نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الحجرات آية 3
إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَىٰ ۚ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ

التفسير الميسر إن الذين يَخْفِضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين اختبر الله قلوبهم، وأخلصها لتقواه، لهم من الله مغفرة لذنوبهم وثواب جزيل، وهو الجنة.

تفسير الجلالين
3 - (إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن) اختبر (الله قلوبهم للتقوى) أي لتظهر منهم (لهم مغفرة وأجر عظيم) الجنة ونزل في قوم جاؤوا وقت الظهيرة والنبي صلى الله عليه وسلم في منزله فنادوه

تفسير القرطبي
قوله تعالى {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله} أي يخفضون أصواتهم عنده إذا تكلموا إجلالا له، أو كلموا غيره بين يديه إجلالا له.
قال أبو هريرة : لما نزلت {لا ترفعوا أصواتكم} قال أبو بكر رضي الله عنه : والله لا أرفع صوتي إلا كأخي السرار.
وذكر سنيد قال : حدثنا عباد بن العوام عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة قال : لما نزلت {لا تقدموا بين يدي الله ورسوله} [الحجرات : 1] قال أبو بكر : والذي بعثك بالحق لا أكلمك بعد هذا إلا كأخي السرار.
وقال عبدالله بن الزبير : لما نزلت {لا ترفعوا أصواتكم} ما حدث عمر عند النبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك فسمع كلامه حتى يستفهمه مما يخفض، فنزلت {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول الله أولئك الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى}.
قال الفراء : أي أخلصها للتقوى.
وقال الأخفش : أي اختصها للتقوى.
وقال ابن عباس {امتحن الله قلوبهم للتقوى}طهرهم من كل قبيح، وجعل في قلوبهم الخوف من الله والتقوى.
وقال عمر رضي الله عنه : أذهب عن قلوبهم الشهوات.
والامتحان افتعال من محنت الأديم محنا حتى أوسعته.
فمعنى أمتحن الله قلوبهم للتقوى وسعها وشرحها للتقوى.
وعلى الأقوال المتقدمه : امتحن قلوبهم فأخلصها، كقولك : امتحنت الفضة أي اختبرتها حتى خلصت.
ففي الكلام حذف يدل عليه الكلام، وهو الإخلاص.
وقال أبو عمرو : كل شيء جهدته فقد محنته.
وأنشد : أتت رذايا باديا كلالها ** قد محنت واضطربت آطالها {لهم مغفرة وأجر عظيم}.

تفسير ابن كثير هذه آيات أدّب اللّه تعالى بها عباده المؤمنين، فيما يعاملون به الرسول صلى اللّه عليه وسلم من التوقير والاحترام، والتبجيل والإعظام، فقال تبارك وتعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدّموا بين يدي اللّه ورسوله} أي لا تسرعوا في الأشياء بين يديه أي قبله، بل كونوا تبعاً له في جميع الأمور. قال ابن عباس: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه ""وروى علي بن أبي طلحة عن ابن عباس أن المراد من الآية الكريمة {لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله} لا تقولوا خلاف الكتاب والسنة والقول الآخر هو رواية العوفي عنه وهو الأقوى والأرجح""، وقال مجاهد: لا تفتاتوا على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بشيء حتى يقضي اللّه تعالى على لسانه، وقال الضحّاك: لا تقضوا أمراً دون اللّه ورسوله من شرائع دينكم، وقال الحسن البصري: لا تدعوا قبل الإمام، وقال قتادة: ذكر لنا أن ناساً كانوا يقولون: لو أنزل في كذا وكذا، لو صح كذا، فكره اللّه تعالى ذلك، {واتقوا اللّه} فيما أمركم به {إن اللّه سميع} أي لأقوالكم {عليم} بنياتكم، وقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} هذا أدب ثان أدّب اللّه تعالى به المؤمنين، أن لا يرفعوا أصواتهم بين يدي النبي صلى اللّه عليه وسلم فوق صوته، وقد روي أنها نزلت في الشيخين أبي بكر وعمر رضي اللّه عنهما، روى البخاري عن ابن أبي مليكة قال: كاد الخّيران أن يهلكا أبو بكر وعمر رضي اللّه عنهما، رفعا أصواتهما عند النبي صلى اللّه عليه وسلم، حين قدم عليه ركب بني تميم، فأشار أحدهما بالأقرع بن حابس رضي اللّه عنه أخي بني مجاشع، وأشار الآخر برجل آخر، قال نافع: لا أحفظ اسمه، فقال أبو بكر لعمر رضي اللّه عنهما: ما أردت إلا خلافي، قال: ما أردت خلافك، فارتفعت أصواتهما في ذلك، فأنزل اللّه تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} قال ابن الزبير: (فما كان عمر رضي اللّه عنه يسمع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بعد هذه الآية حتى يستفهمه) ""أخرجه البخاري في صحيحه"". وفي رواية أخرى له قال: قدم ركب من بني تميم على النبي صلى اللّه عليه وسلم، فقال أبو بكر رضي اللّه عنه: أمّر القعقاع بن معبد ، وقال عمر رضي اللّه عنه: بل أمّر الأقرع بن حابس ، فقال أبو بكر رضي اللّه عنه: ما أردت إلا خلافي، فقال عمر رضي اللّه عنه: ما أردت خلافك، فتماريا حتى ارتفعت أصواتهما: فنزلت في ذلك: {يا أيها الذين آمنوا لا تقدموا بين يدي اللّه ورسوله} حتى انقضت الآية {ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم} الآية، أخرجه البخاري. وروى الحافظ البزار، عن أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه قال: (لما نزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي} قلت: يا رسول اللّه واللّه لا أكلمك إلا كأخي السرار). وروى البخاري، عن أنَس بن مالك رضي اللّه عنه: أن النبي صلى اللّه عليه وسلم افتقد ثابت بن قيس رضي اللّه عنه، فقال رجل: يا رسول اللّه أنا أعلم لك علمه، فأتاه فوجده في بيته منكساً رأسه، فقال له: ما شأنك؟ فقال: شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى اللّه عليه وسلم فقد حبط عمله فهو من أهل النار، فأتى الرجل النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبره أنه قال: كذا وكذا، قال موسى: فرجع إليه المرة الآخرة ببشارة عظيمة، فقال: (اذهب إليه فقل له: إنك لست من أهل النار، ولكنك من أهل الجنة) ""أخرجه البخاري في صحيحه"". وروى الإمام أحمد، عن أنَس بن مالك رضي اللّه عنه قال: لما نزلت هذه الآية: {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي - إلى قوله - وأنتم لا تشعرون}، وكان ثابت بن قيس بن الشماس رفيع الصوت، فقال: أنا الذي كنت أرفع صوتي على صوت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، أنا من أهل النار، حبط عملي، وجلس في أهله حزيناً، ففقده رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فانطلق بعض القوم إليه، فقالوا له: تفَقَّدك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، مالك؟ قال: أنا الذي أرفع صوتي فوق صوت النبي صلى اللّه عليه وسلم وأجهر له بالقول، حبط عملي أنا من أهل النار، فأتوا النبي صلى اللّه عليه وسلم فأخبروه بما قال، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (لا، بل هو من أهل الجنة). قال أنَس رضي اللّه عنه: فكنا نراه يمشي بين أظهرنا، ونحن نعلم أنه من أهل الجنة، فلما كان يوم اليمامة كان فينا بعض الانكشاف، فجاء ثابت بن قيس بن شماس، وقد تحنط ولبس كفنه، فقال: بئسما تعوّدون أقرانكم، فقاتلهم حتى قتل رضي اللّه عنه ""أخرجه الإمام أحمد"". وفي رواية: فقال له النبي صلى اللّه عليه وسلم: (أما ترضى أن تعيش حميداً، وتقتل شهيداً، وتدخل الجنة؟) فقال: رضيت ببشرى اللّه تعالى ورسوله صلى اللّه عليه وسلم، ولا أرفع صوتي أبداً على صوت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، قال: وأنزل اللّه تعالى: {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول اللّه أولئك الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى} ""ذكر هذه الرواية ابن جرير رحمه اللّه تعالى""الآية. وقد ذكر هذه القصة غير واحد من التابعين، كذلك فقد نهى اللّه عزَّ وجلَّ عن رفع الأصوات بحضرة رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وقد روينا عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنه سمع صوت رجلين في مسجد النبي صلى اللّه عليه وسلم قد ارتفعت أصواتهما فجاء، فقال: أتدريان أين أنتما؟ ثم قال: من أين أنتما؟ قالا: من أهل الطائف، فقال: لو كنتما من أهل المدينة لأوجعتكما ضرباً. وقال العلماء: يكره رفع الصوت عند قبره صلى اللّه عليه وسلم كما كان يكره في حياته عليه الصلاة والسلام، لأنه محترم حياً، وفي قبره صلى اللّه عليه وسلم دائماً، ثم نهى عن الجهر له بالقول كما يجهر الرجل لمخاطبه ممن عداه، بل يخاطب بسكينة ووقار وتعظيم، ولهذا قال تبارك وتعالى: {ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض}، كما قال تعالى: {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً}، وقوله عزَّ وجلَّ: {أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون} أي إنما نهيناكم عن رفع الصوت عنده، خشية أن يغضب من ذلك، فيغضب اللّه تعالى لغضبه، فيحبط عمل من أغضبه وهو لا يدري، كما جاء في الصحيح: (إن الرجل ليتكلم الكلمة من رضوان اللّه تعالى لا يلقي لها بالاً يكتب له بها الجنة، وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط اللّه تعالى لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار أبعد ما بين السماء والأرض) ""رواه مسلم وأخرجه أحمد والترمذي والنسائي بنحوه""، ثم ندب اللّه تعالى إلى خفض الصوت عنده وحث على ذلك ورشد إليه ورغب فيه، فقال: {إن الذين يغضون أصواتهم عند رسول اللّه أولئك الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى} أي أخلصها لها وجعلها أهلاً ومحلاً {لهم مغفرة وأجر عظيم}. وعن مجاهد قال: كُتِب إلى عمر، يا أمير المؤمنين رجل لا يشتهي المعصية ولا يعمل بها أفضل، أم رجل يشتهي المعصية ولا يعمل بها؟ فكتب عمر رضي اللّه عنه: إن الذين يشتهون المعصية ولا يعملون بها {أولئك الذين امتحن اللّه قلوبهم للتقوى لهم مغفرة وأجر عظيم} ""أخرجه أحمد في كتاب الزهد"".

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি