نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الذاريات آية 6
وَإِنَّ الدِّينَ لَوَاقِعٌ

التفسير الميسر أقسم الله تعالى بالرياح المثيرات للتراب، فالسحب الحاملات ثقلا عظيمًا من الماء، فالسفن التي تجري في البحار جريًا ذا يسر وسهولة، فالملائكة التي تُقَسِّم أمر الله في خلقه. إن الذي توعدون به- أيها الناس- من البعث والحساب لكائن حق يقين، وإن الحساب والثواب على الأعمال لكائن لا محالة.

تفسير الجلالين
6 - (وإن الدين) الجزاء بعد الحساب (لواقع) لا محالة

تفسير القرطبي
قوله تعالى {والذاريات ذروا} قال أبوبكر الأنباري : حدثنا عبدالله بن ناجية، حدثنا يعقوب بن إبراهيم، حدثنا مكي بن إبراهيم، حدثنا الجعيد بن عبدالرحمن، عن يزيد بن خصيفة، عن السائب بن يزيد أن رجلا قال لعمر رضي الله عنه : إني مررت برجل يسأل عن تفسير مشكل القرآن، فقال عمر : اللهم أمكني منه؛ فداخل الرجل على عمر يوما وهو لابس ثيابا وعمامة وعمر يقرأ القرآن، فلما فرغ قام إليه الرجل فقال : يا أمير المؤمنين ما {الذاريات ذروا} فقام عمر فحسر عن ذراعيه وجعل يجلده، ثم قال : ألبسوه ثيابه واحملوه على قتب وأبلغوا به حيه، ثم ليقم خطيبا فليقل : إن صبيغا طلب العلم فأخطأه، فلم يزل وضيعا في قومه بعد أن كان سيدا فيهم.
وعن عامر بن واثلة أن ابن الكواء سأل عليا رضي الله عنه، فقال : يا أمير المؤمنين ما {الذاريات ذروا} قال : يلك سل تفقها ولا تسأل تعنتا {والذاريات ذروا} الرياح {فالحاملات وقرا} السحاب {فالجاريات يسرا} السفن {فالمقسمات أمرا} الملائكة.
وروى الحرث عن علي رضي الله عنه {والذاريات ذروا} قال : الرياح {فالحاملات وقرا} قال : السحاب تحمل الماء كما تحمل ذوات الأربع الوقر {فالجاريات يسرا} قال : السفن موقرة {فالمقسمات أمرا} قال : الملائكة تأتي بأمر مختلف؛ جبريل بالغلظة، وميكائيل صاحب الرحمة، وملك الموت يأتي بالموت.
وقال الفراء : وقيل تأتي بأمر مختلف من الخصب والجدب والمطر والموت والحوادث.
ويقال : ذرت الريح التراب تذروه ذروا وتذرية ذريا.
ثم قيل {والذاريات} وما بعده أقسام، وإذا أقسم الرب بشيء أثبت له شرفا.
وقيل : المعنى ورب الذاريات، والجواب {إنما توعدون} أي الذي توعدونه من الخير والشر والثواب والعقاب {لصادق}لا كذب فيه؛ ومعنى {لصادق} لصدق؛ وقع الاسم موقع المصدر.
{وإن الدين لواقع} يعني الجزاء نازل بكم.
ثم ابتدأ قسما آخر فقال {والسماء ذات الحبك.
إنكم لفي قول مختلف}[الذاريات : 7] وقيل إن الذاريات النساء الولودات لأن في ذرايتهن ذرو الخلق؛ لأنهن يذرين الأولاد فصرن ذاريات؛ وأقسم بهن لما في ترائبهن من خيرة عباده الصالحين.
وخص النساء بذلك دون الرجال وإن كان كل واحد منهما ذاريا لأمرين : أحدهما لأنهن أوعية دون الرجال، فلاجتماع الذروين فيهن خصصن بالذكر.
الثاني : أن الذرو فيهن أطول زمانا، وهن بالمباشرة أقرب عهدا.
{فالحاملات وقرا} السحاب.
وقيل : الحاملات من النساء إذا ثقلن بالحمل.
والوقر بكسر الواو ثقل الحمل على ظهر أو في بطن، يقال : جاء يحمل وقره وقد أوقر بعيره.
واكثر ما يستعمل الوقر في حمل البغل والحمار، والوسق في حمل البعير.
وهذه امرأة موقرة بفتح القاف إذا حملت حملا ثقيلا.
وأوقرت النخلة كثر حملها؛ يقال : نخلة موقرة وموقر وموقرة، وحكي موقر وهو على غير القياس، لأن الفعل للنخلة.
وإنما قيل : موقر بكسر القاف على قياس قولك امرأة حامل، لأن حمل الشجر مشبه بحمل النساء؛ فأما موقر بالفتح فشاذ، وقد روي في قول لبيد يصف نخيلا : عصب كوارع في خليج محلم ** حملت فمنها موقر مكموم والجمع مواقر.
فأما الوقر بالفتح فهو ثقل الأذن، وقد وقررت أذنه توقر وقرا أي صمت، وقياس مصدره التحريك إلا أنه جاء بالتسكين وقد تقدم في [الأنعام] القول فيه.
{فالجاريات يسرا} السفن تجري بالرياح يسرا إلى حيث سيرت.
وقيل : السحاب؛ وفي جريها يسرا على هذا القول وجهان : أحدهما : إلى حيث يسيرها الله تعالى من البلاد والبقاع.
الثاني : هو سهولة تسييرها؛ وذلك معروف عند العرب، كما قال الأعشى : كأن مشيتها من بيت جارتها ** مشي السحابة لا ريث ولا عجل

تفسير ابن كثير قوله تعالى: {والذاريات ذرواً} قال علي رضي اللّه عنه: الريح، {فالحاملات وقراً} قال: السحاب {فالجاريات يسراً} قال: السفن {فالمقسمات أمراً} قال: الملائكة روي من غير وجه عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه أنه صعد منبر الكوفة فقال: لا تسألوني عن آية في كتاب اللّه تعالى، ولا عن سنّة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا أنبأتكم بذلك، فسأله ابن الكواء عن قوله تعالى {والذاريات} الخ . وقد روي عن سعيد بن المسيب قال: جاء صبيغ التميمي إلى عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فقال: يا أمير المؤمنين أخبرني عن الذاريات ذرواً، فقال رضي اللّه عنه: هي الرياح، ولولا أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن المقسمات أمراً، قال رضي اللّه عنه: هي الملائكة، ولولا أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقوله ما قلته، قال: فأخبرني عن الجاريات يسراً، قال رضي اللّه عنه: هي السفن، ولولا أني سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يقوله ما قلته ""رواه الحافظ البزار"". وهكذا فسرها ابن عباس وابن عمر وغير واحد، ولم يحك ابن جرير غير ذلك، وقد قيل: إن المراد بالذاريات الريح وبالحاملات وقراً السحاب كما تقدم لأنها تحمل الماء، فأما {الجاريات يسراً} فالمشهور عن الجمهور أنها السفن، تجري ميسرة في الماء جرياً سهلاً، وقال بعضهم: هي النجوم تجري يسراً في أفلاكها، ليكون ذلك ترقياً من الأدنى إلى الأعلى، فالرياح فوقها السحاب، والنجوم فوق ذلك، والمقسمات أمراً، الملائكة فوق ذلك تنزل بأوامر اللّه الشرعية والكونية، وهذا قسم من اللّه عزَّ وجلَّ على وقوع المعاد، ولهذا قال تعالى: {إنما توعدون لصادق} أي لخبر صدق، {وإن الدين} وهو الحساب {لواقع} أي لكائن لا محالة، ثم قال تعالى: {والسماء ذات الحبك} قال ابن عباس: ذات الجمال والبهاء، والحسن والاستواء، وهو قول مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والسدي وقتادة وغيرهم وقال الضحّاك: الرمل والزرع إذا ضربته الريح فينسج بعضه بعضاً طرائق طرائق، فذلك الحبك، وعن أبي صالح {ذات الحبك} الشدة، وقال خصيف {ذات الحبك} ذات الصفاقة، وقال الحسن البصري: {ذات الحبك} حبكت بالنجوم، وقال عبد اللّه بن عمرو {والسماء ذات الحبك} يعني السماء السابعة وكأنه - واللّه أعلم - أراد بذلك السماء التي فيها الكواكب الثابتة. وكل هذه الأقوال ترجع إلى شيء واحد وهو الحسن والبهاء، كما قال ابن عباس رضي اللّه عنهما فإنها من حسنها مرتفعة شفافة صفيقة، شديدة البناء، متسعة الأرجاء، أنيقة البهاء، مكللة بالنجوم الثوابت والسيارات، موشحة بالكواكب الزاهرات. وقوله تعالى: {إنكم لفي قول مختلف} أي إنكم أيها المشركون المكذبون للرسل {لفي قول مختلف} مضطرب لا يلتئم ولا يجتمع، وقال قتادة: {إنكم لفي قول مختلف} ما بين مصدق بالقرآن ومكذب به {يؤفك عنه من أفك} أي إنما يروج على من هو ضال في نفسه، لأنه قول باطل، ينقاد له ويضل بسببه من هو مأفوك ضال، غِمْر لا فهم له، قال ابن عباس {يؤفك عنه من أفك} يضل عنه من ضل، وقال مجاهد: يؤفن عنه من أفن، وقال الحسن البصري: يصرف عن هذا القرآن من كذب به، وقوله تعالى: {قتل الخراصون} قال مجاهد: الكذابون، وهي مثل التي في عبس، {قتل الإنسان ما أكفره} والخراصون الذين يقولون: لا نبعث ولا يوقنون، وقال ابن عباس {قتل الخراصون} أي لعن المرتابون، وقال قتادة: الخراصون أهل الغرة والظنون، وقوله تبارك وتعالى: {الذين هم في غمرة ساهون} قال ابن عباس وغير واحد: في الكفر والشك غافلون لاهون {يسألون أيان يوم الدين} وإنما يقولون هذا تكذيباً وعناداً، وشكاً واستبعاداً قال اللّه تعالى: {يوم هم على النار يفتنون} قال ابن عباس: يعذبون، قال مجاهد: كما يفتن الذهب على النار، وقال جماعة آخرون: {يفتنون} يحرقون {ذوقوا فتنتكم} قال مجاهد: حريقكم، وقال غيره: عذابكم {هذا الذي كنتم به تستعجلون} أي يقال لهم ذلك تقريعاً وتوبيخاً، وتحقيراً وتصغيراً، واللّه أعلم.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি