نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الفتح آية 19
وَمَغَانِمَ كَثِيرَةً يَأْخُذُونَهَا ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا

التفسير الميسر لقد رضي الله عن المؤمنين حين بايعوك -أيها النبي- تحت الشجرة (وهذه هي بيعة الرضوان في "الحديبية") فعلم الله ما في قلوب هؤلاء المؤمنين من الإيمان والصدق والوفاء، فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبَّت قلوبهم، وعوَّضهم عمَّا فاتهم بصلح "الحديبية" فتحًا قريبًا، وهو فتح "خيبر"، ومغانم كثيرة تأخذونها من أموال يهود "خيبر". وكان الله عزيزًا في انتقامه من أعدائه، حكيمًا في تدبير أمور خلقه.

تفسير الجلالين
19 - (ومغانم كثيرة يأخذونها) من خيبر (وكان الله عزيزا حكيما) أي لم يزل متصفا بذلك

تفسير القرطبي
قوله تعالى {لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} هذه بيعة الرضوان، وكانت بالحديبية، وهذا خبر الحديبية على اختصار : وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم أقام منصرفه من غزوة بني المصطلق في شوال، وخرج في ذي القعدة معتمرا، واستنفر الأعراب الذين حول المدينة فأبطأ عنه أكثرهم، وخرج النبي صلى الله عليه وسلم بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن اتبعه من العرب، وجميعهم نحو ألف وأربعمائة.
وقيل : ألف وخمسمائة.
وقيل غير هذا، على ما يأتي.
وساق معه الهدي، فأحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعلم الناس أنه لم يخرج لحرب، فلما بلغ خروجه قريشا خرج جمعهم صادين لرسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسجد الحرام ودخول مكة، وإنه إن قاتلهم قاتلوه دون ذلك، وقدموا خالد بن الوليد في خيل إلى (كراع الغميم) فورد الخبر بذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو (بعسفان) وكان المخبر له بشر بن سفيان الكعبي، فسلك طريقا يخرج به في ظهورهم، وخرج إلى الحديبية من أسفل مكة، وكان دليله فيهم رجل من أسلم، فلما بلغ ذلك خيل قريش التي مع خالد جرت إلى قريش تعلمهم بذلك، فلما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية بركت ناقته صلى الله عليه وسلم فقال الناس : خلأت خلأت فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (ما خلأت وما هو لها بخلق ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة، لا تدعوني قريش اليوم إلى خطة يسألوني فيها صلة رحم إلا أعطيتهم إياها).
ثم نزل صلى الله عليه وسلم هناك، فقيل : يا رسول الله، ليس بهذا الوادي ماء فأخرج عليه الصلاة والسلام سهما من كنانته فأعطاه رجلا من أصحابه، فنزل في قليب من تلك القُلُب فغرزه في جوفه فجاش بالماء الرواء حتى كفى جميع الجيش.
وقيل : إن الذي نزل بالسهم في القليب ناجية بن جندب بن عمير الأسلمي وهو سائق بدن النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ.
وقيل : نزل بالسهم في القليب البراء بن عازب، ثم جرت السفراء بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش، وطال التراجع والتنازع إلى أن جاء سهيل بن عمرو العامري، فقاضاه على أن ينصرف عليه الصلاة والسلام عامه ذلك، فإذا كان من قابِلٍ أتى معتمِرا ودخل هو وأصحابه مكة بغير سلاح، حاشا السيوف في قِربها فيقيم بها ثلاثا ويخرج، وعلى أن يكون بينه وبينهم صلح عشرة أعوام، يتداخل فيها الناس ويأمن بعضهم بعضا، وعلى أن من جاء من الكفار إلى المسلمين مسلما من رجل أو امرأة رد إلى الكفار، ومن جاء من المسلمين إلى الكفار مرتدا لم يردوه إلى المسلمين، فعظم ذلك على المسلمين حتى كان لبعضهم فيه كلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما علمه الله من أنه سيجعل للمسلمين فرجا، فقال لأصحابه (اصبروا فإن الله يجعل هذا الصلح سببا إلى ظهور دينه) فأنس الناس إلى قوله هذا بعد نفار منهم، وأبى سهيل بن عمرو أن يكتب في صدر صحيفة الصلح : من محمد رسول الله، وقالوا له : لو صدقناك بذلك ما دفعناك عما تريد فلا بد أن تكتب : باسمك اللهم.
فقال لعلي وكان يكتب صحيفة الصلح : (امح يا علي، واكتب باسمك اللهم) فأبى علي أن يمحو بيده محمد رسول الله.
فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اعرضه علي) فأشار إليه فمحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، وأمره أن يكتب (من محمد بن عبدالله).
وأتى أبو جندل بن سهيل يومئذ بأثر كتاب الصلح وهو يَرْسُف في قيوده، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبيه، فعظم ذلك على المسلمين، فأخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أبا جندل (أن الله سيجعل له فرجا ومخرجا).
وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الصلح قد بعث عثمان بن عفان إلى مكة رسولا، فجاء خبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن أهل مكة قتلوه، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ إلى المبايعة له على الحرب والقتال لأهل مكة، فروي أنه بايعهم على الموت.
وروي أنه بايعهم على ألا يفروا.
وهي بيعة الرضوان تحت الشجرة، التي أخبر الله تعالى أنه رضي عن المبايعين لرسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها.
وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لا يدخلون النار.
وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بيمينه على شماله لعثمان، فهو كمن شهدها.
وذكر وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال : أول من بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية أبو سفيان الأسدي.
وفي صحيح مسلم عن أبي الزبير عن جابر قال : كنا يوم الحديبية ألفا وأربعمائة، فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة، وقال : بايعناه على ألا نفر ولم نبايعه على الموت وعنه أنه سمع جابرا يسأل : كم كانوا يوم الحديبية؟ قال : كنا أربع عشرة مائة، فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهي سمرة، فبايعناه، غير جد بن قيس الأنصاري اختبأ تحت بطن بعيره.
وعن سالم بن أبي الجعد قال : سألت جابر بن عبدالله عن أصحاب الشجرة.
فقال : لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا ألفا وخمسمائة.
وفي رواية : كنا خمس عشرة مائة.
وعن عبدالله بن أبي أوفى قال : كان أصحاب الشجرة ألفا وثلاثمائة، وكانت أسلم ثمن المهاجرين.
وعن يزيد بن أبي عبيد قال : قلت لسلمة : على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال : على الموت.
وعن البراء بن عازب قال : كتب علي رضي الله عنه الصلح بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين المشركين يوم الحديبية، فكتب : هذا ما كاتب عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا : لا تكتب رسول الله، فلو نعلم أنك رسول الله لم نقاتلك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : (امحه).
فقال : ما أنا بالذي أمحاه، فمحاه النبي صلى الله عليه وسلم بيده.
وكان فيما اشترطوا : أن يدخلوا مكة فيقيموا فيها ثلاثا، ولا يدخلها بسلاح إلا جلبان السلاح.
قلت لأبي إسحاق وما جلبان السلاح؟ قال : القراب وما فيه.
وعن أنس : أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سهيل بن عمرو، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي : (اكتب بسم الله الرحمن الرحيم) فقال سهيل بن عمرو : أما باسم الله، فما ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم ولكن اكتب ما نعرف : باسمك اللهم.
فقال : (اكتب من محمد رسول الله) قالوا : لو علمنا أنك رسوله لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (اكتب من محمد بن عبدالله) فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم : أن من جاء منكم لم نرده عليكم، ومن جاءكم منا رددتموه علينا.
فقالوا : يا رسول الله، أنكتب هذا قال : (نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله ومن جاءنا منهم فسيجعل الله له فرجا ومخرجا).
وعن أبي وائل قال : قام سهل بن حنيف يوم صفين فقال يا أيها الناس، اتهموا أنفسكم، لقد كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية ولو نرى قتالا لقاتلنا، وذلك في الصلح الذي كان ببن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين.
فجاء عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال (بلى) قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال (بلى) قال ففيم نعطي الدّنِيّة في ديننا ونرجع ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال (يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله أبدا) قال : فانطلق عمر، فلم يصبر متغيظا فأتى أبا بكر فقال : يا أبا بكر، ألسنا على حق وهم على باطل؟ قال بلى، قال : أليس قتلانا في الجنة وقتلاهم في النار؟ قال بلى.
قال : فعلام نعطي الدنية في ديننا ونرجع ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم؟ فقال : يا ابن الخطاب، إنه رسول الله ولن يضيعه الله أبدا.
قال : فنزل القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفتح، فأرسل إلى عمر فأقرأه إياه، فقال : يا رسول الله، أو فتح هو؟ قال (نعم).
فطابت نفسه ورجع.
قوله تعالى{فعلم ما في قلوبهم} من الصدق والوفاء، قاله الفراء.
وقال ابن جريج وقتادة : من الرضا بأمر البيعة على ألا يفروا.
وقال مقاتل : من كراهة البيعة على أن يقاتلوا معه على الموت {فأنزل السكينة عليهم} حتى بايعوا.
وقيل {فعلم ما في قلوبهم}من الكآبة بصد المشركين إياهم وتخلف رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم عنهم، إذا رأى أنه يدخل الكعبة، حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إنما ذلك رؤيا منام).
وقال الصديق : لم يكن فيها الدخول في هذا العام.
والسكينة : الطمأنينة وسكون النفس إلى صدق الوعد.
وقيل الصبر.
{وأثابهم فتحا قريبا } قال قتادة وابن أبي ليلى : فتح خيبر.
وقيل فتح مكة.
وقرئ {وآتاهم} {ومغانم كثيرة يأخذونها } يعني أموال خيبر، وكانت خيبر ذات عقار وأموال، وكانت بين الحديبية ومكة.
فـ {مغانم} على هذا بدل من {فتحا قريبا } والواو مقحمة.
وقيل {ومغانم } فارس والروم.

تفسير ابن كثير يخبر تعالى عن رضاه عن المؤمنين، الذين بايعوا رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحت الشجرة، وقد تقدم أنهم كانوا ألفاً وأربعمائة، وأن الشجرة كانت سمرة بأرض الحديبية، روى البخاري عن عبد الرحمن رضي اللّه عنه قال: انطلقت حاجاً فمررت بقوم يصلون، فقلت: ما هذا المسجد؟ قالوا: هذه الشجرة حيث بايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيعة الرضوان، فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته، فقال سعيد: حدثني أبي أنه كان فيمن بايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم تحت الشجرة، قال: فلما خرجنا من العام المقبل نسيناها، فلم نقدر عليها، فقال سعيد: إن أصحاب محمد صلى اللّه عليه وسلم لم يعلموها وعلمتموها أنتم، فأنتم أعلم. وقوله تعالى: {فعلم ما في قلوبهم} أي من الصدق والوفاء، والسمع والطاعة {فأَنزل السكينة} وهي الطمأنينة {عليهم وأثابهم فتحاً قريباً} وهو ما أجرى اللّه عزَّ وجلَّ على أيديهم من الصلح بينهم وبين أعدائهم، وما حصل بذلك من الخير العام بفتح خيبر وفتح مكة، ثم فتح سائر البلاد والأقاليم، وما حصل لهم من العز والنصر والرفعة في الدنيا والآخرة، ولهذا قال تعالى: {ومغانم كثيرة يأخذونها وكان اللّه عزيزاً حكيماً}، روى ابن أبي حاتم عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: بينما نحن قائلون إذ نادى منادي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: أيها الناس: البيعة البيعة، نزل روح القدس، قال: فسرنا إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وهو تحت الشجرة سمرة فبايعناه، فذلك قول اللّه تعالى: {لقد رضي اللّه عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} قال: فبايع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لعثمان رضي اللّه عنه بإحدى يديه على الأخرى، فقال الناس: هنيئاً لابن عفان يطوف بالبيت ونحن ههنا، فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : (لو مكث كذا وكذا سنة ما طاف حتى أطوف).

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি