نتيجة البحث: تفسير الآية و صورتها و تلاوتها


سورة الفتح آية 3
وَيَنْصُرَكَ اللَّهُ نَصْرًا عَزِيزًا

التفسير الميسر فتحنا لك ذلك الفتح، ويسَّرناه لك؛ ليغفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؛ بسبب ما حصل من هذا الفتح من الطاعات الكثيرة وبما تحملته من المشقات، ويتم نعمته عليك بإظهار دينك ونصرك على أعدائك، ويرشدك طريقًا مستقيمًا من الدين لا عوج فيه، وينصرك الله نصرًا قويًّا لا يَضْعُف فيه الإسلام.

تفسير الجلالين
3 - (وينصرك الله) به (نصرا عزيزا) ذا عز لا ذل له

تفسير القرطبي
قال ابن الأنباري {فتحا مبينا} غير تام، لأن قوله{ليغفر لك الله ما تقدم} متعلق بالفتح.
كأنه قال : إنا فتحنا لك فتحا مبينا لكي يجمع الله لك مع الفتح المغفرة، فيجمع الله لك به ما تقر به عينك في الدنيا والآخرة.
وقال أبو حاتم السجستاني : هي لام القسم.
وهذا خطأ، لأن لام القسم لا تكسر ولا ينصب بها، ولو جاز هذا لجاز : ليقوم زيد، بتأويل ليقومن زيد.
الزمخشري : فإن قلت كيف جعل فتح مكة علة للمغفرة؟ قلت : لم يجعل علة للمغفرة، ولكن لاجتماع ما عدد من الأمور الأربعة، وهي : المغفرة، وإتمام النعمة، وهداية الصراط المستقيم، والنصر العزيز.
كأنه قال يسرنا لك فتح مكة ونصرناك على عدوك ليجمع لك عز الدارين وأعراض العاجل والآجل.
ويجوز أن يكون فتح مكة من حيث إنه جهاد للعدو سببا للغفران والثواب.
وفي الترمذي عن أنس قال : أنزلت على النبي صلى الله عليه وسلم {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} مرجعه من الحديبية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لقد أنزلت علي آية أحب إلي مما على وجه الأرض).
ثم قرأها النبي صلى الله عليه وسلم عليهم، فقالوا : هنيئا مريئا يا وسول الله، لقد بين الله لك ماذا يفعل بك، فماذا يفعل بنا، فنزلت عليه {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار - حتى بلغ - فوزا عظيما} قال حديث حسن صحيح.
وفيه عن مجمع بن جارية.
واختلف أهل التأويل في معنى {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} فقيل {ما تقدم من ذنبك} قبل الرسالة.
{وما تأخر}بعدها، قال مجاهد.
ونحوه قال الطبري وسفيان الثوري، قال الطبري : هو راجع إلى قوله تعالى {إذا جاء نصر الله والفتح} إلى قوله {توابا} [النصر: 1 ، 3].
{ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} قبل الرسالة {وما تأخر} إلى وقت نزول هذه الآية.
وقال سفيان الثوري{ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك} {ذنبك} ما عملته في الجاهلية من قبل أن يوحى إليك.
{وما تأخر} كل شيء لم تعمله، وقاله الواحدي.
وقد مضى الكلام في جريان الصغائر على الأنبياء في سورة [البقرة]، فهذا قول.
وقيل {ما تقدم} قبل الفتح.
{وما تأخر}بعد الفتح.
وقيل{ما تقدم} قبل نزول هذه الآية.
{وما تأخر} بعدها.
وقال عطاء الخرساني{ما تقدم من ذنبك} يعني من ذنب أبويك آدم وحواء.
{وما تأخر} من ذنوب أمتك.
وقيل : من ذنب أبيك إبراهيم.
{وما تأخر} من ذنوب النبيين.
وقيل{ما تقدم} من ذنب يوم بدر.
{وما تأخر} من ذنب يوم حنين.
وذلك أن الذنب المتقدم يوم بدر، أنه جعل يدعو ويقول(اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض أبدا) وجعل يردد هذا القول دفعات، فأوحى الله إليه : من أين تعلم أني لو أهلكت هذه العصابة لا أعبد أبدا، فكان هذا الذنب المتقدم.
وأما الذنب المتأخر فيوم حنين، لما انهزم الناس قال لعمه العباس ولابن عمه أبي سفيان : (ناولاني كفا من حصباء الوادي) فناولاه فأخذه بيده ورمى به في وجوه المشركين وقال : (شاهت الوجوه.
حم.
لا ينصرون) فانهزم القوم عن آخرهم، فلم يبق أحد إلا امتلأت عيناه رملا وحصباء.
ثم نادى في أصحابه فرجعوا فقال لهم عند رجوعهم : (لو لم أرمهم لم ينهزموا) فأنزل الله عز وجل {وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى} [الأنفال :17] فكان هذا هو الذنب المتأخر.
وقال أبو علي الروذباري : يقول لو كان لك ذنب قديم أو حديث لغفرناه لك.
قوله تعالى {ويتم نعمته عليك} قال ابن عباس : في الجنة.
وقيل : بالنبوة والحكمة.
وقيل : بفتح مكة والطائف وخيبر.
وقيل : بخضوع من استكبر وطاعة من تجبر.
{ويهديك صراطا مستقيما} أي يثبتك على الهدى إلى أن يقبضك إليه.
{وينصرك الله نصرا عزيزا} أي غالبا منيعا لا يتبعه ذل.

تفسير ابن كثير نزلت هذه السورة الكريمة لما رجع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم من الحديبية، في ذي القعدة من سنة ست من الهجرة، حين صده المشركون عن الوصول إلى المسجد الحرام، وحالوا بينه وبين العمرة، ثم مالوا إلى المصالحة والمهادنة، وأن يرجع عامه هذا ثم يأتي من قابل، فأجابهم إلى ذلك على كره من جماعة من الصحابة، منهم عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه، فلما نحر هديه حيث أحصر ورجع، أنزل اللّه عزَّ وجلَّ هذه السورة، وجعل ذلك الصلح فتحاً باعتبار ما فيه من المصلحة، وما آل الأمر إليه، كما روى ابن مسعود رضي اللّه عنه وغيره أنه قال: إنكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح صلح الحديبية، وروى البخاري عن البراء رضي اللّه عنه قال: تعدون أنتم الفتح فتح مكة، وقد كان فتح مكة فتحاً، ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية، كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها، فلم نترك فيها قطرة، فبلغ ذلك رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، فأتاها فجلس على شفيرها، ثم دعا بإناء من ماء، فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها، فتركناها غير بعيد، ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا ""أخرجه البخاري""، وروى الإمام أحمد عن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه قال: كنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في سفر قال: فسألته عن شيء ثلاث مرات فلم يرد عليَّ، قال: فقلت في نفسي ثكلتك أمك يا ابن الخطاب، ألححت، كررت على رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك! قال: فركبت راحلتي فحركت بعيري، فتقدمت مخافة أن يكون نزل فيَّ شيء، قال: فإذا أنا بمناد: يا عمر، قال: فرجعت وأنا أظن أنه نزل فيَّ شيء، قال، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (نزل عليّ البارحة سورة هي أحب إليَّ من الدنيا وما فيها: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر}) ""أخرجه أحمد ورواه البخاري والترمذي والنسائي من طرق"". وعن أنس بن مالك رضي اللّه عنه، قال: نزلت على النبي صلى اللّه عليه وسلم: {ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر} مرجعه من الحديبية، قال النبي صلى اللّه عليه وسلم: (لقد أنزلت عليَّ الليلة آية أحب إليَّ مما على الأرض) ثم قرأها عليهم النبي صلى اللّه عليه وسلم فقالوا: هنيئاً مريئاً يا نبي اللّه، بيّن اللّه عزَّ وجلَّ ما يفعل بك، فما يفعل بنا؟ فنزلت عليه صلى اللّه عليه وسلم: {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار - حتى بلغ - فوزاً عظيماً} ""أخرجه البخاري ومسلم والإمام أحمد"". وروى الإمام أحمد عن المغيرة بن شعبة قال: كان النبي صلى اللّه عليه وسلم يصلي حتى تورمت قدماه، فقيل له: أليس قد غفر اللّه لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلى اللّه عليه وسلم: (أفلا أكون عبداً شكوراً؟) ""أخرجه البخاري ومسلم وبقية الجماعة إلا أبا داود""، وروى الإمام أحمد عن عائشة رضي اللّه عنها قالت: كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه، فقالت له عائشة رضي اللّه عنها: يا رسول اللّه أتصنع هذا وقد غفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال صلى اللّه عليه وسلم: (يا عائشة أفلا أكون عبداً شكوراً؟) ""أخرجه مسلم والإمام أحمد"" فقوله تعالى: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} أي بيناً ظاهراً، والمراد به صلح الحديبية فإنه حصل بسببه خير جزيل، وآمن الناس واجتمع بعضهم ببعض، وتكلم المؤمن مع الكافر، وانتشر العلم النافع والإيمان، وقوله تعالى: {ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبه وما تأخر} هذا من خصائصه صلى اللّه عليه وسلم التي لا يشاركه فيها غيره، وليس في حديث صحيح في ثواب الأعمال لغيره غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وهذا فيه تشريف عظيم لرسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وهو صلى اللّه عليه وسلم في جميع أموره على الطاعة والبر والاستقامة التي لم ينلها بشر سواه، لا من الأولين ولا من الآخرين، وهو صلى اللّه عليه وسلم أكمل البشر على الإطلاق، وسيدهم في الدنيا والآخرة، ولما كان أطوع خلق اللّه تعالى وأشدهم تعظيماً لأوامره ونواهيه قال حين بركت فيه الناقة، حبسها حابس الفيل، ثم قال صلى اللّه عليه وسلم: (والذي نفسي بيده لا يسألوني اليوم شيئاً يعظمون به حرمات اللّه إلا أجبتهم إليها) ""أخرجه البخاري وهو جزء من حديث طويل""فلما أطاع اللّه في ذلك وأجاب إلى الصلح قال اللّه تعالى له: {إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك اللّه ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك}أي في الدنيا والآخرة، {ويهديك صراطاً مستقيماً} أي بما شرعه لك من الشرع العظيم والدين القويم، {وينصرك اللّه نصراً عزيزاً} أي بسبب خضوعك لأمر اللّه عزَّ وجلَّ يرفعك اللّه وينصرك على أعدائك، كما جاء في الحديث الصحيح: (وما زاد اللّه عبداً بعفو إلا عزاً وما تواضع أحد للّه عزَّ وجلَّ إلا رفعه اللّه تعالى)، وعن عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه أنه قال: ما عاقبتَ أحداً عصى اللّه تعالى فيك بمثل أن تطيع اللّه تبارك وتعالى وفيه.

ِترجمة معني الآية

ِاردو | Espanol | Française | English | Malaysian | Indonesian | বাঙালি