نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الذاريات آية 14
ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هَٰذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ

التفسير الميسر يوم الجزاء، يوم يُعذَّبون بالإحراق بالنار، ويقال لهم: ذوقوا عذابكم الذي كنتم به تستعجلون في الدنيا.

تفسير الجلالين
14 - (ذوقوا فتنتكم) تعذيبكم (هذا) التعذيب (الذي كنتم به تستعجلون) في الدنيا استهزاء

تفسير القرطبي
قوله تعالى {والسماء ذات الحبك} قيل : المراد بالسماء هاهنا السحب التي تظل الأرض.
وقيل : السماء المرفوعة.
ابن عمر : هي السماء السابعة؛ ذكره المهدوي والثعلبي والماوردي وغيرهم.
وفي {الحبك} أقوال سبعة : الأول : قال ابن عباس وقتادة ومجاهد والربيع : ذات الخلق الحسن المستوي.
وقال عكرمة؛ قال : ألم تر إلى النساج إذا نسج الثوب فأجاد نسجه؛ يقال منه حبك الثوب يحبكه بالكسر حبكا أي أجاد نسجه.
قال ابن الأعرابي : كل شيء أحكمته وأحسنت عمله فقد احتبكته.
والثاني : ذات الزينة؛ قال الحسن وسعيد بن جبير، وعن الحسن أيضا : ذات النجوم وهو الثالث.
الرابع : قال الضحاك : ذات الطرائق؛ يقال لما تراه في الماء والرمل إذا أصابته الريح حبك.
ونحوه قول الفراء؛ قال : الحبك تكسر كل شيء كالرمل إذا مرت به الريح الساكنة، والماء القائم إذا مرت به الريح، ودرع الحديد لها حبك، والشعرة الجعدة تكسرها حبك.
وفي حديث الدجال : أن شعره حبك.
قال زهير : مكلل بأصول النجم تنسِجه ** ريح خريق لضاحي مائه حبك ولكنها تبعد من العباد فلا يرونها.
الخامس - ذات الشدة، قال ابن زيد، وقرأ {وبنينا فوقكم سبعا شدادا} [النبأ : 12].
والمحبوك الشديد الخلق من الفرس وغيره، قال امرؤ القيس : قد غدا يحملني في أنفه ** لاحق الإطلين محبوك ممر وقال آخر : مرج الدين فأعددت له ** مشرف الحارك محبوك الكَتَد وفي الحديث : أن عائشة رضي الله عنها كانت تحتبك تحت الدرع في الصلاة؛ أي تشد الإزار وتحكمه.
السادس : ذات الصفاقة؛ قاله خصيف، ومنه ثوب صفيق ووجه صفيق بين الصفاقة.
السابع : أن المراد بالطرق المجرة التي في السماء؛ سميت بذلك لأنها كأثر المجر.
و {الحبك}جمع حباك، قال الراجز : كأنما جللها الحُوَّاك ** طنفسة في وشيها حِباك والحباك والحبيكة الطريقة في الرمل ونحوه.
وجمع الحباك حبك وجمع الحبيكة حبائك، والحبكة مثل العبكة وهي الحبة من السويق، عن الجوهري.
وروي عن الحسن في قوله {ذات الحُبُك} و {الحُبْك} و {الحِبِك} و {الحِبْك} و {الحِبَك} {والحِبُك} وقرأ أيضا {الحُبُك}كالجماعة.
وروي عن عكرمة وأبي مجلز {الحُبُك}.
و {الحُبُك}واحدتها حبيكة؛ {والحُبْك}مخفف منه.
و {الحُبْك} واحدتها حبكة.
ومن قرأ {الحُبَك} فالواحدة حَبْكة كبَرْقة وبُرَق أوحُبُكة كظُلُمة وظُلَم.
ومن قرأ {الحِبِك}فهو كإبل وإطل و {الحِبْك} مخففة منه.
ومن قرأ {الحِبُك} فهو شاذ إذ ليس في كلام العرب فِعُل، وهو محمول على تداخل اللغات، كأنه كسر الحاء ليكسر الباء ثم تصور {الحُبُك} فضم الباء.
وقال جميعه المهدوي.
قوله تعالى {إنكم لفي قول مختلف} هذا جواب القسم الذي هو {والسماء} أي إنكم يا أهل مكة {في قول مختلف} في محمد والقرآن فمن مصدق ومكذب.
وقيل : نزلت في المقتسمين.
وقيل : اختلافهم قولهم ساحر بل شاعر بل افتراه بل هو مجنون بل هو كاهن بل هو أساطير الأولين.
وقيل : اختلافهم أن منهم من نفى الحشر ومنهم من شك فيه.
وقيل : المراد عبدة الأوثان والأصنام يقرون بأن الله خالقهم ويعبدون غيره.
{يؤفك عنه من أفك} أي يصرف عن الإيمان بمحمد والقرآن من صرف؛ عن الحسن وغيره.
وقيل : المعنى يصرف عن الإيمان من أراده بقولهم هو سحر وكهانة وأساطير الأولين.
وقيل : المعنى يصرف عن ذلك الاختلاف من عصمه الله.
أَفَكَه يأْفِكُه أَفْكا أي قلبه وصرفه عن الشيء؛ ومنه قوله تعالى {أجئتنا لتأفكنا} [الأحقاف : 22].
وقال مجاهد : معنى {يؤفك عنه من أفك} يؤفن عنه من أفن، والأفن فساد العقل.
الزمخشري : وقرئ {يؤفن عنه من أفن} أي يحرمه من حرم؛ من أفن الضرع إذا أنهكه حلبا.
وقال قطرب : يخدع عنه من خدع.
وقال اليزيدي : يدفع عنه من دفع.
والمعنى واحد وكله راجع إلى معنى الصرف.
قوله تعالى {قتل الخراصون} في التفسير : لعن الكذابون.
وقال ابن عباس : أي قتل المرتابون؛ يعني الكهنة.
وقال الحسن : هم الذين يقولون لسنا نبعث.
ومعنى {قتل} أي هؤلاء ممن يجب أن يدعى عليهم بالقتل على أيدي المؤمنين.
وقال الفراء : معنى {قتل}لعن؛ قال : و {الخراصون} الكذابون الذين يتخرصون بما لا يعلمون؛ فيقولون : إن محمدا مجنون كذاب.
ساحر شاعر؛ وهذا دعاء عليهم؛ لأن من لعنه الله فهو بمنزلة المقتول الهالك.
قال ابن الأنباري : علمنا الدعاء عليهم؛ أي قولوا {قتل الخراصون} وهو جمع خارص والخرص الكذب والخراص الكذاب، وقد خرص يخرص بالضم خرصا أي كذب؛ يقال : خرص واخترص، وخلق واختلق، وبشك وابتشك، وسرج واسترج، ومان، بمعنى كذب؛ حكاه النحاس.
والخرص أيضا حزر ما على النخل من الرطب تمرا.
وقد خرصت النخل والاسم الخرص بالكسر؛ يقال : كم خرص نخلك والخراص الذي يخرصها فهو مشترك.
وأصل الخرص القطع على ما تقدم بيانه في [الأنعام] ومنه الخريص للخليج؛ لأنه ينقطع إليه الماء، والخرص حبة القرط إذا كانت منفردة؛ لانقطاعها عن أخواتها، والخرص العود؛ لانقطاعه عن نظائره بطيب رائحته.
والخرص الذي به جوع وبرد لأنه ينقطع به، يقال : خرص الرجل بالكسر فهو خرص، أي جائع مقرور، ولا يقال للجوع بلا برد خرص.
ويقال للبرد بلا جوع خرص.
والخرص بالضم والكسر الحلقة من الذهب أو الفضة والجمع الخرصان.
ويدخل في الخرص قول المنجمين وكل من يدعي الحدس والتخمين.
وقال ابن عباس : هم المقتسمون الذين اقتسموا أعقاب مكة، واقتسموا القول في نبي الله صلى الله عليه وسلم؛ ليصرفوا الناس عن الإيمان به.
{الذين هم في غمرة ساهون} الغمرة ما ستر الشيء وغطاه.
ومنه نهر غمر أي يغمر من دخله، ومنه غمرات الموت.
{ساهون} أي لاهون غافلون عن أمر الآخرة.
{يسألون أيان يوم الدين} أي متى يوم الحساب؛ يقولون ذلك استهزاء وشكا في القيامة.
قوله تعالى {يوم هم على النار يفتنون} نصب {يوم} على تقدير الجزاء أي هذا الجزاء {يوم هم على النار يفتنون} أي يحرقون، وهو من قولهم : فتنت الذهب أي أحرقته لتختبره؛ وأصل الفتنة الاختبار.
وقيل : إنه مبني، بني لإضافته إلى غير متمكن، وموضعه نصب على التقدير المتقدم، أو رفع على البدل من {يوم الدين}.
وقال الزجاج : يقول يعجبني يوم أنت قائم ويوم أنت تقوم، وإن شئت فتحت وهو في موضع رفع، فإنما انتصب هذا وهو في المعنى رفع.
وقال ابن عباس {يفتنون} يعذبون.
ومنه قول الشاعر : كل امرئ من عباد الله مضطهد ** ببطن مكة مقهور ومفتون {ذوقوا فتنتكم} أي يقال لهم ذوقوا عذابكم؛ قاله ابن زيد.
مجاهد : حريقكم.
ابن عباس : أي تكذيبكم يعني جزاءكم.
الفراء : أي عذابكم {هذا الذي كنتم به تستعجلون} في الدنيا.
وقال {هذا} ولم يقل هذه؛ لأن الفتنة هنا بمعنى العذاب.

تفسير ابن كثير قوله تعالى: {والذاريات ذرواً} قال علي رضي اللّه عنه: الريح، {فالحاملات وقراً} قال: السحاب {فالجاريات يسراً} قال: السفن {فالمقسمات أمراً} قال: الملائكة روي من غير وجه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه صعد منبر الكوفة فقال: لا تسألوني عن آية في كتاب اللّه تعالى، ولا عن سنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا أنبأتكم بذلك، فسأله ابن الكواء عن قوله تعالى {والذاريات} الخ . وقد روي عن سعيد بن المسيب قال: جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الذاريات ذرواً، فقال رضي اللّه عنه: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن المقسمات أمراً، قال رضي اللّه عنه: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن الجاريات يسراً، قال رضي اللّه عنه: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقوله ما قلته ""رواه الحافظ البزار"". وهكذا فسرها ابن عباس وابن عمر وغير واحد، ولم يحك ابن جرير غير ذلك، وقد قيل: إن المراد بالذاريات الريح وبالحاملات وقراً السحاب كما تقدم لأنها تحمل الماء، فأما {الجاريات يسراً} فالمشهور عن الجمهور أنها السفن، تجري ميسرة في الماء جرياً سهلاً، وقال بعضهم: هي النجوم تجري يسراً في أفلاكها، ليكون ذلك ترقياً من الأدنى إلى الأعلى، فالرياح فوقها السحاب، والنجوم فوق ذلك، والمقسمات أمراً، الملائكة فوق ذلك تنزل بأوامر اللّه الشرعية والكونية، وهذا قسم من اللّه عزَّ وجلَّ على وقوع المعاد، ولهذا قال تعالى: {إنما توعدون لصادق} أي لخبر صدق، {وإن الدين} وهو الحساب {لواقع} أي لكائن لا محالة، ثم قال تعالى: {والسماء ذات الحبك} قال ابن عباس: ذات الجمال والبهاء، والحسن والاستواء، وهو قول مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي وقتادة وغيرهم وقال الضحّاك: الرمل والزرع إذا ضربته الريح فينسج بعضه بعضاً طرائق طرائق، فذلك الحبك، وعن أبي صالح {ذات الحبك} الشدة، وقال خصيف {ذات الحبك} ذات الصفاقة، وقال الحسن البصري: {ذات الحبك} حبكت بالنجوم، وقال عبد اللّه بن عمرو {والسماء ذات الحبك} يعني السماء السابعة وكأنه - واللّه أعلم - أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة. وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد وهو الحسن والبهاء، كما قال ابن عباس رضي اللّه عنهما فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة، شديدة البناء، متسعة الأرجاء، أنيقة البهاء، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات، موشحة بالكواكب الزاهرات. وقوله تعالى: {إنكم لفي قول مختلف} أي إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل {لفي قول مختلف} مضطرب لا يلتئم ولا يجتمع، وقال قتادة: {إنكم لفي قول مختلف} ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به {يؤفك عنه من أفك} أي إنما يروج على من هو ضال في نفسه، لأنه قول باطل، ينقاد له ويضل بسببه من هو مأفوك ضال، غِمْر لا فهم له، قال ابن عباس {يؤفك عنه من أفك} يضل عنه من ضل، وقال مجاهد: يؤفن عنه من أفن، وقال الحسن البصري: يصرف عن هذا القرآن من كذب به، وقوله تعالى: {قتل الخراصون} قال مجاهد: الكذابون، وهي مثل التي في عبس، {قتل الإنسان ما أكفره} والخراصون الذين يقولون: لا نبعث ولا يوقنون، وقال ابن عباس {قتل الخراصون} أي لعن المرتابون، وقال قتادة: الخراصون أهل الغرة والظنون، وقوله تبارك وتعالى: {الذين هم في غمرة ساهون} قال ابن عباس وغير واحد: في الكفر والشك غافلون لاهون {يسألون أيان يوم الدين} وإنما يقولون هذا تكذيباً وعناداً، وشكاً واستبعاداً قال اللّه تعالى: {يوم هم على النار يفتنون} قال ابن عباس: يعذبون، قال مجاهد: كما يفتن الذهب على النار، وقال جماعة آخرون: {يفتنون} يحرقون {ذوقوا فتنتكم} قال مجاهد: حريقكم، وقال غيره: عذابكم {هذا الذي كنتم به تستعجلون} أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً، وتحقيراً وتصغيراً، واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি