} بوصل الألف وتشديد التاء وفتح العين وإسكان التاء.
وقرأ أبو عمرو {وأتبعناهم} بقطع الألف وإسكان التاء والعين ونون؛ اعتبارا بقوله {ألحقنا بهم} ليكون الكلام على نسق واحد.
{ذريتهم} الأولى فقرأها بالجمع ابن عامر وأبو عمرو ويعقوب ورواها عن نافع إلا أن أبا عمرو كسر التاء على المفعول وضم باقيهم.
وقرأ الباقون {ذريتهم} على التوحيد وضم التاء وهو المشهور عن نافع.
فأما الثانية فقرأها نافع وابن عامر وأبو عمرو ويعقوب بكسر التاء على الجمع.
الباقون {ذريتهم} على التوحيد وفتح التاء.
واختلف في معناه؛ فقيل عن ابن عباس أربع روايات : الأولى أنه قال : إن الله ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كانوا دونه في العمل لتقر بهم عينه، وتلا هذه الآية.
ورواه مرفوعا النحاس في [الناسخ والمنسوخ] له عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن الله عز وجل ليرفع ذرية المؤمن معه في درجته في الجنة وإن كان لم يبلغها بعمله لتقربهم عينه) ثم قرأ {والذين آمنوا وأتبعناهم ذرياتهم بإيمان} الآية.
قال أبو جعفر : فصار الحديث مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم وكذا يجب أن يكون؛ لأن ابن عباس لا يقول هذا إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه إخبار عن الله عز وجل بما يفعله وبمعنى أنه أنزلها جل ثناؤه.
الزمخشري : فيجمع الله لهم أنواع السرور بسعادتهم في أنفسهم، وبمزاوجة الحور العين، وبمؤانسة الإخوان المؤمنين، وباجتماع أولادهم ونسلهم بهم.
وعن ابن عباس أيضا أنه قال : إن الله ليلحق بالمؤمن ذريته الصغار الذين لم يبلغوا الإيمان؛ قال المهدوي.
والذرية تقع على الصغار والكبار، فإن جعلت الذرية هاهنا للصغار كان قوله تعالى {بإيمان} في موضع الحال من المفعولين، وكان التقدير {بإيمان} من الآباء.
وإن جعلت الذرية للكبار كان قوله {بإيمان} حالا من الفاعلين.
القول الثالث عن ابن عباس : أن المراد بالذين آمنوا المهاجرون والأنصار والذرية التابعون.
وفي رواية عنه : إن كان الآباء أرفع درجة رفع الله الأبناء إلى الآباء، وإن كان الأبناء أرفع درجة رفع الله الآباء إلى الأبناء؛ فالآباء داخلون في اسم الذرية؛ كقوله تعالى {وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون} [يس : 41].
وعن ابن عباس أيضا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال : (إذا دخل أهل الجنة الجنة سأل أحدهم عن أبويه وعن زوجته وولده فيقال لهم إنهم لم يدركوا ما أدركت فيقول يا رب إني عملت لي ولهم فيؤمر بإلحاقهم به).
وقالت خديجة رضي الله عنها : سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ولدين لي ماتا في الجاهلية فقال لي : (هما في النار) فلما رأى الكراهية في وجهي قال : (لو رأيت مكانهما لأبغضتهما) قالت : يا رسول الله فولدي منك؟ قال : (في الجنة) ثم قال : (إن المؤمنين وأولادهم في الجنة والمشركين وأولادهم في النار) ثم قرأ {والذين آمنوا وأتبعتهم ذريتهم بإيمان} الآية.
قوله تعالى {وما ألتناهم من عملهم من شيء} أي ما نقصنا الأبناء من ثواب أعمالهم لقصر أعمارهم، وما نقصنا الآباء من ثواب أعمالهم شيئا بإلحاق الذريات بهم.
والهاء والميم راجعان إلى قوله تعالى {والذين آمنوا}.
وقال ابن زيد : المعنى {وأتبعتهم ذريتهم بإيمان} ألحقنا بالذرية أبناءهم الصغار الذين لم يبلغوا العمل؛ فالهاء والميم على، هذا القول للذرية.
وقرأ ابن كثير {وما ألتناهم} بكسر اللام.
وفتح الباقون.
وعن أبي هريرة {آلتناهم} بالمد؛ قال ابن الأعرابي : ألته يألته ألتا، وآلته يولته إيلاتا، ولاته يليته ليتا كلها إذا نقصه.
وفي الصحاح : ولاته عن وجهه يلوته ويليته أي حبسه عن وجهه وصرفه، وكذلك ألاته عن وجهه فعل وأفعل بمعنى، ويقال أيضا : ما ألاته من عمله شيئا أي ما نقصه مثل ألته وقد مضى بـ [الحجرات].
قوله تعالى {كل امرئ بما كسب رهين} قيل : يرجع إلى أهل النار.
قال ابن عباس : ارتهن أهل جهنم بأعمالهم وصار أهل الجنة إلى نعيمهم، ولهذا قال {كل نفس بما كسبت رهينة .
إلا أصحاب اليمين} [المدثر : 38 ـ 39].
وقيل : هو عام لكل إنسان مرتهن بعمله فلا ينقص أحد من ثواب عمله، فأما الزيادة على ثواب العمل فهي تفضل من الله.
ويحتمل أن يكون هذا في الذرية الذين لم يؤمنوا فلا يلحقون آباءهم المؤمنين بل يكونون مرتهنين بكفرهم.
قوله تعالى {وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون} أي أكثرنا لهم من ذلك زيادة من الله، أمدهم بها غير الذي كان لهم.
{يتنازعون فيها كأسا} أي يتناولها بعضهم من بعض وهو المؤمن وزوجاته وخدمه في الجنة.
والكأس : إناء الخمر وكل إناء مملوء من شراب وغيره؛ فإذا فرغ لم يسم كأسا وشاهد التنازع والكأس في اللغة قول الأخطل : وشارب مربح بالكأس نادمني ** لا بالحضور ولا فيها بسوار نازعته طيب الراح الشمول وقد ** صاح الدجاج وحانت وقعة الساري وقال امرؤ القيس : فلما تنازعنا الحديث وأسمحت ** هصرت بغصن ذي شماريخ ميال وقد مضى هذا في {والصافات}.
{لا لغو فيها} أي في الكأس أي لا يجري بينهم لغو {ولا تأثيم} ولا ما فيه إثم.
والتأثيم تفعيل من الإثم؛ أي تلك الكأس لا تجعلهم آثمين لأنه مباح لهم.
وقيل {لا لغو فيها} أي في الجنة.
قال ابن عطاء : أي لغو يكون في مجلس محله جنة عدن، وسقاتهم الملائكة، وشربهم على ذكر الله، وريحانهم وتحيتهم من عند الله، والقوم أضياف الله! }ولا تأثيم} أي ولا كذب؛ قاله ابن عباس.
الضحاك : يعني لا يكذب بعضهم بعضا.
وقرأ ابن كثير وابن محيصن وأبو عمرو {لا لغو فيها ولا تأثيم}بفتح آخره.
الباقون بالرفع والتنوين.
وقد مضى هذا في البقرة عند قوله تعالى {ولا خلة ولا شفاعة} [البقرة : 254] والحمد لله.
قوله تعالى {ويطوف عليهم غلمان لهم} أي بالفواكه والتحف والطعام والشراب؛ ودليله{يطاف عليهم بصحاف من ذهب} [الزخرف : 71]، {يطاف عليهم بكأس من معين}[الصافات : 45].
ثم قيل : هم الأطفال من أولادهم الذين سبقوهم، فأقر الله تعالى بهم أعينهم.
وقيل : إنهم من أخدمهم الله تعالى إياهم من أولاد غيرهم.
وقيل : هم غلمان خلقوا في الجنة.
قال الكلبي : لا يكبرون أبدا {كأنهم} في الحسن والبياض {لؤلؤ مكنون}في الصدف، والمكنون المصون.
وقوله تعالى {يطوف عليهم ولدان مخلدون} [الواقعة : 17].
قيل : هم أولاد المشركين وهم خدم أهل الجنة.
وليس في الجنة نصب ولا حاجة إلى خدمة، ولكنه أخبر بأنهم على نهاية النعيم.
وعن عائشة رضي الله عنها : أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال : (إن أدنى أهل الجنة منزلة من ينادي الخادم من خدمه فيجيبه ألف كلهم لبيك لبيك).
وعن عبدالله بن عمر قال : قال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما من أحد من أهل الجنة إلا يسعى عليه ألف غلام كل غلام على عمل ليس عليه صاحبه).
وعن الحسن أنهم قالوا : يا رسول الله إذا كان الخادم كاللؤلؤ فكيف يكون المخدوم؟ فقال : (ما بينهما كما بين القمر ليلة البدر وبين أصغر الكواكب).
قال الكسائي : كننت الشيء سترته وصنته من الشمس، وأكننته في نفسي أسررته.
وقال أبو زيد : كننته وأكننته بمعنى في الكن وفي النفس جميعا؛ تقول : كننت العلم وأكننته فهو مكنون ومكن.
وكننت الجارية وأكننتها فهي مكنونة ومكنة.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن فضله وكرمه وامتنانه، ولطفه بخلقه وإحسانه، أن المؤمنين إذا اتبعتهم ذرياتهم في الإيمان، يلحقهم بآبائهم في المنزلة، وإن لم يبلغوا عملهم لتقر أعين الآباء بالأبناء، فيجمع بينهم على أحسن الوجوه بأن يرفع الناقص العمل بكامل العمل، ولا ينقص ذلك من عمله ومنزلته للتساوي بينه وبين ذاك، ولهذا قال: {ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء}، قال ابن عباس: إن اللّه ليرفع ذرية المؤمن في درجته وإن كانوا دونه في العمل لتقرَّ بهم عينه، ثم قرأ: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من عملهم من شيء} ""أخرجه ابن جرير عن ابن عباس موقوفاً ورواه البزار عنه مرفوعاً"". وروى ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في قول اللّه تعالى: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذريتهم}، قال: هم ذرية المؤمن يموتون على الإيمان، فإن كانت منازل آبائهم أرفع من منازلهم ألحقوا بآبائهم ولم ينقصوا من أعمالهم التي عملوها شيئاً، وروى الحافظ الطبراني عن ابن عباس أظنه عن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال: (إذا دخل الرجل الجنة سأل أبويه وزوجته وولده فيقال: إنهم لم يبلغوا درجتك، فيقول: يا رب قد عملت لي ولهم، فيؤمر بإلحاقهم به، وقرأ ابن عباس: {والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان} الآية، هذا فضله تعالى على الأبناء ببركة عمل الآباء، وأما فضله على الآباء ببركة عمل الأبناء، فقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إن اللّه ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا رب أنى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك) ""أخرجه الإمام أحمد عن أبي هريرة، قال ابن كثير: اسناده صحيح"". وعن أبي هريرة عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له) ""أخرجه مسلم عن أبي هريرة"". وقوله تعالى: {كل امرئ بما كسب رهين} لما أخبر عن مقام الفضل وهو رفع درجة الذرية إلى منزلة الآباء من غير عمل يقتضي ذلك، أخبر عن مقام العدل، وهو أنه لا يؤاخذ أحداً بذنب أحد، فقال تعالى: {كل امرئ بما كسب رهين} أي مرتهن بعمله لا يحمل عليه ذنب غيره من الناس، سواء كان أباً أو ابناً، كما قال تعالى: {كل نفس بما كسبت رهينة إلا أصحاب اليمين في جنات يتساءلون عن المجرمين}، وقوله: {وأمددناهم بفاكهة ولحم مما يشتهون} أي وألحقناهم بفواكه ولحوم من أنواع شتى مما يستطاب ويشتهى، وقوله: {يتنازعون فيها كأساً} أي يتعاطون فيها كأساً أي من الخمر، قاله الضحّاك: {لا لغو فيها ولا تأثيم} أي لا يتكلمون فيها بكلام لاغ، أي هذيان، ولا إثم، أي فحش كما يتكلم به الشربة من أهل الدنيا. قال ابن عباس: اللغو الباطل، والتأثيم الكذب، وقال مجاهد: لا يستبون ولا يؤثمون؛ وقال قتادة: كان ذلك في الدنيا مع الشيطان، فنزه اللّه خمر الآخرة عن قاذورات خمر الدنيا وأذاها، فنفى عنها صداع الرأس ووجع البطن وإزالة العقل بالكلية، وأخبر أنها لا تحملهم على الكلام السيء الفارغ عن الفائدة المتضمن هذياناً وفحشاً، وأخبر بحسن منظرها وطيب طعمها ومخبرها فقال: {بيضاء لذة للشاربين لا فيها غول ولا هم عنها ينزفون} وقال: {لا يصدعون عنها ولا ينزفون}. وقال ههنا: {يتنازعون فيها كأساً لا لغو فيها ولا تأثيم}. وقوله تعالى: {ويطوف عليهم غلمان لهم كأنهم لؤلؤ مكنون} إخبار عن خدمهم وحشمهم في الجنة، كأنهم اللؤلؤ الرطب المكنون، في حسنهم وبهائهم ونظافتهم وحسن ملابسهم، كما قال تعالى: {يطوف عليهم ولدان مخلدون بأكواب وأباريق وكأس من معين}. وقوله تعالى: {وأقبل بعضهم على بعض يتسألون} أي أقبلوا يتحادثون ويتساءلون عن أعمالهم وأحوالهم في الدنيا، كما يتحادث أهل الشراب على شرابهم، {قالوا إنا كنا قبل في أهلنا مشفقين} أي كنا في الدار الدنيا ونحن بين أهلينا خائفين من ربنا، مشفقين من عذابه وعقابه {فمنَّ اللّه علينا ووقانا عذاب السموم} أي فتصدق علينا وأجارنا مما نخاف، {إنا كنا من قبل ندعوه} أي نتضرع إليه فاستجاب لنا وأعطانا سؤالنا {إنه هو البر الرحيم}، عن أنَس قال، قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: (إذا دخل أهل الجنة الجنة اشتاقوا إلى الإخوان فيجيء سرير هذا حتى يحاذي سرير هذا فيتحدثان، فيتكئ هذا ويتكئ هذا فيتحدثان بما كان في الدنيا، فيقول أحدهما لصاحبه: يا فلان تدري أي يوم غفر اللّه لنا؟ يوم كنا في موضع كذا وكذا فدعونا اللّه عزَّ وجلَّ فغفر لنا) ""أخرجه الحافظ البزار عن أنَس وقال: لا نعرفه إلا بهذا الإسناد"". وعن مسروق عن عائشة أنها قرأت هذه الآية: {فمنَّ اللّه علينا ووقانا عذاب السموم إنا كنا من قبل ندعوه إنه هو البر الرحيم}، فقالت: اللهم منّ علينا، وقنا عذاب السموم، إنك أنت البر الرحيم: قيل للأعمش: في الصلاة؟ قال: نعم ""أخرجه ابن أبي حاتم"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি